جلال الدباغ
الجزء الأول:
بدأت السلطة الدكتاتوریة في العراق تتمادی فی ضرب منظمات حزبنا الشیوعي العراقي وخاصة بعد إجتماع آذار1978 للجنة المركزیة للحزب ونشر التقریر الصادر عنه والذي إنتقد سیاسات الحكومة والحزب الحاكم بصراحة وموضوعیة، مما أثار حفیظة السلطة الدكتاتوریة وأجهزتها القمعیة حیث بدأت بتشدید الحملة الإرهابیة التي كانت مستمرة ضد منظمات حزبنا.
ونذكر علی سبیل المثال لا الحصر، أنه أستدعي فی عام1977 فقط أكثر من سبعة آلاف رفیق وصدیق من جانب الأجهزة القمعیة والمحاكم الصورية القرقوشية بتهمة الشیوعیة والإنتساب الی صفوف حزبنا. بالإضافة الی إعدام ثلاثين رفيقا وصديقا من العسكريين بتهمة ممارسة النشاط التنظيمي الشيوعي في الجيش العراقي وقد شعرت قیادة الحزب ومنظماته بمخاطر الوضع الجدية عشیة إجتماع آذار1978 وبعده وبدأت بإتخاذ بعض الإجراءات الضروریة لصیانة كوادر الحزب و رفاقه وأجهزته رغم كونها قد جاءت مرتبكة و متأخرة.
فقد إختفیت وبتوجیه من قیادة الحزب في تموز عام 1978ولمدة شهر واحد فی بغداد ومن ثم ظهرت الی العلن مرة أخری حیث إلتحقت بعملي الحزبي الصحافي فی بغداد حیث كنت عضوا في هتج(هيئة تحرير طريق الشعب والثقافة الجدیدة والفكر الجدید) ونائبا لرئيس التحرير الفعلي لصحيفة الفكر الجدید التي كانت تصدر باللغتين العربية والكردية، وكان الرفيق الفقيد محمد كريم فتح الله (أبوسامان) هو رئيس التحرير الفعلي، وكان الرفيق فخري كريم (أبو نبيل) صاحب الإمتياز والرفيق الفقيد الدكتور حسين قاسم العزيز رئيس التحرير. وفي نهاية عام 1978إختفيت مرة أخری ثم قررت قیادة الحزب مواصلة الإنسحاب التدریجي والإنتقال الی العمل السري وإخراج أعداد كبیرة من الرفاق الی خارج الوطن بهدف الصيانة ومواصلة النضال، وذلك تحت ضغط إشتداد الضربات والحملة الإرهابیة الظالمة ضد منظمات حزبنا.
وكنت عضوا في نقابة الصحفيين في العراق وقد طردت منها لأسباب سياسية ولكوني مناضلا شيوعيا.
وبتوجیه من مسؤولي الحزبي الرفیق سلیمان یوسف إسطیفان ( أبوعامل) إختفیت من جدید ولمدة شهر أیضا حیث ذهبت الی مدینتي السلیمانیة، ثم رجعت الی بغداد وزرت مقر اللجنة المركزیة للقاء بمسؤولي. ولكن الرفیق جاسم الحلوائي (أبو شروق) الذي كان عضوا فی سكرتاریة اللجنة المركزیة و(لتم) آنذاك، قد إستغرب من تواجدي في المقر وأخبرني عن تفاصیل حملة إعتقالات شملت عددا من الرفاق العسكریین السابقین من الضباط وخاصة من العاملين في (دار الرواد) ببغداد ومنهم الرفیق سليمان يوسف إسطيفان (أبوعامل) وأحمد الجبوري (أبو إزدهار) ومجموعة أخری من الضباط السابقين من خارج دار الرواد.
وكانت السلطة الدكتاتورية تخاف من دار الرواد التي كانت مؤسسة إعلامية، حیث إدعت السلطة فيما بعد أنها كانت مؤسسة لتجميع الضباط والعسكريين السابقين للقيام بإنقلاب ضد السلطة!.
