#شه مال عادل سليم#
وهكذا حدثني الراحل ملا حسن عن نضال الحزب الشيوعي العراقي ودفاعه عن ثورة 14 تموز المجيدة :( قبل اندلاع الثورة بما يقارب العشرة اشهر , تعرضت منظمتنا في( قصبة رواندوز التابعة لمدينة اربيل ) الى ضربة من قبل اجهزة امن النظام الملكي و وامتدت هذه الضربة بشكل جزئي الى اربيل ايضا , وفي تلك الفترة بالذات حدث بعض الارباك في منظمات حزبنا في كوردستان نتيجة للحركة الانشقاقية التصفوية والتي انضمّ اليها مع الاسف اكثرية اعضاء ( لجنة فرع كوردستان) , ولكن بالرغم من ذالك استطاعت المنظمة الحفاظ على وضعها التنظيمي وصلاتها الحية بالجماهير .....
في هذه الاجواء التي سادت كوردستان في اواخر سنة 1957 واوائل سنة 1958 كانت منظمات حزبنا تواصل النضال بالرغم من ضربات العدو المتتالية و كانت تعيد تنظيم نفسها بسرعة قياسية بعد كل ضربة تتعرض اليها ....
قبل اندلاع الثورة باكثر من شهر التقيت بالرفيق الشهيد ( احمد محمود الحلاق ) الذي كان يقود المحلية , وفي هذا اللقاء استعرضنا وضع منظمة (رواندوز) التي كانت قد استطاعت اعادة الصلة مع الخلايا والمناطق الريفية المنقطعة عن لجنة القضاء منذ ضربة تشرين الاول 1957 ,بعد هذا اللقاء وفي اثناء سفري في بداية تموز 1958 الى قصبة جمجمال ( التابعة لمحافظة السليمانية آنذاك) التقيت بالصدفة احد اصدقائي وكان عضوا في الحزب فاخبرني بان احداثا هامة ستحدث في العراق خلال الفترة القريبة التالية .
في يوم 13-07- 1958 عدت الى قرية (دركلة )حيث كنت اعمل معلما , ولم اسمع بقيام الثورة الا بعد ظهر 14 تموز , عن طريق القادمين الى القرية من الطريق العام الذي يربط بين ( رواندوز وحاجي عمران ), والذي هو جزء من الطريق المعروف باسم طريق (هاملتون )....
في اليوم التالي نظمنا احتفالا جماهيرياً لأبناء القرية والقيت كلمة دعوت فيها الجماهير الى الوقوف خلف قيادة الثورة والدفاع عنها , وفي اليوم الثالث اي في 16 -07- 1958 توجهت الى قصبة ( رواندوز) وهناك علمت بان جماهير المدينة وبتوجيه ومشاركة مباشرة من المنظمة الحزبية والاصدقاء والرفاق القدماء نظمت صباح 14 تموز مظاهرة تأييد للثورة , طافت الشارع الرئيسي في المدينة وخطب فيها بعض الرفاق والاصدقاء الذين حثوا الجماهير على الدفاع عن الثورة ضد اي تدخل خارجي او تأمر رجعي داخلي .
لقد نشطنا في توسيع لجنة الدفاع عن الجمهورية و حيث انخرطت اعداد كبيرة من ابناء المدينة فيها وفي اللجان المتفرعة منها , وكان لهذه الفعاليات دور كبير في شل ايادي العناصرالموالية للنظام الملكي , كما قمنا بحملة لجمع التواقيع تأييدأ للثورة والنظام والجمهورية الفتية وادانة التحركات التي قامت بها الدول الاستعمارية في كل من لبنان والاردن حيث انزلت قواتها لتخويف جماهير الشعب العراقي وتهديد ثورته .... لقد استقبل شعبنا الكوردستاني ثورة تموز بالتاييد الحار منذ اللحظات الاولى والتف حول قيادة الثورة وابدى استعداده التام للدفاع عنها وهو ينتظر من النظام الجمهوري الجديد تلبيه مطالبه القومية المشروعة , ولعبت منظمات حزبنا الشيوعي دورا مجيدا في توعية وتعبئة الجماهير ونظمت الالاف في صفوف الحزب والمنظمات والنقابات خلال فترة زمنية قصيرة . .
