#صباح كنجي#
تتواصل محاولات التوثيق الخاصة بجوانب من تاريخ ومحطات كفاح الشيوعيين العراقيين عبر الكتابات والمذكرات وتسجيلات الفيديو.. التي اشترك فيها عدد كبير من قادته وكوادره في مذكراتهم وبحوثهم ومقالاتهم ..
بالإضافة الى ما انتجه الانصار من محاولات تدوين لمسيرتهم.. ويأتي في مقدمة هذه الجهود ما ينجزه النصير و المخرج السينمائي علي رفيق في حلقات وأجزاء متتالية من ذاكرة الانصار.. التي اقتربت من السبعين جزء لحد اليوم ..
ناهيك عن كتاب آخرين يتصدون لهذا التاريخ من باب النقد و المشاكسة عبر برامج فضائية لا تخرج عن اطار محاولات توثيق التاريخ ولكن من منطلقات ليست بريئة ..
ما يهمنا في هذا التوثيق الذي سنسعى للتوقف عنده بقدر ما يسمح الوقت .. هو الكتابات والمقالات والافلام التي كتبها وانتجها الشيوعيون انفسهم قبل غيرهم.. ومدى مطابقتها للوقائع.. كتاريخ يمكن الاعتماد عليه والرجوع الى ما دون فيه كمصدر.. من قبل هؤلاء القادة والكتاب والناشطين في مجال تدوين وتوثيق التاريخ.. كما هو الحال من الطلبة الذين اعدوا بحوثا هامة عن هذا التاريخ في اصعب الاوضاع واعقدها في العهد الدكتاتوري لحزب البعث..
سنتوقف في هذا الفصل من الكتابة عند تاريخين.. جرى التزوير والتلاعب بهما من قبل قادة الحزب نفسه.. يتعلقان بتاريخ الانصار والكفاح المسلح في مرحلتين..
الاولى عام 1963
الثانية تجدد حركة الانصار عام 1978
بالإضافة الى النهايات وما يتعلق بالأنفال وضحايا مقر مراني لأهمية هذا الأمر ..
قبل ان اخوض في تفاصيل هذه الأمور .. لا بد من التأكيد من باب الحقائق التاريخية.. أن اول وثيقة حزبية سياسية تتعلق بالكفاح المسلح خاصة بالحزب الشيوعي العراقي.. تمكنت من الاطلاع عليها هي البيان الصادر عام 1935.. بعد سنة واحدة من تأسيس الحزب.. الذي حمل عنواناً صاعقاً وكان يدعو الحزب وجماهيره لحمل السلاح من خلال العبارات التالية ..
الى الكفاح.. الى السلاح.. الى الثورة..
نعود لنتوقف عند انقلاب الثامن من شباط عام 1936 .. و ما تلاه من مقاومة في أحياء بغداد وعدد من المحافظات.. وتبعها فوراً توجه عدد كبير من الشيوعيين لتنظيم انفسهم والتصدي للانقلاب بإعلان الكفاح المسلح ..
هذا التوجه الذي جاء وفقاً لكل المعلومات والادلة قراراً محلياً اتخذته عدة منظمات.. كما هو الحال في لجنة محلية الموصل.. ومنظمة خانقين والعديد من الخلايا في مدن وريف كردستان.. التي كان يتواجد فيها الشيوعيون واصدقاء لهم.. قرروا مواجهة الانقلاب وتحولوا لممارسة الكفاح المسلح بجهود ذاتية.. وبالاعتماد على انفسهم دون مساعدة أي طرف من الاطراف.. كما يزعم الكثيرون.. بمن فيهم قادة للحزب الشيوعي العراقي.. بينهم السكرتير السابق للحزب الفقيد عزيز محمد.. وعدد من اعضاء اللجنة المركزية والمكتب السياسي.. الذين تحدثوا عن هذه البداية كالتحاق وتنسيق مع الثورة الكردية والحزب الديمقراطي الكردستاني.. الذي كان يتزعم الثورة الكردية حينها..
