#كازيوه صالح#
عند إنقضاء الفترات الزمنيةوبين حين و آخر, يتوقع حدوث تطورات مهمة , وتبرز مجموعة من المصطلحات والمفاهيم وألافكار والرموز متعددة الابعاد, تزيح المفاهيم والمصطلحات السابقة عن اماكانها, وتصبح هي مادة للدراسة والبحث والحوار .
ان خطواتنا المتثاقلة نحو الالفية الثالثة والقرن الجديدعرّفتنا على مجموعة اخرى من المصطلحات بصيغة اكثر دقة من السابق, وهي عبارة عن المصطلحات التالية:العولمة , الثورة المعلوماتية , الاتصالات , نهاية التأريخ, الموج الثالث... الى آخرها , أن هذا المفاهيم تظهر تواجدها في مدخل القرن الذي يطلق عليه اسم قرن التقدم التكنلوجي , وهيمنة النظام الرأسمالي , القرن الذي جعل من العالم المترامي الاطراف الملييء بالتعقيدات, امام الأنسان قرية صغيرة, بامكانه ان يناقش جميع جوانبه وهو جالس في داره. من المحتمل ان تكون هذه التطورات تحمل معها المخاطر, كما يحتمل ان يكون بالعكس, المهم ان يبحث المرأ عن الطرق المتطورة التي تحدد لنا المستقبل المضيء , بديهي ان الانسانية تبحث عن المشاكل التي بالامكان معالجتها . في الوقت الحالي فأن العولمة وفرت لنا القدرات الكثيرة لتوحّد العالم. فبمجرد الاخذ بنظر الاعتبار لبنود حقوق الانسان يمكن معالجة جميع تلك المشاكل , لأن العولمة تحمل في طياتها معاني ودلالات متعددة , ولكل من السياسيين والاقتصاديين وعلماء الاجتماع والمثقفين تعاريفهم المختلفة والمتميزة لها , وكل منهم يشرح المواضيع من احدى جوانبه , ولكن كل هؤلاء في نهاية الآمر يتوصلون الى القناعة بأن هذه الظاهرة تحققت كنتيجة لجهود وتخصص الغرب الرأسمالي بوجه عام وامريكا المهيمنة بوجه خاص وتدار من قبلهم . سواء كان هذا التعولم عن طريق الشركات متعددة الجنسيات التي هي اعلى مرحلة من الرأسمالية أو عن طريق الثقافة والآعلام والخطاب الآيديوجي , أو نتيجة لرغبة وأرادة الأنسان في التغير الجذري والموضوعي لمسيرة العالم أو يكون ساطوراً يقطع جميع مراحل الانسانية والحضارية وحدود الاقوام والدول, ويضع محلها مفاهيم ونظماً اخرى رغم وجود البون الشاسع والاختلافات الكثيرة لدى تلك الشعوب والدول والاقوام من حيث التباين في نظامها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والسياسي والتراثي , وهذا أيضاً امر لاتستطيع الشعوب الصغيرة ومنها شعبنا ان يرفضه, ولا ان يقبل به , ورغم ان جميع مضامين هذه المفاهيم والافكار لايمكن الحكم عليها بانها ايجابية كلها او سلبية كلها و حدوثها أمر حتمي , ولكن يجب التعامل معها من الجانبين بطريقة مناسبة . لان العولمة ليست ذات بعد سلبي فقط , بل يحمل في ثناياه بعداً ايجابياً حضارياً ايضاً , أذ أنها على اقل تقدير يسهل لنا مجالات للحوار بين الشعوب, والاتصالات العلمية وتبادل المعرفة والثقافة , وأن افيد واحسن منهج للحياة الاجتماعية, هو أن يأخذ النظام الاجتماعي في اية مدرسة فكرية بنظر الاعتبار مظاهر تقدم الحياة .
