عمر يحي احمد
المقدمة
الأقليات هي مجموعات بشرية ذات سمات وخصائص تختلف عن مثيلاتها في مجتمع الأكثرية، ولكل أقلية منها سمات قومية أو إثنية أو دينية مشتركة بين أفرادها تختلف الأقليات فيما بينها نوعاً وهوية وانتماء، كما تأخذ تسميات مختلفة مثل: جالية أو فئة أو طائفة أو ملة أو فرقة أو مجموعة وغيرها من تسميات تدل في الغالب على جذور الأقلية وأصولها، وهويتها الاجتماعية والبشرية. وتنضوي تحت مفهوم الأقليات أنماط وأنواع مختلفة منها: الأقلية العرقية والأقلية الدينية والأقلية اللغوية والأقلية المذهبية والأقلية القبلية العشائرية والأقلية الإقليمية والأقلية الثقافية والأقلية السياسية والأقلية الاقتصادية الاجتماعية والأقلية القومية المتعددة الجذور. وما عداها مشتق منها ومتفرع عنها أو جامع لها بصيغة أو بأخرى، مثل القول بأقلية إثنية أو عنصرية وغير ذلك. ومع ذلك فإن الأقليات العرقية والإثنية العنصرية، هي والأقليات الدينية المذهبية، أكثر أنماط الأقليات ظهوراً في العالم، وتكمن وراء أغلب الصراعات التي تنشب من حين إلى حين بين الأقلية والأكثرية في بلد ما مثل الاكراد .
يمثل الأكراد أحد أهم الاقليات في منطقة الشرق الأوسط وقارة آسيا حيث يتوزع الأكراد بين مجموعة من الدول في كل من تركيا العراق ارمينيا إيران سوريا ومناطق أخرى ، يجئ هذا البحث متناولاً مشكلة الأكراد في إيران يسعي هذا البحث إلي التعرف علي أسباب الصراع بين الإيرانين والأكراد مع عرض التوزيع الجغرافي وواقعهم الإجتماعي والسياسي كما سيتعرض أهم مطالب الكراد في إيران ، ومن جانب أخر يتناول البحث أثر الأكراد علي الأمن القومي الإيراني وانعكاس هذه المشكلة دولياً ، فيما يستعرض المحور الأخير الرؤية المستقبلية لمشكلة الأكراد في إيران .
أولاً : خلفية عن الأكراد الإيرانين
يؤكد علماء الأجناس وتاريخ المجتمعات البشرية بأن الأكراد هم من الشعوب الإيرانية الرئيسية، ولقد التبست معرفة الأكراد على كثير من علماء التاريخ وعلماء الأجناس في بدايات العهود الإسلامية ، ويبدو إن أرائهم قد أخذت إتجاهين :
1. إذ دمج الكثير منهم الأكراد بالفرس ولم يميزوا بينهما كمجموعتين بشريتين متمايزتين.
2. في حين أن البعض الآخر وصف الأكراد بأنهم الطبقة الحاكمة لإيران .
يعتبر الأكراد من اقرب الشعوب ثقافياً ولغوياً إلى الفرس، إذ أن اللغة الكردية هي توأم اللغة الفارسية، وعلى الأرجح أن الأكراد والفرس تمايزا تاريخياً وانبثقا من شعب واحد، وظلا مترابطين ضمن حضارة وإمبراطورية واحدة هي ( الإمبراطورية الميدية ) ومن ثم الأخمينية ، اكتسب الأكراد خصوصيتهم كشعب مستقل في سياق تمايز وتفاعل وتطور المجتمعات البشرية في مرحلة تعود إلى ما قبل الميلاد بعدة قرون، استمرت علاقة الشعبين الفارسي والكردي مميزة، وجاء تميزها من علاقات الجوار الجغرافي والجزورالثقافية واللغوية المشتركة، وتوطد العلاقات إبان المراحل الأولى للإمبراطورية العربية الإسلامية، التي جمعت الشعبين من جديد في ظل إمبراطورية دينية ( الدولة الإسلامية ) .
أما في المراحل المتأخرة من هذه الإمبراطورية فقد برز عامل تمايز وربما تفارق آخر بين الشعبين الكردي والفارسي وتجسد ذلك بالخصوصية المذهبية الدينية لكل منها، وترتب على ذلك حسن علاقة الأكراد مع العثمانيين الأتراك على حساب علاقاتهم التاريخية والثقافية مع فارس.فالأكراد عمليا كانوا من مؤسسي الخلافة العثمانية وربما شكلوا خلفيتها وعمقها الأيديولوجي المذهبي (السني).
