#هوشنك بروكا#
ليست الخرافة في كونها خروجاً على المنطق وأحواله، أو كسردٍ في الماوراء وشئونه، مجرد اعتقادٍ فوق عقليٍّ، أو فوق طبيعيٍّ، من الدين إلى الدين، أو من التقليد إلى التقليد، فحسب، وإنما يمكن أن تكون الخرافة، أحياناً من السياسة إلى السياسة، وبها وفيها وعليها أيضاً.
ما كتبه السياسي الكردي السوري، المعروف بخروجه الكثير على التاريخ(تاريخه بشكلٍ أخص)، صاحب البارزانيزم المفصلة على مقاس الرياح التي تجري بما تشتهيها سفنه، صلاح بدرالدين، عما سماه بغزوة الإيزيدية السياسية(الحوار المتمدن ومواقع أخرى كثيرة، 05.09.10)، ما هو إلا مكتوباً خرافةً في اتجاه التأسيس لخرافة سياسيةٍ جديدةٍ، على سنة القومجية الكردوية، التي طالما باعَنا القائمون على شئونها وطنياتهم الكبيرة، من عيار الخمس نجوم، والتي أكل الدهر عليها وشرب.
والأنكى أنّ البعض من الفوق الكردي المحتضن لمشوراته السيارة، صدّقه بين ليلة وضحاها، بعد انقلابه على جلّ تاريخه، بأنه بالفعل منظّر من العيار الثقيل، بمجرد إضافته للاحقة إيزم إلى إسم البارزاني الأكبر مصطفى(البارزانيزم على وزن الماركسيزم واللينينيزم وبوليتيزم وسواها الكثير من الأخوة والأخوات في الإيزيم) .
كان بالأحرى على رئيس الإقليم السيد مسعود بارزاني، المسؤول الأول والأخير عن إرث البارزاني مصطفى، راهناً، أن لا يسمح لمنظرين تحت الطلب، بأن يعلقوا خرافاتهم البائسة على قامة نضالٍ كبير، كقامة أبيه، وأن يتعامل مع جبل مقاومته بتواضعٍ كبير، كتواضعه مع نفسه، حينما رفض مبادرة إحدى جامعات كردستان(دهوك)، بمنحه شهادة الدكتوراه الفخرية، قائلاً: أنا لست دكتوراً، ولم أدخل الجامعة ولا مرةً واحدة في حياتي، لذا فإن منحي شهادة الدكتوراه الفخرية سيقلل من قيمتي ومن قيمة الجامعة أيضاً، فضلاً عن أنّ الأمر سيُفسّر بشكلٍ آخر.
من هنا، كانت البارزانيزم أولى خرافات منظّرنا صلاح بدرالدين، التي عبَر من خلالها، عفو آل بارزان، ونعيم الإقليم وجناته التي تجري من تحتها دفاتر الدولار.
نعم بارزاني الجبل مصطفى، كان في حدود تاريخه المتاح، قامةً نضاليةً شامخة، ورمزاً وطنياً كبيراً لأكراده، أما أن تُنسج حول شخصيته أفكار ونظريات خرافاتية، لا تمتّ إلى العقل والمنطق بصلة، ، فهذا فيه من الذّم والقدح، لرمز كرديٍّ كبير، أكثر من أن يكون إطراءً ومدحاً.
أما في خرافته الأخيرة، والتي سماها بغزوة الأزيدية السياسية، فهو بجمعه بين مفردتي غزوة وأيزيدية سياسية، أراد كما يبدو من محاولته الخرافية بإمتياز، أن يوقعنا نحن قراء خرافاته السيارة، في فخه الخرافي، ويقنعنا بالتالي، بوجود بوادر صعود لالسلفية الإيزيدية بشكلٍ متوازٍ مع السلفية الإسلامية. وذلك في لفتةٍ ذكيةٍ منه، والحق يقال، لخلط الحابل بالنابل، والحق بالباطل، والحرية بضدها، وتأليب أكراده، من ثم، ضد إيزيدييهم القادمين على غزوةٍ وشيكة ضد كردستان، على حد خرافته.
من هنا كان لا بدّ لكاتبنا، على ما يبدو، من التأسيس لخرافةٍ جديدة، يعيش عليها، معمماً السلفية الدينية، بالتالي، على الكل بالتساوي:كل الأديان في هوى السلفية سوى.
