جلال الدباغ
الجزء الرابع
مصير رفاق مجموعة ر. بهاءالدين نوری
وفی هذه الفترة وصل الی القامشلي الرفيق محمد شيرواني (أبوعلي) وبعد أن إنتقد مسؤوله و تحدث بإسهاب عن تصرفات وأسلوب الرفيق بهاءالدين نوري وبيروقراطيته طلب مني حل مشكلته حيث لا يرغب بالبقاء ضمن مجموعة أبو سلام، لذلك قررت ضمه الی مجموعتنا وأخذت موافقة الرفيق أبو سليم، ثم كلفته بالعودة الی نصيبين وسيكون إتصاله معنا وقد وافق وإستمر في العمل وكان رفيقا جهاديا وشجاعا وحريصا علی أنجاز مهامه وسرية عمله.
بعد أيام حضر الی القامشلي كل من الرفيقين قادر رشيد(أبوشوان)وأحمد كريم(أبوراستي) قادمين من نصيبين، وقد إلتقيت بهما في دار الرفيق (أبو وحيد) وكانا علی خلاف شديد بينهما، ويعاتبان الرفيق بهاء في أمور كثيرة وكنت أعرف أنهما من ضمن الرفاق العاملين في مجموعة الرفيق بهاء.. وبعد يوم إستلمت رسالة من الرفيق أبو سليم وفيها رسالة أخری معنونة الی م.س.، كتب الرفيق كريم في الرسالة الموجهة إلي يقول فيها كلف الرفيق(فلان) لأخذ الرسالة الصغيرة الی الرفيق أبو فاروق إلا أن المذكور قد رفض، لذلك كلفت الرفيق أبو راستي بإيصال الرسالة الی الرفيق أبو فاروق في مقر (گوستا) فی كوردستان فوافق علی الذهاب فورا وطلب أن أكتب رسالة الی أبو فاروق لإبقائه في كوردستان وتكليفه بمهمة إذا كانوا بحاجة الی جهوده هناك وبعكسه سيرجع الی القامشلي للعمل ضمن مجموعتنا. وقد كتبت الرسالة وسلمته اليه مع رسالة م.س. وسافر الی توركيا بالسيارة ومن منطقة شرناخ واصل سيرا علی الأقدام وتمكن من إيصال الرسالة بسرعة قياسية وأبقوه هناك وكلفوه بقيادة وحدة أنصارية من الپێشمهرگه في منطقة روست.
كذلك وصل الرفيق أبو حسن (عادل علي) قادما من منطقة شرناخ وقال أن الرفيق بهاء الدين قد كلفه بالذهاب الی هناك وإنتظار مجيئه، وقد مل من الإنتظار دون جدوی! لذلك رجع الی القامشلي للإستفسار عن مكان وجود الرفيق، وأخبرته أنه سافر الی كوردستان. وقد تعجب كثيرا وبين إستعداده لإنجاز أية مهمة حزبية وقد أبقيته في القامشلي بموافقة الحزب. وأصبح فيما بعد مساعدا لي، أي مساعدا لمسؤول المنظمة. والغريب في الأمر أن الرفيق بهاء الدين كشف إسم الرفيق أبوحسن الحقيقي فی مذكراته وكتب يقول أنه شخص خواف! بينما برهن الرفيق أبو حسن خلال سنوات طويلة من العمل في القامشلي عكس ذلك تماما، أنه رفيق شجاع وملتزم ولا صحة لإدعاء أبوسلام الذي إشتكی منه لدی الحزب وحاول إقناع المكتب السياسي بمعاقبته حزبيا كونه قد ترك موقعه خوفا! ولكن الرفاق لم يوافقوا علی هذا الإدعاء، وقد ذهب الرفيق أبو حسن كرفيق قيادي بصفته پێشمهرگه فيما بعد الی كوردستان مع زوجته الثانية (أم رحيل) لأن زوجته الأولی (أم عمار) قد إستشهدت في بغداد علی أيدي أجهزة السلطة القمعية بعد كشف خليتها الحزبية. ورجعا فيما بعد الی القامشلي مرة أخری بقرار من الحزب.
