#صباح كنجي#
أما عن البدايات في عام 1978- 1979.. فللأسف ما جرى من توثيق وكتابة لحد اليوم.. يلغي الحقائق على الارض ويتجاوزها .. وقد اشترك في هذا عدة رفاق وانصار تمثلت بجملة معلومات اعتبرت هي البداية نجم عنها :
اولا الغاء دور المجاميع الاولى التي اختفت داخل العراق وشكلت اولى المجموعات المسلحة في كند دوغات وختارة.. بعد صيف عام 1978 .. بقيادة اعضاء محلية نينوى واشراف المناضل توما توماس.. وهناك ثبت تاريخي لهذه المجموعة جرى توثيقه بالأسماء.. تجاوز عددهم اكثر من 40 نصيرا.. لحين قرار تفريقهم بسبب وجود معلومات عن احتمال انزال مسلح عليهم بالحوامات الخاصة بالجيش.. و هذا مقتطف مما و ثقته في ملفات غير منشورة لحد الآن.. يشمل حديث خيري درمان النصير توفيق عن هذه البداية ..
( توجهنا لنتجمع ونختفي في الكند.. مع نهاية عام 1978 أصبح عددنا يكثر يوماً آخر .. كنا بداية عدد محدود من كوادر ختارة.. هم كل من.. توفيق.. أبو داود.. شيخ درويش وأشقائه الياس و شمدين وسلو جندي والد أبو حربي .. ومجموعة دوغات في الكند مع أبو ماجد .. أبو فؤاد.. أبو عادل.. أبو ليلى.. أبو زكي.. چوقي مراد آغا و خديدا اسمري و كورو عرب وعدد آخر.. وفي سريجكا مجموعة أخرى بقيادة خلف عساف وخدر شيبو وآخرين..
أصبح العدد المتخفي في الكند لهذه المجاميع الملاحقة يقترب من الثلاثين شيوعياً وعند التهيؤ للانطلاق نحو الجبل أصبحنا بحدود 40 فرداً.. والتحق معنا من الشيخان خليل جندي وبير الياس النصير كوران من الباوان .. وكان معنا قطعتي سلاح فقط نحمي بها أنفسنا مؤقتاً مع مسدسات.. وشعر الناس باختفائنا وعدم تواجدنا العلني ..
كان الكند يتحمل إخفاء أكثر من 200 شخص في مواقع تحت الأرض غير مكشوفة في أنفاق طبيعية.. اجتمعنا في كند ختارة في مكان يدعى ( خفس نيسو ) حوالي 20 فرداً.. خرج الشيخ خليل جندي للتبول.. ولم يعد إلينا وبقينا قلقين عليه وكلفني أبو ماجد مع ياسين للبحث عنه ومتابعته.
وتحسباً للحالة الطارئة .. قرر أبو ماجد عصراً بعد ثلاثة ساعات أن يغير الموقع.. وطلب من الجميع التوجه لكند دوغات.. سحبت المجموعة عبر مسالك غير مكشوفة.. وعبرنا الشارع بسرعة دون مشاكل .. لكن التعب هدّ البعض من الذين لم يتعودوا السير في الهضاب بين التلال.. سقط كورو عرب من التعب والإعياء.. اخذ يتقيأ.. وصلنا موقع (كاني باي) وذهب عدد منا لجلب الطعام والماء وبقينا حتى المساء في الكند..
في الليل ذهبنا أنا وياسين إلى ختارة للاستفسار عن خليل جندي ومعرفة شيء عنه.. علمنا بوجوده في بيت خاله شيخ مشكو.. ومن هناك قد غادر بسيارة إلى الشيخان .. عدنا لننقل الخبر المؤكد لهم .. كان أول شخص ينسحب ويترك مجموعة الكند دون ان يخبر رفاقه.. في تلك الظروف الصعبة.. حينما كنا نبحث عن طريق للخلاص ومواصلة الكفاح..
مع ذلك ازداد عددنا وبدأ البرد يداهمنا.. كنا نضغط على أبو جميل وقيادة المحلية لفتح طريق للتوجه إلى كردستان في أسرع وقت ممكن.. وأصبحنا نتنقل بين كندي ختارة ودوغات وننسق بين مجاميع قرى الدشت..