لا يُنكر أن هناك البعض الإيزيدي السياسي حصراً، ممن يحاول اللعب بالورقة الإيزيدية، والعوم بها بعكس التيار، وعلى الضد من مصلحة الإيزيديين أنفسهم، في كونهم أكراداً أصلاء من كردستان إلى كردستان، ولكن أن يركب صاحب البارزانيزم، خرافة هؤلاء الباحثين في التيه السياسي عن قومية إيزيدية جديدة، ولسان جديد، وإيزيدستان جديدة، ويعممها كخرافة ماشية على كل من كتب وبحث وفكّر في هذا الشأن، أو انتقد سياسات الفوق، في تعامله الفوقي مع أكراده الإيزيديين وأقلياتٍ أخرى، ويضعهم كلهم، بإعتبارهم بيوضاً فاسدة، كردياً، في سلة الخيانة، والأصولية الدينية، والعزلة المصطنعة، والتقدموية العلمانوية، والتحقير اللفظي، وسوى ذلك من المصطلحات، فهذا فيه أكثر من إشارة وأكثر من غمزٍ ولمز، لا بل أكثر من غزوة ثقافية.
الثقافة الإقصائية التي هدد بها صاحب خرافة الغزوة الإيزيدية، البعض الخارج على كردستانه المسيار، هي ثقافة فيها من التهديد والوعيد الكافيين الواضحَين. هي ثقافة مغلقة، بالقطع، مؤسسة على عبارة إما..أو، وتذكرنا، قليلاً أو كثيراً، بثقافة واحدة لا شريك لها، ألا وهي ثقافة الأنا ضد الآخر، إلهي هو أعلى، صحيحي هو التاريخ والجغرافيا في آن، أنا هو الشعب والوطن هو أنا..أنها بإختصار ثقافة الكتاب الواحد، والرأي الواحد، واللسان الواحد، في كردستان واحدة لا شريك لها.
سأذهب مع الكاتب جدلاً، بأنّ هناك خروج إيزيدي على كردستان وأكرادها، ولكن أليست الأسباب التي أدت ببعض الإيزيديين إلى هكذا خروج سياسي شاذ، هي كردستان نفسها، وسياسات الفوق الكردي الأكثر من خاطئة، تجاه ملف أقلياته، دينيةً أو قومية؟
تحدث الكاتب عن غزوة إيزيدية وشيكة ضد كردستان، ولكن ماذا عن غزوة الفيليين الذين أداروا ظهرهم لكردستان وتحالفوا مع شيعتهم العرب، في بغداد، علماً أنّ الفيليين دفعوا الغالي والرخيص أيام الديكتاتورية البائدة، لأجل كردستانهم، التي طالما حملوها فوق أكتافهم، من جبلٍ إلى جبل، ومن شهادةٍ إلى أخرى، ومن دمٍ فيليٍّ قتيلٍ إلى آخر؟
ماذا عن غزوة الهورامانيين، الذي يتبنون الآن قومية هورامية، خارج خارطة كردستان، وغزوة الشبك، الموزعين بين هولير وبغداد؟
لماذا نجّح التحالف الكردستاني ممثل الشبك المحسوب عليهم في الإنتخابات الأخيرة، وسدوا الطريق أمام الشبك الخارجيين، للعب بالورقة الشبكية في بغداد(راجع تصريحات رجل البارتي الأقوى في الموصل خسرو كوران) فيما لم يسلك القائمون على رأس التحالف الكردستاني، السلوك ذاته مع كوتة الإيزيديين.
التحالف الكردستاني أوصل ستة إيزيديين محسوبين على الحزبين الرئيسيين البارتي الديمقراطي والإتحاد الوطني، إلى البرلمان العراقي، والسؤال المطروح ههنا، هو ما الذي منع الفوق الكردي من إيصال أحدهم ضمن استحقاق الكوتة الإيزيدية، بدلاً من عرّاب القومية الإيزيدية أمين جيجو، الذي وصل إلى البرلمان للمرة الثانية على التوالي، عبر أجندات ضد كردية معروفة؟
لماذا لم ينجّح التحالف إيزيدي آخر محسوب عليه مثلاً، تحت سقف الكوته الإزيدية، لقطع الطريق أمام من ينتقدهم بدرالدين الآن، كما انتقدت تييهم ولعبهم السياسي غير البريء على الورقة الإيزيدية، علماً أن أحد أكبر منافسي هذا التيار الإيزيدوي، الذي يقول بكردية وكردستانية الإيزيديين، كان متعاوناً مع التحالف الكردستاني، ومتحالفاً معه في السر وفي العلن؟
والسؤال الأهم من كل هذا وذاك، هو لماذا تقصد صاحب الخرافات السيارة، غزوة الإيزيديين فقط، علماً أنّ أبناء هذه الأقليات المذكورة أعلاه، كانت ولا تزال الأكثر خروجاً على كردستان، والأكثر تمرداً على سياسات هولير وفوقها المسيار؟
في كل مناسبات الأكراد الإنتخابية منذ 2005 إلى الإنتخابات البرلمانية المركزية الأخيرة، انتخب الإيزيديون في كل مناطقهم، سوء في تلك النائمة الآن بحضن كردستان، أو تلك المستقطعة، خارجها، انتخبوا وبإعتراف كردستان الرسمية، بنسبة ما بين 8090% لصالح التحالف الكردستاني.