بعد مرور مدة أكثر من ثلاثة أشهر جاء أحد أصدقائنا من تركيا وزودني برسالة صغيرة قائلا أن هذه الرسالة من أحد رفاقكم ويريد أن نعبره الی طرفكم. فماذا تقول؟ وعندما إطلعت علی الرسالة عرفت أنها من سلام تحياتي، وإستغربت كثيرا لأنه كان من المفروض أن يكون قد سافر الی أحد البلدان الإشتراكية لإكمال دراسته الجامعية! فوافقت علی أن يعبره الصديق الی طرفنا. وبعد أيام وصل الرفيق سلام الی القامشلي وإلتقيت به وإستفسرت منه عن قضيته حيث أخبرني قائلا:
عندما إلتقينا في بيروت في أحد الشوارع كان معك رفيق لم أكن أعرفه آنذاك، وبعد يومين حدد الرفيق الذي كنت علی صلة به موعدا للقاء بأحد قادة الحزب الذي طلب اللقاء بی. وفي الموعد المحدد حضر الرفيق الذي كان معك أثناء لقائنا وعرفت فيما بعد أنه بهاء الدين نوري. وبعد الإستفسار مني عن هويتي وعملي ووجهتي للسفر الی بلد إشتراكي بزمالة دراسية واللغات التي أجيدها وإمكانية حيازتي علی الهوية التركية ولدي جواز سفر صالح للسفر..الخ. قال لي أن الحزب بحاجة الی جهودك في خدمة الوطن في الوقت الحاضر ونريد أن تعمل معنا الآن في مهمة خاصة فوافقت، وأرجعوني الی القامشلي وإلتقی بي هناك من جديد وكلفني بالذهاب الی تركيا وتدبير بقائي في قرية بين الجزيرة وشرناخ وينبغي أن أبقی هناك لحين إتصاله بي، وقد ذهبت الی المكان المحدد بمساعدة الاخرين وإستقريت في دار بالقرية تسكنها إمرأة عجوز، وقد سلمت جميع أوراقي للعجوز للإحتفاظ بها وكنت أذهب الی نهير قريب وألهي نفسي بالسباحة للإبتعاد عن عيون الناس ومداهمات الجندرمة المستمرة للقرية، وقد مر أكثر من ثلاثة أشهر دون أن يسأل عني الرفيق بهاء. وفي يوم من الأيام الأخيرة عندما رجعت الی البيت شاهدت أن العجوز مرتبكة وأخبرتني حول مداهمة الجندرمة للقرية لذلك قامت وقبل دخول الجندرمة للبيوت بحرق جميع أوراقي خوفا من وقوعها بيد الجندرمة، ثم غادرت الی الجزيرة وقررت العودة الی طرفكم وكتبت رسالة إليك بمساعدة الأصدقاء.
لقد إستغربت جدا من هذا الأمر وإنتقدته علی عدم سفره لإكمال الدراسة وتغيير وجهته، وكذلك إنتقدته لتركه هويته التركية لدی العجوز حيث كان بإمكانه الإستفادة منها في تحركاته. وأخبرته أن الرفيق بهاءالدين نوري قد رجع الی كوردستان منذ أشهر، ثم زودت الرفيق سلام بمبلغ وأرسلته الی الشام لمدة شهر في إجازة بناء علی طلبه وبعدها يعود الی طرفي حتی يكلفه الحزب بمهمة أخری. وبعد إنتهاء الإجازة رجع ال طرفنا في القامشلي وأرسلته بناء علی طلبه مع مفرزة الی مقر رفاقنا الأنصار في بادينان.
وبعد ستة أشهر من سفر الرفيق بهاء الدين نوری (أبو سلام) الی كوردستان جائني رفيق من أحد الأحزاب الكردية من شمال كوردستان الی القامشلي قائلا: ... منذ 6 أشهر يوجد رفيق من رفاقكم في ضيافة حزبنا في مدينة(وان) ووضعناه في أحد البيوت، وتعرف أن أوضاعنا صعبة جدا وإن إختفاء رفيق لمدة ستة أشهر عندنا صعوبة إضافية وخطرة ومسؤولية تجاه حزبكم. وهو مريض ولا يملك أي مبلغ وقد دبرنا له مبلغا كدين. ولاندري الی متی يبقی هذا الرفيق عندنا؟!