نتيجة لمجمل الأوضاع والصراعات الدائرة في العالم الإسلامي، شكل الأكراد قبل خمسة قرون طرفاً ثالثاً وكتلة بشرية ورقعة وجغرافية عازلة بين كل من :
1. العثمانيين الأتراك حملة راية (المذهب السني) .
2. والفرس الصفويين حملة راية (المذهب الشيعي)، على خارطة أيديولوجيات تلك المرحلة.
انقسمت مناطق الأكراد وبلادهم رسمياً وقانونياً بين السلطتين العثمانية والصفوية بعد ( معركة جالديران )عام1514، وثبت خط الحدود رسميا بموجب معاهدة ذهاب عام 1639م.
ونتيجة لهذه الاتفاقات انقسم الكيان الكردي سياسيا وثقافياً، وتأرجح بين الولاء من جهة والعداء من جهة أخرى لكل هاتين الدولتين المتصارعتين سياسيا ومذهبيا، مما كان له الأثر الأول في التباعد الكردي الفارسي، السياسي والثقافي.
على الرغم من هذه الظروف فقد ظل دور الأكراد أساسيا في الحياة السياسية والاجتماعية لإيران طوال القرون الأربعة الأخيرة، بل أن أغلب الإيرانيين يؤكدون على فضل الأكراد على بقاء إيران كبيرة وقوية بهذا الشكل، ويذكرون على وجه الخصوص دور الإمبراطور (نادر شاه) الذي وحد إيران وطورها ووضع بنيان وحدود دولتها المعاصرة.إبان الحرب العالمية الأولى ونتيجة زيادة تأثير ونفوذ السياسة المباشرة لدول أوربا على إيران من جهة، وإعلان دول الحلفاء عن مبادئهم الأساسية في دعم استقلال وتحرر الشعوب الخاضعة للسلطة العثمانية من جهة أخرى، تفاعلت القوى السياسية الكردية مع هذه الأوضاع، ونهلت من هذه المفاهيم والشعارات، حيث سبق لها المطالبة بالتحرر، وبشكل من أشكال الاستقلال عن السلطتين العثمانية والإيرانية إلا أن القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى لم توحد الأكراد على الأرض، ولم تساعدهم على انجاز استقلالهم السياسي، على الرغم من توقيع معاهدة سيفر 1920 التي دعت لاستقلال كردستان بوضوح وما حدث على أرض الواقع كان النقيض، فبدلاً من أن توحد القوى العظمى التي كانت تحتل المناطق الكردية وتركيا وإيران الأكراد، قامت بإعادة توزيع المناطق الكردية على دول جديدة مستحدثة، ومن ثم طويت صفحة كردستان المستقلة مع معاهدة لوزان 1924.
إلا أن هذه السياسات للمركز تجاه الأكراد لم تقوض أمانيهم في الاستقلال، واستمرت حركات الأكراد السياسية في العمل من أجل التحرر وتقرير المصير، ولم يقتصر ذلك على الأكراد الذين كانوا تحت حكم العثمانيين سابقا، وإنما أيضاً شمل أكراد إيران الذين تحدد وجودهم داخل إطار إيران المعاصرة بشكل نهائي. وهنا لابد من الإشارة والتذكير بأن التمييز ضد الأكراد أقل في إيران المعاصرة، لكن النزعات الاستقلالية القومية كانت تتفاعل مع المعاناة الاجتماعية والفقر وبؤس المناطق الكردية لتتبلور على شكل دعوات صريحة للتحرر عن سلطة طهران المركزية.
ثانياً : التوزيع الجغرافي للأكراد في إيران :
يتمركز أكراد إيران جغرافياً في المناطق الغربية منها، وتبدأ حدود هذه المناطق من سفوح جبال زاغروس على مشارف الخليج العربي باتجاه الشمال، أي من حدود مدينة الأكراد (شهركرد) باتجاه (خرم آباد) وإلى (كرما نشاه) التي تعتبر العاصمة الرسمية لإقليم كردستان حسب التوزيع الراهن للأقاليم في إيران، وهذه المناطق هي موطن الأكراد الشيعة. ثم تتواصل وتتداخل مع المناطق الكردية شمالاً باتجاه ستندج ومريوان، بانه وسقز ومهاباد وهي مراكز حضرية لمناطق الأكراد السنة.