لماذا أسس معلم البارزانيزم خرافته على أقلية إيزيدية تائهة في سياسات الآخرين، وضائعة بين أجندات هولير وبغداد؟
يسمي الكاتب آراء لا تتفق مع آراء فوقه المسيار بأهل الغزوة الإيزيدية، ولكن ماذا عن غزوة الشيخان(14 شباط 2007) وقيامتها الكردية، التي كادت أن تودي بالإيزيديين على أيدي مسلمين كرد، وعلى مرآى ومسمع البعض المسؤول من حكومة الشيخان الكردية آنذاك، وتقذف بشيخانهم، فوقاً وتحتاً، إلى أكثر من جهنم؟
لو كان الإيزيديون بالفعل يشكلون نواة غزوة كما ينظّر السيد بدرالدين لخرافته، لكانوا ردوا على، تلك الغزوة الكردية الإسلامية الأكيدة؛ حملة القتل الحلال المنظم ضدهم، وضد آلهتهم، التي ضربتهم في عقر دارهم ولالشهم.
الكل يعلم، عدا الإعلام الكردي الرسمي المسيار بالطبع، الذي سكت عن تلك القيامة آنذاك، يعلم أن الإيزيديين، بدءاً من أميرهم المعطل، إلى آخر خادم في لالشهم، حوصروا في منازلهم، لأيام، خوفاً من أن يطالهم إرهاب الشيخان آنذاك.
لو كان الإيزيديون، بهذه الخطورة التي يفبرك لها بدرالدين، لكانوا ردوا على تلك الغزوة الإسلامية، كردياً بالطبع، بغزوة إيزيدية مضادة، من باب الدفاع عن النفس في الأقل. ومعلم البارزانيزم يعلم، أن الدفاع عن النفس حق مقدس مثبت في كل لوائح حقوق الإنسان، والصكوك الأممية الأخرى.
لماذا لم نسمع غزوتئذٍ، هكذا درس طويل في التربيتين الوطنية والقومية من أستاذنا البارزانيست، ولم نسمعه أو نقرأ له، يسميّ القتل الحلالبإسمه الصريح، شيخانئذٍ، بالغزوة؟
للتاريخ فقط، هذه بضع لقطات من أيام تلك الغزوة التي أعلن القائمون المسلمون الكرد حصراً، ضد الإيزيديين في عقر دارهم، بعاصمتهم الدينية باعدري، كما يسمونها، علماً أنّ الشيخان كلها كانت ولا تزال، تحت السيطرة الكردية المحكمة، رغم ارتباطها إدارياً بالموصل، في كونها منطقة مستقطعة، واقعة تحت رحمة المادة 140.
فليقل لنا السياسي المتقاعد في هولير، مشكوراً جداً وعلناً، عبر أثير النت العلني، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً طبعاً، أين توصلت نتائج اللجنة التحقيقية المفترضة التي تشكلت تحت إشراف مباشر من سيداد بارزاني، ممثل الرئيس آنذاك، والتي وعدت الشيخانيين، بتقديم المذنبين الغازين، إلى عدالةٍ كردية، ما حدثت حتى اللحظة.
http://www.youtube.com/watch?v=_gWZzIPEGYc&feature=related
http://www.youtube.com/watch?v=sH_Gn__lfWI
http://www.youtube.com/watch?v=YVTruQPfeJY&feature=related
ماذا فعلت حكومته العلمانية المسيارة، بعد قيامة الشيخان، بحق الملا فرزنده الخطيب الرسمي في جوامع كردستان الرسمية، حين أفتى على الملأ بالقتل الحلال للإيزيديين أو لما سماهم بعبدة الشيطان؟
أم أنّ سيدنا العلماني سيكذّب اليوتوب أيضاً، بخرافة جديدة؟ http://www.youtube.com/watch?v=Z8OhhRdDtZw
الكاتب حاول في مكتوبه، زجي في إيزيدية سياسية إجبارية، لم أنتمِ إليها على امتداد حرفٍ واحد، من كتاباتي، في ذات الوقت الذي لا يشرفني أن أنتمي على مستوى الحرف ذاته، إلى عصبوية قومية، أو كردَوية مشابهة، كما يريد السيد بدرالدين ركوبها في كل مناسبةٍ أو بدونها.
