د. سيار الجميل
هذه فصلة جديدة استلها من حقيبة ذكرياتي، واخصصها لاولئك الذين عرفتهم من رجال القضاء في#الموصل# قبل قرابة أربعين سنة.. وهم نخبة من خيرة رجال القانون الذين اشتهروا في العراق بنزاهتهم وثقافتهم ومكانتهم الاجتماعية وكلمتهم النهائية الحاسمة في القضايا التي اختصوا بها،
وعرفوا بها في ردهات محاكم الموصل، المركز واللواء، على مدى سنوات طوال.. لقد عرفت الأجيال في القرن العشرين، تلك البناية الكبيرة البيضاء التي بنيت في الأربعينيات من طابق واحد وعلى هيئة مستطيل يمتد البناء من أضلاع ثلاثة، شغلت محاكم الاستئناف والبداءة والجزاء والصلح والتحقيق والادعاء العام.. صدارته واختص ضلعه الايمن بدائرة التسوية واموال القاصرين، وشغلت الضلع الأيسر دائرة الطابو.. وكانت الساحة وقت ذاك كبيرة، تتمثل بحدائق وأشجار، ولكن سرعان ما غدت مبلطة وتتسع لعشرات السيارات التي خصصت الرواقات لسيارات الحكام والقضاة والمدراء الكبار.. وخصصت الساحة الداخلية للعامة.. في صدر البناية صالة كبرى أو بهو واسع عالي السقف، تمتد على جوانبه: غرفة المحامين الكبيرة وقاعة المرافعات الكبرى ومحاكم الاستئناف والبداءة والتحقيق والجزاء والصلح.. فضلا عن المحكمة الشرعية ودائرة الادعاء العام والتسجيل والحسابات.
كانت بناية محاكم الموصل قد افتتحت على عهد رئيسها المعروف الأستاذ إبراهيم الواعظ عام 1948، وكان حفل الافتتاح قد حضره الوصي على عرش العراق الامير عبد الاله الذي استقبل في الموصل من قبل اعيانها ورجالاتها يتقدمهم الاستاذ خليل عزمي متصرف اللواء والاستاذ ابراهيم الواعظ رئيس المحاكم والاستاذ خير الدين العمري رئيس البلدية.. وكان حفل الافتتاح مشهودا بالقاء كلمات من لدن هؤلاء المسؤولين وقصيدة القاها الشاعر اسماعيل حقي فرج، ولوحة لبناية المحاكم الجديدة قدمت اليه بريشة الفنان نجيب يونس.. وكانت المحاكم مقابل حديقة الشهداء.. وقد بنيت على الطراز العربي باروقتها واقواسها وردهاتها الداخلية.. ولا ادري ما حالتها اليوم.. اتمنى ان يتم الاعتناء بها، فهي من المعالم الحضارية في المدينة.. وقد أرخ الاستاذ الواعظ تفاصيل ذلك الحدث في ملحق كتاب حققه بعنوان الروض الأزهر في تراجم آل السيد جعفر ، كما كتب عنه الأستاذ خالص عزمي في مقال جميل له يؤرخ ذلك. ويتوضح من قراءة كل من العملين الاثنين ان الرجلين قد عشقا الموصل عشقا كبيرا، وام الربيعين تستحق كل العشق والهيام.