تمتد وتتسع جغرافية المناطق الكردية شمالاً لتصل إلى أورمية، وبالتالي إلى حدود أذربيجان وارمينا في أقصى شمال غرب إيران. فالأكراد يتواجدون بشكل رئيس غرب إيران في مناطق سكناهم التاريخية المتصلة أصلا مع مناطق أكراد العراق وأكراد تركيا. إلا أن الكتلة الثانية من الأكراد تتواجد في شمال إيران على حدود تركمانستان ويعرفون ب (أكراد خراسان)، ويستقرون في مناطق: (قوجان وشيروان) التابعة لمدينة مشهد، وهؤلاء كانوا في الأساس سكان جبل الأكراد في جوار مدينة حلب السورية، حيث نقلهم الشاه إسماعيل الصفوي إلى هنالك قبل أربعة قرون تقريباً، كما ورد ذكره في بعض المصادر التاريخية، وهنالك روايتان تجتهدان لتفسير هذه الهجرة :
الأولى: هؤلاء الأكراد كانوا شيعة، لذلك تم نقلهم إلى هنالك ليشكلوا سداً بوجه التركمان(السنة)، ولكي لا تبطش بهم السلطة العثمانية .
الثانية : أنهم تشيعوا بعد نقلهم إلى خراسان. ومن المؤكد أن أصلهم من محيط مدينة حلب، لأنهم مازالوا يتحدثون اللغة الكردية اللهجة الكرمانجية الشمالية الغربية (لكن أكراد جبل كرداغ بجوار حلب) غير المستخدمة بين أكراد كردستان الإيرانية.
ثالثاً : الواقع الإجتماعي للآكراد في إيران :
ينتشر الأكراد بكثرة ومندمجون حاليا في المجتمع الإيراني بصورة نسبية ، وثمة مؤشرات تشير إلى تقبل واحترام عام من قبل الشعوب الإيرانية للأكراد، وبذلك يشكلون ثقل سكاني وسياسي وثقافي داخل إيران، ويتواجدون أيضا وبنسب عالية في مدن: طهران، مشهد وأصفهان وشيراز، ويقدر مجموع عدد الأكراد حالياً في إيران بحوالي عشرة ملايين نسمة .
حسب المصادر الرسمية يشكل الفرس 51% من السكان البالغ عددهم قرابة 70 مليون نسمة، في حين يشكل الأذريون 24% والجيلاك المازندارنيون 8% والأكراد 7% والعرب 3% واللور والبلوش والتركمان 2% لكل منهم، وبقية العرقيات 1% من السكان. هذه الأرقام قد تزيد وتنقص حسب مصادر بعض هذه القوميات التي تدعي أرقاماً أعلى من تلك الأرقام الرسمية.
يتميز المشهد القومي والإجتماعي الإيراني بتداخل ما بين المذهبية والقومية كما أن امتداداتها الجغرافية الإقليمية تضيف إليه بعدا إقليميا مما يجعل الأمر غاية في التعقيد فمعظم الأقليات العرقية في إيران يقطنون المناطق الحدودية, فالعرب في الجنوب والجنوب الغربي، والبلوش في الجنوب والجنوب الشرقي، والتركمان في الشمال والشمال الشرقي، والأذريون في الشمال والشمال الغربي وأجزاء في الوسط، والأكراد في الغرب.
يشكل معظم الفرس والأذريون والجيلاك والعرب معظم الشيعة، فيما يشكل الأكراد والبلوش والتركمان وبعض العرب والفرس في الأقاليم الجنوبية والشرقية سنة إيران الذين يدعون أن نسبتهم تفوق 20% وينتقدون سياسات التضييق والتجاهل المتعمد من قبل الحكومة المركزية في طهران خصوصا في فترة ما بعد الثورة الإسلامية التي طالما رفعت شعار الوحدة الإسلامية.
رابعاً : الواقع السياسي للأكراد في إيران :
في الجانب السياسي وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى خابت آمال الأكراد الاستقلالية في إطار إيران أيضا، وبسط رضا شاه سلطة طهران المركزية على كافة المناطق الكردية، وساد الصمت الأوساط السياسية والاجتماعية الكردية، إلى أن قامت الحرب العالمية الثانية، وإثر دخول قوات الحلفاء إلى إيران واضطراب الأوضاع السياسية في المنطقة عموما، تحركت القوى السياسية الكردية وخاصة (منظمة كوموله) للسعي إلى الاستقلال.