بديهي ان ظاهرة كهذه , لايقسم البشر الى قسمين, أي عنصري الرجل والمرأة ولا يلتفت اليه عندما يمر امام بوابة حياته ,لأن قضية المرأة جزء من قضية المجتمع باكمله ويندمج مع نسيج الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والقضايا الفكرية , بدأ من تراكم الرأسمال والتعولم وتقسيم العمل والعائلة وجميع المجالات ألاخرى . ولكن طبيعة المجتمع قدم لنااحتمال عدم الوجود كما يقول سمير أمين حول الموضوع : الانسان سواء كان يعيش بمفرده او كفرد من افراد المجتمع يصنع تأريخه بنفسه, ولكن في مجال الطبيعة يجب ان يكون مقتنعا بملاحظاتها , كما ان من المستحيل التمييز بين الايديوجية الاجتماعية من جهة ومشروع اسس المنهج العلمي . وهنا نستطيع ان نقول بان المرأة من خلال الآيديوجيات والوسط الاجتماعي ليست فقط راضية عن تقبل الملاحظات ( وهذا ليس معناه ان المرأة ليست لها قضية خاصة بها ) بل ان مستوى تقدم قضيتها ليست بمستوى الاحتمالات والمقارنة في التعولم, اذ لو كانت المعاملة متعادلة , لكانت المرأة قد حصلت على جميع حقوقها الانسانية والسياسية والاقتصادية التي حصلت عليها المرأة في العالم , وذلك لكي تقطع المراحل واحدة بعد الأخرى ولاتكون غريبة عنها وتتمكن من الامساك بناصية العلم والمعرفة كباقي النساء في العالم المتحضر وتكوّن لديها اسباباً فكرياً ومعرفياً وثقافية حسب معاييرهم , وذلك لان المدنية في احدى مدلولاتها هي الثقافة, وبمعناها الواسع نحن لسنا أصحاب مدنية عالية لكي نكون اصحاب حضارة وثقافة نتعامل بها مع الحضارة المتقدمة, وبدون هذه الثقافة لتسجل تأريخاً بعيدة عن الابعاد المعرفية , وعلاوة على الثقافة فان التعامل مع القنوات الفضائية والانترنيت والكومبيوتر الى باقي الاجهزة الالكترونية التي اخترعت لانجاز الاعمال المنزلية التي تقوم به المرأة .
وعلى كل حال , فان دراسة وسرد قضية المرأة تحتاج الى وقت طويل, كما تحتاج بصورة مستمرة الى ان نبدأ بتحديد الواقع من الأمور التي توجد وتبرز امام اعيننا , وهي قضية الحرية والحقوق التى حصلنا عليها , لأن الانسان لايمكن ان يكون حراً وديموقراطياً اذا لم يدافع عن حريات الآخرين , ولذلك فأن الديموقراطية وتقدم الإنسان تقاس بموقفه من حرية الاقليات القومية والاجتماعية الذين يعيشون في مؤسسة ديموقراطية قانونية في المجتمع , وعلى هذا الأساس فنحن لو أجرينا مقارنة بين ما حصلت عليه المرأة الكردية من الحقوق السياسية والثقافية , وما حصلت المرأة عليه في العالم والغرب بصورة خاصة, تحصل لدينا معادلة غير متوازنة . هذا بالرغم من ان دور المرأة خلال الربع الأخير من القرن العشرين تطور بصورة جيدة والدلائل تشير الى ان هذا التطور في ازدياد مستمر , وهذا بالطبع له آثاره وتأثيره على حياة المرأة الكردية, ونتجنب الخوض في التفاصيل حول الموضوع وماذا يجب علينا القيام به للحصول على مزيد منها , لاننا قد بيننا ذلك في كتاباتنا السابقة , وكذلك لان لتطورات التي تحدث في العالم اسرع من تأريخنا ومن محاولاتنا, ونحن من جانبنا نقوم بخطوات عملية وثورية ودون ان نحاول البدأ بمشروع تطبيقها في مجال العمل , لان قضية المرأة وحقوقها لدى شعبنا صنفت الى الارقام ونوع ايديولوجية الأحزاب المختلفة , وكل من هذه الاحزاب وحسب تخطيطهم الخاص , كوّنوا فرعاً نسائياً داخل احزابهم واطلقوا عليها اسم المنظمة النسائية , وهذه التقسيم جاء نتيجة لحاجة هذا الاحزاب لوجود منظمات تابعة لهم, وهذه المنظمات تهتم بالمسائل التي تتعلق بالجانب الحزبي اكثر من الاهتمام بقضية المرأءة , وبصورة عامة ولحد الآن لاتوجد نظرة شاملة وعامة حول قضية المرأءة