ولكن مع الاسف وبمرور الزمن فان قيادة الثورة تنكرت للديمقراطية في العراق بصورة عامة ولحقوق الشعب الكوردستاني خاصة , وان جزءأ كبيرا من مسؤولية ما الت اليه الاوضاع في بلادنا ولحد اليوم تتحمله هذه القيادة , خاصة عبدالكريم قاسم الذي راهن على حكم فردي استبدادي مهد الطريق للزمر الرجعية المعادية بقيادة العفالقة لخنق الثورة والسيطرة على الحكم بقوة السلاح ))........
اما عن جريدة (ازادي الحرية ) المنبر الاعلامي السري الشيوعي الاول في كوردستان ( لسان حال الفرع الكوردي للحزب الشيوعي) العراقي قال الراحل ملا حسن :
(( جريدة ازادي هي اول صحيفة سرية كوردية ناطقة باسم الحزب الشيوعي العراقي الفرع الكوردي , صدرت بعد عقد المؤتمر الاول لحزبنا الشيوعي العراقي في شباط عام 1945 ... وتابعت ازادي صدورها بصورة سرية الى ما بعد ثورة 14 تموز المجيدة ... كان ﻠ (ازادي) اهمية كبيرة جدا من حيث كونها اول جريدة كوردية شيوعية سياسية التي عرضت المطاليب الكوردية بكل جراة …
وكان صاحب امتيازها الشهيد الخالد الصحفي والمحامي( نافع ملا يونس) الذي لعب دورا بارزا فيها واغنى الجريدة بكتاباته الثرة والقيمة , كما ساهم في ازادي كتاب وشخصيات كوردية مرموقة على سبيل المثال لا الحصر (احمد غفور وماموستا عمر عارف قابره ش وملا شريف عثمان ود. عزالدين مصطفى رسول وصالح الحيدري والشهيد شيخ معروف البرزنجي وعبدالواحد نوري و الشاعر الكبير عبدالله كوران , وكاكة حمة , وحمة كريم , وحسين عارف واالشاعر احمد دلزار) واخرين من عشاق النور والكلمة الصادقة في صحافتنا المناضلة ......
رفعت جريدة ازادي راية الكفاح ومن اجل الاستقلال الناجز والحرية والديمقراطية من جانب و في سبيل المطامح والمطالب القومية العادلة للشعب الكوردي من جانب اخر , و كانت تبشّر في الوقت نفسه بافكار الاخاء والمساواة بين البشر والعدالة الاجتماعية والاخوة العربية الكوردية والنضال المشترك ...
لعبت ازادي دورا رياديا ومهما في ميدان الصحافة الكوردية وسخّر كتابها اقلامهم للدفاع عن الشعب والديمقراطية وحقوق الانسان كما ادانوا فيها سياسة الحكومة الرجعية ..... ))...
كان المناضل ملا حسن كاتبا سياسيا متمكناً , ولقد تكلم باسم الحزب في عدة مناسبات واحتفالات ...وفي حفل افتتاح مقبرة شهداء الحزب الشيوعي العراقي في اربيل وفي رواندوز قرب قرية ( ميراجيان ) ولايُنسى الأنفعال الكبير للراحل ملا حسن حين القى كلمة الحزب وكانت كلمة ارتجالية مؤثرة جدا .... كما كتب وباللغتين الكوردية والعربية عن الوثبات والانتفاضات الجماهيرية في كوردستان على سبيل المثال لا الحصر انتفاضة سهل اربيل عام 1953 , تلك الانتفاضة الفلاحية الكبيرة في سهل اربيل , والتي شملت مناطق واسعة , واشترك فيها مجموعة غير قليلة من رجال الدين , وان تلك الانتفاضة عرفت باسم انتفاضة( دزيي الفلاحية) في سهل اربيل ....كما كتب عن التعريب والتطهير العرقي وفضح سياسات النظام البائد و كتب عن رفاقه الخالدين وذكرياته معهم ومنهم ( نافع ملايونس , عادل سليم , جمال الحيدري, صالح الحيدري ) واخرين من شهداء ومناضلي الشعب والوطن ...
و كتب الفقيد ابو ئاسو عن القضية الكوردية وعن ثورة 14 تموز المجيدة كما كتب عن السلم , الديمقراطية , الدفاع عن مصالح الكادحين , الفيدرالية , وعن دور الولايات المتحدة الامريكية وازدواجيتها في التعامل مع قضايا الشعوب ومنها شعبنا الكوردي وكتب في احدى مقالاته القيمة : ( بان الولايات المتحدة الامريكية جعلت من نفسها المدعي والقاضي والشرطي في أن واحد )....