قلت له هل بإمكانكم إيصاله الی هنا؟ أخبرني بالإيجاب. لذلك كتبت له رسالة بإسم م.س. وطلبت منه الرجوع فورا الی القامشلي. وقد دفعت للرفيق القادم المبلغ الذي كان بذمة رفيقنا وشكرتهم كثيرا. وبعد أيام أخبرني نفس الرفيق هاتفيا أن اذهب الی النقطة المحددة وقد حضرت بسيارتي في الموعد وإستلمته. وظهر أنه الرفيق(آزاد خانقيني) وكان متألما ومريضا ونحيفا جدا وروی لي قصته قائلا: إن الرفيق بهاء قد كلفني بالذهاب الی مدينة(وان) والبقاء هناك لحين إخباري من جانبه وعدم الإتصال بأحد. وقد إنتظرته ستة أشهر دون أي خبر منه. وإنتهی المبلغ الضئيل الذي إستلمته منه. وشعرت بالإحراج للمبيت عند هؤلاء الأصدقاء لهذه المدة الطويلة..الخ..
إنتقدته وقلت له كيف بقيت طوال هذه المدة؟ هل أنك خشب؟ ولماذا لم تتحرك بعد فترة قصيرة؟ بين أنه نفذ توجيهات وتأكيدات الرفيق بهاء الدين، وكان مترددا ولا يعرف ماذا يعمل. وقد زودته بمبلغ لشراء الملابس والحاجيات الضرورية وإقترحت عليه أن يسافر الی الشام للراحة والعلاج لمدة شهرين وبعد ذلك يعود حتی نتفق معه علی عمله اللاحق. وإشتريت له تذكرة سفر بالطائرة و أرسلته بعد يومين من وصوله الی الشام . وقد عالج نفسه وإرتاح هناك وقبل إنتهاء مدة إجازته بأكثر من أسبوعين رجع الی القامشلي حيث سفرته مع مفرزة من الپيشمهرگه الی بادينان وذلك بناء علی رغبته. وكان الرفيق آزاد خانقيني وحسب تقديرات الرفيق أبو جوزيف ورفاق القاعدة من الأنصار الجيدين.
وينبغي أن نذكر هنا أن الرفيق أسعد خضر(أبونجاح) قد وصل مع زوجته الرفيقة (أم نجاح) الی القامشلي للذهاب الی مدينة نصيبين لبناء بيت حزبي هناك والإستعداد للعمل. وقد وصلا فعلا الی هناك وإستأجرا دارا مناسبة بمساعدة الرفيق أبو علي والآخرين من الأصدقاء هناك الذين ساعدهما كثيرا في تأثيث الداروبقيا عدة أشهر وسط مخاطر جدية، وكانا من الرفاق الجيدين والملتزمين، وكنت أراسل الرفيق أبو نجاح وأزوده بالرسائل والأدبيات وزودته بعنوان في القامشلي للمراسلة، دون أن يكون هذا من مهمتي، وقد أهملوه أيضا ولم يتمكن من إنجاز أية مهمة وبناء علی إقتراح من الرفيق أبو علی تم إلغاء الدار، وفيما بعد سافر الرفيق أبو نجاح وزوجته الی كوردستان.
وقد إقترحت بقاء عدة رفاق من القادمين للسفر للبقاء في القامشلي للعمل ضمن مهمتنا في مختلف مجالات الإختصاص. ومن أوائل الرفاق الذين أبقيتهم، الرفيق صالح عبدالرحمن چوارقوڕنهيی (أبو جاسم).
كذلك عمل معنا بالإضافة الی الرفاق أبو حسن وزوجته النصيرة أم رحيل وأبوعلي ولفترات معينة كل من الرفاق: أبو حربي، أبونادية وزوجته أم نادية، أبوسامر وزوجته منال، خيري القاضي (أبوزكي)، كامران أحمد مساح (درويش) ، فارتان شكري مراد (أبو عامل)، درويش (أبو آمال)، أبو حازم، أبو هشام، وآخرين.
وقد إشترينا ماكنة خياطة للرفيق أبو نادية الذي كان يعمل الحقائب والقابوريات ويخيط الملابس للأنصار وينفذ كل ما يطلب منه بجدارة، وكان من الرفاق الجيدين والملتزمين جدا ويتعب بإخلاص في عمله وقدم طوال سنوات وجوده خدمات جليلة للعمل الأنصاري وكان حريصا للإقتصاد في المصاريف، بالإضافة للرفاق الآخرين الذين عملوا بجهادية عالية كالرفيق آبو سامر وأبو جاسم..إلخ.