مهمات حزبية جديدة
وقد فاتحني الرفیق أبو شروق عن إستعدادي لتسنم مهمة حزبیة جدیدة وهي البقاء في بغداد لقیادة بعض مفاصل التنظیم الحزبي السري. وقال أن الرفیق (أ.ج) یكون معك في هذا العمل وأنت تكون مسؤوله الحزبي، وفیما بعد أتحدث معك عن التفاصیل. لقد بینت إستعدادي التام للبقاء وتسنم هذه المهمة ولكنني بینت بعض التحفظات بخصوص عمل الرفیق المذكور. ثم قیم إستعدادي للعمل المذكور عالیا قائلا ( لنترك هذا لقرار قیادة الحزب ولقائنا القریب، ولكن هناك مهمة آنیة وعاجلة، وهي ذهابك الی السلیمانیة لتدبیر بیت سري لإستقبال الرفاق من بغداد والمناطق الأخری والعمل مع الرفیق أحمد بانيخێڵاني (أبو سرباز) والرفاق الآخرین لفتح طریق آمن الی الجبل أو الی الخارج عبر إیران. وبينت له الإستعداد لنقل الأسلحة الموجودة في المقر الی كوردستان، ولكن الرفيق أخبرني بأن هذه المسألة مرهونة بقرار م.س. والمهم الآن إنقاذ الرفاق وبإمكان الحزب الحصول علی الأسلحة عند الضرورة. والآن علیك مغادرة المقر بحذر والإختفاء ولكن مفارز الأجهزة القمعیة متربصة بنا ویراقبون تحركات الرفاق من الباب الرئیسي والفرعي للمقر، حيث يتابعونهم ويعتقلونهم . ثم كلف الرفیق السائق (أبوسلام) لإیصالي الی حیث أرید أن أذهب.
فكرت وخططت وإتفقت مع الرفیق أبوسلام السائق حول كیفیة الخروج من المقر بإتجاه حي الزیونة (حي الضباط) وشوارعها الفرعیة وإتفقنا علی أن یقف بسرعة فی إستدارة الشارع الرئیسي المتجه نحو بغداد الجدیدة، وبعد الإستدارة مباشرة أنزل أنا من السیارة بسرعة وأسیر مع المارة بنفس الإتجاه، وتنطلق السیارة بإتجاه بغداد الجدیدة.
وهكذا خرجنا من المقر ولاحظ ر.ابو سلام أن سیارة الجلاوزة من نوع لاندگروزر تحركت ورائنا وتتابعنا. وقد طبقنا خطتنا ونزلت من السیارة في المكان المعين ثم إنطلقت سیارتنا بسرعة وبعد ذلك إستدارت سیارة الجلاوزة وواصلت متابعتها لسيارتنا التي كانت أيضا من نوع اللاندگروزر. وقد عبرت أنا الی الطرف المعاكس من الشارع وإستقلیت سیارة تاكسي وفي منتصف الطريق نزلت من التاكسي ومشيت قليلا ثم ركبت سيارة تاكسي أخری ووصلت الی مدینة الحریة وهناك إختفيت فی أحد البيوت ومن هناك سافرت بعد یومين الی السليمانية.
وعلمت فیما بعد من الرفاق أن ر. أبوسلام السائق قد أعتقل في الطریق بعد أن تبین للجلاوزة أن الراكب غیر موجود في السیارة، وقد سمعت بأن الرفيق أبو سلام تعرض في أقبیة الأمن لصنوف التعذیب حتی إستشهد صامدا دون أن یبوح بأي إعتراف.
إجتماع السليمانية وبدايات الكفاح المسلح
وصلت السلیمانیة بعد أیام وفي بداية كانون الثاني 1979 وإتفقت مع الرفیق حسن حمه سور الدباغ الذي كان خارج التنظیم بقرار من الحزب أن یستقبل الرفاق القادمین فی داره ویكون محله الذي كان يبيع فيه أدوات النجارة و یقع فی وسط شارع مولوي، وعلی الجسر آنذاك، محطة حزبیة.