هو، اتهمني بتسييس الإيزيدية الغازية على كرديتها، في الوقت الذي نسى أو تناسى، بأني كنت أول من قال منذ سنين(ولا أزال) بإصطلاح كردستان وطناً نهائياً للإيزيديين.
الكاتب المتعوّد على صناعة الخرافة، كما يبدو، عوّد جمهور القراء على دروسه في التربيتين القومية والوطنية، كما كنا نتلقاها على مقاعد الدراسة في مزرعة الديكتاتور السورية. وهو ههنا، يحاول كردياً، إلقاء التوجيه السياسي عينه، مع فارق اللغة طبعاً، ولعب دور الموجه السياسي ذاته، وكأنه الأول والأخير، ممن بيده الختم الكردي، لمنح أكراده بطاقات حسن السلوك الكردية، تسمح لأصحابها العبور إلى كردستان نموذجية.
كاتبنا المنظر المتقاعد في كردستان المسيار، يتحدث عن التاريخ، كمعلمٍ أيضاً، وكواثق الخطى الذي يمشي ملكاً إلى تاريخه العالي، قائلاً: هناك من يسطر التاريخ ومن يعيش على هامشه.
حسناً. لا أنكر أنّ الجغرافيا المسيار في كردستان المسيار، راهناً، رحمت صاحب البارزانيزم، ولكني أعتقد جازماً، أن التاريخ، كردياً، وسورياً أيضاً، لن يقع في حماقة الجغرافيا.
لن أستنطق التاريخ كثيراً، لأن التاريخ الذي طالما انقلب صاحبنا النظرياتي المتقاعد عليه، ليس في صالحه أبداً. ولكني سأكتفي، على مستوى اتهاماته فقط، في إخراجي عن كرديتي، قسراً، بإشارةٍ تاريخية قريبة منا جداً، لا أكثر.
فهو، قبل أن يلقي علينا وطنياته وقوموياته المملة، مذكّراً إيانا بالدخول القوموي الواجب كردياً، إلى كردستان واجبة، عبر بوابات نضالها الواجبة علينا، كان عليه أن يتذكر، بأنه هو وليس غيره من تحالف(بعكس كل أكراده السوريين، أحزاباً ومستقلين) في الأمس القريب جداً، مع الجناح السني في الديكتاتورية السورية(الراكب للقطار الديمقراطي راهناً)، بزعامة المنشق عبدالحليم خدام، الثابت على سنة بعثه الواحد، في وحدته وحريته وإشتراكيته، علماً أن خدام لم يعترف للحظة واحدة، بوجود شيء إسمه شعب كردي، وقضية إسمها قضية كردية، ووطن يجمعهما إسمه كردستان.
أما أنا، الذي يريد بدرالدين أن يصطاد مكتوبي في مياهٍ طائفية عصبوية عكرة، ليحجب علي كرديتي بالتالي، ويخرجني من كردستاني، قسراً، على طريقة حليفه خدام، أنا هو من رفض بالقطع، أن يكون ضيفاً على شاشة الفضائية الخدامية زنوبيا، علماً أن الدعوة كانت قد وُجهت إلي رسمياً، ومشكوراً، من مدير الفضائية آنذاك الزميل غسان المفلح.
والسبب في مقاطعتي تلك، كان كما بينت لزميلي أيضاً، ولايزال، هو الديكتاتور عينه، الذي حجب علي لسان أمي، أي كرديتي، في ذات الوقت الذي حجب علي مواطنتي السورية، ككردي منها وإليها. الديكتاتور يبقى ديكتاتوراً، حتى لو كان إلهاً، ولا يمكن له إلا أن يكون كذلك.
معلم العلمانيزم اتهمني بالدين، وأنا خرجت على كل الدين، على كل الله وكل الشيطان، منذ كتابٍ كثيرٍ مضى.
منذ أكثر من عقدٍ من الزمان، كتبت على الملأ، عن جنازة الله في أخضره الأخير.