وجميع مراحل حياتها وتصوراتها المختلفة , اضافة الى ذلك فان المرأة لاتستطيع ان تطالب بحقوقها ومساواتها باعتبارها حقاً شرعياً لها ولاتستطيع ان تبرزها , ولاتظنوا ان المحاولات والجهد التي تبذل في هذا المجال فوق كل التصورات , ان حقوق المرأة تساق الى عالم من الشعارات والآيدولوجيا وتصبح غطاء غير شفاف وخداع ولاترتبط بجوانب كثيرة من الواقع الاجتماعي والنفسي للمرأة , وخاصة في الوقت الحالي الذي اهمل فيه ليس فقط في العالم الثالث بل في جميع دول العالم , المطاليب التقليدية , وهناك مشروع لمراجعة عامة لاعادة النظر بالموضوع يشكل من اربعة اقسام , وهي عبارة عن الامومة , حرب الحرية , وتقرير المصير, والقضايا البايولوجية , وسؤال اخير وهو لماذا نحن امرأة وكيف اصبحنا أمرأة ؟
فاذن هناك عدة اسئلة تطرح نفسها وهي, هل حصلت المرأة على السعادة؟ هل ان التقدم المعرفي والتطورات التي تحصل في العالم على المجتمعات مسحت وغيرت المعادلة القديمة في هوية المرأة ؟ ومع هذا فعلينا ان لاننسى , ان التطورات التي رافقت المشاكل تختلف عن اسس القيم التي ترتبط بالمرأة والانسان . وبالنسبة الينا فان التطورات التي رافقت وترافق القضايا والمشاكل تختلف عن اسس كثير من المبادىء والقيم التي تتعلق بالمرأة , فأنها تأتي بصورة متسارعة بحيث لانتمكن من اللحاق بها وصياغتها من جديد, وان صيغة المطاليب تفرض علينا فرضاً وطبعاً من الضروري ان تكون اعادة النظر وصياغة المطالب مبنية على اسس علمية ودراسة ميدانية وفكرية عصرية ومعرفية ونجد صورة المرأة في المجتمعات المتطورة التي تعقدت قضاياها اكثر من السابق.
ولكن لنوجه سؤالاً الى السياسيين والمؤرخين وجميع طبقات المجتمع هل ان المرأة لها تعريفها الخاص للعولمة؟ , والى اية درجة تفكر في المشاكل والنقاط الايجابيّة فيما يتعلق بقضيتها هي . هل انها في الوقت الحاضر الذي جعلت الانترنيت من العالم قرية صغيرة , تمكنت من استغلال التقدم التكنلوجي وعن طريق الانترنيت كوّنت ارتباطاً مع المنظمات النسائية العالمية ومنظمات حقوق الانسان؟ هل انها طلبت التعاون والتنسيق من هذه المنظمات لتخفيف جزء يسير من الواجبات الملقاة على عاتقها؟ أو لتأسيس المشاريع التي تستفيد منها المرأة وخاصة المشاريع التي تتعلق بالدفاع عنها والتجارة, في الوقت الذي يمكن التوصل الى معالجة اكثرية المشاكل الموجودة في كردستان من الناحية الاقتصادية مع المنظمات الخيرية والمنظمات الأخرى. صحيح انها من ناحية معالجة المشاكل , قطعت المرأة الغربية اكثرية المراحل وحصلت على القسم الكبير من اهدافها , ولكن بالامكان القول بان هناك مشاكل وقضايا مشتركة بين الجانبين فكل من (ماوس) و (دوركهايم) متفقان على ان هناك نوع من المركزية الاخلاقية تشمل مجموعة معينة , ولكن كل ثقافة وطنية وقومية شكل خاص من الاطار العام , وبديهي ان ما نقصده من الاطار العام هو الثقافة الغربية والامريكية والتي اطلق عليها الثقافة المهيمنة والمسيطرة, وبمفهوم آخر هناك عالمان والمقارنة الرئيسية تكون بين الشرق والغرب , بمعنى ان حضارة الغرب في الوقت الحالي حضارة دارجة والبقية لها مساهمة قليلة جداً في هذا المضمار , وتأريخ الانسانيية عبارة عن تأريخ الحضارة التي للكرد فيها نصيب قليل, ولذلك فهنا يطرح سؤال نفسه , أي من الجهتين الشرق والغرب بمقدورها معالجة قضية المرأة والسيطرة عليها ؟ والمرأة تصبح اسيرة تصورات أي من الجهتين ؟ لأنها في حالة سيطرة التصورات والافكار الشرقية فأنها تقع تحت سيطرة الافكار الرجعية وليست باستطاعتها ابداء اية مقاومة ضد التراث والعادات السائدة , وهي التي جعلت منها شخصية ضعيفة الارادة وخاضعة لها . ولكن حالة سيطرة الافكار والتصورات الغربية على الساحة فتكون الحالة بالعكس ولكن اظطهادها ايضا تكون بالعكس اي يكون مضطهدة ولكن باساليب اكثر متطورة , رغم ان (هانتينكتون) يعتقد بأن التفاعل بين الحضارة الغربية مع الحضارات الاخرى هو المحور الرئيسي السياسي في العالم منذ انتهاء الحرب الباردة , ولكني أعتقد بان علاقة الشرق بالغرب ستكون احدى العوامل التي تؤثر تأثيراً سلبياً على الفرد الكردي . فمن جهة هناك صورتان تتجسدان حول الحضارة الغربية والحضارات الاخرى احديهما صورة نظام مهيمن وشامل غربي , والثانية حضارات أخرى تسير نحو الانحلال, فالوضع السياسي والعسكري والاقتصادي آيل الى السقوط والانحدار, وبالنسبة الى بعض المجتمعات الاخرى في الحضارات ذات الهيمنة فانها وكنتيجة لانحلال الروابط العائلية , اصيبت بحالة من الانهيار الاجتماعي بصورة واسعة من جراء انتشار المخدرات واستعمالها والانتحار والامراض المستعصية المميتة الى درجة ان النظام السياسي في تلك المجتمعات يكاد ان يصاب بنوع من الاحباط واليأس من معالجتها. ومن جهة اخرى فأن , الانظمة المتعاقبة المحتلة جعل الشعب الكردي غريباً عن تراثه , بمعنى ان المرأة الكردية ليست لديها الا خبرة ومعرفة قليلة بتأريخها وربطت نفسها بتأريخ وتراث المذاهب الدينية وهذا اصبح عاملاً لان تكون المرأة الكردية ذات خبرة كثيرة بالتأريخ الشعوب اخرى والتاريخ الاسلامي اكثر من تأريخ الكرد , بحيث لاتستطيع اية مفاهيم عصرية امحاء هذا التأريخ في مخيلتها , وذلك بدليل ان المرأة الكردية وفي القرن الحادي والعشرين ليس لديهاالاستعداد لان تطالب بحقوقها, وحتى ان قسماً منهن يعتبرن المطالبة بهذه الحقوق امر غير مشروع, لان بعض المتأسلمين أفهموها بان الذين يطالبون بالمساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة ماهم الا مجموعة من المقلدين للعالم الغربي , وان الاسلام حسب منطوق هؤلاء يعتبر الغرب مصدراً للشرور والفساد والبدعة, وبديهي ان غرس هذه الافكار الجامدة في فكر الفرد يولّد النظرة عدمية لديه , وبهذا ندخل ضمن اطار تقليد الاعمال التي تعتبر من وجهة النظر الاسلامية من الامور الغير متكاملة, وهذا ناتج عن ان كل ما يصدر من العالم الغربي يعتبر كفراً وزندقة, ويتم تثبيت هذه الفكرة في مخيلته, وبالنسبة للذين لايملكون وعياً معاصراً ستبقى هذه الفكرة في لاشعوره وستبقى في ذاكرته ويطبقها في حياته اليومية. وعلى هذا الاساس نستطيع ان نقول ان الفرد الكردي بالنظر الى انه لم يعتد على تحليل ودراسة المسائل التي تصادفها في حياته يطرحها خارج محيطه وليس له الاستعداد الكامل للاستفادة من جوانبه الايجابية ويترك جوانبها السلبية . ولذلك فأن العولمة اذا كانت تعني ربط العالم من الناحية الثقافية والأقتصادية, من الضروري ان تتبنى القوة الدافعة عن حقوق المرأة وقبل ان تجرب الحرب الخاسرة, مشروعاً للتوعية بصورة عملية وليس بمجرد الكلام . ولذلك من الضروري ازالة العقبات امام الدراسة والتحليل والتحدث عن المسائل الدينية , ولذلك لكي لاتولد ارادة الخضوع والتوجه نحو المسائل المحرمة , وهذا يتطلب من المرأة القيام بعمل جدي, لتبديد الخوف المسيطر عليها , اذ ان الآلاف من نساء العالم الثالث يصدّرن في الوقت الحاضر الى البلدان الاوروبية عن طريق تجار الرقيق والمتاجرين بجسد المرأة الذين يستخدمون القسم الكبير من هؤلاء النسوة في بيع الجسد والدعارة وعارضات لاجسادهن الى درجة ان مئات من الجزر والاماكن والبلدان وضعت لها اسماً (ممتعاً) آخر واصبحن اماكن من الدرجة الثانية لاخضاع ارادة المرأة واستسلامها .