كما ندد ايضا في سلسلة من مقالاته بالتهديدات والاجتياحات والتجاوزات التركية على ارض كوردستان بحجج واهية ومنها محاربة حزب العمال الكوردستاني ووضع يده على الجرح حيث كتب :- ( بان على تركيا ان تعالج ازماتها الداخلية وفي مقدمتها اعترافها بالشعب الكوردي وحقوقه المشروعة واللجوء الى قوة والقانون وليس الى قانون القوة ) ....
كما ساهم في فتح باب المناقشة الصريحة والشفافة والموضوعية في جريدة ريكاي كوردستان ( طريق كوردستان ) والتي كان الفقيد رئيس تحريرها عام 1996 امام جميع الاطراف والشخصيات السياسية لابداء ارائهم حول : ( هل يمكن حل قضية كوردستان في ظل نظام دكتاتوري ؟ ) وكان لهذه المناقشة صدى كبير وسط الشارع الكوردستاني وكانت محورا مهما من محاور النقاش الشفاف بين جماهير الشعب في ذالك الوقت ، حيث سادت الساحة الكوردستانية العراقية في تلك الفترة نقاشات جدية ارتباطا بما اثارته احداث 31-08- 1996 (اثر الاقتتال الداخلي المدمر بين حدك واوك و الذي استنجد فيه الاول بالنظام العراقي البائد وعلى اثره ارسل النظام كتائب من الجيش العراقي لطرد قوات اوك من اربيل) و ما اثار من تداعيات مؤسفة وخصوصا في موضوع العلاقة بالنظام الدكتاتوري ودعوة اطراف في الحركة التحررية الكوردية الى التفاوض معه ! وذالك لاظهار الحقائق والاستفادة من الدروس والعبر والتجارب المؤلمة في هذا المجال حيث كتب الراحل ابو ئاسو واكد على حقيقة الا وهي لم ينل شعبنا الكوري حقوقه القومية الا في ظل الديمقراطية في العراق .....
كما كتب عن الشعراء ... على سبيل المثال الشاعرشيخ محمد حسين البرزنجي المعروف ب( ع. ح . ب ) شقيق الشهيد (شيخ علي البرزنجي ) الذي القي القبض عليه في كركوك عام 1971 واستشهد تحت التعذيب الوحشي والقاسي على يد جلاوزة النظام البعثي البائد ....
ختاما اقول ...ظل ملاحسن طوال هذه الفترات وفي كل المنعطفات مواصلا للعمل الحزبي دون انقطاع او كلل وبحماس وقناعة قل نظيرهما , وبروح شفافة مرحة متفائلة كانت تشيع الامل والبسمة لدى المحيطين به من رفاقه واصدقائه حتى في احلك الظروف واشدها قتامة ومبعثا للياس .
ان رحيل المناضل ملا حسن خسارة كبيرة لعائلته ولرفاقه ولحزبه , غير ان سيرته النضالية من اجل عراق الغد ومن اجل كوردستان وتحقيق العدالة الاجتماعية ستبقى حية في نفوس الكثيرين ممن عايشوه وعرفوه عن قرب , تمدهم بالهمة والامل على مواصلة النضال من اجل تحقيق الاهداف والاحلام التي كرس لها الفقيد حياته في قيام عراق ديمقراطي تعددي يصون كرامة الانسان وحقوقه ويظمن مصالح الشعب وكادحيه في الامن والعيش الكريم والعدالة الاجتماعية ......
تحية احترام ووفاء ﻠ ( المعلم والمناضل والمربي الشيوعي النبيل ملا حسن ) ....
ذكراك طيبة ...ولك الخلود لعملك ونضالك المثمر ونشاطك وحبك للوطن وللناس ......
* المقالة هي اقتباس من مقابلات اجريتها مع الفقيد ملاحسن خلال زياراتي الى اربيل قبل سقوط النظام البائد ولحسن علاقته وصداقته مع العائلة تكرم بالحديث وبشكل مجزي وشافي وبالتفصيل عن احداث تاريخية مهمة وعن شخصيات تركت بصماتها على مجريات الاحداث ، و وقف عند محطات مهمة وحساسة في تاريخ الحزب الشيوعي العراقي .. وتحدث بالتفصيل عن دور رفاقه في الثورات والانتفاضات والمعارك البطولية والتي تبقى وستبقى كملاحم محفورة في القلوب وفي صفحات تاريخ العراق رغم التشويش المتعمد وخلط الاواق ومحاولة تزوير الحقائق ..[1]