رجال حكم وقضاء: النخبة العليا
لقد كانت لي بحكم العلاقة الوطيدة التي ربطت والدي رحمه الله بهذا المكان وبكل من عمل فيه على امتداد سنوات طوال، فهي ذكريات مع ابرز رجال القضاء فيه، وكانوا جميعا زملاء واصدقاء لذلك الوالد الذي كانوا يحترمونه ويعتزون به.. واذكر ما قالوه من خطب في حفل تأبينه الذي جرى على حدائق نادي المحامين بالموصل حزيران / يونيو 1968 من طيب الكلام. دعوني اسجل لكم ذكريات ما اعرفه عن رجال القضاء في الموصل وكانوا من الحكام ( كما كان يطلق عليهم، وقبل ان يبدل اسم المنصب الى القضاة )، فمن هم اولئك الرجال الذين يؤلفون تلك النخبة الرائعة التي أتمنى ان يتعلم ابناء الجيل الجديد من اخلاقياتها الكثير، ومن كل ما حملته من قيم عالية ومبادئ مهنية نادرة.. كانوا يمثلون كل اللياقة في الحديث، والاناقة في الملبس، والعمق في التفكير.. والاستنارة في الحياة. لقد علمتهم دراسة القوانين كيف ينفحتوا على الحياة، ولم ينغلقوا على افكارهم وتقاليدهم.. كان اغلبهم من امهر المثقفين، اذ كانوا يقضون اوقاتهم في القراءة والتحصيل ومتابعة ما يصدر من جديد.. لقد كانت الاسرة القضائية في الموصل جزءا لا يتجزأ من الاسرة القضائية الكبيرة في العراق، واذكر ان الاسرة القضائية بالموصل قد احتفت بزيارة رئيس الوزراء عهدذاك الدكتور عبد الرحمن البزاز، والقى الاستاذ كوكب علي الجميل كلمة الترحيب قائلا: اننا نعتبر الدكتور عبد الرحمن البزاز زميلنا في الاسرة القضائية قبل ان يغدو رئيسا للوزراء .. دعوني أمر على بعض اسماء تلك النخبة العليا في المجتمع، وساتحدث عن اولئك الذين عرفتهم وجها لوجه منذ طفولتي وشبابي المبكر.. وهم جميعا يمثّلون مدرسة تاريخية في حياة العراقيين، ينبغي ان يتعلم الجميع منهم، ومن اساليبهم، واخلاقياتهم، ومعاملاتهم، وسمو تقاليدهم، ورقي ثقافتهم، وساقتصر على ذكر من عرفته او خبرته منذ عقود زمنية مضت، ولم ازل احمل ذكرياته ليس في حقيبتي، بل في ضميري ووجداني.
الأستاذ احمد سعد الدين زيادة
من الرعيل الاول.. كان رجل قانون وصحافة وأدب، وهو ابن الشاعر داود الملاح آل زيادة.. اصدر عدة صحف واشتغل بالسياسة واسس بعض الجمعيات وكان متأثرا بالفكر الحر وكتب العشرات من المقالات التي اشتهر من خلالها.. عمل محاميا سنوات طوال وكان ناجحا في كل القضايا التي يتبناها، ثم تقلد مناصب قضائية في البصرة وبغداد والموصل وديالى.. سمعت عنه الكثير، وقرأت عنه الكثير.. توفي في استانبول بعد حياة حافلة بالعطاء وخدمة العراق.
الاستاذ ابراهيم وصفي رفيق
من رجال القانون العراقيين المخضرمين.. عرفته منذ طفولتي بحكم عرى صداقته مع والدي الذي كان يبره ويعتز بمكانته في القضاء العراقي، ويحتفي بقدومه في مجلسه.. كانت للرجل مواقف سياسية قديمة، كما كانت له ادواره في الصحافة الموصلية عندما كان محاميا نشيطا وقانونيا ضليعا.. تسلسل في التدرج القضائي، وعمل حاكما في عدة محاكم ثم تولى رئاسة محكمة الاستئناف في الموصل.. ثم انتقل الى بغداد ليعمل في محكمة تمييز العراق ردحا من الزمن وارتقى هناك ليكون علامة بارزة ومرجعا في القانون المدني العراقي.. كانت له شخصيته المحببة ويجمع الرزانة والظرافة في آن واحد. كان حاكما نزيها عادلا لا تأخذه في الحق لومة لائم.. وله فكره المستنير ويحب القراءة كثيرا.. ويجيد اللغة التركية، ونقل عنها (الجزء المتبقي من مجلة الأحكام العدلية التي نقلت إلى العربية) وانجب كل من فارس-مدعي عام بالموصل وتوفي شاباً رحمه الله وايضا القاضي-نائب رئيس محكمة استئناف الموصل حالياً الاستاذ براق إبراهيم وصفي الذي يحمل سجايا والده الكريمة.
الأستاذ ضياء شيت خطاب
من اشهر رجال القانون في العراق.. عمل في القضاء وترأس محكمة تمييز العراق وديوان التدوين القانوني ومستشارا في محكمة العدل الدولية في لاهاي.. وتبحّر في العلوم القانونية وحمل الماجستير وكانت له تآليف عدة واعتمد عليه القضاء العراقي وعلى دراساته الشهيرة التي كان ينشرها في اشهر مجلتين عراقيتين في القانون اولاهما ( القضاء ) وثانيهما ( مجلة ديوان التدوين القانوني )، واعتمد عليه المعهد القضائي في تخريج القضاة.. كان الرجل يتردد دوما على الموصل، وتربطه بقضاة الموصل صداقات وزمالات قوية.. يتمتع بخلق رفيع ولا تأخذه في الحق لومة لائم.