ومن البديهي ان هذه الظاهرة الغير لائقة والغريبة جاءت وبرزت كنتيجة للوضع الاقتصادي السييء , فعلى نطاق العالم فان نسبة (70%) من القوى المنتجة من النسوة التي تتراوح اعمارهن بين(14 – 24 ) سنة , اللواتي يتعرضن لمخاطر تلك الاعمال ويتبين من الاحصائيات نفسها ان عمل المرأة يشكل الشريان الحيوي للأقتصاد القومي, وللمرأة الكردية ظروفها الخاصة في المجتمعات تختلف عن ظروف الرجل حيث تنجز اعمالاً كثيرة بدون أجر او بأجر قليل. ونستطيع ان نقول بأن الشعب الكردي يعاني من عدم التوازن من الناحية السياسية. فمنذ عام 1514 الذي تم فيه تقسيم كردستان , يعاني الشعب الكردي من الاضطهاد على يد محتّلي بلاده , ولم يكن لديه كيان سياسي واجتماعي , ليكون لديه كيان اقتصادي خاص . لان الخبرة في المجال الاقتصادي تعني الخبرة في الحياة , ومتزامناً مع الاستفادة من نتاج الاختبار في الحياة من الضروري تجديد وانضاج الحالة والوضعية الجامدة حسب متطلبات العصر والمصلحة القومية والحضارية واعادة النظر فيها , لان النمو والتطور الاقتصادي في شرقي اسيا يعتبر واحداً من احدى التطورات الهائلة في العالم , ومنذ العقد الخامس من القرن العشرين , فان يابان حافظ على التوازن في مجال تطوره الاقتصادي, وبعد اليابان اصبح كل من الصين وتايلاند واندنوسيا في نفس الاتجاه, هذا عدا هيمنة الشركات المتعددة الجنسيات اللواتي يشكلن المحور الرئيسي لهذا التوجه, وهذه الشركات يبدين اهتماماً كبيراً بعمل المرأة وخاصة في الاعمال اليدوية التي لاتحتاج الى جهد عضلي كبير والاجر فيها قليل حتى مع تقبل نوع من الاستخفاف تجاه العاملين , وقد استفاد الرأسمال المتراكم من هذه الحالة, وعلى هذا الاساس ونظراً لأن المرأة تختبر طاقاتها في مجال العمل اليدوي , تتضرر اكثر من الآخرين وخاصة في الوقت الذي تقوم فيه الآلة بازاحة الأنسان وتقوم بعمله , أو كنتيجة للتقدم التكنلوجي بالامكان اختيار موظف متخصص في احدى المجالات من ابعد نقطة في العالم او من جنسيات غير معروفة, بكل سهولة , هذا عدا عن ان بامكان الشركات الكبرى تصدير منتجاتها الى اي بلد, مما يؤدي الى كساد سوق الشركات المحلية والوطنية التي تؤثر سلبياً على القوى العاملة المحلية . كل هذه العوامل لها تأثيراتها على عمالة المرأة , واعتقد ان المؤتمرات التي تعقد هنا وهناك والتظاهرات التي تقام ضد العولمة لن تؤدي الى انهيارها واعتبارها كحجر ملقاة في قاع البركة كما يتصور اصحاب هذه التصورات ,لان العولمة طرحت ابعاداً كثيرة بحيث ان القضاء عليها أمر مستحيل , وفي جعبتها الكثير لم يكشف عنها بعد , ونستطيع ان نعتبر جهاز الستلايت والانترنيت وبعض انواع اخرى من اعلام المرئي من مظاهرها . والمواد الاستهلاكية المكوّمة في مخازن الشركات العملاقة تُصَدّر الى البلدان والشْعوب الفقيرة ويؤخذ بدلاً عنها النفط او أي منتوج طبيعي آخر , وهذا جانب آخر من نظام العولمة . ولذلك فأننا بحاجة الى اعادة النظر في تصوراتنا وصياغتها من جديد , وهذا ان تم في المجال الاقتصادي يستوجب اعادة تشكيل الهيكل الاقتصادي, وهذا يتطلب اعادة التكوين الفكري لكي يتمكن من الصمود في المواجهة مع العولمة . لان الاقتصاد واحدة من الاليات القوية التي تحافظ على استمرار التوازن بين القوى الداخلية والخارجية, وهذه القوة لايتم بناؤه على اساس اخلاقي وانساني , بل هي نقطة تجسد نفسها على اساس من التسلط والسلطوية والبحث عن المصالح المادية . ورغم ان هانتيتكون يقول ان العالم معقد الى درجة اننا لانستطيع بسهولة تقسيمه من الناحية الاقتصادية الى الشمال والجنوب ومن الناحية الثقافية الى الشرق والغرب ولكنني اعتقد ان بالامكان تقسيمه من الناحية الثقافية الى الشرق والغرب ومن الناحية الاقتصادية الى العالم الاعلى والاوطأ .