منذ سنوات وأنا أقول على الملأ، أكره من يسألنني عن ديني، لأني لا أكره الدين ولكني لا أحبه أيضاً. أحب الدنيا أكثر؛ دنيا بلا فوق يعلو ولا يُعلى عليه ؛ دنيا بلا عشيرة تختزل الجماعة في رأس الخيمة؛ وبلا دين يختزل كل العقل في عقل الله؛ وبلا حزب يختزل شعباً كاملاً ووطناً كاملاً في قائد أوحد.
نعم انتقدت حكومة كردستان اللاعلمانية في شخصية وزير أوقافها، بإعتباره أعلى مسؤول رسمي، في كردستان الرسمية يقف على رأس الشأن الديني، في وزراة رسمية ألأ وهي وزارة الأوقاف. والوزير، حسبما اطلعت على أخبار إسلام وزراته، عن كثب، يقسّم الدين علناً، في كردستان إلى دين فوق ودين تحت؛ دين صحيح ودين خطأ؛ دين الله ودين الشيطان، وهذا ليس سراً أعرفه لوحدي، فبإمكان السيد بدرالدين وهو مقيم خمس نجوم في هولير، أن يتأكد بنفسه من المكتوب والمصرّح به، رسمياً، من قبل مسؤولي الأقليات الدينية في الإقليم(كالمسيحيين والإيزيديين)، ويدحض أو يكذّب ما أكتبه من هنا، أنا الخارجي على كردستان، بالتي هي أحسن أو أسوأ، لا فرق.
أتفق مع الكاتب جزئياً، بأنّ قضية لاعلمانية كردستان لا يمكن اختزالها في تصريحات وزير أو تصرفاته، كوزير مسلم مع الأديان الأخرى.
كان يمكن لهكذا كلام أن يكون صحيحاً، فيما لو تم بالفعل، محاسبة هذا الوزير الذي يريد لكردستان أن تكون دولةً إسلامية. وهذا ما لم وقد لن يحصل، في القادم القريب من كردستان.
ثم أن قضية اللاعلمانية الكردستانية، هي أبعد من كواليس وزارة الأوقاف وإسلام وزيرها الإسلاموي بكثير. هذه اللاعلمانية هي لاعلمانية مؤسسة على الدستور أولاً وآخراً. هذا الدستور الذي يدعي الكاتب بأنه شرع وقونن حقوق وواجبات كل المكونات الكردستانية القومية منها والدينية.
أيّ شرعٍ هو هذا، إذا كان كل الدين لا يتساوى أمام الدستور كأسنان المشط!؟
أي قانونٍ أو حقٍ هو هذا، إذا كان الدستور يمنح ديناً بأن يكون في الفوق، بإعتباره مصدراً أساسياً من مصادر التشريع، مقابل أديانٍ تقعد في التحت من هذا التشريع؟
منذ سنوات وأنا أكتب عن كردستان المواطنة، كردستان يكون فيها ما لله لله وما لقيصر لقيصر؛ كردستان لا تتخذ من أي دين(لا من الإيزيدية ولا من أي دين آخر في كردستان) دستوراً لها، كما هو في دستور كردستان الدينية، الذي ينص في البنود الثلاث من مادته السادسة، حرفياً، على ما يلي:
يقرّ ويحترم هذا الدستور الهوية الإسلامية لغالبية شعب كردستان العراق ويقر ويحترم الحقوق الدينية للمسيحيين والإيزديين وغيرهم ويضمن لكل فرد في الإقليم حرية العقيدة وممارسة الشعائر والطقوس الدينية وإن مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر أساس لتشريع ولا يجوز:
أولاً: سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام.
ثانياً: سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
ثالثاً: سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور.