الاستاذ حسين فوزي آل سليمان بك
يعد هذا الرجل واحدا من المع رجال القانون في العراق، وهو سليل اسرة آل سليمان بيك المعروفة في الموصل، والتي يمتد نسبها الى عهد السلطان العثماني مراد الرابع في القرن السابع عشر. كان الاستاذ حسين فوزي وهو اسمه المركب قد تدرج في سلك القضاء العراقي في الموصل، ثم بالعاصمة بغداد، وعهدت اليه دائرة التدوين القانوني وكثيرا ما كان يأتي الى الموصل بصفة مفتش عام ليطلع على سير المحاكمات واصول المرافعات فيها. كان يمتلك شخصية قوية وله هيبته.. قليل الكلام ويتميز بنظارته الزرقاء المدورة.. علاقاته قوية مع ابرز قضاة الموصل وله صداقات عميقة.. رأيته مرة واحدة او مرتين وهو يزور والدي برفقة اخيه الاستاذ محمود شوكت.
الأستاذ إبراهيم المفتي
من آل المفتي الكرام، عرفته احد رجال القضاء المعروفين بالموصل، وكان قد تدرج في سلك القضاء، وغدا رئيسا لمحاكم استئناف الموصل، وهو من عائلة المفتي الكريمة.. وكان قاضيا معروفا واداريا قديرا، وله اخ طبيب معروف اسمه الدكتور اسماعيل الكائنة عيادته في شارع نينوى.. ابراهيم المفتي من الرعيل القديم، وكانت له مكانته الاجتماعية ودوره في السلك القضائي مرجعا ومستشارا، وعمل قاضيا في الموصل واقضيتها ردحا من الزمن.. وهو ابو الصديق الاستاذ ناهض المفتي.
الأستاذ قيدار الجليلي
من قضاة الموصل ومن رجال القانون في العراق، وهو اخو الدكتور محمد صديق الجليلي. اشتغل قاضيا في بغداد واتصف بنزاهته وثقافته واخلاصه في عمله وحرصه على مختلف القضايا التي تعرض عليه.. كان اجتماعيا بطبعه وعاش عمره كله في العاصمة بغداد.. وكانت نهايته مأساوية، اذ قتل غيلة في بيته وهو طاعن في السن وسجل الحادث ضد مجهول ! وهو ابو الصديق الدكتور اسماعيل المقيم في لندن الان..
الاستاذ الشيخ محمد طاهر النقشبندي
عرفته منذ زمن طويل، وكان شيخ الطريقة النقشبندية في الموصل وراعيا للتكية النقشبندية فيها.. رجل فاضل وانسان هادئ الطبع وسليل الاسرة النقشبندية الكريمة.. عمل محاميا وقاضيا، وعرف بامانته ونزاهته وفضله.. وكان المرحوم والدي يتردد كل يوم اربعاء الى مجلسه الاسبوعي الذي يعقده في بيته بمنطقة الدندان قبل العام 1968.. ولمّا توفي والدي وكان من اعز اصدقائه، حرص الرجل على ان اكون بين رواد مجلسه، فكنت اذهب اليه رفقة المرحوم الاستاذ محمد علي السلمان.. وكان يتردد اليه العديد من رجالات البلد، وتربطني اليوم صداقة مع السادة انجاله الكرام.
الأستاذ مصلح النقشبندي
من رجال القانون والعدل في العراق، وهو ينتمي الى الاسرة النقشبندية الكريمة.. عرفته جيدا بحكم صداقته القوية مع والدي، اذ بقي يزوران أحدهما الاخر، كان رجلا مستقيما وصادقا وعنيدا في اقرار كلمة الحق.. نصّب وزيرا للعدل على ايام حكم الرئيسين الاخوين عارف عبد السلام وعبد الرحمن رحمهما الله..
الاستاذ عبد القادر طه
تدرج في سلك القضاء سنوات طوال.. حتى وصل الى رئاسة محاكم الموصل. كان رجلا طيبا وهادئا ومستقلا، ويسكن في بيت يقع بين شارع الغزلاني وشارع الطيانة المنطرد.. رجل نظامي ويحسب لكل الامور حسابها. يتمتع باخلاق عالية ونزاهة وعدالة. وعبد القادر هو حفيد أمين أغا الجبوري من وجهاء محلة جامع خزام، ويعلمنا الاستاذ ازهر العبيدي ان بيت امين اغا يقابله على الجانب الثاني من الزقاق (القوناغ) وهو مضيف أمين أغا الذي كان مجلساً للزوار والضيوف والوجهاء يومياً.
