كامل السعدون
لقد وقف العرب عامة بالضد من كل القوميات التي تعيش بينهم أو التي استباحوا أرضها منذ بدء الإنتشار العربي من جزيرتهم إلى العراق والشام ومصر وغيرها ، حتى أوقعهم الله في ذل أسر الاقوام التي أستباحوا اراضيها .
حكمهم الفرس والألبان والأتراك وغيرهم ، تحت وهم الخلافة والدولة الإسلامية العريضة الفسيحة ، وأستمر الحال هكذا حتى اوائل القرن العشرين حيث تم توزيع أشلاء دولة آل عثمان إلى دول وطنية ، تفتقد إلى أبسط مقومات الوطنية الحقة .
وكان نصيب الكرد التقسيم بين تلك الدول وبين دولة الترك ودولة الفرس ضمن تقسيمات مقص الحلفاء المنتصرين في الحرب العالمية الأولى .
منذ اوائل القرن العشرين وحتى يوم الله هذا ، فشل العرب في بناء دول عصرية وطنية عادلة منفتحة على الداخل بما فيه من أعراق أخرى وعلى الخارج المتحضر المتطور ممثلا بالغرب الأوربي وامريكا .
الميراث القبلي القرشي العنصري مضافا لما أورثه الإسلام في العرب من عنصرية وعدوانية ، تمازجا مجددا في تشكيل النفسية العربية الإستعلائية العنصرية الرافضة لحقائق الحياة ومسلماتها وضرورات التطور في الميادين السياسية والثقافية والإقتصادية ، وكانت تلك هي الأرضية التي أنطلق منها ما يسمى بالصحوة الإسلامية التي عمت الشارع العربي فقضت على آخر الفرص السلمية للحاق بالعالم المتحضر .
الكرد .. أبرز وأكبر القوميات غير العربية والتي تعيش على أرضها التي تتوسط بلدانا مشرقية عديدة وبينها بلدين عربيين عنصريين ، هما سوريا والعراق ، كانت أبرز ضحايا الفاشية العربية ، حتى جاء الأمريكان عقب الحادي عشر من سبتمبر للجم الثور الإرهابي المنفلت من هذه الأرض ، وكانت الخطوة الأولى إفغانستان ، وتلاها العراق .
أبرز حلفاء أمريكا في حرب الإرهاب هما إسرائيل والكرد والأقوام الأخرى غير العربية والتي عانت ولا زالت تعاني من عنصرية العرب ، وبالنتيجة فإن من الطبيعي أن يجتمع الكرد وإسرائئل وكل القوميات الأخرى غير العربية في حلف موحد لإنتزاع حقوقهم المهضومة .
بل والعرب ذاتهم ، العرب الليبراليون ، العرب المؤمنون بالعدل ، العرب الواقعيون المتحضرون ، الحالمون بالحرية الحقة والكرامة والتقدم الحقيقي في كل مضامير الحياة ( لا مضمار الموت المفضي إلى حور العين الموهومات ) ، يفترض أن يكونوا مع الكرد ومع أشقائهم الآخرون من القوميات والأعراق الأخرى في معركة الحضارة ، معركة إقامة الدول الوطنية العادلة التي يكون فيها المواطن ، كائنا ما كان ، مواطنا حقا متنعما بكل الحقوق ، وليس رعية لأولى الأمر من الأشياخ المتخلفين الغارقين في الوهم والحالمين بنهاية الحياة .
نحن العرب ، لدينا من الأرض والثروات ما يكفينا ويفيض عن الحاجة ، لو إننا امتلكنا فقط ثقافة جديدة وسياسة جديدة وساسة جدد .
نحن العرب لدينا من الأمراض العنصرية والطائفية ما يكفي ويزيد لو إننا أردنا ان ننتحر إنتحارا جماعيا على يد المهدي الموهوم أو بقنبلة نووية ، وهذا القتل العبثي الحاصل اليوم في العراق وفي فلسطين وفي الكثير من البلدان العربية ، يؤكد ذلك ....!
لقد وصلنا بفضل الثقثافة الإسلامية العنصرية إلى مرحلة الإنتحار الجماعي ، ويعلم الله كيف سيكون مستقبلنا لو إن السيد نجاد والخامنائي نجحا في إنتاج قنبلتهم النووية بالتواطيء مع الأمريكان أو لو إن الطرفين لم يتفقا وشبت الحرب بينهما على أرض العرب وفي سمائها ومياهها .