هذا الحديث الذي يركز على التحاق الشيوعيين بالثورة الكردية لا اساس له من الصحة تاريخياً.. ولا يوجد أي دليل يمكن الركون اليه يثبت هذا الادعاء .. ويأتي في سياق الالتفاف على الحقائق وتزييف للتاريخ الحقيقي من جانبين :
الأول.. ما يتعلق بموقف الحزب الديمقراطي الكردستاني والثورة الكردية من الانقلاب.. واعلان التأييد الكامل للانقلابين.. واصدار بيان حمل عنوان التقاء الثورتين.. أي الثورة الكردية وثورة البعث.. وهو الموقف الرسمي والحقيقي من الحدث ..
تجسد بسفر وفد من الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة الفقيد صالح اليوسفي لتهنئة الانقلابيين .. واستمر هذا الموقف المؤيد لسلطة شباط لغاية نشوء الخلاف الحاد بين حزب البعث وعبدالسلام محمد عارف والاطاحة بالحرس القومي في تشرين 1936 .. تبعه حدوث تغيير في موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني من الشيوعيين المتواجدين في كردستان..
الثاني.. هو استمرار للموقف الأول.. حيث اعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني والتشكيلات المسلحة في الثورة الكردية العداء للشيوعيين منذ اليوم الأول لانقلاب شباط .. وتمت ملاحقة وتصفية اعداد من الشيوعيين في مناطق خانقين و دربندخان ..
هكذا كان الحال في بهدينان ايضا .. حيث لم يلاقوا ترحيب و قبول من قبل قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني.. وبقوا متجمعين في مقرات قريبة من قرى الايزيدية في كهوف اشكفتيان والقيصرية وجبل القوش معتمدين على قواهم الذاتية وعلاقاتهم بالجماهير بين مؤيديهم ..
بالرغم من وجود حالات التحاق سابقة لشيوعيين سبقت الانقلاب وانضمت عشائرياً الى فصائل الثورة الكردية كما هو الحال مع واحد حجي ملو المزوري الذي طرح فكرة انضمامه للثورة في اجتماع سابق للانقلاب.. وتعهد بالبقاء على علاقاته مع الحزب الشيوعي حينها..
وفي التوثيق الذي اجريناه بشكل مباشر مع اول مجموعة تبنت الكفاح المسلح.. هناك صفحات وتفاصيل للأسماء والاماكن والاشخاص الذين ساعدوا الشيوعيين في الالتحاق واستقبلوهم.. بينهم توثيق اول حالة التحاق مع حسو ميرخان في جبل زردة من قبل مصلح مصطفى الجلالي الذي كان كادراً معاقبا في صفوف الحزب الشيوعي العراقي.. وابعد من كركوك الى الموصل.. بسبب دوره الاجرامي في احداث كركوك.. وهو الحالة الوحيدة من كوادر الحزب الذين ثبت انهم حرضوا على القتل والاغتيالات.. وتبين انه عميل لأجهزة السلطة والدولة.. لعب دوراً تخريبياً في حركة الانصار.. وكان الوحيد ممن توجه للجبل عبر مفصل يعود للحزب الديمقراطي الكردستاني يقوده حسو ميرخان.. الذي كان على علاقة طيبة بالشيوعيين طيلة فترة تواجدهم في كردستان.. ولم ينزلق الى مواقف معادية لهم في كل المراحل ..
اما غيره من الكوار.. فقد مارسوا الاغتيالات وتسببوا في اراقة دماء المجوعة الاولى من الشيوعيين الذين توجهوا الى كردستان حينها.. كما هو الحال مع مجموعة من (30) رفيق من دربندخان معظمهم من المدنيين والطلبة .. لجأوا الى كهف ماڕۆچن .. بعد أن فروا من بطش عصابات الحرس القومي واحتموا بالكهف..
وتمت مهاجمتهم في عيد النوروز بتاريخ21-03 -1963 .. حينما باغتهم من ثلاثة محاور 700 مقاتل من الحزب الديمقراطي الكردستاني.. واسفر الهجوم عن استشهاد 11 مناضلا شيوعياً ومقتل اثنين من المهاجمين..