فقد تحالف الأكراد مع الأذربيجانيين بدعم وتشجيع من الاتحاد السوفيتي حينئذ، وأعلنوا الاستقلال عام 1946 حيث أسست جمهورية كردية في مهاباد بقيادة القاضي محمد، وعرفت بجمهورية مهاباد الكردية، وبسطت سلطتها على قسم كبير من مناطق الأكراد الرئيسية في غرب إيران. وخلال أقل من سنة انسحب السوفيت من إيران، وكذلك بريطانيا، واتفقوا على إعادة مركزة السلطة في طهران ودعم الشاه رضا. وعادت القوات الحكومية لقمع الاستقلال الكردي واجتاحوا مهاباد العاصمة عام 1947. ومن ثم تم إعدام أعضاء الحكومة، ورئيسها قاضي محمد في ظل صمت بريطاني سوفيتي دولي مشترك.
خيم الصمت والأسى على أكراد إيران من جديد وظل نضالهم السياسي في حدوده الدنيا بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وذلك طوال عشرين عام (1947 1967). إلى أن تصاعد النضال السياسي الكردي خلال السبعينات، وتفجرت عام 1978على شكل انتفاضة جماهيرية، وكان للقوة الكردية السياسية والعسكرية دور رئيس في إسقاط نظام الشاه بالتحالف مع مجاهدي خلق والحزب الشيوعي الإيراني (توده).
واقع الأكراد السياسي بعد الثورة الإيرانية :
اثر سقوط نظام الشاه رحب الأكراد بحكم الإمام الخميني وتحالفوا معه حتى استقر الوضع لصالح النظام الجديد. وسرعان ما برز الخلاف بين الأكراد والسلطة الدينية في طهران للاسباب الأتية :
اولاً : الخلاف حول طبيعة الحكم الذاتي لكردستان إيران، وتحول الخلاف إلى صراع سياسي عسكري حيث هاجمت القوات الحكومية وخاصة(حرس الثورة) على المناطق الكردية، دارت حرب حقيقية طوال أعوام 1979 1983 وكانت شرسة ودامية، إذ ذهب ضحيتها أكثر من عشرة آلالاف كردي، أغلبهم من المدنيين الذين حكموا بالإعدام من قبل محاكم مذهبية شكلية بقيادة (قاضي الشنق) آية الله صادق خلخالي.
ثانياً : اغتيال قائد الحزب الديمقراطي الدكتور عبدالرحمن قاسملو في الجلسة الأولى من المفاوضات عام 1989عند نهاية الحرب العراقية الإيرانية تفاوض أكراد إيران ممثلين بالحزب الديمقراطي الكردستاني مع حكومة طهران، ومن ثم اغتيل لاحقا خلفه صادق شرف كندي، فكانت خاتمة دموية للمفاوضات السلمية .
بالتوازي مع ذلك مارست طهران سياسية مرنة تجاه كردستان إيران في عهد رفسنجاني، ثم تطورت هذه السياسة إلى سوية أكثر ليبرالية في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، حيث منحت بعض الحقوق الإدارية لكردستان، وتم الاهتمام بالثقافة واللغة الكردية إلا أن الوقائع تشير إلى استمرار الاضطهاد السياسي المركب (مذهبي قومي) تجاه أكراد إيران، كما أن الوعي القومي الكردي أصبح أكثر تجذراً، وتنوعت القوى السياسية الحاملة للمشروع القومي الكردي في إيران. اليوم وإثر ظهور البوادر الأولى لصراع غربي (أوروبي أمريكي) مع السلطة الحاكمة في طهران، تبدو الأوساط الكردية في إيران قلقة، وعلى الأرجح أن أكراد إيران سيخرجون عن صمتهم، الذي دام في دورتها الأخيرة أكثر من عقدين من الزمن، وكان صمتهم هذا يتداخل مع سكوت العالم ممثلا بإعلامه ومؤسساته الحقوقية والإنسانية اتجاه ضياع حقوق عشرة ملايين كردي، في الوقت الذي يتعالى الضجيج صباح مساء حول دورة اليورانيوم وتخصيبها المشؤوم في إيران.
خامساً : مطالب الأكراد في إيران
1. يقول أكراد إيران أنهم يتعرضون لاضطهاد منظم من السلطات الإيرانية .
2. يحظر عليهم تعلم اللغة الكردية في المدارس .
3. يواجهون تقييدات في نشر الأدب الكردي وأن ما يصدر من منشورات كردية يصدر بإشراف المخابرات، وذلك برغم أن البند 15 من الفصل الثاني ينص على حق الأقليات في استعمال لغاتها في المجالات التعليمية والثقافية.
4. يرى الأكراد أن هناك تمييزا ضدهم في فرص العمل والقبول في الجامعات، وأن من يشغل المناصب العليا في المناطق الكردية هم من غير الكرد .