إيصال جهاز الإذاعة السرية الأولی
إذاعة ( صوت الشعب العراقي)
بعد المداولات والمراسلات مع الرفیق المعني أرسلت الرفیق السوری السائق أبو خالد مع رفیق آخر یرافقه إلیه فی دمشق وكنت قد سمعت بوجود جهاز إذاعة إستلمه الحزب من الرفاق السوڤیت بطب منه لحاجتنا الماسة إلیه فی كوردستان. وكان الجهاز قدیم ولكنه قوي وصالح للعمل الأنصاري وسمعت أیضا بأن الجهاز سبق وأن أستعمل في مهمة أنصاریة مماثلة أیام الحرب الوطنیة العظمی.
وقد تم إیصال الجهاز الی دمشق بمساعدة الأصدقاء.
وبعد أیام قلیلة وفی الموعد المحدد وصلت سیارة لوری محملة بالجص وتحدث الرفیق السائق لي عن مجیئهما عبر مدینة حلب وكیف أن عناصر الشرطة أرادوا ضرب الشیش بالجص لمعرفة كامل محتویات السیارة إلا أنهم قد تخلوا عن إكمال التفتیش كی لا یتوسخوا بالجص لأن الهواء أیضا كان قویا نوعا ما. وقالا لانعرف ما موجود بقعر السیارة ولكننا نعرف أنها أشیاء ممنوعة. وقد سلمني السائق مفتاح السیارة وذهب مع مرافقه راجعین الی البیت للإستراحة.
أخذت السیارة المحملة بالجص ووقفتها في مكان مناسب، علما أنني لم أكن أملك إجازة السیاقة. وبمساعدة الرفیق السوري (أبو وحید) تعرفت علی أحد الرفاق الذي كان یبني دارا جدیدة وكان قد أكمل بناء هیكل الدار، وقلت له لدي سیارة محملة بالجص فهل تحتاج الجص؟ قال نعم. قلت له الآن سأجلب إلیك الجص دون مقابل شریطة أن تبقي عندك أمانة فی داخل البناء لعدة أیام ثم أنقلها الی مكان آخر فوافق. ثم فرغنا السیارة من الجص وأخرجنا الجهاز. وكان یتكون من ثلاث أجزاء أحد الأجزاء أطول من متر مربع كمساحة، أما الأرتفاع أو السمك فكان یقدر بحوالي الشبر. أما القطعتین الباقیتین فكانتا أرفع وأطول من القطعة الأولی. والجهاز بأكمله ملفوف بشكل جید وكل قطعة علی حدة بأكیاس من الگواني ثم بالنایلون. وتركنا القطع الثلاث في مكان مناسب داخل البناية، وبعد ذلك إنصرفت وبدأت بالتفكیر لتدبیر نقله الی كوردستان.
