دراسات: عقد الجمان في تاريخ ناحية الزوزان: موقعها، حدودها، وقلاعها
دلدار ميتاني
باحث وناشط سياسي
مجلة الحوار – العدد /77/ -2021م.
تمهيد
لدى مراجعة المصنفات الجغرافية لفترة العهود الاسلامية للبحث عما يخص جغرافية كردستان ومن ضمنها إقليم بوتان تحديداً صادفنا في كثير من المرات ذكر لاسم ناحية / بلد الزوزان.
ولأهمية موضوع كان لابد من البحث والمتابعة لمعرفة موقع وحدود هذا البلد (بلد الزوزان) وعما يحتويه من قلاع وحصون ومعلومات.
ورد ذكر اسم (بلد الزوزان) وأحياناً بصيغة (ناحية الزوزان) عند العديد من البلدانيين والجغرافيين العرب والفرس أمثال: ابن مسكويه (932- 1030م) في كتابه (تجارب الامم وتعاقب الهمم) والمقدسي البشاري (945-990م) في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم). والإدريسي (1100-1166م) في (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) وابن الأثير (1160-1233م) في (الكامل في التاريخ)، وياقوت الحموي (1178-1229م) في (معجم البلدان).
موقعها وحدودها
كانت ناحية زوزان تشمل كامل اقليم بوتان (شرناخ، سيرت، هكاري) ومنطقة نصيبين الى جنوب بحيرة وان وحتى الساحل الغربي لبحيرة وان عند مدينة خلات. حدد ياقوت الحموي (1178 -1229م) موقع وحدود بلد الزوزان حيث نقل عن صاحب الفتوح وهو الواقدي (747-823م) وعن ابن الأثير الجزري (1160-1233م):
زوزان: بفتح أوله وثانيه ثم زاي أخرى، وآخره نون: كورة حسنة بين جبال أرمينية وبين أخلاط وأذربيجان ديار بكر والموصل، وأهلها أرمن وفيها طوائف من الأكراد؛ قال صاحب الفتوح لما فتح عیاض بن غنم الجزيرة وانتهى إلى قردی وبازبدي أتاه بطريق الزوزان فصالحه عن أرضه على إتاوة، وذلك في سنة 19 للهجرة؛ وقال ابن الأثير: الزوزان ناحية واسعة في شرقي من جزيرة ابن عمر، و أول حدوده من نحو يومين من الموصل إلى أول حدود خلاط وينتهي حدها الى أذربيجان إلى أول عمل سلماس، وفيها قلاع كثيرة حصينة، وكلها للأكراد البشنوية والبختية فمن قلاع البشنوية قلعة برقة وقلعة بشير، وللبختية قلعة جرذ قيل، وهي أجل قلعة لهم، وهي كرسي ملكهم، وآتيل وعلوس، وبإزاء الحراء لأصحاب الموصل ألقي وأروخ وباخوخه و برخو وكنكور و نیروه وخوشب (1).
🔴 قلاع ناحية الزوزان.
يذكر الواقدي (747 – 823م). أسماء مجموعة من قلاع والحصون حيث يقول: كان الحر بن صالح، تحت يده من القلاع: كواشي، الزعفران، وقلعة قفيز ودربیس وقلناس وببلون وأنشان واسطون، وابدا وجل والمنظوره وطماري وبان وكوكب، والسندية والدير وبابشری باكوكا، وباشهر والشريفة (2).
1- قلعة كواشي
ورد اسم القلعة عند أبي عبدالله الواقدي (747 – 823م) في معرض حديثه عن وصول طلائع جيش الاحتلال العربي الاسلامي الى جبل جودي بقيادة عياض بن غنم ( ؟-641م) يقول: فلما نزل عیاض عليها وزار هو ومن معه جبل الجودي وموضع السفينة ، وكان بجنبها أخباث كثيرة فكانت أهل تلك البلاد تنزح الأخباث ، وكان ملكها الجزيري صالح فأجاب وأطاع وكان يسكن بعاديا ، وكانت تحت يده كواس (3). والزعفران وقفيز ودربیس وأماكن كثيرة…
ورد اسم عند الاستاذ عبدالعزيز فياض حرفوش في تحقيقه لكتاب (تاريخ فتوح الجزيرة والخابور وديار بكر والعراق) بصيغة كواشي (4) وكتب في هامش الصفحة: كواشي: هي قلعة آروشت قرب جزيرة ابن عمر شرق دجلة على جبل الجودي وهي حصينة / مراصد الاطلاع.
اما ابن عَبْد الْحَقّ (1260 – 1338 م) يقول عن القلعة ما يلي:
كواشى: بالفتح وشينه معجمة قلعة حصينة بجبال شرقي الموصل ليس لها طريق لغير رجل واحد، كم أنه قديماً تسمى أردمشت (5).
2- قلعة فنك
موقع أثري مشهور في شمال مدينة جزيرة بوتان وتعرف اليوم عند الأهالي بخرائب فنك وكان من مصايف أمراء بوتان البدرخانيين، ترد ذكرها في الأغاني الشعبية الكردية وهو موقع أثري قديم ورد ذكرها عن ابن الأثير الجزري (1160-1233م) وياقوت الحموي (1178-1229م).