5. ضعف التنمية وأن مناطقهم هي الأقل من حيث التنمية والتأهيل والأعلى من حيث البطالة، وأن الكردي مهمش بشكل كبير ولا يسمح له بالتعبير السياسي الحر عن نفسه، حيث تقوم السلطات بإعاقة تشكيل الأحزاب الكردية.
مطالب الحزب الديموقراطي الكردستاني في إيران :
(1) يتمتع الشعب الكردي في إيران بالحكم الذاتي في إدارة شؤونه المحلية، ويحصل على الحكم الذاتي ضمن إطار الدولة الإيرانية.
(2) تكون اللغة الكردية لغة التعليم واللغة الرسمية في دواوين الحكومة.
(3) ينتخب المجلس التشريعي المحلي أولاً، بحسب أحكام الدستور الإيراني، ويكون له حق الإشراف والرقابة في كل أمور الدولة العامة.
(4) الموظفون الرسميون يتم اختيارهم من الأكراد.
(5) تتحقق المساواة القانونية بين الفلاحين والملاك ويضمن مستقبلهما معاً.
(6) يقوم الحزب الديموقراطي الكردستاني ببذل جهود خاصة لتحقيق الوحدة والأخوة التامة مع الشعب الأذربيجاني وغيره من الشعوب، التي تعيش في أذربيجان كالأشوريين والأرمن.
(7)يجاهد الحزب في تحسين ورفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي للشعب الكردي، باستغلال مصادر الثروة الطبيعية الكثيرة في كردستان، ويعمل على تطوير الزراعة والتجارة ورفع مستوى الصحة والتعليم.
8. يأمل الحزب في أن تكون الشعوب الإيرانية قادرة على العمل لأجل رفاهها، وفي سبيل تقدم البلاد الإيرانية ككل
سادساً : الموقف الإيراني من المشكلة الكردية :
يتضح من خلال مراجعة التعامل الرسمي لطهران مع ملفاتها العرقية يلاحظ أنها آثرت التعامل بجدية مع أي نزعات عرقية متطرفة وتحجيم التطلعات العرقية عبر مطاردة وتضييق الخناق على التيارات التي تتحرك وسط الأقليات بأطروحات تعتبر عدائية للحكومة المركزية لقد دأبت الحكومات الإيرانية خلال الثمانين عاما الأخيرة التي استلم فيها الفرس البهلويون دفة الحكم من الأتراك القاجاريين، على ترسيخ الهوية الإيرانية المتمثلة في اللغة والتاريخ والثقافة الفارسية والمذهب الشيعي خصوصا في فترة ما بعد الثورة الإسلامية عام 1979.
غير أن هذا التوجه أدى إلى إيجاد الكثير من عدم الثقة لدى العرقيات الأخرى وصل إلى حد المواجهات الدموية في فترات مختلفة من تاريخ إيران المعاصر لقد حاول الأكراد إقامة جمهوريتهم عام 1946 باسم جمهورية مهاباد غربي إيران غير أنها سقطت بعد 11 شهرا وتم إعدام قادتها وبقيت المعارضة الكردية اليسارية فعالة ضد طهران في حقبتي الشاه والثورة الإسلامية إلا أن معظم بقية قادتها تمت تصفيتهم من قبل المخابرات الإيرانية في الغرب.
يتم التضييق والمطاردة تجاه أكراد إيران تحت مسميات كثيرة مثل مكافحة التيارات الشيوعية والوهابية والعمالة للمخابرات الأجنبية ومكافحة التهريب والمخدرات خصوصا في الحالة البلوشية حيث تنشط فيها تجارة المخدرات وتهريبها من باكستان وأفغانستان.
يتعرض المقاومون الأكراد الذين يطالبون بالحكم الذاتي إلى حملة قمع دامية وشرسة كان من جملتها اغتيال الدكتور عبد الرحمن قاسملو بمدينة فيينا في يوليو 1989 مع اثنين من رفاقه على ايدي عناصر من المخابرات الأيرانية. ويعتقد ان الرئيس محمود أحمدي نجاد كان أحد المتورطين في عملية الاغتيال.
تواصل القوات الإيرانية منذ عدة أشهر سلسلة من أعمال القصف للقرى الكردية القريبة من شمال العراق بدعوى ملاحقة الإرهابيين من الانفصاليين الأكراد.
