#خسرو حميد عثمان#
ذكرنا في الحلقة الماضية بأننا سننشر برقيات التأييد والتهنئة التي وصلت الوفد الكوردي الذي شارك في الآحتفال الكرنفالي الذي ساد أجواءه الايجابية جميع مدن العراق، بدون تمييز، بمناسة إعلان وصول وفدي الحكومة العراقية الذي كان برئاسة صدام حسين ( نائب رئيس مجلس قيادة الثورة وقتها) وملامصطفى البارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني في گلالة ليلة 11/10 -03-1970، الى الاتفاق في ناوپردان القريبة من الحدود العراقية الايرانية.
في تقديري كان لتوافق الطرفين على إختيار ناوپردان مكاناً للتوقيع على وثيقة لم تكن تسميتها بصورة واضحة ضمن بنود الاتفاق*، وكان للمكان رمزيته في حسابات وخيال الطرفين أيضا، في الوقت الذي كان الإعلان الرسمي للإتفاق بين الطرفين في وسائل الأعلام المركزية في بغداد بصيغة بيان صادر من مجلس قيادة الثورة من طرف واحد على الملأ (ص620-614 من كتاب مسعود البارزاني الذي ورد ذكره في الحلقة الماضية( إحتفظ الطرفان بما سُميالملحق السري بالبيان الذي أصدره مجلس قيادة الثورة مذيلة بتوقيعي البارزاني و صدام (ص 621 -622 من الكتاب) تُذكر في الملحق السري مصطلح البيان 11مرة. الفقهاء في القوانين لديهم الفروقات بين المصطلحات: بيان وإتفاقية ومدلولاتها واضحة وضوح الشمس وكذلك الفرق بين إتفاقية وإتفاق، ولكن الملاحظ في مجمل ما نشره الحزب الديمقراطي الكوردستاني من كتابات وبيانات ذُكرت إتفاقية 11أذار وليس بيان 11آذار كما ورد في الفصل الثامن عشر من الكتاب: ما نُفذ وما لم ينفذ من بيان 11 آذار (ص 317-299 من الكتاب)* حيث ذُكر مصطلح إتفاقية في 25 حالة و مصطلح بيان 3 مرات وذكرت كلمة إتفاق مرتين في بيان المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني المؤرخ 1974- 3-13 (لهذا السبب أحاول من خلال كتاباتي ذكر المصطلحين جنباً الى جنب).
لم ينشر مسعود البارزاني غير برقيتين في كتابه:
أولا- برقية محمد مهدي الجواهري:
بغداد 12-3-1970
محمد مهدي الجواهر
السيد المناضل رئيس الحزب الديقراطي الكردستاني الملا مصطفى البارزاني الجليل.
أتقدم إليكم بتحاياي الخالصة وتﮪانيّ الصميمة في ﮪذا اليوم التاريخي. يوم حلّ القضية الكردية الذي توّج صمودكم في سبيل تحقيق أماني الشعب الكردي العظيم ولأجل تجسيد مطامحه الكريمة بمرِّ قرون عديدة من النضال العسير والمعاناة الشاقة، والتضحيات العديدة بكل ما يملكه شعب عريق ذو تاريخ حافل بالبطولات، زاخر بالبطولات. أيﮪا السيد المناضل والقائد المحنّك إنّك فذّ بين القادة الأفذاذ، في إيمانك بعدالة قضيتك وفي التﮪيئة لها، وفي التصميم عليﮪا، وفي وضع هذا التصميم في فلكه الدائر الساهر وشحذه على محكّ البلاء وفي غمرة من محنة الصبر المرّ وفي الذروة من عزة قطف ثمار الصبر الحلوة.
إن التاريخ أيﮪا السيد الزعيم- سيظل متحدثاً عنك بأبلغ لسان، وأصدق تعبير، وبقوة مأثورة عنه
لاتعرف المحاباة، ولا التزييف، ماظل -هذا التاريخ- على مدى إرتباطه بقضايا الشعوب الصامدة
وأمجادها، وبطولاتها، وأخيراً فعن مصائرها، ومصاعدها الى ذرى الرفعة والمنعة.
هذه -أيها الزعيم بحق- سطور في كلمات هي في الحقيقة متون مضغوطة بحاجة الى أكثر من سفر واحد لشرحها، والإفاضة في مضامينها. وأنت بالذات بعبقريّتك الفذة وألمعيّتك الوضاءة خير من يعرف ما تنطوي عليه، وما تزخر به وما تنعم به من مضامين وفحاوى.