ان العوامل الثلاث التي ذكرناها لها تأثيرها المباشر على المرأة ففي العالم الاوروبي وكذلك العربي لايبحثون عن المرأة النموذجية واصحاب الشهادات العالية والمثقفات والمفكرات المنتجات , بل يبحثون عن نسوة ذات مواصفات خاصة تستفيد منها اجهزة الاعلام وهي جانبها البايلوجي والجسدي , وهذا يشكل نسبة 80% من السياسة العامة للسوق حيث يبحث عن الصور التي تجلب انتباه الناس وتروج بضاعتها وهذا يعني ان المرأة تحصل على العمل على اساس جمالهن وليس على اساس ثقافتهن, وبموجب هذا المعيار يحصلن على الوظائف في فنادق الدرجة الاولى والطائرات والبواخر وحتى العمل الاعتيادي كعامل اجير . حيث ينشرون اعلانات في الصحف مرفقة بهذا الشرط . وفرض مثل هذه الشروط عند التعيين في وظيفة ما يجعل المرأة امام حالة من الضغوط لايستطعن مقاومتها , من المحتمل في احيان كثيرة ان تستسلم المرأة الجميلة في سبيل كسب قوتها .
والمرأة الكردية ليست محرومة من هذه الظاهرة ايضاً رغم عدم وجود مشاريع ومؤسسات تجارية كبيرة في كردستان وعدم وجود الطائرات والسفن ايضاً. ولكن هناك منظمات اجنبية , ومراكز للاتصالات العالمية ومكاتب للمقاولات يفرضون نفس الشروط في تعيين المرأة كموظفات لديهم , وبما ان شعبنا ليست لديه خلفية ثقافية وتراث ثقافي متين فانه يتقبل هذه الثقافة المعولمة , ولذلك فعلى المرأة ان تفكر في مستقبلهن الاقتصادي ولايهمن المجال التجاري للعمل لان الرأسمالية في تقدم مستمر , وان استمرار هذه الحركة وتوفيقها مع متطلبات المرحلة وكل مرحلة أخرى من مراحل التقدم يحتاج الى سياسات خاصة . ولذلك من الضروري ان تفكر المرأة في بناء قاعدة اقتصادية مستقلة دفاعاً عن نفسها ولكي لاتصبح سلعة تجارية للمتاجرين وانما تستقبل هذه المجالات وتدخل في عالم التجارة .
ماذا سيحدث لو ان تكون المرأة صائغة وهي مهنة قريبة من طموحاتها وتطلعاتها , او تصبح مقاولة , او صاحب شركة للمقاولات او تكون صاحبة معرض للسيارات . لماذا لايجوز ان تملك شركة للغزل والنسيج ؟ او تدير محلاً لبيع الأجهزة الالكترونية انهاالمجالات التي باستطاعة المرأة ان تديرها وتعمل فيها بصورة دقيقة ( رغم انها الى الان هذه المهن ليس لها وجود في كردستان) ويجب على المرأة التي تملك رأسمالاً ان لاتتردد في اختيار عمل تجاري , وعلى المنظمات النسوية ان يعملن عن طريق هذه النقابات يفتحن دورات تجارية للحصول على الخبرة في القضايا التجارية . وان تأسيس النقابات يكون حافزاً لدخول المرأة الى هذا المجال.