يقول ابن الأثير: سير أتابك زنكي جيشا إلى قلعة فنك وهي تجاور جزيرة ابن عمر بينهما فرسخان فحصرها أيضا وصاحبها حينئذ الأمير حسام الدين الكردي البشنوي. (6). أما ياقوت الحموي (1178 -1229م) فيذكر عن فنك مايلي:
فنك أيضاً قلعة حصينة منيعة لأكراد “البشنويّة قرب جزيرة ابن عُمر ولا يقدر صاحب الجزيرة ولا غيره – مع مخالطتهم للبلاد – عليها، وهي بيد هؤلاء الأكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلثمائة سنة، وفيهم مُرُوّة وعصبية، ويحمون من يلتجئ إليهم، ويُحسنون إليه (7).
3– قلعة بشير: من قلاع البشنوية الأكراد من نواحي الزوزان (8)
4- برخو: بالفتح، قلعة من قلاع ناحية الزوزان لصاحب الموصل (9).
5- باخوخا: بخاءين، قلعة من أعمال الزوزان لصاحب الموصل (10)
7- قلعة ألقي: ألقي حالياً أسم منطقة إدارية جبلية بالكامل وشديدة الوعورة تتبع محافظة شرناخ – إقليم شمال كردستان – وتعرف اسم المنطقة في اللغة الكردية (Elkê). ورد ذكرها عند ياقوت الحموي (1178 -1229م): ألقي: بالفتح ثم السكون، وكسر القاف، وياء: قلعة حصينة من قلاع ناحية الزوزان لصاحب الموصل (11).
ما معنى الاسم (Elkê) في اللغة الكردية؟
لم نعثر على شيء يخص الاسم في القواميس الكردية، ولكن أنا أعتقد أن (Elkê) أصلها من اسم (Elî) والكرد في منطقة بوتان وكثير من مناطق كردستان يلفظون اسم (علي – Elî) بصيغة (Elk) مع حذف حرف (î) لتخفيف وسهولة اللفظ و تستخدم (kê) لاحقة لغوية تفيد في صياغة الاسم و المعنى و أحياناً لدلالة على موقع أو مكان جغرافي.
8- الجديدة: بلفظ التصغير الذي قبله: اسم لقلعة في كورة النهرين التي بين نصيبين والموصل غالباً، وهي قلعة حصينة جداً، وأعمالها متصلة بأعمال حصن كيفا، ولها قرى و مزارع و أكثر زروعهم العذي (12)
9- قلعة خوشآب
“لوحة تمثل قلعة خوشاب سنة 1643 م”
قلعة شامخة تقع على هضبة قرب الطريق العام الرابط بين محافظة وان – هكاري. وخوشآب اسم كردي معناه «الماء العذب»، وهو بنفس الوقت أسم لقرية ونهر صغير يصب في بحيرة وان. ورد ذكر القلعة عند الحموي: خوشب: من قلاع ناحية الزوزان (13).
10- آتيل: قلعة بناحية الزوزان من قلاع أكراد البختية معروفة عن عز الدين أبي الحسن علي بن عبد الكريم الجزري (14).
11- باز الحمراء: قلعة من نواحي الزوزان التي للأكراد البختية (15).
12- قلعة قيمر: القَيمُرية قبيلة كبيرة ومعروفة منذ العهد الأيوبي وعرفت باسم قلعتها قَيمُر وهي مقر أمرائها وعاصمة إمارتها الوراثية، ولم تكن قلعة قَيمُر والقبيلة القَيمُرية المنسوبة اليها معروفة حتى أيام الأيوبيين، على الرغم من الشهرة التي نالتها في العهود اللاحقة (16)
حدد ياقوت الحموي (1178-1229م) موقع قلعة قيمر بين الموصل وخلات. وخلات تقع على الساحل الغربي لبحيرة وان قرب جبل سيپان في محافظة بدليس.
قیمر: بفتح القاف، وياء ساكنة، وضم الميم، وراء: هي قلعة في الجبال بين الموصل وخلاط؛ ينسب إليها جماعة من أعيان الأمراء بالموصل وخلاط وهم أكراد، ويقال لصاحبها أبو الفوارس (17) إلا أن المؤرخ صلاح الدين الصفدي (1296-1363م) حدد موقع قلعة قيمر بشكل أدق وحدد موقعها قرب سيرت في معرض حديثه عن الزعيم القيمري عماد الدين: عماد الدين القيمري، علي بن عيسى بن علي بن يوسف.
الأمير عماد الدين بن الأمير ناصر الدين بن الأمير سيف الدين أبي الحسن بن الأمير أسد الدين ابن أبي الفوارس القيمري الكردي بن صاحب قلعة قيمر. بطل الخدمة وأقام بالجبل مدة وتوفي بالنيرب سنة إحدى وثمانين وستمائة، ودفن بتربة جده سيف الدين تجاه مارستانه بالجبل وقلعة قيمر بقرب اسعرد (18).
