أبلغ مقام السفير بأنه يخشى من تعرض النسطوريين [الاشوريين]المقيمين بقضاء طنحوم [تخوما] التي كانت تابعة لنور الله بك متسلم حكاري وترك من قبل الموما إليه لبدر خان إلى مجزرة من قبل بدر خان المذكور أشد من واقعة قبيلة طياري. وقد أخبر النسطوريون أنهم يتوقعون بألا يترك بدر خان بك أسرى بعد الآن ويقتل النساء والصبيان عموما، وأنه مشغول بجمع عساكره وتأمين المؤن للقلاع، فوقع النصارى في خوف ورعب ويستعدون الآن جميعا للجوء إلى الأراضي الإيرانية. وفي بداية الأمر أرادوا تحصيل حماية طيار باشا فأرسلوا إلى الموصل راهبين مع قسيس ورجل آخر لكنهم لم يتمكنوا من الوصول، ومن المحتمل أنهم هلكوا في الطريق أو عادوا بعد أن تعذر عليهم اجتياز المحل المعروف ببرواري. إن الخبيث المعروف بعبد الصمد بك الذي ذاعت شهرته في واقعة طياري قام مع الأكراد بذبح كل نسطوري مر من أراضيهم متوجها إلى الموصل. حتى أنهم قتلوا بالأمس سبعة منهم. وفي هذه المرة تحالف كل الأمراء في المنطقة . فالهجوم المقرر ضد النسطوريين سيكون أكبر من الهجوم السابق. ومع أن الأمراء الأكراد وعلى رأسهم بدر خان بك ونور الله بك وعبد الصمد بك يخاصمون بعضهم البعض ولا يتفاهمون فيما بينهم فقد طلب رجلان يعدان بينهم من الأولياء وهما الشيخ محمد الموصلي والشيخ يوسف الزاخوي ترك المنافسة فيما بينهم والاتحاد مع بدر خان بك على تدمير النصارى، وأن لهم الخيار في العودة إلى خلافاتهم بعد الانتهاء من هذه المهمة. وعندما سمع طيار باشا بأن عبد الصمد بك أوقع الخلاف والفتنة بين النصارى، أرسل الشيخ محمد بمهمة مصالحتهم إلى برواري ، وقد لقي عمل الشيخ هذا استياء شديدا. إن الأكراد يرتكبون بحق النصارى الجبليين كافة أنواع الظلم والاضطهاد وفي الوقت الذي وعدت السلطنة السنية الطيارين بإعفائهم من الضرائب نظرا للخسائر التي تعرضوا لها فإنهم في هذه السنة اضطروا إلى دفع الجزية مرتين إلى بدر خان بك ومرة إلى نور الله بك. ثم إن اعتداءات القبائل المتوحشة في هذه الجهات واعتداءات أهل برواري لم تترك في البلاد شيئا. إذ ما إن علم طيار باشا بالوضع حتى أرسل إلى بدر خان بريدا عاجلا، أمره فيه بدفع ورفع الظلم الذي يتعرض له النصارى، كما أرسل إلى برواري أحمد بك الموظف لدى دائرته معلنا بأنه سيكون مسئولا عن أي اعتداء يقع على أي نصراني كما بعودة الشيخ محمد إلى الموصل وإبلاغه عن تحركاته. وشدد على أحمد بك كي يقوم بتفقد أحوال القرى وترغيب النصارى الموجودين في مار شمعون على عرض أحوالهم دون خوف. وتعتبر جميع نواحي النسطوريين اليوم من توابع أسرة حكاري وهي على النحو الوارد ذكره بيد بدر خان بك وهي نت توابع ولاية أضرورم. لكن هناك سلاسل عظيمة من الجبال بين النواحي المذكورة وبين أرضروم ، بالإضافة إلى أن أكبر أعداء النسطوريين يعيشون في هذه الجبال. ونظراً لبعد ووعورة الطريق فإنه ينقطع أثناء التعديات والهجمات فيتعذر استعانتهم بأرضروم . وعلى العكس من ذلك فإن اتصالهم بالموصل دائمي ومستمر فيمكن نقل محاصيلهم خلال أربعة أو خمسة أيام كما يمكن لوالي الموصل إرسال العسكر وغير ذلك من الدعم لدى طلبهم . وتحقيق أسباب الأمن ومبادئ الإبقاء على الحياة للنسطوريين بإلحاق بلادهم بولاية الموصل. كما يجب إبعاد عبد الصمد والرجال الذين هم من أخلاق وأفكار الشيخين المذكورين من هذا المكان وألا يبقى بدر خان بك مطلق اليد والصلاحية في هذه البلاد. إن السلطنة السنية مخدوعة بقدرة هذا الرجل وقوته ، فتتساهل معه . مع ان لبدر خان خصوم وحساد كثيرون فإذا أبعد الشيوخ وتم ترغيب قبائل بنياشي ونرباري وسائر القبائل الكردية من قبل الدولة العلية أمكن طرد الموما إليه من الجبال . كما إن النسطوريين في أقضية طنحوم وجيلو وباز متعودون على حمل السلاح ويمكن تسليح عدة آلاف منهم واستخدامهم . إن طيار بك ينوي القيام بجولة حتى الجزيرة بعد العيد والمأمول أن يكون معه عدد كبير من العساكر كيلا يقوم بدر خان بك بأية عملية ضد النسطوريين أو دعم خان محمود أثناء وجود الباشا المشار إليه في الخارج.[1]