الأستاذ كوكب علي الجميل
والدي ( رحمه الله ) هو الابن البكر للاستاذ الشاعر علي الجميل، عرف محاميا وقاضيا، واشتغل في الموصل وتنقل حاكما بين اقضيتها: عين سفني وسنجار ودهوك وتلعفر والعمادية وزاخو.. كان اديبا وناقدا ورجل قانون.. عرف ايضا بنزاهته وسمعته وقوة مرافعاته وعرف أيضا بوقوفه ضد تجريم الابرياء السياسيين واطلاق سراحهم.وألف في القانون وجمع ديوان شعر ابيه، وتصانيف اخرى، فضلا عن نقده للشعر ضمن المنهج القديم.. ومن اشهر ما نشره ( اضواء على ذكرى حبيب ) وكانت له مكتبته العامرة بمختلف الكتب والمجلات والتصانيف. عمل منذ بواكير حياته في السياسة، وانتسب الى حزب الاستقلال ثم استقال منه نتيجة خلافه مع الاستاذ حازم المفتي، وقد استقال بمعيته الاستاذ سالم الديوه جي المحامي.. تعرّض كوكب الجميل للقتل في آذار / مارس 1959 اثناء احداث الشواف في سنجار اذ كان حاكما فيها، وخلص من القتل باعجوبة بالغة بعد ان ابدى شجاعة قوية ضد الفوضويين.. توفي بالسكتة القلبية نيسان / ابريل 1968 اثناء مرافعاته في محكمة استئناف الموصل ولم يكمل الخمسين من العمر.. وقد اقامت الاسرة القضائية حفلا تأبينيا لمناسبة اربعينيته، وتكلموا عن سجاياه ورثوا فقدانه من بينهم.
الأستاذ امجد المفتي
اذكره جيدا وانا ابن سبع سنين عند استشهاده، وهو من آل المفتي الكرام.. كان حاكما معروفا، واذكره جيدا عندما جاء يزور والدي بسيارته الفولكس واكن رفقة الدكتور نزار يحي نزهت.. كان صديقا حميما لوالدي خصوصا وانه كان قد سبقه في حاكميته لقضاء سنجار.. كان رجلا دائم الابتسامة، سريع الحركة، حاضر النكتة، طيب القلب ومقبلا على الحياة.. قتل غدرا وظلما في غمار فوضى احداث ثورة الشواف آذار 1959 في قضاء تلكيف. وبقيت اسمع عنه الكثير بعد استشهاده. لقد نال البعض من سيرته علما بأنه لم يقتل لاسباب سياسية، بل لتفاقم احقاد اجتماعية.
الاستاذ سليمان ناظم العمري
من القضاة العراقيين المشهورين بعفتهم ونزاهتهم وخصالهم الرائعة.. كان مثقفا واديبا بحكم البيئة التي نشأ فيها، فهو ابن الوجيه ناظم بيك العمري الذي كانت مكتبته الشخصية واحدة من اهم المكتبات التي تضم كنوزا.. اشتغل الرجل فترة في الموصل، ثم انتقل الى بغداد التي قضى حياته فيها، ولكنه بقي على قوة علاقاته مع زملائه واصدقائه.
الاستاذ عبد الله الشبخون
تخرّج في كلية حقوق جامعة دمشق، وعمل محاميا ثم قاضيا، وتنقل منصبه في عدة الوية، ومنها البصرة والموصل.. عرفته جيدا لصلة قرابة تجمعني معه، فهو ابن خالة والدتي رحمهما الله.. كان قاضيا لا يعرف الا الحسم وخصوصا في قضايا التحقيق بالجرائم والجنايات، وكان نزيها وعفيفا.. وقد تميّز بحاكميته القوية.. قوي الشخصية، سريع النكتة، حاضر البديهة، يتصف باسلوبه الساخر.. اقترن بكريمة الاستاذ الراحل حسن سامي التاتار رئيس محكمة تمييز العراق ابان العهد الملكي، ولم ينجبا.. له مواقفه المشهودة في الوقوف ضد تجريم السياسيين الابرياء.. رحل مبكرا ايضا بالسكتة القلبية ولم يتجاوز السادسة والاربعين من العمر. ولقد احتفى به قضاة الموصل في حفل تأبينه.