فهل هناك دستور كوكتيل أبعد من هذا، في كل الثقافات العلمانية التي يتشدق بدرالدين بروحها، على يسار ويمين خطابه؟
إذا كانت العلمانية هي فصل الدين عن الدولة، فما الداعي لكل هذه الديباجة الكوكتيل المتناقضة مع نفسها، بين كل سطر وسطر، وبين كل بندٍ وآخر؟
كيف يمكن لدستور كوكتيل، كهذا، أن يعبرَ إلى العلمانية، وهو يمنع سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام، في ذات الوقت الذي يمنع سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور؟
على من يضحكون شيوخ الدستور الكوكتيل هذا؟
فليقل لنا بدرالدين من وحي نظرياته السيارة، كيف يمكن الجمع بين ثوابت الإسلام(انطلاقاً من زواج المسلم بأربعة، وحقوق المرأة/ الضلع الأعوج، التي هي ناقصة عقلٍ ودينٍ، إلى آخر مبدأ) أو الإيزيدية أو حتى المسيحية، وبين مبادى الديمقراطية والحريات الأساسية، في دستورٍ واحد؟
كيف يمكن لدستور كوكتيل، كهذا، أن يدّعي العلمانية ويدافع عنها شيوخ علمانيون،في ذات الوقت الذي يتخذ من مبادئ الشريعة الإسلامية مصدراً أساساً لتشريعاته؟
ليشرح لنا صاحب السياسات السيارة المتقاعدة ومن يلف لفه، مبادئ الشريعة الإسلامية هذه، والتي من المفترض بها أن تكون مبادئ ديمقراطية وعلمانية؟
ثم هل هناك دين ديمقراطي أصلاً؟
أليس كل الدين، ديكتاتور في التحت(من الإيزيدية إلى الإسلام، مروراً بكل الأديان الأخرى)، يتخذ قوته من ديكتاتور مقدس مقيم في الفوق؟
فعن أية برامج ومناهج كفاحية علمانية يتحدث صاحبنا العلمانوي جداً؟
نعم.. أنا ضد هكذا كردستان، تتخذ من دينٍ ما(دين الأغلبية أو دين الأقلية، إسلام أو إيزيدية لا فرق)، مصدراً من مصادر تشريعها، لأن العلمانية، كما أتبناها وأدافع عنها، هي القول الأكيد بالفصل الأكيد، بين الدين والدولة.
الحكومة، لا دين لها.
دستور الحكومة هو دينها، ولا يجوز لأي دينٍ، أيا كان هذا الدين، أن يكون مصدراً من مصادر تشريعات الدولة.
فهل يتفق السيد بدرالدين مع هكذا طرح؟
بالطبع لا، فلا تاريخه السياسي يقول بذلك، ولا تاريخ نظرياته النفاخة تسمح له بذلك؟
فهو العلماني جداً، سبق وأن تحالف مع أخطر سلفية دينية سياسية على مستوى الإسلام السياسي كله(بعد القاعدة وأخواتها)، ألا وهي جماعة الأخوان المسلمين السورية، بمعية نائب الرئيس السوري المنشق عبدالحليم خدام، في كيانٍ ولد ميتاً سمي بجبهة الخلاص الوطني.
ليقل لنا معلم الأنتي طائفية، ماذا كان يجمع التيارات الثلاث، خلا مذهبيتهم السنية: كردي سني(صلاح بدرالدين)+ديكتاتور سني(عبدالحليم خدام)+سلفية وهابية سنية(جماعة الإخوان المسلمين؟
فليقل لنا صاحب العلمانية السلفية، المتداخلة مع الإسلام الوهابي، على ماذا وعلى أية علمانية كان يعوّل في تحالفه مع وهابيين، لا يرون حلاً لأية مشكلة من مشاكل العالم خارج أصول الإسلام السني حصراً: الإسلام هو الحل؟
أم أنّ علمانية بدرالدين، هي علمانية سيارة أيضاً، للعبور إلى أهداف سيارة، يركبها كيف يشاء، وينزل من على ظهرها متى يشاء؟
هذا غيضٌ من فيض علمانية منظرّ كردستان المتقاعد، التي اتخذت من التحالف مع أهل دولة الخلافة، طريقاً لسياستها الكردية، للعبور إلى كردستان العلمانية المفترضة.
فهل سيكرر علينا بعد هذا السرد الخفيف لتاريخه العلماني، والخارج عن سرب أكراده السوريين، دروسه عن لاكردية، وعلمانوية وتقدموية الآخرين أمثالي؟
أجل.. لا لتسيسس الدين؛ كل الدين. نعم لتحييد الدين.
لا لإقحام الله والعشيرة والحزب والعائلة في القانون.
لا لدستورٍ يتخذ من مقدس الدين مصدراً لقوانينه.
ولكن بدل أن يفتي بدرالدين والمنظرون المنتفعون من حوله، بتخوين هذا وذاك، أو إخراجه، قسرياً، عن الصف الكردي وصف كردستانه المسيار، فليوجه صاحب مجلدات البارزانيزم، لاءاته الكبيرة هذه، مع لاءاتنا بالطبع، إلى حكومة الإقليم المسيارة، والتي ترعاه في هوليرها رعايةً مسيارة، للفصل بين دستور كردستان ودستور القرآن.