سابعاً : إنعكاس المشكلة الكردية علي الأمن القومي الإيراني :
شكل الأكرد أحد أهم مصادر الخطر الداخلي على النظام الديني الحاكم في إيران خصوصاً في المرحلة الحالية التي تعصف فيها بإيران رياح صراعات خارجية وداخلية لا تحصى وهذا الأثر يبدو إنه قد أخذ بُعدين من مهددات الأمن القومي الإيراني :
على الصعيد الخارجي: تواجه إيران معضلات بفعل توتراتها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي والإقليمي حول برامجها النووية والصاروخية وتدخلاتها في العراق وأفغانستان ولبنان، إضافة إلى سجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان.
أما على الصعيد الداخلي: فإنها تواجه أزمات معيشية واقتصادية متصاعدة بفعل العقوبات الأميركية والعزلة السياسية والاقتصادية المفروضة عليها. وفي خطوة دراماتيكية أخرى، أصدر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تعليمات لكبرى البنوك في بلاده بسحب مدخراتها وودائعها من البنوك الأوروبية وتحويلها إلى البنك المركزي الإيراني تحوطاً من احتمال فرض عقوبات دولية على حكومته.
تكتسب الحالة الأكردي في إيران اهتماماً خاصاً. فانفجار المشكلة الكردية في دولة مرهقة ومتخمة بالمشكلات مثل إيران، سيؤثر حتماً لا على مجمل الأحوال السياسية فيها فحسب بل أيضاً على مصير نظامها السياسي. في الواقع تحاول الحكومة نزع فتيل الانفجار الكردي. لكن المشكلة أنها لا تنظر في المعالجة الصحيحة القائمة على السياسة والتنمية والحوار، إنما تنظر في وسائل القمع والسحق بحق الأكراد وباقي المكوّنات التي لا تتفق في الإثنية والدين والمذهب مع النظام الإيراني.
بسبب تاثير الاكراد علي الأمن القومي الإيراني تواصل السلطات الحكومية سياسة كتم الأفواه وغلق الصحف واعتقال الناشطين في مجال حقوق الإنسان في المناطق الكردية حيث ألقت السلطات القبض على محمد صادق كابواند رئيس منظمة حقوق الإنسان في كردستان رئيس تحرير صحيفة (بيام – الرسالة) الأسبوعية بتهمة الترويج لدعايات مضادة ضد النظام. في حادث آخر، نفّذت حكم الإعدام شنقاً بحق شاب كردي معارض جرى تعليق جثته في شوارع مدينة سنندج.
اندلعت تظاهرات كبيرة في مهاباد وسنندج وسقز وبانه قتل فيها نحو عشرين متظاهراً، كما أصيب ضعف هذا العدد بجروح. في ما بعد، تواصلت التظاهرات لأكثر من شهر، حيث اعتقلت السلطات المئات من المتظاهرين بينهم صحافيون جرى إعدام عدد منهم. أصدرت المحاكم الإيرانية قراراً منعت بموجبه صحيفة (آشتي) ومجلة (آسو) الكرديتين من الصدور بتهمة تحريضهما المواطنين على التظاهر.
يشار إلى أن منظمة العفو الدولية نشرت تقريراً قالت فيه إنها تخشى من تصاعد القمع الذي يتعرض له الأكراد في إيران، خصوصاً العاملين منهم في الوسط الصحافي، مشددة على أن الأكراد يعانون في إيران من الاضطهاد في حياتهم السياسية والثقافية والاجتماعية. كما أن مناطقهم تعاني الإهمال والتمييز.
يمثل الأكراد عاملاً مؤثراً في الوضع الداخلي الإيراني نظراً لتعدادهم السكاني الكبير حيث يشكلون ثالث قومية كبيرة في إيران بعد الآذريين الذين يفرضون هيمنتهم الاقتصادية على البازار، والفرس الذين يديرون دفة السياسة والثقافة في البلاد. كما أن مناطق انتشار أكراد إيران تتاخم أجزاء أخرى من كردستان في العراق وتركيا حيث ينشط الأكراد في المطالبة بالاستقلال الذاتي.
ثامناً: الخيارات المتاحة أمام الأكراد الإيرانين:
في الوقت الحالي تتجه إيران لمرحلة جديدة من التوترات مع الولايات المتحدة الأميركية في ظل رئيسها باراك أوباما، فيشعر الأكراد بأن خيارات عدة أصبحت متاحة أمامهم :
الأول: التحالف مع التيارات الإصلاحية في الانتخابات لتلاجيح كفة الإصلاحيين على حساب التيارات المتشددة كما حدث في عام 1997 حينما صوت الأكراد بشكل عارم لصالح الرئيس الإصلاحي المعتدل الدكتور محمد خاتمي.