الدكتور عبد الله أمين الجليلي
سليل الاسرة الجليلية الشهيرة في الموصل، وهو اخو الاستاذ الدكتور محمود الجليلي.. حصل على شهادة الدكتوراه بالقانون المدني من جامعة باريس من فرنسا-السوربون-عين حاكماً في 1960 وكان وثيق الصلة بوالدي، وعرف بالخلق والنزاهة الفائقة والمستوى العلمي واختير عضواً في محكمة تمييز العراق وغدا فيها نائباً للرئيس.
الأستاذ عوني محمد يحيى الفخري
حقوقي ذكي من الموصل، لمع في ميدان القضاء.. تنقل في مناصب قضائية في اقضية عدة في لواء الموصل، ثم حصل على الماجستير في القانون المقارن، وانتدب في ديوان التدوين القانوني، ثم قاضيا في محكمة تمييز العراق.. دّرس في المعهد القضائي وتخرد عليى يديه العديد من القضاة العراقيين، كما قام بالتدريس في جامعة بغداد.. وقام بتأليف عدة كتب فضلا عن مقالاته ودراساته المتنوعة.
الاستاذ عبد الهادي الجوادي
هو ابن العلامة الشيخ احمد افندي الجوادي.. عرفته انسانا رقيقا وفنانا قديرا ورجل قانون وعدالة لا تأخذه في الحق لومة لائم.. عمل محاميا ثم نصّب قاضيا وتدرج في سلك القضاء في الموصل.. اقترن بكريمة الاستاذ خير الدين العمري.. كان من امهر الفنانين في العزف على آلة الكمان، وله اذن موسيقية مميزة.. وكان قد اورث هذه الموهبة لولده البكر الصديق الفنان احمد الجوادي الذي يقطن في السويد اليوم.. كان الرجل رزينا ونزيها وله قراءاته المختلفة وهواياته المتنوعة.
الأستاذ صابر العمري
رجل ينتمي الى الاسرة العمرية المعروفة، وكان رجل قانون وعمل محاميا ثم قاضيا.. واشتهر بالقضايا الاقتصادية وقام بتدريس القانون التجاري في كلية الادارة والاقتصاد المسائية ردحا من الزمن.. عرفته حق المعرفة، وكثيرا ما التقيت به في عدد من مجالس اعيان الموصل.. وقد كتب لي يوما رسالة بخط يده، وهو يشجعني ويشكرني لما طرحته من افكار في واحدة من مقالاتي الاولى التي كنت انشرها في مجلة الجامعة التي كانت جامعة الموصل تصدرها.
الأستاذ سالم الشعار
كنت اذكره جيدا، كأحد قضاة الموصل المعروفين، وعرف بنزاهته وحبه لوظيفته التي تدرج فيها منذ ان كان محاميا.
الأستاذ محمد صالح فليح
احد قضاة الموصل المعروفين، وهو من آل فليح الكرام، ويتصف بنزاهته وطول باله وهدوئه. كنت أراه لوحده دوما.. اذ يفضل العزلة، وكانت له نزهته اليومية المسائية مشيا على الأقدام.
الأستاذ جعفر السليفاني
يعد هذا الرجل من أطيب الناس، وأكثرهم أدبا وارفعهم خلقا.. عرفته معرفة حقيقية منذ طفولتي وأنا صحبة مع ولده البكر بيار بحكم صداقة الأبوين.. ولم تزل بعض الصور التي التقطها لنا نحن الاثنين. كان من القضاة الماهرين وينتسب لعشيرة السليفاني الكردية الأصيلة في كردستان وهو سليل رؤوسها.. كانت له لهجته المحببة بالعربية، سمحا واجتماعيا مع من يكسب ثقته.. وكان الرجل انيقا على الدوام وله إطلالة رائعة وقد كسب محبة الجميع.. كان قاضيا زاهدا ونزيها ومترفعا عن الصغائر، وعمل قاضيا معروفا في الموصل.. لا أنسى انه اخذنا يوما في سيارته الى واحدة من بساتين قرية الوكه في الطريق الى دهوك وكان والدي حاكما فيها، ونزلنا نقتطف التفاح الأخضر بمعرفته، ثم اكرم صاحب البستان بقطعة نقود.