أما أن يقفز الكاتب الشاتم لآل بارزان سابقاً، والبازانيست لاحقاً، فوق دستور القرآن الذي يتخذ منه دستور كردستان، مصدراً أساساً لسن تشريعاته، ويرمي بالكرة، تالياً، في ملاعب دينٍ لا حول له ولا قوة كالإيزيدية، أو أقليات دينية أخرى، فهذه محاولة سياسية غير بريئة، فيها أكثر من خلط للأوراق، وأكثر من تهديدٍ ووعيد سياسيين.
هو وضع على ما أكتبه أكثر من إشارة استفهام تخوينية، علماً أنّ ما أنشره في كبرى المواقع العربية الكردية والعربية، بإسمي الصريح، كتابٌ مفتوح على حريته، لكلّ من يفك الحرف، لأهل العربية والكردية.
هو شابه بين كتاباتي وكتابات مثقفي الإسلام السياسي، وهذا افتراء ما بعده افتراء، أراد به صاحب خرافة البارزانيزم، أن يصطادني في كردستان المسيار، بصنارة الإيزيدية السياسية.
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه في هذا المقام، هو: لماذا كشف بدرالدين عن غضبته الهوليرية الكبيرة في هذا الوقت بالذات، لكأنه أحسّ لتوه بخطورة وقوع غزوة إيزيدية وشيكة على كردستان، وذلك عبر ثلاث وقائع لا رابط منطقي بينها، لا من بعيدٍ ولا من قريب.
ما أزعج المنظر البارزانيست، المتقاعد في هولير الفوق، وأزعج فوقه في الفترة الأخيرة، كما هو ملاحظٌ من مكتوبه الملقّم سلفاً، ليس الإيزيدية السياسية كما ركبها في موضوعه، أو خبأ نياته وخرافاته الأخرى وراءها.
فالوقائع الثلاث التي أحس بها كاتنبا خلال شهر آب المنصرم، موجودة بوتائر واتجاهات مختلفة جداً، وحية ترزق منذ سنوات كثيرةٍ مضت. أما أن ينسج خرافته الآن، وكأنه للتو أحس بوجودها، فهذه مشكلة قراءته النائمة في أكثر من نومٍ عميق.
الكاتب أسس بعضاً كبيراً من خرافته التي سماها بالغزوة الإيزيدية السياسية، على مقالي(أو المنسوب إلي حسب تعبيره) كردستان المسيار، المنشور في موقع إيلاف الأسبوع الماضي(31.08.10)، وكأن هذه هي المرة الأولى التي أنتقد فيها ثقافة الفوق الكردي المسيار، لدى تعامله السيار مع ملفات استراتيجية كبيرة(كملف الأقليات مثلاً)، لها أهميتها الكبيرة في القادم من كردستان استراتيجية.
أما ما لفت نظر السيد بدرالدين في المقال، كما يقول، فهو المدخل الديني المؤسس على إيزيدية سياسية لمواجهة المسلمين وليس الإسلام السياسي، على حد خرافته.
والسؤال البسيط الذي يمكن أن يسأله كل متعلم كما يريد أن يسمي خصومه من أهل الرأي المختلف، فهو: ما محل هذه الإيزيدية السياسية من الإعراب في كلّ المقال، من أوله إلى آخره، بل وفي كل ما كتبته في هذا الخصوص من الألف إلى الياء؟
كان عليه، وهو المنظر المتقاعد أن ينقد لا أن يشكك ويتهم هذا وذاك، على الطالع والنازل.
ثم أليس المسيار من صلب الثقافة الإسلامية الصحيحة، كما استشهدت بأسانيده من القرآن والسنة؟
أوليست كردستان الراهنة مجرد زوجة مسيار يركبها الفوق ثلاثاً، كما شخصته في ثلاثة أرباب: رب الحزب، و رب الدين، و رب العشيرة؟
الفساد الخانق، الذي يعترف به بدرالدين وفوقه، وملايينهم وملياراتهم السيارة، الشغالة في أكثر من مسيار، هي خير دليل على هذا الزواج المسيار بكردستان المسيار.
أليست كل مشاريع المسيار في كردستان، هي خاتم سيار في أصبع هذا الفوق المسيار بأربابه الثلاث؟
أليس إقامة صاحبنا السياسي المتقاعد السيار، الذي انقلب في تاريخه على تاريخٍ كثير، في فوق الحرير من هولير المسيار، إقامة خمس نجوم، براتب خمس نجوم، وسط حراسة خمس نجوم، وهو الكردي السوري مثلي، دليل حيّ في كونه شريكاً أكيداً في قسمة كردستان المسيار هذه؟
طبعاً سيثير هكذا موضوع، حفيظة كاتبنا، وسوف يقيم الدنيا ولن يقعدها، لأنه أحد البارزانيستيين المستفيدين من مسيارٍ كهذا، لا بل سينظّر لشرعيته أيضاً، بألف حجة وألف سندٍ ودليل، لأن فسخ مسيارٍ كهذا، سيعني بكل تأكيد، فسخاً لإقامته في الحرير المسيار هناك.