أدامك الله رمزاً وهّاجاً ينير طريق السائرين على دروب الحرية، والناهجين مسالك النضال، والصمود، والظفر. ومرّات ومرّات تفضّل بقبول أحاسيسي الجيّاشة، وعواطفي الفيّاضة، وتهانيّ العميقة، وحبّي العميق سيدي.
المخلص محمد مهدي الجواهري
ثانياً- برقية ليونيد بريجينيف:
ترجمة رسالة بريجنيڤ-------- التي سلمتها السفارة السوفيتية الى الوفد الكردي في أواسط آذار 1970 (صورة لها في الملحق رقم (33) قسم الملاحق): أيها الصديق العزيز مصطفى البارزاني عرفنا بإرتياح عميق عن توقيع الإتفاق على حل المشكلة الكردية حلاً سلمياً. نتقدم اليكم بأخلص التهاني بمناسبة هذا المكسب الﮪام الذي يضع حداً للحرب الطويلة بين الإخوان ويؤدي الى توطيد الوحدة الوطنية والصداقة بين قوميات العراق. نؤمن أن إقرار السلام والإطمئنان في العراق يجيز للأكراد التمتع بالحقوق الديقراطية الوطنية في إطار الجمﮪورية العراقية ويفتح الآفاق الملائمة لعمل بنّاء سلميّ للأكراد والعرب ورفاهيتهم. لاشك أن الإتفاق على حل المشكلة الكردية ينزل ضربة قاصمة بالإستعمار والرجعية الساعية الى دق إسفين بين الشعبين الشقيقين. نعبر عن أملنا أنه عندما أظﮪرتم روحاً وطنية واعية للمسؤولية الوطنية خلال المباحثات مع الحكومة فإنكم لابد ستساعدون في المستقبل على توسيع التعاون بين جميع القوى الديقراطية المعادية للإستعمار في الجمهورية العراقية من أجل تطويرها المستمر بطريق الإستقلال الوطني والديقراطية والتقدم الإجتماعي.
السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي
ليونيد بريجنيف
وورد في الكتاب أشارة الى برقية جمال عبدالناصر بالمناسبة: (في تلك الفترة كانت العلاقات العراقية المصرية قد بلغت حدّ التأزم والقطيعة. ولم يبعث عبد الناصر رسالة تأييد أو تهنئة بمناسبة الإتفاق. فطلب دكتور محمود عثمان بإسم وفدنا نقل رجائنا الى الرئيس المصر ي بإرسال برقية تأييد للسلطة. ونقل السفير رجاءنا وكان الرئيس المصري عند حسن ظننا وجاءنا السفير مغتبطاً يحمل برقية التأييد والتهنئة قائلا باللهجة المصرية الصميمة والله علشان خاطركم
* الفصل الثامن عشر: ما نُفذ وما لم ينفذ من بيان 11 آذار (ص 317-299 :
ومصالح حزب البعث نفسه كانت تحتم عليه السير في إتجاه الإستجابة لأهداف شعبنا الكردي في حكم ذاتي ٍّ حقيقي ضمن جمهوريتنا العراقية بشكل يؤمّن مطاليب الشعب الكردي والوحدة الوطنية ويضمن إستقرار العراق وتطوره في آنٍ واحدٍ وإشاعة الد يمقراطية في ربوعه| إلاّ أنّ إتباعهم لسياسة معاكسة تشير الى أن الﮪدف الأساسيّ للسلطة من إيصال الحالة الى ما هي عليه الآن هو إشعارنا بالعزلة وإرغامنا على قبول المشروع الحكومي للحكم الذاتي وبالشكل الناقص والمببتور الذي ُاطلع ِل َع عليه الرأي العام داخل العراق وخارجه تحت وطأة التﮪويشات والضغوط متناسية أنّ شعبنا الكردي الشجاع بقيادة حزبنا المنناضل وقائدنا المج ّرب مصطفى البارزاني لايمكن أن يرضخ أمام التهديد والوعيد وهو عازم... عزماً راسخاً أكيداً على عدم التفريط بحقوقه المشروعة مهما كانت الضغوط والتضحيات| وأثبت الإستياء والوجوم الذي إستقبل به شعبنا الكردي قانون الحكم الذاتيّ المبتور والمشوّه الذي أصدره مجلس قيادة الثورة يوم 11-03- 1974 ومن جانب واحد وإلتحاق عشرات الألوف من أبناء شعبنا بقيادة ثورتنا وحزبنا الناضل ومن مختلف المستويات الثقافية والإجتماعية الطبقية ومن منتسبي القوات المسلحة مدى ما يتمتع به حزبنا وثورة شعبنا الكردي من نفوذ عظيم في كردستان كما أثبتت في الوقت نفسه مدى عزلة حزب البعث وزعانفه عن جماهير كردستان بسبب سياسته غير الواقعية من المسألة الكردية والغطرسة ومحاولة فرض وصايته بالقسر والإكراه على شعبنا الكردي.