13- قلعة نيروه: تقع هذه القلعة في محافظة دهوك – منطقة آميدي – اقليم جنوب كردستان العراق. وتقع تحديداً ما بين جبل شيرين وقرية زيوى، شمال شرق محافظة دهوك، ولم يبقى منها شيء سوى الاطلال وهي على هضبة في منطقة جبلية وعرة، زرتها سنة 2008، كما ورد ذكرها عند ياقوت الحموي: نيروه: من قلاع ناحية الزوزان لصاحب الموصل (19).
14- الهكارية: بالفتح، وتشديد الكاف، وراء، وياء نسبة: بلدة وناحية وقرى فوق الموصل في بلد جزيرة ابن عمر يسكنها أكراد يقال لهم الهكارية (20).
15– كنكور: قلعة حصينة عامرة قرب جزيرة ابن عمر معدودة في قلاع الزوزان (21).
16 قلعة وناحية گوركيل: تقع في جبل جودي وكان تسكن المنطقة سبعة عشائر كردية: شهريوري، شهريلي، گوركيل، أستورى، وشورش، نيويد كاون، هيودل (22).
17- قلعة أروخ: أروخ أسم عشيرة كردية وقرية وقلعة تقع في جبل كور قنديل الشامخ في سيرت. عند حافة نهر برواري والى الجهة الشرقية تطل قلعة أروخ الشهيرة التي لم يبقى منها سوى أطلال، كانت هذه القلعة آخر معقل لانتفاضة بدرخان بك حاكم إمارة بوتان واعتقل أمير بوتان في هذه القلعة وصفها المؤرخ شرفخان بأنها من أمتع قلاع كردستان وأحسنها (23).
🔴 المصادر
(1) ياقوت الحموي – معجم البلدان – المجلد الثالث – دار صادر بيروت 1977 – ص158.
(2) الأمام محمد بن عمر الواقدي: تاريخ فتوح الجزيرة والخابور وديار بكر والعراق – تحقيق عبد العزيز فياض حرفوش – دار البشائر للطباعة والنشر – بيروت، الطبعة الأولى 1996. ص235.
(3) أبو عبدالله الواقدي (فتوح الشام – الجزء الثاني) ضبطها وصححه عبداللطيف بن عبدالرحمن – منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية – بيروت . ص169.
(4) – نفس المصدر (2) هامش، ص235.
(5) – صفي الدين ابن عَبْد الْحَقّ البغدادي (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) -تحقيق وتعليق: محمد علي البجاوي – الجزء الثالث- دار الجيل، بيروت الطبعة الأولى 1992. ص1184.
(6) – ابن الأثير: الكامل في تاريخ – راجعه وصححه دكتور محمد يوسف الدقاق – المجلد التاسع – الطبعة الرابعة 2003- دار الكتب العلمية بيروت. ص339.
(7) – ياقوت الحموي – معجم البلدان – دار صادر بيروت 1977- المجلد الرابع – ص 278.
(8) – نفس المصدر السابق – المجلد الأول – ص (429).
(9) – نفس المصدر السابق – المجلد الاول – ص (375).
(10) – نفس المصدر السابق – المجلد الاول – ص (316).
(11) – نفس المصدر السابق – المجلد الاول – ص (246).
(12) – نفس المصدر السابق – المجلد الثاني – ص (115).
(13) – نفس المصدر السابق – المجلد الثاني – ص (456).
(14) – نفس المصدر السابق – المجلد الاول – ص (51).
(15) – نفس المصدر السابق – المجلد الاول – ص (321).
(16) – د. زرار صديق توفيق (القبيلة القَيمُرية الكردية في إقليم الجزيرة ودورها في بلاد الشام ومصر خلال العصر الوسيط) مجلة الحوار – العدد (70) صيف -2017 – ص60.
(17) – ياقوت الحموي – (معجم البلدان) – المجلد الثالث – دار صادر بيروت 1977 -المجلد الرابع – ص (424).
(18) – صلاح الدين الصفدي (الوافي الوفيات) – تحقيق: أحمد الأرنأووط – تركي مصطفى. دار إحياء التراث العربي، بيروت -الطبعة الأولى (2000) – المجلد (21) – ص251.
(19) – نفس المصدر السابق – المجلد الخامس – ص (331).
(20) – نفس المصدر السابق – المجلد الخامس – ص (408).
(21) – صفي الدين ابن عَبْد الْحَقّ البغدادي (مراصد الاطلاع على أسماء الأمكنة والبقاع) – تحقيق وتعليق: محمد علي البجاوي – الجزء الثالث – دار الجيل، بيروت الطبعة الأولى 1992. ص1182.
(22) – شرف خان البدليسي «شرفنامه في تاريخ الدول والإمارات الكردية» الجزء الأول ص143 الطبعة الثانية 2006 عن دار الزمان لطباعة والنشر والتوزيع، دمشق -سوريا. ترجمة الى العربية: محمد علي عوني، راجعه قدم له: يحيى الخشاب.
(23) – نفس المصدر السابق ص143.
[1]