وهو ليس الحدث الوحيد الموثق عن هذه البدايات كما نعلم .. حيث جرت مراسيم اعادة دفن رفات ضحايا هذه المجموعة في25-01- -2017 .. من قبل منظمة الحزب الشيوعي الكردستاني في دربنديخان بمشاركة أهالي قرى كوێرەك و بانى بي و ژاڵەناو ..
وتمكنوا من تجميع بقايا رفاتهم وتحديث مقبرتهم في قرية كوێرەك .. بالرغم من انتشار الالغام في منطقة دفنهم.. كما هو الحال مع محمد عبدالرحمن شاسوار الذي انتزع رفاته من وسط حقل للألغام، بمجازفة كادت ان تسفر عن سقوط ضحايا جدد.. وفاء لذكرى هذه الكوكبة من الشهداء وغيرهم في معركة بمو في ذات التاريخ وما اعقبه من بدايات..
وعرف من هذه المجموعة الشجاعة والبطلة كل من:
1 مام خدر كاني قادر فالح .. من كركوك، ناحية قادر.. الذي استشهد في 23آذار اثناء هجوم جلاوزة البعث على قاعدة بمو بمشاركة قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني التي رفضت وجود الشيوعيين في كردستان وناصبتهم العداء..
2 ابو بكر حاجي احمد نملي.. طالب من السليمانية.. استشهد اثناء هجوم القوى المعادية للشيوعيين على قاعدة بمو.. ا بتاريخ 21-03-1963
3 حسن شيخ شكور.. فلاح غني من قرية بيانلو.. تعاطف مع الكادحين وانحاز للفقراء ودافع عنهم ..اصبح شيوعياً صادقاً ونشطاً .. اعتقل عام 1961.. استشهد في21-03 -1963 في جبل بمو.. اثناء هجوم قوات الحزب الديمقراطي الكردستاني على الانصار الشيوعيين ..
4 ابراهيم حمه امين.. استشهد بتاريخ21-03 -1963 في معركة جبل بمو
5 ملا صالح زنكنة.. مواليد 1913 قرية عليان .. كان عاملا للحياكة قبل التحاقه بالأنصار بعد انقلاب شباط 1963 .. استشهد في معركة بمو ..
6 محمد لطيف روزبياني .. فلاح .. مواليد 1947 كركوك ناحية قره حسن .. من ضحايا معركة بمو ولم يعثر على جثته ..
7 عبد الله حاجي نجم روزبياني .. فلاح من مواليد 1928 ناحية قره حسن في كركوك.. من نشطاء الجمعيات الفلاحية في عهد الثورة.. اعتقل عام 1961 .. استشهد في معركة جبل بمو ..
8 فخرالدين حسن من داقوق .. قرية بنيجه.. استشهد في معركة بمو ..
9 محمود قادر احمد.. فلاح جسور وشجاع .. مواليد 1945 .. استشهد في معركة جبل بمو ..
10 محمد عبد الرحمن من خانقين.. استشهد في معركة جبل بمو ..
11 مام خدر كاني قادر .. فلاح و صديق للحزب.. مواليد 1924 كركوك.. ناحية قادر كرم .. استشهد في معركة بمو..
هذا بالنسبة لبدايات الانصار عام 1963 وما يتعلق بادعاء البعض من القادة الشيوعيين خطأ وتكرار غيرهم لهذا الخطأ ..
ان الشيوعيين التحقوا بالثورة الكردية.. بينما الوقائع والاحداث تروي شيئاً آخر بحكم توجه الشيوعيين لخلق ملاذات آمنة لهم في تلك المحنة .. وتعرضوا لمضايقات وملاحقات عناصر الحزب الديمقراطي الكردستاني ومقاتليه.. الذين فتكوا وقتلوا وغدروا بالشيوعيين بحكم تحالفهم مع حزب البعث حينها وتأييدهم لانقلاب شباط الدموي..[1]