التراث الكردي ومصيره- بيار روباري
قبل الحديث عن التراث الكردي ومصيره، لا بد لنا من التوقف قليلآ عند مفهوم التراث وماذا نقصد به وأنواعه وأهميته، وذلك كخلفية لموضوعنا الذي نحن بصدده ولفمهة بشكل أفضل.
ما هو التراث؟
التراث بشكل مختصر ومبسط هو: هو كل ما يرثه جيل من الأجيال السابقة، من لغة، عادات، تقاليد، مفاهيم، قيم، مبادئ، علوم، آداب، فنون، الرياضة، الرسوم على جدران الكهوف، أنماط الحياة، أنماط البناء، الطقوس الدينية، الأعياد والإحتفالات، مراسم الدفن، الزواج، الأمثال، القصص والمعتقدات.
أنواع التراث:
يمكن تقسيم التراث إلى قسمين: الأول “تراث روحي”، والثاني “تراث حسي” أي مادي.
وللتراث أنواع منها:
التراث المميت، التراث الخامل، التراث المطمور/المجهول، التراث المتروك، التراث العجائبي أو الخرافي، والتراث الفاعل الذي مازال يعيش معنا إلى اليوم.
أهمية التراث:
لا شيئ يشكل هوية الأمم مثل التراث، ومَن لا يدرك كيف تشكلت هويته في الماضي وطريقة إنبعاث ثقافته، والعوامل التي أثرت في إرثه الحضاري، فلا يستطيع تحديد وجتهه المستقبلية. وتراث أي أمة مهم للغاية وذلك لسببين:
السبب الأول:
كونه هو جزء من التراث الإنساني العالمي. ومن هنا جاءت فكرة إنشاء منظمة “يونيسكو” للحفاظ على التراث الإنساني في كل مكان من العالم.
السبب الثاني:
كونه الحافظ الذي يمنع تشويه تاريخ الأمم والشعوب ومنها تاريخ الإمة الكردية. ولا يمكن أن نعرف حقيقة أي حضارة في العالم دون أن يكون لدينا مصادر تراثها الحقيقي، وأن تكون في حالة جيدة تمكننا من معرفة الحقائق الكامنة عن هذه الحضارات البشرية.
التراث الكردي وثرائه:
التراث الكردي ثري للغاية، ولكن للأسف الشديد بقيا معظم هذا التراث الروحي والقافي لألاف السنيين شفهيآ. والتراث الإنساني الكردي يتيميز بقيمه ومفاهيمه ومبادئ الإجتماعية والسلوكية والمعتقدات الدينية والفنية عن الكثير من الشعوب الأخرى. وهذا التميز يعود لعدة أسباب منها:
(لغته، تاريخه، طبيعة كردستان الخلابة، ومعتقداته الدينية الخاصة به).
لا يعرف الكثيرين حتى من الكرد، بأن حماية البيئة واحدة من أهم القيم والمبادى لدى الأمة الكردية منذ ألاف السنين “بارستنا زينكه“، ولم يكن هناك أحزاب خضر في ذاك الوقت، لقد إستمد الكرد ذلك من معتقداتهم الدينية وحماية الحيونات البرية أيضآ، إضافة إلى الحفاظ على نقاء الماء والتربة نظرآ لأهميتهم لمعيشة كافة الكائنات الحية بما فيهم الإنسان ذاته.
مثال ثاني، قبل مجيئ الإسلام إلى كردستان، كان لدى المجتمع الكردي أندية إجتماعية رواده من الشباب والشابات الكرديات وكان يسمى “لوتك خانه“، في الوقت الذي لم تكن الشعوب الأوروبية تعرف بعد شيئآ إسمه “الديسكو” أي المرقص.
مثال ثالث، قبل ألاف السنين كان في كردستان نوادي رياضية يرتاده الشباب وكانت تسمى “زورخانه“، الأوروبيين يسمونها اليوم “فيتنس تسنتروم”.
مثال رابع، كان لدينا في كردستان وقبل ألاف السنين “ميخانه“، أي الخمارة، الأوربيين يسمونها اليوم “بار”.
وبقدوم الدين الإسلامي الهمجي إلى ديارنا الكردية وفرضه على الشعب الكردي بالقوة، خسرنا ديننا الزاردشتي الرحيم والمسالم، وجزءً كثيرآ من من لغتنا الكردية، والعادات والتقاليد الكردية الجميلة، وأصبحت المرأة الكردية عبدة بعدما كانت حرة وشريكة للرجل في كل شيئ، حتى في الحكم والسياسة والإقتصاد والفن والإبداع.
مستقبل التراث الكردي:
الذي حفظ تراثنا من الإندثار كليآ، هو الشعر والأغاني وتناقلت الأجيال الأشعار والأغاني من جيل لجيل بما فيهم ملاحم العشق والغرام والبطولة في الحروب ضد الأعداء. ومن الضروري جدآ إنقاذ هذا التراث الغني والمتنوع ويعتبر ذلك واجب وطني. وهذه المهمة تع على عاتق مثقفينا الكرد المختصين بالتراث وهي مهمة الصعبة، وتحتاج لمجهود كبير لتدوين وتسجيل كل هذا التراث، ونفض الغبار عن ما هو مطمور تحت التراب، وإستعادة المسروق، سواءً أكانت أغنية أو مصطلح، أو قطعة أثرية ولحن موسيقي وأسماء مدن وقرى، ورقصات، ولباس، وأطعمة، وألعاب، وفنون، ورسوم.
أعلم أن المهمة ليست سهلة، وتحتاج إلى كوادر وخبراء وكتاب مختصين في هذا المجال، ودعم مادي سخي وإعلامي من قبل المسؤولين الكرد.
في الختام، أدعوا جميع زملائي الكتاب المختصين في مجال التراث لبزل المزيد من الجهد لإنقاذ تراثنا الكردي، الذي يشكل جزءً ثمين من تاريخنا ومن هويتنا القومية، وهو الموجه لنا لشق طريقنا للمستقبل. شخصيآ لست مختصآ بالتراث، ولكن فيما يتعلق بلغتنا الكردية ومصطلحاتها الرصينة القديمة التي أضعنها بسبب جهلنا وتحولنا إلى مستعبدين لدى الأخرين، بذلت جهدآ كبيرآ وقمت ببحث حول المصطلحات الكردية في اللغة العربية والقرأن. ولو كنت أتقن اللغة التركية لقمت ببحث مماثل. إضافة إلى ذلك قمت بتحديد المصطلحات الدخيلة أي (المستعارة) من اللغات الأخرى، ووضع العديد من المصطلحات الجديدة الغير موجودة في اللغة الكردية.[1]