=KTML_Bold=تل عران.. تاريخ مؤلم وحاضر مليء بالأمل=KTML_End=
كري آران أو كري أرن أو تل عران، ناحية كردية قديمة وتاريخية، وتعتبر مركزاً زراعياً وصناعياً هاماً على مستوى الشرق الأوسط، مقاومتها بوجه ظلم المرتزقة استمرت رغم ارتكاب المجازر بحق أبنائها.
محمد عبدو – أحمد رشيد / حلب
تل عران هي ناحية كردية تقع في الجهة الشرقية الجنوبية لمحافظة حلب بحوالي عشرين كيلو متراً وتتبع إدارياً لمنطقة السفيرة بمحافظة حلب السورية، ويبلغ عدد سكانها حوالي خمسة وثلاثون ألف نسمة تقريباً.
وفي عام 2009 تم إحداث مركز ناحية فيها نظراً ﻷهميتها التاريخية والحضارية والديموغرافية والثقافية عن باقي نواحي منطقة السفيرة؛ حيث تعتبر أكبر نقطة لتجمع الكرد في جنوب حلب، إذ يقدر عدد الكرد هناك 70 ألفاً في كل من بلدة تل حاصل وقرى تل علم وكبارا وبلاط ومدينة تل عران بالإضافة إلى قرى مختلطة من المكونين الكردي والعربي.
ويسكن أبناء الشعب الكردي في أربعة قرى وبلدات وهي كل من(تل حاصل، تل علم, كبارا، بلاط) ومدينة تل عران.
نستعرض لكم في هذا الملف معلومات وافية عن ناحية تل عران، تاريخها، عاداتها وتقاليدها، سكانها، اسمها والوضع الاقتصادي فيها.
التسمية..
أتت تسمية المنطقة بتل عران نسبة إلى تل تاريخي موجود في مركز الناحية قبل حوالي 360 عام، فبحسب أهالي المنطقة وقبل هذه الفترة كانت تسمى المنطقة الواقعة بين حلب وصولاً إلى تدمر جنوباً، أيام الحثيين، بمكان عيش الكرد (warê Kurda).
ويوجد تحت التل مغارات ضخمة ينسبها أهالي القرية إلى ملك آرن، فالتل كان مركز إقامة الملك، أي بمثابة قلعة له يدير بها أمور المملكة، ومن التل واسم الملك ظهر اسم تل عران إلى الوجود بحسب قول أهالي الناحية.
والتلال الموجود بالمنطقة كتل عران، دويلا، هيرودت، هيجير وغيرها من التلال، يعود تاريخها إلى 2500 عام قبل الميلاد، وتشير آثارها إلى وجود الشعب الكردي في تلك المناطق وجذورهم التاريخية المتعمّقة.
قصص متعددة تذكر تاريخ تل عران..
بحسب وجهاء وأهالي الناحية فإن الأراضي الموجودة في تل عران كانت مزروعة بدوالي العنب وتتبع إلى عشيرة عسان العربية، وقد هاجر أبناء عشيرة دنا الكردية الإيزيدية وعشيرة رشوان من باكور كردستان نتيجة الخلافات العشائرية ليستقروا بمنطقة تل عران ويبدؤوا بالعمل في مجال الزراعة ورعاية الماشية بتلك المنطقة.
وإلى جانب ذلك هناك قصة أخرى تقول إن تاريخ الكرد بالمنطقة يعود إلى ما قبل 2500 عام، شهدت المنطقة غزوات وحروب عدة لتستقر كل من عشيرتا دانا ورشوان بالمنطقة، التي كانت تمتد آنذاك من حلب إلى تدمر مروراً بالمسكنة، فعشيرة الدنا الكردية كانت تسيطر على حلب وحدودها، فيما كانت عشيرة الرشوان تسيطر على المنطقة ما بين مدينة المسكنة وتدمر، وذلك أيام حكم الحثيين للمنطقة في سنة 1200 قبل الميلاد، وكانت كلتا العشيرتين تؤمنان بالديانة الإيزيدية.
ولا تختلف الرواية مع القصة الأولى، حيث أن الأهالي كانوا يرعون الأغنام للحصول على قوتهم اليومي.