تقرر أن يلتقي أبو ماجد وأبو فؤاد ومن المحتمل أبو داود ايضا مع أبو جوزيف في القوش ليلا والذي كان ابو عمشة مختفياً ومتواجدا ًفي داره حينها.. و قبل أن يذهبوا اجتمعنا وتم توجيهنا بالتوجه والعودة للبيوت، والتهيؤ للحركة نحو الجبال مصطحبين ما يمكن أن يساعدنا على البقاء.. كان القرار محسوما بالنسبة لنا.. فقط كنا بحاجة للسلاح.. وحدد الموعد الساعة 12 ليلا للتجمع من جديد في موقع قرية (مكه نان) المهدمة.. التي لا تبعد عن أول سلسلة جبال الاّ 15 كلم فقط ..
في ختارة وقبل الخروج شاهدتُ ملحم معجون.. اخذ يستفسر عن وجهتنا قلت له: خلاص سوف نبدأ الكفاح المسلح من الجبال.. قال: سوف أأتي معكم .. حاولت منعه لكنه أصر .. استدعى زوجته التي كانت قد ولدت قبل اشهر ومع ذلك لم تمانع وشجعته..
عند ذهابه لجلب حاجياته مصطحباً زوجته وأطفاله قبل مغادرتنا.. أخذ يوصيها بالبقرة و ابنه .. ضحكت.. قلت له: ابنك وفهمنا لكن البقرة لماذا؟.. قال: زوجتي بلا حليب.. و اعتماد ابني في تغذيته على البقرة.. انْ ماتت البقرة .. سوف يموت ابني .. خرجنا نحن الثلاثة معاً.. أصبح يقودنا ملحم في الطريق بين التلال نحو ( كر كاميش ) الذي تتجمع فيه برك المياه وتنبت على جوانبها الأعشاب والبردي.. لم ينتبه ملحم أثناء سيره.. سقط في حفرة ماء.. سحبناهُ وبدأ بنزع ملابسه وعصرها.. أخذ يسير عارياً معنا لحين وصولنا بالقرب من ( مكه نان )، وكان يسير مسرعاً كي لا يشعر بالبرد.. واخذ بارتداء ملابسه المبللة .. ويدأت أسنانه تصطك من شدة البرد.. بقينا لما بعد الواحدة ليلا ننتظر عودة أبو ماجد .. كنا بحدود أربعين شخصاً ..
عاد ابو ماجد منزعجاً.. قال:
تحدثت مع أبو جوزيف عن توجهنا ومقترحاتنا .. طلب عدم الاستعجال.. كي لا تعرف السلطة بتوجهنا الجديد.. لحين إقرار الحزب لموقفه.. وأكد على ضرورة التحلي الصبر والبحث عن أماكن للتفرق والاختفاء وعدم البقاء في الكند.. اقترح التفرق والذهاب إلى بغداد لحين معرفة وجهة الحزب .. لم يستوعب الرفاق هذا الرد.. ولم يتقبلوه واخذوا ينتقدون موقف الحزب وقالوا: ذهابنا لبيوت أقربائنا ليس حلا .. هناك من لا يستطيع أن يغادر الى بغداد .. لكنه توجيه للحزب يجب التمسك به ..
في اليوم التالي تفرقنا .. عاد البعض لبيوتهم و توجه آخرون لبغداد.. و بقي منهم من بقي متخفياً في بيوت معارف لهم ممن ليس لديهم نشاط سياسي.. أخفينا قطعتي السلاح بتوجيه من أبي ماجد.. الذي طلب منا الابتعاد عن ملحم كي لا يدرك أن السلاح معنا.. ذهب هو مع مجموعة دوغات وذهبنا أنا والياس لوحدنا مصطحبين السلاح لإخفائه.. في الصباح عند السادسة طرق بابنا بقوة .. فوجدنا ملحم في الباب اخذ يعاتبنا على هذا السلوك فخففت من غضبه..
وفكرت بالذاهب إلى تلكيف للتجنيد لتثبيت تسريحي .. لكن المشكلة كانت في متابعتنا السياسية فانتظرت عدة أيام قبل أن اذهب إلى التجنيد لكي اثبت التسريح.. غادر بو داود وأبو ماجد إلى بغداد مع مجموعة رفاق.. وبقيت بسبب مشكلة التسريح.. في الصباح باكرا توجهت ملثماً إلى تللسقف.. كان لعمي أبو حلمي فرنا في باطنايا كي اعلمه بذهابي للتجنيد..