وقد إلتقیت الرفاق أبوسرباز و سید توفیق ومسؤول السلیمانیة نائب عبدالله وأبوشوان وأبو حكمت وإجتمعنا في08-01 -1979 فی دار أحد أشقائي وبعد مداولات تفصیلیة وإنتقادیة هامة قررنا تنظیم الوصول الی المناطق الحدودیة وإیران والبدء بالإنتقال الی الكفاح المسلح والمشاركة في الكفاح المسلح جنبا لجنب مع القوی الوطنية الأخری المعارضة للنظام والمتواجدة في الجبل ضد السلطة الدكتاتوریة. وقد تمكن شقیقي كمال مساعدتنا في إصدار جوازات السفر لي وللرفیق أبو سرباز وأم سرباز..الخ. بمساعدة معینة من أصدقائه في السليمانية وقد قرر الرفاق و ر.أبوسرباز بعد أیام وبعد إنتهاء إجتماعاتنا أن أسافر أنا بواسطة جواز السفر الی سوریا ولبنان وألتقي برفاق قيادة الحزب وأضعهم في صورة الأحداث ووجهة الرفاق نحو الكفاح المسلح ووصول عدد من الرفاق هنا وهناك الى جبال كوردستان. ومن هناك أسافر الی إیران ثم الوصول الی منطقة ناوزنگ. وهو والرفاق الآخرین یحاولون تنظیم العبور الی هناك. وقد زودتهم ببعض المعلومات عن الإخوان في الحزب الدیموقراطي الكردستاني إیران للإستعانة بهم والإستفادة من إمكانیاتهم. كذلك وجهت إنتباه الرفیق أبوسرباز الی ضرورة الإتصال بالرفیق إسماعيل نصرالله (محمود دكتاریوف) الذي ذهب لدار والدي وأراد أن یتصل معي . وكان معروفا لدینا بإعتباره رفیقا جهادیا شجاعا ومخلصا. وقد أخبرني ر.أبوسرباز فیما بعد أنهم قد إتصلوا به حيث كان مقطوعا وإستفادوا منه كثیرا وذهب معهم الی الجبل.
لقد بدأت المجموعة بقیادة الرفیق أبوسرباز بإنجاز المهمة المذكورة. وقد لعب الرفیق قادر رشيد (أبو شوان) دورا جيدا في تنقلات بعض الرفاق وجلب الرفيق أبو حكمت من ههولیر الی السلیمانیة للمشاركة في الإجتماع ثم إيصاله الی ههولیر من جديد وقد إستفاد في تحركاته من هويته بإعتباره عضوا فی المجلس التشريعي آنذاك.
السفر من بغداد الی سوريا سرا
وتوجهت أنا الی بغداد في10-01 -1979 وإتصلت بالرفیق جاسم الحلوائی (أبوشروق) وإلتقيت به وتبادلنا المعلومات وأخبرني بتغییر وجهة الحزب حول مقترح بقائي في بغداد، وأكد علی سفري الی سوریا والإتصال بالموجودین من أعضاء م.س.هناك ثم سافرت مباشرة الی دمشق بتأريخ 13-01 -1979 راكبا سیارة تاكسي مع الركاب الآخرین. وشعرت بأن السائق هو من المتعاونین مع الأجهزة الأمنیة العراقیة وذلك من خلال أسئلته الكثیرة والدقیقة التي كان یطرحها علی الركاب في الطريق وكان هذا في رأيي بمثابة تحقيق هوية مع الركاب. فقد فكرت فی قرارة نفسي أن أجاوبه بشكل مناسب بعیدا عن السیاسة والشبهات، حیث قلت أنني أزور دمشق لمدة شهر واحد لقضاء الوقت والونسة وسأرجع معه الی بغداد بعد شهر بواسطة مكتب النقليات الذي يعمل فيه إذا صادفت عودتي تواجده في دمشق ، وقد رحب بالفكرة وزودني بعنوان مكتب النقليات الذي كان یعمل فیه في دمشق.
وفي النقطة الحدودیة (الرطبة) أخذ السائق بنفسه جوازاتنا وبعد التأشیرات أرجعها إلینا دون أن ينزلوننا من السیارة، وعبرنا نقطة (أبو الشامات) السورية في نفس اليوم وواصلنا الطریق حتی وصلنا الی دمشق يوم 14-01-1979 وأخذني السائق مباشرة الی فندق فی ساحة المرجة قائلا أن هذا الفندق مناسب لقضاء الوقت! وإلتقیت هناك فی الطابق الثانی من الفندق بالرفیق سعيد (منيب) الذی زودني ببعض المعلومات عن الفندق الذي تعمل فيهالمومسات! كما تحدث لي عن وصوله قبل يومين. وفي الیوم التالي غادرت الفندق بعد أن أوصیت الرفیق المذكور بعدم بقائه هو أيضا في هذا الفندق.
في ضيافة الحزب الشيوعي السوري
إتصلت بالرفاق فی الحزب الشیوعي السوري الذي كان يمتلك مقرا علنيا في دمشق، حیث تعرفوا علي وإسقبلونی بحرارة وأخذني أحد الرفاق الی دار الرفیق #خالد بگداش# .