الثاني: التوجه لتطوير حركتهم المسلحة. هذا الاحتمال في حال تحققه، يمكن أن يخلق فرصة كبيرة للتحالف مع مجموعات إيرانية معارضة، خصوصاً منظمة مجاهدي خلق التي تعاني من الافتقار إلى المساحة الجغرافية التي تأويها داخل إيران ما يزيد هذا الاحتمال أن حزب الحياة الحرة الكردستاني الذي يقود العمليات المسلحة يشدد على الدوام على رغبته في العمل مع بقية الأطياف الإيرانية من أجل بناء دولة فيدرالية ديموقراطية موحدة.
الثالث: التحالف مع أي قوة إقليمية أو دولية تريد المس بالوضع الإيراني الراهن كالولايات المتحدة الأميركية أو الدول المتحالفة معها في المنطقة. في هذه الحالة، يمكن للوضع الكردي أن يحض بقية المكونات الاثنية والدينية والمذهبية في إيران للشروع بدورها في زعزعة الوضع الداخلي الإيراني.
يتضح أن الخيارات الثلاثة متاحة أمام الأكراد والأرجح أنهم سيلجئون إلى اختيار الأنسب منها بحسب السياسة التي ستنتهجها الحكومة ضدهم. فالوطنية، في المعتقد الكردي، تظل في النهاية محكومة بدرجة المسؤولية التي تبديها الأنظمة الحاكمة في احترام الأكراد والاعتراف بهويتهم الذاتية وقبول دمجهم طواعية في الهويات الوطنية.
تاسعاً : الإنعكاسات الدولية للمشكلة الكردية في إيران :
تزداد الضغوط الدولية على ايران وتشدد العقوبات عليها، يبقى التركيز على ملفها النووي المثير للجدل وتصريحات رئيسها محمود احمدي نجاد ضد اسرائيل. الا ان مجموعات مختلفة داخل ايران وخارجها تحاول جلب انتباه المجتمع الدولي الى قضايا حقوق الانسان ومصير الاقليات في ايران، وجعله جزءاً من الملفات المثارة في النقاشات الدولية حول ايران. وعلى رأس الاحزاب والحركات التي تريد جعل حماية حقوق الانسان من بين الاولويات في التعامل مع ايران هو «الحزب الديمقراطي الكردستاني الايراني»، الذي يرى ان هذا هو المدخل لضمان حقوق الاكراد في ايران. وبعد تخلي الحزب، كغيره من الاحزاب الكردية في المنطقة، عن فكرة الانفصال الكامل عن الدولة .
يعمل الأكراد على جعل قضية حقوق الانسان وحماية الاقليات ضمن اجندة الدول الكبرى الخارجية في الضغط على ايران. وقام عضو المكتب السياسي في الحزب والناطق باسمه خالد عزيزي بجولة خارجية، شملت واشنطن ولندن وبروكسل، حيث التقى باعضاء الكونغرس الاميركي والبرلمانيين البريطاني والاوروبي لحثهم على الانتباه لقضايا الاقليات وحقوق الانسان في ايران في وقت تزداد الضغوط على النظام في طهران. وكان على رأس اجندة عن امكانية «جعل ايران دولة فيدرالية مما يضمن وحدتها وحقوق الاقليات».
ان الحزب «يتمتع بعلاقات جيدة مع كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني في العراق وعلاقتنا جيدة مع حكومة اقليم كردستان العراق التي تسمح له بالعمل من اراضيها». و ان هناك خطوات ملموسة يطالب بها الاكراد للتمهيد لاعطائهم حقوقهم في ايران
يتضح أن حكومات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة و الاتحاد الاوروبي تري ان الحوار مع إيران يجب إن يشمل قضية حقوق الانسان واجندة الديمقراطية في نزاعها مع ايران في ما يخص عملية تخصيب اليورانيوم فان جعل احترام حقوق الانسان على اجندة المجتمع الدولي سيجعل الشعب الايراني يشعر بأن لديه مصلحة في هذا النزاع وان ينتبهوا لما يقوم به النظام ، من جانب أخر فإن النظام الايراني يشعر بأنه حر ليفعل ما يشاء لأن الشعب الايراني مهمش داخلياً وخارجياً. ويطالب المجتمع الدولي باصدار قانون جديد في مجلس الامن يلزم ايران باحترام حقوق شعبها والاقليات.