دخلت القلم اعطيت الكتاب للجندي.. غضب وعاتبني على التأخير.. لكنه أنجز مهمة تسريحي وأصبحت حراً.. كانت مشكلتي وجود عائلة كبيرة من عشرة نفوس أتحمل مسؤوليتها.. ولا املك غير 15 دينار فقط .. أخذت منها خمسة دنانير .. وغادرت إلى بغداد) ..
ومن بغداد... انطلقت أول مجموعة الى اربيل .. لتشكل قوام اول مفرزة انصارية من كند كويسنجق لإعلان وتبني الكفاح المسلح.. كانت مكونة من اكثر من 25 نصيراً.. جلهم من ابناء سهل نينوى والقوة التي كانت متواجدة في كند دوغات .. ولا نلغي اهمية ودور بقية المجاميع من داخل الوطن ممن توجهوا الى مناطق حدودية مع ايران.. من ابناء قره داغ والسليمانية وكركوك في ذات الوقت.. او تزامنا مع تطور الاحداث السياسية وتوسع حملة مكافحة الشيوعية في عموم العراق .. حيث كان قد سبقنا بأيام مام كاويس ودرويش شيرو النصير ابو آمال من بعشيقة ونجيب حنا عتو ابو جنان من عينكاوه وتمكنوا من التنسيق مع مفرزة للحركة الاشتراكية الكردستانية بقيادة قادر مصطفى في كند هضبة كويسنجق ..
ثانيا الغاء سنة كاملة او اكثر من عمر الزمن الانصاري.. الذي تمثل بتشكيل المجموعات الاولى للأنصار في مناطق سوران .. وبناء مقرات ناوزنك و توجلة وكاني بوق.. قبل التوجه لمناطق بهدينان نهاية عام 1979.. لصالح المجموعات القادمة من الخارج.. عبر محطة القامشلي بعد تدريبات قصيرة في المعسكرات الفلسطينية في بيروت ولبنان .. ومن ثم المرور بسوريا كما كان مقرراً..
وهكذا الحال مع تزييف الوقائع فيما يخص تواجد المرأة في صفوف الانصار ووصول اولى العناصر النسائية ..حيث اعتبرت ام عصام.. اول نصيرة وصلت عام 1980 مقر كوماته بهدينان كما يجري التنويه دائما كأول نصيرة التحقت بالأنصار..
دون الالتفات الى وجود عدد كبير من النساء والفتيات.. ممن التحقن بمقرات نوزنك و توجلة وكاني بوق.. حيث شكلن نسبة لا يستهان بها من ذلك الزمن الحقيقي عن البدايات .. واذكر منهن عدد من زوجات الانصار في مناطق اربيل والسليمانية.. و شيرين و بروين بنات عزيز محمد.. روناك من السليمانية اعتقد اسمها الحقيقي صنوبر .. شقيقتان من عينكاوه خريجات جامعات احداهن تدعى برشنك والثانية برشان.. بخشان زنكنة ام بهار.. الصحفية و المناضلة المعروفة فاطمة المحسن.. كذلك ام سليم زوجة كريم احمد.. وأم سيروان زوجة حاجي سليمان ابو سيروان.. حيث وصلن الى هذه المقرات بين نيسان وأيار 1979 ..
كل هذه الاسماء يجري تجاهلها والغائها.. ليجري التركيز على الآتين من معبر القامشلي.. واعتباره البداية الحقيقية للأنصار و النصيرات.. كتاريخ مفتعل بدلاً من الحديث عنه كتاريخ مكمل للبداية يخص منطقة بهدينان.. وهذا ليس نقصا او عيباً بقدر ما هو تواضع تطلبه الحقيقة التي نسعى لتدوينها وتثبيتها ..
للأسف ان هذا التزييف للتاريخ.. قد شمل التوثيق بالفيديو.. وانعكس فيما انجز من حلقات ذاكرة الانصار.. التي اعدها النصير والمخرج علي رفيق في حلقات واجزاء اقتربت من السبعين .. اطلعت على اكثر من 50 حلقة منها لحد كتابة هذه الاسطر وسوف اتوقف عند بعض ما ورد فيها في الحلقات القادمة من هذا الفصل ..[1]