إننا في الوقت الذي نحتفظ فيه لأنفسنا بحقّ إتخاذ التدابير الكفيلة بضمان الحقوق والمطاليب العادلة لشعبنا الكردي خلال الأيام القليلة القادمة نطالب في ﮪذه الفترة العصيبة التي تمرّ بﮪا بلادُنا العناصرَ المتسلطةَ على قيادة حزب البعث العربيّ الإشتراكي بإعادة النظر في مواقف الإستعلاء والغرور الشوفيني التي تقفها من شعبنا الكردي وطموحاته العادلة وتجنيب شعبنا العراقي الكوارث والويلات ونناشد الأحزاب والﮪيئات والقوى الخيّرة داخل العراق وخارجه لكي تلعب دورها الإيجابيّ في درء الأخطار المحدقة بشعبنا .
لتتعزز على الدوام وحدة شعبنا العراقي الوطنية والأخوة بين العرب والكرد والأقليات القومية في بلادنا، وستنتصر إرادتنا في تحقيق الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي الحقيقي لكردستان.
عاش حزبنا الديقراطي الكردستاني، والعمر المديد لقائدنا مصطفى البارزاني. المكتب السياسي
للحزب الديقراطي الكردستاني 13-03-1984
ناوپردان/ چومان- كردستان العراق
(ملاحظة: بالإعتماد على بعض المعطيات أستطيع أن آزعم بأن الملا مصطفى لم يكن راضياً على إصدار مثل هذا البيان، لربما بدون علمٍ منه سنتطرق إليه في الحلقات القادمة. خسرو)
بعض مانُشر حول الموضوح قبل صدور البيان وبعده:
1-مكتب الاعلام المركزي للاتحاد الوطني الكوردستاني PUKmediaذكريات صحفية-4
تاريخ النشر في الشبكة العنكبوتية8 maj 2007
يوميات النور(روناكي)
1970-1986
الحلقة الرابعة
يذكرها : صلاح مندلاوي
((لقد كانت للاجتماعات الدورية التي عقدها الاستاذ ابراهيم احمد ومام جلال وكاك عمر مع القيادة القومية والقطرية اثر بالغ في ان تصدر جريدة الثورة الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي (كيف السبيل الى حل المشكلة الكردية؟) والتي بدأت بالاعتراف بان هناك أمة كردية كما توجد امة عربية وان من حقها ان تمتد من العراق الى حيث المناطق المسلوبة من كردستان الكبيرومن الاهداف الاستراتيجية للامة العربية انماء الحركة القومية الكردية وصولا الى النظام السياسي الذي يقي الامة العربية بأمة صديقة من شرور التصادم مع القوميتين الفارسية والتركية.
ولكن ميشيل عفلق قوض تلك الفترة بتصريحاته التي دلت على أن المقالات المنشورة في الثورة كانت خليطا من حميد عثمان سكرتير سابق للحزب الشيوعي) الذي كان يكتب تحت اسم سليم سلطان وعبدالخالق السامرائي وعبدالله سلوم السامرائي ومحمد محجوب. إذا قال عفلق (كان الكراد عربا ومسلمين الى آن جاء الاستعمار فأوجد لهم الاختلافات الثقافية واللغوية) فقال هذا الرجل يسمونه القائد المؤسس اي انتهى دوره وهو ليس القائد الفيلسوف وليس له أية سلطة فصاحب السلطة صدام التكريتي!))