ولو أخذنا بنظر الاعتبار الثورة التكنلوجية وفهمنا ان هذا العصر عصر العولمة والالفية الثالثة عصر الانسان الأعلى متجسداً في الانسان الألي والمستنسخ , ولو تم تطوير هذه المسائل نحو الافضل من اجل ان يقترب اكثر من الانسان ودمجه مع الادوات التكنلوجية الحديثة , فيكون بالامكان جعل المرأة بدلاً عن جميع الاشخاص القريبين الذين يحتاج اليهم الانسان , مثل الزوح , الزوجة, الطفل , الصديق , الاب والأم , الخادم والحارس ... الخ . وليس ببعيد عندما يموت شخص ما , ان يخلق شخص آخر شبيه له كل الشبه , او ان تقدم فتاة على الزواج من انسان آلي او مستنسخ حسب المواصفات التي تريدها , او يمتنع عن الزواج ويتبنى طفلاً مستنسخاً .
واما في حالة تطوير الانسان الآلي بصورة افضل بحيث يتمكن من التزاوج والانجاب فان بامكان البلدان المتقدمة تشكيل جيش كبير منها خلال فترة ثلاثين سنة , او زيادة نسبة سكان عن نفس الطريق بصورة غير متوقعة .
ان هذه هي ملامح المدنية الكبيرة التي في طريقها الينا. وهنا فقط تطرقنا الى جوانب قليلة من المسألة رغم انها موضوع واسع يشمل جميع جوانب الحياة كبيرها وصغيرها .
وهنا من الضروري ان نتسائل : هل المرأة الكردية عامة والحركات النسائية بصورة خاصة فكرت في طريقة التعامل مع العولمة؟ وماذا انجزن لكي يجعلن من قضية المرأة الكردية قضية عالمية , وخاصة ان التقدم التكنلوجي كما ذكرنا وفر لنا فرصة جيدة , هذا عدا عن ان هناك مجموعة من النساء الكرديات يعشن خارج كردستان الذي يكون عاملاً مساعداً للقيام بخطوات في هذا المجال , وخاصة بعد الاجتماع العالمي الذي عقد في مونتريال (كندا) والذي ساهمت فيه مائة وأربعين عضواً يمثلن خمسة وستين بلداً في العالم , وذلك بهدف المشاركة في المسيرة الكبرى التي من المقرر القيام بها عام (2000) , والتي تشارك فيها ممثلات عن اكثرية بلدان العالم , فهل الحركات النسائية في كردستان قامت بمحاولات استغلال هذه المناسبة والمشاركة فيها دون الالتفات الى اختلاف الايدلوجيات ؟ والى أي مدى ابدين استعداداهن لانقاذ المرأة الكردية من حالة التخلف الثقافي التي تعاني منها , وايصالها الى مرحلة من الثقافة والتعليم يتمكن من تفهم وشرح (الانسان الافضل ) , وماذا يكون مستقبل الحركة التحررية للمرأة الكردية ؟ وماذا انجزن لمستقبل التعليم ( والذي يتطلب كخطوة اولية الاستئصال الالزامي للأمية ), ولتغيير المفاهيم والعادات التي فرضتها البيئة والحالة الاقتصادية والتي تدفع المرأة ضريبتها . ماذا فعلن وكيف واجهتها؟ .
ان الاجابة على هذه الاسئلة ومعالجة مضاعفاتها امر بديهي لدى الكثيرين , ومعالجة بعضها في المستقبل القريب امر مستحيل . ومن هذا المنطلق من الضروري اعادة النظر في مفهوم حرية المرأة كان تقول حرية المرأة ليست مهمة بقدر اهمية اعادة بناء المرأة بقيم جديدة . وحينذاك يمكن ان تكون المرأة عنصراً فعالاً في المجتمع , وكذلك من الضروري اعادة النظر في اساس المساواة باسلوب نظري بدلاً عن اسس الاختلاف وحق الشراكة في القوة , لان التقدم الكبير الذي يشهده العالم اليوم في سجلات العولمة تدفع بالمرأة الى خوض حرب قاسية وستحصل على فرص مؤاتية للتحرر , ويضع السلاح في متناولها ويقول المرأة يجب ان تحرر نفسها بنفسها .
شباط / 2000
ترجمة:حسن عبدالكريم.[1]