الاستاذ ابراهيم دزه ئي
احد ابرز ابناء الدزه ئية الكرد الرائعين، وكان احد قضاة الموصل المعروفين بصراحته وصداقاته مع وجهاء الموصل.. كان اجتماعيا بطبعه وصاحب اخلاق عالية فضلا عن شهامته. كان قاضيا متميزا ونزيها ويحبه الجميع.. التقيت به اكثر من مرة واذكر طيبته وملاطفته وحسن معاملته مع الاخرين.. كان يحب الموصل حبا جما ويذكر فضلها دوما على العراق.
الاستاذ صبحي حسين العباس
رجل قانون قدير، عرفته حق المعرفة وجاور بيتنا في حي الحكام قرب حي الضباط في الساحل الايسر بالموصل.. كان رجلا هادئا ووقورا وحاسما في مرافعاته ايضا.. كان نزيها ونظيف اليد ومتضلعا في شؤون القانون، وكنت اعرف بأنه كان حاكم الصلح في الموصل.. كان يقف ليتحدث معي طويلا ويسألني عن دراستي، اذ كان يتنزه قرب بيته لوحده. ولقد عرفت ان نجله اليوم رجل قضاء أيضا في الموصل.
الاستاذ سالم الديوه جي
من آل الديوه جي الكرام.. المحامي في الموصل والقاضي في بغداد، ابن علي اغا الديوه جي. وكان عمه قاسم اغا الديوه جي نائبا في البرلمان العراقي، وبيوتهم معروفة في زقاق محلة الامام ابراهيم، ولقاسم اغا قوناغ ( مجلس ) كبير معروف يقصده وجهاء الموصل.. عرفت الاستاذ سالم منذ طفولتي بحكم صداقة والدي معه، اذ اشتركا معا في مهنة المحاماة وكان مكتبيهما في بناية واحدة بشارع نينوى، مع علاقة عائلية قديمة. كان الرجل يحمل قيما عالية وقدم خدمات كبيرة للقضاء وتميز بطول صبره وقوة علاقاته مع الناس، وكان صاحب مزاج مقبل على الدنيا.. عاش حياته الوظيفية في بغداد التي احبها لانفتاحها على الحياة.
الاستاذ اسماعيل العمري
سلسل الاسرة العمرية الكريمة ايضا، وهو رجل قانون وعرف بعلاقاته الاجتماعية الواسعة واناقته وسمو ذوقه ومحبته للاشياء الجديدة.. عرفته من خلال علاقة والدي القوية به بحكم صداقة وزمالة قديمة.. واذكر انه اتى الى بيتنا المجاور لبيته في ارض المنطرد ابان السيتينيات، وبرفقته الاستاذ سامي باشعالم وبقيا برفقة والدي ساعات طوال بعد رجوع الاستاذ سامي من سوريا التي كان لاجئا سياسيا فيها، وكانوا يتحدثون في شؤون العراق والسياسات التي كانت رائجة وقت ذاك. وتربطني اليوم صداقة مع نجله المستشار الاستاذ احمد اسماعيل العمري..
الاستاذ حازم الدبوني
هو ابن الشيخ العلامة فائق الدبوني، وقد عرفته معرفة وثيقة من خلال العلاقة العائلية التي ربطته بآل الجميل، اذ اقترن بكريمة الاستاذ جميل الجميل.. كان انسانا هادئ الطبع، انساني التفكير، ورث بعض اخلاقيات ابيه الرائعة.. ورجل قانون لا يشق له غبار. عمل في القضاء بالعاصمة بغداد، وتنقل في عدة محاكم حتى تقاعده.. وجدته صابرا محتسبا يذرف دموعه الساخنة بصمت، وهو لا يجزع امام مصيبة فقدانه اخيه الاصغر الشهيد الرئيس الركن هاشم الدبوني الذي اعدم رفقة ضباط الموصل الاحرار في ساحة ام الطبول عام 1959. ويقطن ولده احمد اليوم في لندن.
الاستاذ فيصل الحافظ
رجل مثقف ومحام وقاض تدرج في سلك القضاء.. كان رجل مبادئ وافكار.. التقيت به مرات، وجدته ثابت الفكر، قوي العزيمة، مستقل التفكير.. وله هواياته الخاصة كما كان اديبا ومثقفا وقارئا من الطراز الاول، وكانت له مكتبة عامرة بالكتب المتنوعة. وتجمعني اليوم صداقة مع نجله الاستاذ ربيع الحافظ المستشار الاعلامي المعروف.[1]