ياسين الحديدي
كانت كركوك بحكم موقعها الجغرافي مركزا تجاريا هاما.حيث كانت محط القوافل التجارية التي تقصدها لشراء سلع وبضائع معينة أو بيعها.وكان رئيس هذه القوافل يدعى (كروانجي باشي)وكانت هذه القوافل بحاجة أثناء انتقالها بين المدن بحاجة إلى أماكن للراحة بعد عناء السفر.
وكانت هذه المحطات تدعى بالخان..كانت الخانات القديمة تحمل طابع الفنادق الحالية إضافة إلى طابع المراكز التجارية التي تعقد فيها الصفقات التجارية .كما كانت في الليالي مسرحا للقاء التجار القادمين من بلدان بعيدة حيث يتجاذبون أطراف الحديث عن الحالة الاجتماعية والثقافية لبلدانهم . وكانت جلسات السمر هذه وسيلة لتقارب الثقافات المختلفة بمختلف أبعادها . وكانت الخانات مخصصة للقوال حسب السلعة التي تود بيعها .لذلك اكتسبت خانات كركوك اسمها من تلك السلع فكان هناك (خورما خاني خان التمر،يوغورت خاني خان اللبن ،كومور خاني خان الفحم ، قاضي خاني خان القاضي ، ) وقد تجاوز عدد الخانات في كركوك الخمسة عشر خانا أشهرها (بلدية خاني خان البلدية،كمرك خاني خان الجمارك، أسعدبك خاني،كلباني خاني ،كاورلر خاني خان المسيحين ،جقور خان ،ده ده حمدي خاني ، أوقاف خاني صادق صراف خاني ،سيدعمر خاني ،قورية خاني . ويعتبر (هنديلر خاني خان الهنود ) أشهر تلك الخانات .
يقع هذا الخان في السفح الغربي من قلعة كركوك قرب (بويوك بازار السوق الكبير) بعد 15 متر من مدخل ( قازانجيلر بازاري سوق الصفافير ) .يعود تاريخ بنائه إلى عام 1875 .وقد أطلق على هذا الخان اسم (هنديلر خاني خان الهنود ) نظرا إقامة الهنود الذين كانوا يزورون الأماكن والعتبات المقدسة في العراق حيث اعتادوا على الإقامة فيها عند وصولهم إلى مدينة كركوك .
عند الدخول من باب الخان الواقع على الشارع الرئيسي من خلال طاق طويل تواجهنا ردهة فسيحة تؤدي إلى 16 إيوانا مزين حسب الموقع بقبة أو قبتين أو ثلاث . الطابق الأول من الخان مخصص لحفظ البضائع التجارية وتضم حظائر للحيوانات .أما الطابق الثاني منه مخصص لإقامة المسافرين حيث أن هناك سلالم من جهات ثلاث تؤدي إلى تلك الغرف.ويضم هذا الطابق 11 إيوانا يعتليه قبة أو قبتان إضافة إلى 14 غرفة للإقامة.
تم تحويل الخان تحت إشراف وزارة الإعلام إجراء الترميمات عليه في 1998/ الى سوق عام1999 حيث تم افتتاحه احتفاءا بمرور الذكرى السنوية الأولى لزيارة رئيس النظام لكركوك في 01-04-1998.
المقاهي
كانت للمقاهي زمنها الجميل في كركوك .وكان أشهرها على الإطلاق مقهى (جوت قهوة) الذي كان يتألف من دمج مقهيين لذلك أطلق عليه اسم (جوت قهوة) أي المقهى المزدوج.وكان يرتاده المثقفون والتجار والحرفيون .بينما كان يتوزع الحرفيون وعمال البناء والعمال الذين يعملون بالأجر اليومي في المقاهي الأخرى حيث كانوا يتجمعون فيها .وكان ثمة مقاه في كركوك تنقلب إلى مسرح للحكائيين الذين يروون قصص عنترة ابن شداد ،رستم زال ،بطال غازي ،فضولي ،كور اوغلو أو يقرأون قصائد لفضولي البغدادي .كما في مقهى المجيدية أو أحمد آغا . كما كانوا يلعبون فيها الشطرنج والداما والطاولي والورق (كاغد باباز) .كما كانت المقاهي في كركوك تتحول في أمسيات رمضان إلى محلات للعبة (صيني زرف ) .وهي لعبة يلعبها التركمان بشكل خاص في ليالي رمضان يوضع (الخرزة) المخبأة تحت أحد الفناجين بين تهليل الحاضرين .وكان سكان الأحياء المختلفة يتبارون في هذه اللعبة كمباراة سكان محلة (القورية) مع محلة (جاي) أو محلة (جقور) أو (زيوة) أو (أوجيلار)أو (بولاغ)أو (بكلر)أو (آخر حسين) أو (صاري كهيه )أو (القورية ) أو (بكلر ) وغيرها .بل كان الأمر يتجاوز ذلك إلى التباري بين المدن (كركوك) و(أربيل)أو بين أحياء كركوك والمناطق المجاورة من الأقضية والنواحي التابعة لكركوك مثل (تازةخورماتو)،(داقوق)و(طوزخورماتو)حيث يستمر اللعب حتى السحور كانت ثمة تقاليد اجتماعية فلم يكن الشباب يقتربون من المقاهي التي يرتادها الكبار.وكان يتم توزيع القهوة المرة والتمر والجوز والحلوى.[1]