على الكرد أن يسارعوا اليوم قبل الغد إلى تحصين كردستانهم بالقوة الإسرائيلية العسكرية والإقتصادية والأستخباراتية ... !
على الكرد أن يتحالفوا مع إسرائيل بصراحة ووضوح وعلانية ، تماما كما فعل الأتراك والأردنيين والمصريين ، بل وأكثر من هؤلاء بكثير ، لأن المشتركات بين كردستان وإسرائيل ، مشتركات تاريخية وإثنية وحضارية كبيرة للغاية ، وبالتالي فمثل هذا سيعطي للعلاقات الكردية الإسرائيلية ، مصداقية أكبر وحميمية أكبر .
الكرد ليسوا بحاجة إلى معونات إقتصادية مثل مصر أو الأردن ، فما تحت اليد من ثروات يكفي ويزيد ، ولكنهم بحاجة إلى مظلة للحماية والدعم من أجل الوصول إلى حلم الدولة الكردية العصرية الحضارية الحرة المستقلة .
الكرد يعيشون في محيط معادي لهم ، بل ربما أكثر عدوانية من المحيط الذي كان أيام صدام حسين . إيران المدججة بالسلاح ، تركيا بشعبها الذي يحن لأيام إمبراطوريته الإسلامية ، ثم العرب العراقيون من شيعة وسنة ، وأخيرا العرب من سوريون وغيرهم ، والرافضون بالكامل لأي حق للكرد في الفيدرالية والحرية .
ليس للكرد من خيار إلا في البحث عن أصدقاء حقيقيين يمكن أن يجمعهم مع الكرد الهم المشترك والمصير المشترك . وفي المقدمة من هؤلاء إسرائيل .
لا تعولوا على عرب العراق فهؤلاء يحملون إرث صدام في قلوبهم وعقولهم وتحت عباءاتهم . لن يمنحوكم شيئا ولو أمتلكوا القوة لهاجموكم في عقر داركم ، وأقسم أن إيران ستحرك عليكم رعاع جيش المهدي مع حثالات الشيخ ضاري الطائفية وعصابات الزرقاوي من الوسط والجنوب في أي لحظة تقررها إيران وبالإتفاق ربما مع سوريا ، بينما يتحرك الحرس الثوري الإيراني من الشرق بالتواطيء الأكيد مع الترك المحكومون بقيود الديموقراطية وحلم الإنضمام إلى اوربا .
ليس أمامكم إلا التحالف الأكيد المعلن الوطيد مع إسرائيل ، فإسرائيل قادرة على الضغط على تركيا ولجمها عن العدوان عليكم ، وإسرائيل قادرة على التأثير على العرب وبالذات السوريون من خلال محور الجولان والمحور اللبناني ، كما وهي قادرة على الضغط على مصر والأردن وقطر من خلال العلاقات الدبلوماسية والسياسية الوثيقة مع هؤلاء ، ثم أخيرا إسرائيل قادرة على الضغط على أمريكا لتمكينها من الضغط بدورها على كل الأطراف لحمايتكم وتوطيد أركان دولتكم الوطنية على أرض العراق على الأقل .
لا تبالوا كثيرا بآراء أخوتكم عرب العراق فهؤلاء لهم أيضا إمتداداتهم الخارجية الأجنبية ، وحيث أن السنة منفتحون على عرب الخارج ( وهم ايضا أجانب وليسوا عراقيون ) ، بينما مخابرات إيران تعبث في الوسط والجنوب بغاية الحرية ، فليس لكم أنتم ذاتكم إلا أن تؤمنوا على مستقبلكم ومستقبل اجيالكم بأن تكون لكم علاقاتكم المستقلة القوية القائمة على المشتركات الجدية والإحترام المتبادل والإيمان المتبادل بحق العيش للطرفين .
لقد اثلج صدري والله تصريح السيد البارزاني ، وأتمنى جديا أن أرى علم إسرائيل الديموقراطية خفاقا فوق سفارة وليس قنصلية إسرائيلية في أربيل .[1]