وفي يوم 16-01- 1979 سمعت بمغادرة شاه إيران طهران وإندلاع مظاهرات عارمة ضد نظامه، وبقیت ثلاث لیالي فی غرفة بالطابق الإرضي مع الرفیق أبو أنصار(الرفیق جمعة) الذی كان من رفاق حمایة ومرافقي الرفیق خالد بگداش.
اللقاء بالرفيق خالد بگداش
وقد إلتقيت بالرفيق خالد بگداش لأول مرة عن طريق الرفيق أبو أنصار في نفس الدار حيث تبادلنا الحديث وإستفسر عن أوضاع العراق وأحوال الرفاق، وخاصة أخبار الحملة الإرهابية الظالمة للنظام العراقي ضد حزبنا الشيوعي العراقي وكذلك إهتم بتطورات الأوضاع في إيران، وتناولنا الغداء معا في داره، ثم أخذني الرفیق أبوأنصار الی دار ترابیة قریبة من دار الرفیق خالد بگداش فی حارة ركن الدین التي تسمی أیضا ب (حي الأكراد) حیث بقیت عدة أیام لوحدي وأحيانا مع أحد رفاق الحزب الشیوعي السوري القادم من الجزیرة، وكنت ألتقي أحیانا بالرفیق أبو أنصار. وكان في الدار لوازم الطبخ والچاي وكنت أشتري الحاجيات من السوق القريب وأطبخ بين يوم وآخر.
وأثناء بقائي فی الشام زرت سوق المرجة والجامع الأموي وضريح صلاح الدين الأيوبي الذي كتب عليه أنه من بطون العشائر الكردية.
اللقاء بالرفيقين كريم أحمد وعمر علي الشيخ
وفي هذه الأيام إلتقيت بالرفيقين أبو سليم وأبو فاروق كل علی حدة وتحدثنا عن الأوضاع السياسية والحزبية وعملنا اللاحق وغيرها من الأمور. وفی هذه الفترة أيضا قمت بزيارات معينة. ففی يوم الجمعة المصادف 17-03-1979 سافرت من دمشق الی بيروت بمهمة حزبية وحصلت علی سمة الدخول (الڤيزا) لزيارة توركيا. وفي 21-03-1979 المصادف اليوم الأول من نوروز وصلت الی يوكسكۆڤا (گهڤهر) في توركيا للقاء ببعض الأصدقاء (إدريس أ، ص.ي) أبناء عم كاكۆ وكانت الزيارة مفيدة لإنجاز بعض المهام.
وفی 29-03-1979سافرنا جوا (كريم أحمد وعادل حبة وأنا) الی طهران ونزلنا في فندق فخم كان خاليا من النزلاء وشاهدنا عددا قليلا منهم. وفي صباح اليوم التالي غادرنا الفندق الی فندق آخر متواضع ورخيص فی منطقة شعبية وذلك بناء علی مكالمة تلفونية بين الرفيق كريم أحمد و كريم حسامي الذي عاد الی وطنه بعد سنوات الغربة الطويلة وصل قبلنا الی هناك وكان عضوا في المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني إيران، وكان موجودا في مهاباد. وفي الفندق الأول سمعنا بأن الحرس الثوري الإيرانی قد قضی علی مئات القناني من المشروبات الكحولية في الفندق وخاصة الويسكي والمشروبات الغالية بسكبها في مجاري المياه وعند رصيف الشارع أمام باب الفندق. ورأينا أن النقاشات والمجادلات الحادة مستمرة في الحدائق والأماكن العامة وفي كل مكان بين حملة الأفكار التقدمية وحملة الأفكار والأوهام الدينية والرجعية وغيرها.