نعم.. أنا أنقد هكذا كردستان المدينة المسيار، التي بلعت جبلها.
أنقد كردستان تأكل الآن أبناءها.
أنقد فوقاً فاسداً، حوّل كردستان إلى مجرّد مزرعة خاصة لمسيار ثلاث: مسيار الحزب والدين والعشيرة.
أنقد كردستان الدينية التي تختزل دستورها في مبادئ وأصول وشريعة دين الأغلبية.
أنقد الديكتاتور والثقافة الديكتاتورية الواحدة بلا شريك، كردياً وعربياً، وفي سوريا، كما في كردستان، أو خارجهما. لأن الديكتاتور واحد، مهما اختلفت لغته، أو أصله وفصله.
أنقد الدين في كردستان وخارجها، حين يصبح قانوناً إلهياً، يحكم البشر على الأرض.
أنقد الله، حين يصبح جلاداً.
أنقد تسييس الدين؛ كل الدين إذ يؤلب وحوشه ضد الدنيا.
أنقد الدين الحاكم بإلهٍ غائب، إذ يقتل الدنيا في أوج حضورها.
أرفض الدين، وهو يرفض الإنسان بالآلهة، لا بل أدوس على الدين(كل الدين)، إن أصرّ على دوس الإنسان وحقوقه وحرياته.
أكره الدين حين يصبح سياسةً كريهةً لإكراه الآخرين، على الدخول المكروه، إلى الدين أو الدنيا.
أنقد وعاظ الدين المتاجرين بآيات الله أو آيات الشيطان، كما أنقد وعاظ السلاطين.
أنقد إنما الدين عند الله الإسلام، وكنتم خير أمةٍ أخرجت للناس، وأنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، ومن تكلم العربية فهو عربي، حتى ولو كان أعجمياً، وإنا أنزلناكم قرآناً عربياً لعلكم تعقلون، وكذلك أنزلنا حكماً عربياً..إلخ.
أنقد الإيزيدية وآلهتها الميتين الميتين.
أنقد الإيزيديين من أصحاب السياسات الأمية، الذين يبحثون عن وطنٍ جديد خارج كردستانهم النهائية، التي سميتها ذات نقدٍ، بالوطن النهائي للإيزيديين، أو يبحثون عن قوميةٍ جديدة، خارج كرديتهم التي خلقهم الله عليها، كما خُلق إلههم نفسه على سنة اللسان الكردي عينه.
أنقد الفوق الإيزيدي الروحاني، حين يصبح فوقاً دينياً معطلاً، يشتغل على السياسة أكثر من اشتغاله على الدين.
أنقد الروحانيين الإيزيديين، الذين يموتون على موت آلهتهم.
أنقد الإيزيدية كما الإسلام، وكل الدين الذي آل إلى بضاعة كاسدة على بسطات الأحزاب الحاكمة والمعارضة في كردستان.
أنقد لالش، حين تصبح بازاراً للمزاد العلني على دم الله.
أنقد مكة حين تستحيل، إلى جهةٍ عربية أكيدة، بلسانٍ عربيٍّ أكيد، لصلاةٍ عربيةٍ أكيدة، تنتهي عند قدم إلهٍ عربيٍّ أكيد.
وأنقدك أيضاً، وأنقد فوقك الذي فوق فوقك يا سيد الخرافات السيارات، والنظريات الطيارات، التي لا مكان لها إلا في حضن كردستان المسيار.
أما السبب(ربما السريالي) في ارتكاب كل هذا النقد، فهو باختصار شديد جداً، لأني أحبّ كردستان لأولادي لا لنرجسيتي، على طريقتي الخاصة طبعاً، وطناً لكل كردستانييها، بكل قومياتها، أكرادها ولاأكرادها، ولكل الدين وعكسه.
أنا أكره كردستان لوناً واحداً، في حزبٍ واحدٍ، أو دينٍ واحدٍ، أو عشيرةٍ واحدة.
أكرهها جغرافيةً واحدةً، أو تاريخاً واحداً، لقومية واحدةٍ لا شريك لها.
أحبّ كردستان كثيرةً، لا واحدةً كالله الواحد الأحد.
أوَلم يكن الله كثيراً في البدء؟[1]