=KTML_Bold=نظام الكومين؛ الأهمية والضرورة=KTML_End=
آلدار خليل-
جميع الشعوب في المنطقة لا تزال تعاني من حالة القمع والإنكار التي تم ممارستها ولا تزال تمارس بحقها من قبل القوى المهيمنة والمتسلطة، وما حدث ولا يزال مستمراً في منطقتنا هو نتاج هذه السياسات الإنكارية والقمعية التي تمت بحق هذه الشعوب، اليوم كل هذه الشعوب تناضل من أجل حقوقها المشروعة وتطلعاتها المحقة، وهذا النضال بات واضحاً على كافة الساحات وإن اختلفت فيه التوجهات، حيث شَكْلُ تبني هذا النضال لا يزال يحتاج لتقييم لأن هناك من يضيع الأهداف في خضم الأمور، من منظورنا ومن أجل ألا يكون هذا النضال قابلاً لأن يضعف نتيجة المحاولات التي تتم ضده بهدف عرقلته لا بد من أن تكون الأمور بكل أشكالها على قدر كبير من التنظيم الجيد والإعداد السليم.
سوريا إحدى المحطات التي تشهد اليوم صراعاً كبيراً بين أطراف عدة وكذلك هناك تطلعات واضحة من الشعب السوري نحو إجراء التغيير في البلاد، من بين الرؤى التي تريد التغيير في سوريا وتحرص على النضال السلمي بشكل متزن ومستدام هو ما يجري في شمال وشرق سوريا، حيث الهدف لا يتمثل في القراءة الضيقة للأمور وإنما رؤية موسعة لتنظيم المجتمع وفق قدراته وإمكاناته من أجل أن يكون على الدوام مستعداً للمتغيرات ولا ينجرف معها متى ما توفر فيه الجمود فيأتي تطوراً ما يعصف به نحو الزوال.
الجانب التنظيمي الذي لا بد من أن يكون هو الجانب المجتمعي، لكن في بعض الأحيان التعددية الكبيرة والتنوع الحزبي والسياسي والديني قد يكون معضلة، حيث هناك من يدفع بالأمور نحو أن تكون معضلة (لا أقصد التعددية معضلة بقدر ما أعني أن هناك من يجعلها معضلة)؛ بمعنى التعددية هذه ما لم تلتق على هدف واحد، وكذلك الاختلاف الحزبي والديني على هدف واحد؛ فإن الأمور تكون قابلة لأن تتدخل بها قوى لا تريد السلم والأمان لهذا المجتمع، ولا تريد له التطور من أجل نيل حقوقه وتطلعاته.
أحد الجوانب الذي اعتمدت عليها شمال وشرق سوريا في تجربتها الديمقراطية ومن أجل تفعيل المجتمع هو تطوير نظام الكومين، قد يكون للوهلة الأولى أمراً غريباً للبعض، لكن هو أفضل إجراء يتم تنظيم المجتمع به على اختلاف التعدد والتنوع فيه، الكومين تنظيم مجتمعي متطور لا يكترث بالانتماء السياسي والحزبي أو المواقف المتعددة، إنما المشاركون فيه يلتقون على هدف وحدة المجتمع وتطويره، بمعنى الهدف الأساسي والهدف المجتمعي دون سواه، لأن المجتمع هو للكل بدون استثناء، الكومين هو شكل الشراكة التي تجمع بين أهل الحي أو القرية أو الحارة من أجل تنظيم أمورهم المعيشية وتنظيم حياتهم وفق ما يجعل الفرد فعالاً في مجتمعه، وكذلك من أجل قوة المجتمع؛ يحلون مشاكلهم، يناقشون مقترحاتهم، ويلغون شكل المركزية التقليدية التي كانت موجودة بوجود مختار الذي كان يقيّم ويشخص الأمور لمن حوله خدمةً لمصلحته لا مصلحتهم.
الكومين يساهم في قلب نظرية الإدارة التقليدية، حيث ومن خلال اعتماد نموذج الكومين تتم الإدارة من القاعدة نحو القمة، وهذا تطور نوعي، حيث الكومين كمجموعة مستقلة لا علاقة لها بالاختلافات الموجودة، بل هي لتدبير الأمور المعيشية وجعل النظام الإداري العام يسير بشكل طبيعي ضمن رؤية المجتمع، ويساهم في تقييم عمل المؤسسات الخدمية والاقتصادية وكل المؤسسات الإدارية لدرجة أن أي مؤسسة لا تعمل بشكل مقبول فالكومين له الحق في السؤال عبر آلية اللجان، حيث الكومين هو لحي أو قرية وكل كومين مرتبط مباشرة بمجلس، وهذا المجلس يمثل كل الكومينات ومنتخباً من قبلها، كذلك تساهم الآلية هذه في تنظيم الأمور نحو الاعتماد الذاتي من خلال العمل الجماعي في تدبير الحاجيات الأساسية، بحيث يمكننا القول بأنه اقتصادياً أيضاً كما الحال إدارياً وسياسياً، ومجتمعاً الكومين هو الأساس المتين والقوي.
حيث الكومين له صلاحيات نقل المقترحات والآراء وقبول الأمور المناسبة كون الإدارة هي إدارة مجتمعية وبالتالي هي تواظب على العمل ضمن رؤية المجتمع، والمجتمع هناك ليسوا أفراد وإنما كومينات لكل حارة أو قرية او حي، والكل يطرح المقترحات حسب حاجاته والضرورات اللازمة من مكانه.
هذا النظام يعبر عن حقيقة دور المجتمع وجوهر القرار الحر فيه، بمعنى لا يمكن أن تكون هناك قرارات يتم اتخاذها من أجل المجتمع وهو غير مطلع عليها، كما لا يمكن أن يكون هناك شخص يمثل المجتمع في وظيفة إدارية ما والكومين معترض على أدائه أو سلوكياته، التنظيم هذا يساهم في تفعيل دور المجتمع نحو قَبول ما يناسبه، وهو شكل راقٍ من أشكال الإدارة المجتمعية. كما أنه يزيل الخلاف في الآراء والمواقف ويوحدها جميعها نحو خدمة المجتمع.
بهذا الشكل الناجح من نظام الكومين نضمن نجاح النظام الديمقراطي العام في منطقتنا، كذلك نساهم في تطوير نموذج هو حاجة لكل السوريين دون استثناء لأننا نحتاج لأن نجد مجتمعاً فعالاً كون كل الكوارث السياسية والاقتصادية والعسكرية نتجت لأن هناك من أهمل رؤية المجتمع، هذا النظام المجتمعي يساهم في تحقيق الاستقرار وفي تطوير الديمقراطية الحقيقية وكذلك يساهم في نجاح الثورة، وهذا النجاح هو لمصلحة الجميع بدون استثناء.[1]