مستقبل المشكلة الكردية في إيران :
رغم النجاح الكبير الذي لعبته إيران في إيجاد الهوية الإيرانية ولو على حساب بعض حقوق الأقليات العرقية والمذهبية الأخرى فإن الضغوط الكبيرة التي تتعرض لها إيران حالياً وما يحدث حولها من تطورات سياسية واجتماعية وأمنية ، يبدو أن المشكلات العرقية التي كانت قد خمدت تحت رماد الأيام وجدت من ينفخ فيها، مما يجعل التحدي أمام طهران سافرا وقويا لترتيب العلاقة مع هذه الأقليات حفاظا على تماسكها العرقي وعدم السماح لأميركا باستخدام ورقة العرقيات ضدها في هذه المرحلة الحرجة من مواجهتها ضد الغرب.
تعاني الأقليات التي تقطن الحدود في معظم الحالات (خصوصا الأكراد والبلوش والعرب) من الفروق الواضحة من حيث مستوى المعيشة والتعليم وفرص التعليم والعمل والرعاية الصحية والاجتماعية إضافة إلى شعورهم بأنهم مواطنون من درجة ثانية أو ثالثة أحيانا.وتشير الكثير من الكتابات والتحليلات الإيرانية التي تتناول السؤال العرقي في إيران، إلى ضرورة التعامل الإيجابي مع هذا الأمر عبر المزيد من الاهتمام الحقيقي بهذه المناطق.
تشعر طهران بكثير من الارتياح من أن المعارضة الإيرانية الفارسية بكل أطيافها الليبرالية واليسارية واليمينية تقف ضد التوجهات الانفصالية والدعوات القومية للأقليات في إيران، وأن هذه التوجهات القومية للأقليات لا تجد آذانا صاغية لدى المعارضة سواء في الداخل والخارج.
ومن جهة أخرى تشعر طهران أن القوى الإقليمية مثل باكستان وتركيا لا ترحب بأي دعم أميركي للأكراد من شأنه تقوية النزعات العرقية في المنطقة. يبدو أن إيران حصلت على وعود واضحة من أكراد العراق بعدم السعي لإقامة كردستان الكبرى، كما أن التعاون الإيراني التركي لتضييق الخناق على حزب العمال الكردستاني يساعد إيران في تحجيم نشاطات المجموعات الكردية المسلحة في توجيه أي خطر جدي لطهران في المدى المنظور.
ومهما كانت أسباب الأزمة العرقية في إيران داخلية أم خارجية أم مجتمعة معا، فإن الحقيقة الجديدة هي أن التغيرات التي تشهدها المنطقة من حول إيران منذ الانهيار السوفياتي حتى الغزو الأميركي للعراق فتحت الملف العرقي في إيران بشكل أعمق وأوسع من أي وقت آخر.
فهل تكتفي طهران بإلقاء اللوم على أعدائها وتستمر في التعامل السطحي مع الملف العرقي، أم أنها تفوت الفرصة على واشنطن ولندن بالتعامل الإيجابي مع الملف عبر مزيد من الاهتمام بالأقليات القومية والاستجابة لبعض مطالبها.
السناريوهات المستقبلية :
يتضح إن هنالك مجموعة من السناريوهات المتوقعة مستقبلياً لمشكلة الكراد في إيران يمكن تلخيصها في اثنين من السناريوهات :
الأول سناريو الإحتواء
وهو يعني أن يتفق الأكراد مع السلطات الإيرانية حول أسس وقواعد عامة تحقق المتطلبات الأساسية التي ينادي بها الاكراد بمعني إحتواء الخلافات ودمج الأكراد في المجتمع الإيراني وإعتبار الأكراد مواطنين إيرانين لهم نفس الحقوق والواجبات ، ويبجب إن يمر هذا السناريو بثلاثة مراحل :
1. توفر الرغبة لكل من الطرفين لحل المشكلة .
2. تحديد نقاط الخلاف الرئيسة المراد إحتواءها .
3. إحتواء المشكلة بصورة تحقق القبول والرضا لجميع الأطراف .
الثاني سناريو التصعيد
وهذا السناريو يعني تصعيد مشكلة الاكراد داخل إيران ويبدو إن هذا السناريو سيأتي إذا فشل السناريو الأول ، يتضح إن سناريو تصعيد الخلاف سيمر بثلاثة المراحل :
1. توفر الرغبة لكل من الأطراف في تصعيد المشكلة لسبب من الأسباب .
2. مرحلة حشد القوة لكل طرف .
3. مرحلة التصعيد والصراع والمواجهة .
الاستاذ / عمر يحي أحمد ، جامعة الزعيم الازهري كلية العلوم السياسية و الدراسات الإستراتيجية.[1]