محسن جوامير كاتب كوردستاني
ههولير
الطفل في أوروبا مدلل ومكرم، له كل الحقوق والنعم.. وهو فوق الميول والإتجاهات، حسب تعبيرالزعيم الراحل عبدالكريم قاسم في الستينيات والذي قضي عليه من قبل الذين أصبحوا اليوم كذلك عظاما وهي رميم.. لا يهان فيها الصبي ولا يتعرض للسوء من إنس أو جان، وهو في المقدمة في كل ما فيه صالح الإنسان..إلا في الشرق، فان المسكين ينبغي أن يتحمل ما لا يتحمله أصحاب القوة في الأبدان.. ويتعرض لما يتعرض إليه الرجال ويعامل كما أنه مأخوذ بجريرة الآخرين من أي نوع كان.
قبل أيام عندما كانت إبنتي ئهژين أل( 12عاما ) ووالدتها في طريق عودتهما إلى السويد من كوردستان عبر المركز الحدودي إبراهيم خليل، إذا بالعسكر التركي يجد في حقيبتهما صورة العلم الكوردستاني منقوشا على مظلة كانت قد إشترتها كتحفة في عاصمة كوردستان لتريها لصديقاتها وتفتخر بأن هذا العلم المظلة يقيها من حر وبرد الحياة وإنها كباقي الأنام شئ مذكور بين الكائنات.. فهاج الجندرمة وماج، ولم تهدأ ثورة الثور حتی جعل العلم إربا إربا وفق المزاج .. ثم رماه في المزبلة وهو مختال فخورأمام البنت العاجزة عن فعل أي شئ سوی كظم الغيض أمام رجل غول حاقد مارق جاهل أناني لا يعدو كونه من فئة ( حمر مستنفرة فرت من قسورة ) أو من جنس أصحاب الظلف والمخالب في الدنيا وآلآخرة.
الذي عاش في السويد مثلا يدرك مدی ألأهمية التي يوليها هذا البلد الأمين حكومة وشعبا للطفل، فهذا الكائن الملائكي البرئ فوق الكل وقبل الكل.. إذا أهين من قبل أحد فالناس مجموعون له ضد المهين المستبد.. أما إذا ضرب فان القيامة قائمة من دون تردد.. ونظرتهم منطلقة من المبادئ التي تكاد لا تخلو منها مدرسة او مؤسسة، بل تكاد لا تجد معلما أو مربيا لا يحفظها أو يطبقها أو يعلقها في الصف كي لا یغادرها.. هاؤم اقرأوا تلكم العبر والقيم لتعلموا ما هي :
الطفل الذي يُنتقد لا يتعلم إلا توبيخ الآخرين.
الطفل الذي يُضرب لا يتعلم إلا العراك والتحرش بالاخرين.
الطفل الذي يُحتقر لا يتعلم إلا الخجل.
الطفل الذي يتعرض للسخرية لا يمتلك إلا ضميرا سيئا أو وجدانا مريضا.
والطفل الذي يتلقى التشجيع يتعلم الثقة بالنفس.
الطفل الذي يُواجه بالتسامح يتعلم الجرأة.
الطفل الذي يتلقی المديح والإطراء يتعلم تقدير الآخرين.
الطفل الذي يرى لعبا نظيفا غير مغشوش فيه یتعلم الحكم بالعدل.
الطفل الذي يشعر بالصداقة يتعلم الرفق والأنس واللطف.
الطفل الذي يشعر بالأمن والطمأنينة يتعلم الثقة.
الطفل الذي يشعر بالحب ویحتضن من قبل الآخرين يتعلم حب العالم.
تلكم كانت سيماء حقوق الطفل في البلاد الأوروبية ونظرة الإنسان الأوروبي للصغار، وهي تطبق بالمليم، وما في ذلك شك لمن في صدره قلب سليم.. تری ماذا كان نصيب الطفل الكوردي من متع الحياة غير الذل والرعب والسخرية والخجل وقطع اللسان وإلغاء الهوية والجينوسايد والإزدراء بين المخلوقات والبرية ؟!
علی أي حال، لا عتب علی نظام فاشي يخشی حتى من مظلة نقش عليها علم شعب لم يكن دعواه في يوم ما إلا الأخوة بين الشعوب والمساواة بينهم في الحقوق والواجبات.
حينما ألقي القبض على المظلوم أوجلان عام 1999 بذلك الأسلوب المشين، تمنت البنت السويدية الكوردستانية ئهژين جوامیر لو أنها تمكنت بيد سحرية من نوع الرجل الحديدي من خطفه لتحريره من قبضة العنصريين الذين أوقفوه قصدا وحاصروه إهانة بين علمين تركيين، كي تضمه إلی صدرها الطفولي الأمومي الحنون بعيدا عن أعين الجبناء التي ما نامت أبدا.. واليوم بعد أن مزق الجندرمة علمها الذي أحبته ووقرته، وعدت بأن تعيش كوردية وتموت كذلك كوردية، وهذا القول جاء ذكره على لسانها حقيقة لا مجازا ولا أحلاما وردية.[1]