كانت مجموعة من رفاقنا قد وصلت الی القامشلي بغیة الوصول الی كوردستان وكان بینهم الرفیق أبو خالد الذي أخذته معي عند ذهابي لإنجاز مهمة في القری الحدودیة وفي الطریق حیث كنت أسوق سیارتنا البیكاب من نوع الشوفرلیت وعلی متنها رفاق وشدات من الأسلحة. وفي الطریق الترابي القريب من زراعة الحنطة و الملئ بالماء والطین توقفت السیارة وكانت دوالیبها تدور فی حفرة طینیة دون أن تسیر وبعد محاولات عدیدة لم أتمكن من إخراج السیارة، وهنا بادر الرفیق أبو خالد وطلب مني أن أفسح له المجال كي یسوق هو ویخرج السیارة وقد وافقت وتكمن من إخراج السیارة من الطین وكان سائقا جیدا وبقي یسوق حتی نهایة السفرة فی نفس اللیلة، وبعد العودة الی القامشلي والإطلاع ملیا علی ورقة ترحیله التی كانت تحتوي علی معلومات إیجابیة ومواصفات جیدة عنه، طلبت منه البقاء فی القامشلي إختیاریا لحاجة الحزب الی جهوده هنا وأنا مخول من الحزب بإبقاء عدد من الرفاق من ذوي المواصفات الجیدة، الا أنه أبدی تلهفه للعودة الی الوطن وخاصة أنه خبیر عسكري وملازم والرفاق بحاجة الیه فی الداخل أكثر. لذلك قررت أن أكلفه بمهمة نقل الإذاعة الی الوطن. قلت له حسنا ولكن هناك مهمة هامة هل أنت علی إستعداد لإنجازها مع عدد من الرفاق. أجاب نعم إنني علی إستعداد لإنجاز أیة مهمة وإستفسر عن ماهیة المهمة. قلت له أن مهمتكم هي نقل بعض المتفجرات من هنا الی الوطن وإنني قد هیأت الأدلاء ومستلزمات النقل ولكن الشروط هی كما یلی:
المتفجرات ملفوفة بشكل جید في ثلاث حمولات وقابلة للتفجیر الشدید لذلك یجب عدم فتحها وعدم تبلیلها بالماء وعدم إدخالها الی القری وعدم رمیها علی الأرض وعند بقائكم فی القری یجب إبقاء الحمولات في الجبل والمناطق القریبة من القریة تحت الحراسة وتوصلها الی ید الرفیق تۆما تۆماس(أبو جوزیف) مع رسالة صغیرة أكتبتها الیه، وأنت تكون مسؤول المفرزة الصغیرة من خمس رفاق. فوافق بحماس.
وفي الیوم التالي دبرت شراء أربعمائة كیس من النوع الذي یستعمل لنقل الحنطة أثناء موسم الحصاد وهیئنا أربعة رفاق آخرین ووضعت الحمولات فی السیارة وفوقها جمیع الأكیاس الفارغة. وأخذت الرفاق الخمسة فی منتصف اللیل الی الحدود وكان الأدلاء قد حضروا في الموعد المحدد ووضعنا الحمولات علی ظهر بغل بشكل مناسب ومشدودة وعبروا الحدود بنجاح من المكان المحدد.
كنا نستعمل مع الرفیق أبوجوزیف ورفاق المكتب السیاسي المعنیین كلمة المحروسة عند الحدیث أو الكتابة عن الإذاعة.
وقد وصلت المفرزة بنجاح الی قاعدة بهدینان في(یهكماڵه) وقد بذلت الرفاق الأنصار الخمسة جهودا جبارة وسط المخاطر حتی وصلوا الی القاعدة بعد أكثر من أسبوع من السیر علی الأقدام والحمولات محملة علی بغل.
وبعد وصول الحمولات والرسالة الی الرفیق أبوجوزیف وإطلاعه علیها یقول الرفیق أبو جوزیف بصوت مرتفع أبشركم.. لقد وصلت الإذاعة! وسط حیرة الرفیق أبو خالد والرفاق الآخرین في المفرزة حيث كانوا يتصورون أنها متفجرات!، وفرحوا كثیرا. ثم نقلت أول إذاعة الی منطقة ناوزهنگ ومن هناك الی حیث نصبت ثم بدأت بالبث وكانت إذاعة جیدة وقویة، ثم نقلت الی عدة أماكن حتی إستقرت في پشت آشان.
وأثناء هجوم قوات الإتحاد الوطني علی مقرات حزبنا هناك في01-03-1983، قرر الرفاق حرق الإذاعة مع بعض الممتلكات الأخری كي لا تقع بید المهاجمین. وهكذا فإن الحزب قد فقد إذاعته بالإضافة الی حياة 63 رفيقا من خيرة رفاقه الأنصار والكوادر المهيئة للنزول الی مناطق بغداد والوسط وجنوب العراق. وإنتصب أمام الحزب مرة أخری مهمة تدبير الحصول علی إذاعة جديدة، ومادمنا نحن بصدد الحدیث عن الإذاعة فلا بأس من أن نذكر أن الحزب قد تمكن من الحصول علی إذاعة جديدة أقوی من القديمة في فترة قياسية سريعة وإیصالها الی طهران سرا ومن هناك ساعدنا الفقيد محمد رحيم (الخال حجي) مشكورا بنقلها من طهران الی أحد مقرات قوات أنصار الحزب فی كوردستان.[1]