محسن جوامير كاتب كوردستاني
من ترجمة السيدة دلشا يوسف، نشر موقع الاتحاد الوطني الكوردستاني في نهاية عام 2005 مقالة عن جريدة ( ميلليت ) التركية بقلم السياسي التركي الشهير محمد علي بيراند، يتوقع فيها الكاتب إستقلال كوردستان بقوله عند النظر الى الأوضاع لم يعد بامكاننا خداع أنفسنا.. لقد توزعت نيران الاستقلال في كوردستان.. إن الهدف الوحيد للكورد هو الاستقلال.. ومن الصعب بعد الآن إعاقة هذه المسيرة وأضاف كذلك سترون بانهم أي الكورد سوف يراقبون التوازنات في المنطقة والعراق.. لكن إعلان الإستقلال لن يتأخر طويلا في حال إقناعهم لامريكا أو تهيئة الظروف، حينها سيرفعون الراية التي أخفوها.. ومن الصعب بعد الآن إعاقة هذه المسيرة.. وسيتحقق الاستقلال آجلا أم عاجلا .
حينما يتحدث العقلاء ولا تستبد بهم العواطف ولا يخشون طغيان العسكر، فانهم يكونون صرحاء وتتميز آراؤهم بالواقعية وعدم التحايل أو خداع النفس والآخرين، لانهم قرأوا التأريخ ودرسوا مراحل الشعوب في التحرر والإنعتاق.. وكتاباتهم يخالطها الصدق والعمق، لأنهم يفكرون بهدوء وإتزان ويحللون بصفاء ذهن بعيدا عن نفاق وردود أفعال أصحاب الكراسي والحكم وعشاق الإستئثار والمآسي، ومن دون التأثر بتراشق الأسلحة ولعلعة الرصاص وتهوسات أصحاب الخوذات الذين لا يعيشون إلا على مص دماء الشعوب والإستهتار في الأصباح وعند الأماسي.
لقد سألوا الأعمى ماذا تريد، قال أريد عينين سليمتين، وهذا المثل واشباهه موجود في كل اللغات، وكذلك التركية.. فالكورد، طوال تأريخهم ذاقوا الأمرين من حالة التشرذم والتمزق والتبعثر، في حين هنالك قبائل في المنطقة لا تحمل أية مقومة من مقومات الدولة، مع ذلك أصبحت صاحبة كيان وإمارات، تأمر وتنهى وتقدَّر وتبجَّل وتعبث بالمليارات، باستثناء الكورد لا داده ولا ماما حتى عند الشدائد والملمّات.!
ولا عجب أن بعض تلك الكيانات ومن دون أن ترى حجمها ووزنها ولا نقول قزامتها تفتي وتنصح الكورد في كثير من الأحيان بعدم التفكير في الانفصال، معتبرة تجزئة العراق كفرا بواحا وضد مصالح كياناتهم ودول المنطقة، ويجب أن يكون بعيد المنال، وإلا تشتغل عليهم الأسلحة الثقال.. هذا في حين لا تتجاوز نفوسها ولا مساحة أرضها نفوس ومساحة أصغر مدينة كوردية في جنوب كوردستان، حتى إنها تستعير الكُتاب والمؤلفين لكتابة الالفباء لأولادهم أو الموظفين لدوائرها أوالخدم لعوائلها وحواشيها من البلدان.
ويا حبذا لو توقف الأمر عند حد الآخرين الأباعد في الإستعلاء والكبرياء .. فان بعض الذين يعيشون بجوار شعب جنوب كوردستان وتجرعوا آلام الإستبداد معهم والإستهجان، يحاولون جهدهم ويضعون ليلهم على نهارهم للإجهاز حتى على ما حصل عليه الكورد من خلال صراعه مع النظام البائد، ناهيكم عن الفيدرالية التي لا يعرفون ما تحملها أصلاً من معان.. ويحسبون أن ما هو موجود الآن في كوردستان هو من باب الأمر الواقع المفروض وناقوس خطر في كل آن.. أي يجب إزالته بوضع متاريسهم ومففخاتهم وتفجيرها في الوقت المناسب وعند مناقشة الدستور بإتقان، كي يبقى الكورد مستأجرين إلى يوم يُجْمعْ الإنس والجان أمام العزيز الرحمان.. والإكتفاء بشتات وإفرازات وتقيؤات المكاسب العامة من حقوق المواطنة وعدم التمييز بينهم وبين غيرهم، وكلنا أمة واحدة إلى آخر الزمان.. ناسين أن الكورد الذين تصدوا لأكبر فرعون وهو الآن كأنما يساق إلى الموت حين يساق إلى المحكمة ويقترح ضربه بالرصاص بدل حبل المشنقة كان يقودهم، سيهزمون مخططاتهم وأطروحاتهم ويفرِّقون جمعهم شذر مذر وسيفشلون ومن باب أولى دعواتهم التي هوت بها الريح في مكان سحيق، لان هذه هي سُنة التأريخ مع الظالم والمظلوم.
إنني أحسب أن السياسي التركي #محمد علي بيراند# ليس سياسيا فحسب، إنما هو دارس لسيكولوجية الكورد أيضا، وكأني به زار مدارس أوروبا ناهيكم عن معرفته طموح الكورد في كل البقاع وشاهد عن كثب الآلاف من أطفالهم وشبابهم وهم يبحثون ويسألون معلميهم ومعلماتهم عن موقع كوردستان على الخريطة العالمية المعلقة على حائط الصف وعلة عدم ترسيم حدودها عليها، ويتساءلون عن سبب عدم وجود صورة علم كوردستان عليها بجانب أعلام شعوب الأرض.. وكأني بهم ينحون باللائمة على أساتذة ومسؤولي تلكم البلدان التي يعيشون فيها، عن تهميشهم عمدا.. لذلك لا تخلو مدرسة سويدية واحدة مثلا فيها تلميذ كوردي واحد، من علم كوردستاني مرسوم بقلمه.. والإنتخابات الأخيرة أكدت هذه الحقيقة، وذلك من خلال مشاركة الأطفال والشباب وبأعلام مرفوعة على الرؤوس وملصقة على الصدور، وهم يرافقون آباءهم وأمهاتهم إليها.
لعل الاستاذ بيراند أصاب كبد الحقيقة في قوله في نهاية مقالته سيتحقق الاستقلال آجلا ام عاجلا إيمانا مني بأن هذه التطورات أي مسألة إستقلال الكورد في شمال العراق كوردستان في حال إذا تم التصرف بعقلانية وبسياسة مرنة، لن تتناقض والمصالح التركية، ولن يصيبني القلق كما أصاب البعض الآخرين..
وقد تضع التطورات اللاحقة صدق نبؤة الأستاذ بيراند في الميزان.. وتصبح بداية للعمل بمشروع ( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ) بين الشعوب قبل أن يشيخ عام 2006.[1]