وفی هذه الأيام إلتقينا نحن الثلاثة كوفد حزبي بوفد قيادي لحزب الشعب الإيراني(تودة) الشقيق وفي مقر قيادته، يتكون من الرفاق نورالدين كيا نوري سكرتير اللجنة المركزية وإحسان طبري وعلي عاموئي ورضا شلتوكي وعلي خاوري وغيرهم وقد إستقبلونا بحرارة. وتم في النقاش بحث مواضيع عديدة كالمستجدات السياسية في أيران وتوجهات الحزب الشقيق وغيرها ومنها قضية الحزب الديموقراطي الكوردستاني إيران. وقد إحتد النقاش فی هذا الموضوع بين الرفيق كريم أحمد والرفيق نورالدين كيا نوري الذي كان يكيل الإتهامات الی (حدكا ) والی شخص الدكتور عبد الرحمن قاسملو ويعتبر أن حدكا هو فرع منشق لحزب تودة. إلا أن الرفيق كريم قد دحض توجهاته وأكد علی ضرورة تشكيل منظمة لحزب تودة في كوردستان وترك الحزب الديموقراطي الكردستاني كي يلعب دوره النضالي كحزب مستقل في حركة التحرر الوطني الكردستانية، وضرورة دعمه ومساندته من جانب حزب الشيوعيين الإيرانيين( تودة) وحزبنا..ألخ.
ثم سافرنا، الرفيق كريم وأنا الی مهاباد وبقي الرفيق عادل حبة (أبو سلام) في طهران بمهمة حزبية ومن مهاباد توجهنا الی ناوزهنگ علی الحدود العراقية الإيرانية المصطنعة. وهناك إستقبلنا الرفاق الناجين من إرهاب السلطة الدكتاتورية والمجتمعين فی وادي حصين وكان عددهم حوالي 70 رفيقا يحمل عدد قليل منهم أسلحة خفيفة. وكان بينهم فصيل رفاق پشدر الأبطال الذين شكلوا فصيلهم ببعض القطع من الأسلحة الخفيفة. وقد أخبرنا رفاق قيادة الإتحاد الوطني الكوردستاني وفي مقدمتهم مام جلال بوصولنا حيث رحبوا بنا بحرارة وعزمنا مام جلال الی مائدته لنتغذی سوية. وكان قد ساعد رفاقنا ببعض قطع الكلاشينكوف ووعد بالمزيد من المساعدات. وكان رفاق (أوك) قيادة وقواعد فرحانين بإنتقال حزبنا الی صف المعارضة لنظام البعث الإرهابي، وقد عبر مام جلال ورفاقه عن فرحتهم بإنفتاح آفاق جديدة أمام الثورة الكردستانية لتحويلها الی ثورة عراقية وخاصة بمشاركة حزبنا الشيوعي العراقي.
العودة الی الداخل مرة أخری
وبعد أربعة أيام من بقائي في ناوزنگ بين الرفاق، كلفني الرفيق كريم أحمد بإسم المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب للنزول الی الداخل بمهمات حزبية والوصول الی السليمانية وأربيل وبغداد والإطلاع علی المستجدات والإتصال ببعض الرفاق المقطوعين وبرفاق قيادة الحزب المتواجدين في بغداد، وإخبار الرفيق يوسف حنا (أبو حكمت) الموجود في أربيل وآخرين للتوجه فورا الی طرف الرفاق في ناوزهنگ.
وقد غادرت ناوزهنگ بإتجاه الداخل فی08-04- 1979 بمرافقة الرفيقين النصيرين سليم حسن المعروف ب (سليم سوور) ومحمد دێگهڵهيی وهما من أهالي قلعهدزة.
وصلنا الی قلعةدزة بعد الغروب وبقينا فی دار مناسبة وقد رتب الرفيقين سفرتي فی اليوم التالي حيث إستأجر الرفاق سيارة تاكسي خصوصية ورافقني الشاب المندفع عبدالله شقيق الرفيق محمد الی السليمانية. وقد غيرت ملابسي. وكانت علی الطريق سيطرات حكومية عديدة ويتعرض الركاب الی التحري الدقيق، إلا أن مسؤول إحدی السيطرات الأولی قد طلب من السائق نقل أحد الواقفين الی السليمانية، ولكن السائق أخبره أن السيارة خصوصية وبإمكانكم أخذ موافقة الأستاذ! ثم سألني إن كنت موافقا أجبته إذا أنتم مطمئنين منه فليتفضل قال المسؤول أنه من جماعتنا ونشكركم..!
سلكنا طريقنا حتی السليمانية ولم تنزلنا السيطرات بعد مشاهدة الشخص الراكب حيث كانوا يعرفونه. وصلنا الی السليمانية بسلام، وقد عرفت فيما بعد أن الرفيق عبدالله قد حمل معه مبلغا كبيرا من المال كإحتياط بهدف إنقاذي في حالة إعتقالي! وقد إلتحق عبدالله بالأنصار فيما بعد وقد إستشهد ببطولة في خضم النضال الأنصاري.[1]