++++++++++++++
2- كتب فرهاد عوني في الدورية الشهرية لنقابة صحفيي كوردستان ( لا التأريخ ولا العدد مذكوران على الصفحة التي استنسختها في حينه) في زاوية من حقيبتي مقالا تحت عنوان: رفقا بكوردستان وشعبها....إستدراك حول الفضائية الكوردستانية الموجه الى العالم العربي مستهلا المقال بما يلي:
{أواخر الستينات القرن الماضي كان الجدل محتدما في الأوساط السياسية العراقية حول (كيف السبيل إلى حل القضية الكوردية). وقد كتب كثيرون في الموضوع قبل الوصول الى صيغة للحل بين قيادة الحركة الكوردية والحكومة العراقية في الحادي عشر من آذار عام 1970 وكان (سليم سلطان) من بين من كتبوا عن الموضوع في جريدة ((الثورة)) لسان حال حزب البعث العربي الاشتراكي وهو الاسم المستعار للمرحوم (حميد عثمان) الذي كان سكرتيرا للحزب الشيوعي العراقي منتصف خمسينات القرن الماضي، وانظم مع عدد من رفاقه الى الحزب الديمقراطي الكوردستاني قبل ثورة 14تموز. كتب سليم سلطان مقالة من وجهة نظره دعا فيها الى حل سلمي ديمقراطي للمسألة الكوردية وذلك بالتفاهم مع قيادة الثورة الكوردية وكان ختم مقالة بجملة تحذيرية قال فيها ما معناه:(إن حل المسألة الكوردية بالاعتماد على حثالات الشعب الكوردي أمر الخطأ ولا يمكن تبريره). وفي يوم ما بعد انتصار انتفاضة الربيع عام 1991 زرت المرحوم حميد عثمان مع زملاء لي في داره في مدينة أربيل وكان طريح الفراش بسبب المرض. لكن ذهنه كان متقدا. ذكرته بمقاله آنف الذكر وسألته عن تفسيره لعبارة (حثالات الشعب الكوردي) وبعد شرح لملابسات اللحظة التي كتب فيها المقال أجاب: كان القصد من مصطلح حثالات الشعب الكوردي هو الاعتماد على جهلة الشعب الكوردي الذين لا يفهمون شيئا في السياسة ويسيئون بانتهازيتهم وركضهم وراء جني المال وكسب ود الكبار للإبقاء على مصالحهم الى كل ماهو نبيل وقومي إنسانى}
مما ذُكر ثبت بأن سليم سلطان هو حميد عثمان ولم تكن تسمية سليم سلطان إسماً مستعاراً وإنما إسما لمشروع هدفه عكس ما نفذه السلطان سليم من سياسات بحق المنطقة وكانت حصيلة نقاشات جدية مع البعثيين الذين ألقاهم عبدالسلام عارف بالجملة في السجون، بدأت في أحد السجون الذي كان مكتظاً بمسؤولين بعثيين كبار في بغداد عندما أُختطف حميد عثمان من قبل عناصر مجهولة بهدف الخلاص منه بالقاءه في نهر دجلة في قلب بغداد- ساحة حافظ القاضي وفي اللحظة الأخيرة يترددون لأن أكرم الحيدري كان يعمل في محل محمد الحيدري القريب من مكان الحدث شكك في الموضوع وأوصلوا الموضوع بسرعة الى حويز مام يحي الذي كان له علاقة قوية مع رئيس الوزراء طاهر يحي، ودوراً نبيلاً للبحث عن حميد عثمان، وبحثوا عنه أياماً وليالي إلى أن ظهر حميد الذي كان تواجده في بغداد للتفاوض سراً مع طاهر يحي- رئيس الوزراء فجأة.
ومن الجدير بالذكر كان لحميد عثمان موقفاً منفرداً وراسخاً، في تلك الفترة وبعدها، يختلف مع مواقف عموم الأمة، حيث أفرغ قلمه(سلاحه) من الحبر نهائياً بعد أن وصل الى قناعة راسخة بأن العراق وُضِعَتْ على سكة نحو الزوال بذلك آنهى، بمحض إرادته، رحلة متواصلة ومضنية بدأها يوم 4-8-1963 من دوله ره قة، سيراً على الأقدام، متجهاً الى حيث كان يتواجد ملا مصطفى البارزاني الذي كان هدفاً لحملة إشترك فيها حتى وحدات من الجيش السوري، رفقة « فه قى بابكر بوسكيني» مع عدد من المسلحين للحماية أمّنَها «عباس مامند أغا» لإن المعارك كانت محتدمة في المنطقة بكاملها. وصلوا ظهيرة يوم 15-8-1963 وبقوا ليلة واحدة فقط عنده وبدأوا برحلة العودة سيراً على الأقدام أيضاً يوم 16-8-1963 و وصلوا الى حيث بدأت الرحلة، دولة رقة، ليلة 19/20 -08-1963. جاء وصف فقى بابكر لهذه الرحلة خلال الصفحات 64-68 من كتابه الفريد من نوعه الموسوم « كه شتيك بە---ناو ميژوودا -جولة في التأريخ ، الطبعة الاولى 2014»، في الحلقة القادمة سننشر ترجمة لهذه الفقرة من الكتاب ودواعي هذه السفرة الطويلة والخطرة لليلة واحدة فقط، ولحسن الحظ مؤلف الكتاب ما زال علي قيد الحياة يُقيم في مدينة رانية الكوردستانية.
(يتبَع)[1]