وحدة الصف الكردي… بين الواقع والممكن!
محمد علي كيلا*
تناقل بعض الأطراف السياسية ونشطاء شبكة التواصل الاجتماعي وبعض محطات التلفزة خبر اللقاءات المكوكية الثنائية والثلاثية بقيادة المايسترو الأمريكي السيد وليام روباك ممثل الخارجية الامريكية بين مختلف أطراف الحركة الكردية في مدينة قامشلو لخلق أرضية مشتركة وإزالة تلك العقبات التي تعترض وحدة الصف الكردي، في وقتٍ تواجه فيه العالم بأسره حملة شرسة من جائحة كورونا «كوفيد-19» والتي باتت تُشكل خطراً حقيقياً، ليس فقط على الأرواح البشرية، بل تُهدد بانهيارات اقتصادية قد تُغير موازين القوى في العالم أجمع، وتفتح أبواب صراعات وصرعات جهنمية قد تحرق الأخضر واليابس معاً. ولا أستغرب ولأسباب عديدة أن تكون منطقة شرق الفرات أو ما بين النهرين أرض خصبة لاندلاع الشرارة الأولى لهذا الصراع، ومن ثم تُصيب لهيبها المناطق الأخرى حول العالم، بغية فرض نظام عالمي جديد يحدده المنتصرون، كما جرت العادة. حيث تضاف هذه الجائحة – كردياً – إلى مجموعة الفيروسات والأوبئة الأشد فتكاً والمصنعة في المختبرات العنصرية (تركية، عربية، فارسية) وظيفتها القضاء على الكُرد وطمس معالم وجودهم. مما يزيد ويضاعف من مسؤولية قادة الحركة الكردية في سوريا لضرورة التلاقي والتباحث معاً حول الظروف الموضوعية والذاتية لكُرد سوريا والمخاطر المحدقة بوجودهم على أرضهم التاريخية، ومن ثم اتخاذ قرارات وإجراءات هامة وتاريخية، من شأنها وضع القطار الكردي على السكة الصحيحة ووضع اللبنة الأولى في طريق التلاقي الكردي الأشمل، والارتقاء بالقضية الكردية إلى مستوى القضايا التي لا يمكن تأجيل حلّها حلاً عادلاً. لاسيما وهناك أمورٌ أساسية يجب أخذها بالحسبان، منها:
أولاً – على الرغم من أهمية الجهود الفعالة والمبذولة من أصدقاء شعبنا – وهي جهود مشكورة – على تحقيق التقارب والتلاقي الكردي – الكردي، إلا أنها تبقى منقوصة ومهددة بالفشل والانهيار إن لم يتوفر الإحساس والشعور بالمسؤولية العالية لدى قادة الحركة الكردية في سوريا بجعل قضية الكرد في سوريا فوق أي ارتباط آخر.
ثانياً- أسس التلاقي في مرحلة النضال الثوري التحرري تختلف كثيراً عن تلك الأسس في مرحلة إدارة المجتمع والمكتسبات التي تحققت في غمرة النضال، ليس فقط للحفاظ عليها، بل لتطويرها وتطعيمها بخبرات وعناصر تتمتع بمؤهلات مناسبة. حيث في الحالة الأولى يتوجب حشد كل الفعاليات والطاقات مهما كان حجمها في جبهة واحدة لتشكيل أكبر ضغط ممكن على العدو، أما في الحالة الثانية هناك ضرورة حيوية لديمومة الإدارة والمكتسبات، إذ يجب الابتعاد كلياً عن مبدأ المحاصصة الذي يحمل في طياته توزيع الغنائم والمناصب والمكتسبات والمنافع الحزبية أو الشخصية، والذي أثبت فشله وفشل مؤسسات تلك الدول التي اعتمدت هذا المبدأ، كما هو الحال في (لبنان، العراق، إقليم كردستان العراق)، ولكي نبتعد عن تلك التجارب الفاشلة علينا التركيز على:
– تشكيل هيئة أو مرجعية تكون بمثابة تمثيل سياسي للكُرد في سوريا، وتعتمد خطاب موحد حول القضية الكردية والقضايا الوطنية العامة، عبر عقد مؤتمر كردي عام في الداخل بمناطق الإدارة الذاتية، وتكون قراراته ونتائجه ملزمة للجميع.
– اتفاق الأطراف السياسية على دستور أو عقد اجتماعي يُحدد العلاقة بين الإدارة والمواطنين أولاً، وبين مختلف مؤسسات الإدارة، وإيجاد آلية لحسم أي خلاف قد يحصل بين تلك الإدارات والمؤسسات.
– الاتفاق على قانون انتخابي يضمن حق الجميع في التصويت والترشيح، وتشكيل هيئة مستقلة بالتوافق، من المختصين وذوي الخبرات، لمراقبة سير العملية الانتخابية، ولها حق الطعن ورفض النتائج وإعادة العملية الانتخابية بشكل جزئي أو كامل.
– الاتفاق على دعوة جهات صديقة وشقيقة لمراقبة العمليات الانتخابية دون أي إعاقة أو عرقلة لمراقبي تلك الجهات.
– الاعتراف بالفائز وتكليفه بإدارة المؤسسات ومراقبة سلوكه في الإدارة، وفضح عيوبه من قبل من لا يحالفه الحظ والتي تدعى بالمعارضة التي لها الحق في ملاحقة السلطة وفضحها والعمل على اقناع الشعب بأنه هو الأفضل في القيادة والخدمة.
نظراً لأهمية وحدة الصف الكردي في هذه المرحلة الحساسة، بالإضافة الى كونها أضحت مطلباً شعبياً وجماهيرياً، فلا يمكن تجاهلها، ومسألة ديمومتها وثباتها لا تقل أهميةً عن تحقيقها بصيغةٍ ما.[1]