لكن نتيجة ازدياد الضغط على كلتا العشيرتين واستمرار الغزوات ضدهم من جميع الاتجاهات، تقلصت مساحة سيطرة العشيرتين وعملت الجهات المسيطرة على تغير ديمغرافية المنطقة الحقيقية ما تسبب بانحلال في المجتمع واقتصار أراضي (مكان عيش الكرد) لعشيرتي دنا ورشوان الكرديتين في خمس قرى ومدن وبلدات بالمنطقة وهي (تل عران، تل حاصل، بلاط، تل علم، وكبارا)، وذلك قبل حوالي 360 عام أي بتاريخ ظهور اسم تل عران.
أما تل عران في كتاب معجم البلدان أتى ذكرها كالتالي:
يتواجد بالمنطقة تل أثري كبير؛ ويعتبر أكبر تل أثري في ريف حلب عامة، وآرنة(تل عران) كانت مأهولة بالسكان منذ العهد الميتاني الكردي، كما إنها شهدت الحرب التي دارت رحاها بين الميتانيين والفراعنة.
ومن ثم أصبحت عاصمة اﻵراميين (بيت كوس) إلا أن التركيبة السكانية بقيت لصالح الميتانيين.
في عام 849 قبل الميلاد قضى اﻵشوريون على مملكة (بيت كوس)، مما جعل اﻵراميون يتخلون عن (كري آرانة – تل عرانة) واتخاذ تل رفعت (أرباد - أرفاد) بديلاً لها وعاصمة لهم.
بقيت تل عران آهلة بالسكان حتى العصور الوسطى؛ وحتى العصر الإسلامي، حيث ورد ذكرها من قبل جغرافيين إسلاميين أمثال ياقوت الحموي في معجم البلدان وغيره من الكتب.
تل عران.. مركز اقتصادي وتجاري هام
نتيجة توفر المراعي والأراضي الخصبة الواسعة أصبحت مهنة رعي الأغنام متوارثة من الأب إلى الابن فمنذ مجيء العشائر الكردية إلى المنطقة وهي ترعى الأغنام والماعز والإبل، بل وكانوا يسكنون خيماً مصنوعة من شعر الماعز، ومع مرور الزمن بنوا بيوتاً طينية للاستقرار والعمل بالزراعة إلى جانب تربية الحيوانات.
وتأتي أهمية تل عران من وجود مساحة واسعة خصبة صالحة للزراعة فيها، إذ تقدر المساحة الإجمالية ب 120 ألف هكتار، حيث كانت دوالي العنب هي المسيطرة على هذه المساحات، لكن حاجة السوق إلى الخضروات وتوفر المواد والاحتياجات اللازمة لزراعتها أعطى فرصاً للأهالي لتحسين واقعهم الاقتصادي فبدلاً من أن يقوموا من الاستفادة من محصول سنوي، يقومون بالاستفادة من المحصول الموسمي وقد يصل عدد مرات زراعة الأرض في السنة الواحدة إلى أربع مرات بحسب أهالي الناحية.
وتتم الزراعة بشكل دوري لعدم إلحاق الضرر بالأراضي فيتم زراعة الذرة، القطن، البقوليات، والخضار والتي تشكل أغلب مساحاتها الطماطم، لأنها تعتبر محصول استراتيجي لازدياد الطلب عليها من قبل التجار، كما أن البلدة تحوي سوق الهال خاص بها يحوي 95 محل تجاري يقوم بتصريف المحاصيل الزراعية وإرسال الفائض منها إلى الدول المجاورة كالأردن ولبنان والعراق.
وعلاوة على ذلك فقد افتتح معملان الأول للجبصين والثاني لتصنيع خراطيم الري إلى جانب مركز صيانة لغطاسات المياه لتحقيق الاكتفاء الذاتي عن المدينة، فكل ما يلزم المزارع موجود في البلدة أو القرية نفسها دون الاحتياج إلى المدينة بأي شكل من الأشكال.
إلى جانب ذلك فإن افتتاح المعامل في الناحية أتاح فرص عمل جمة للأهالي فجبصين تل عران معروف بين الأوساط التجارية بجودته العالية وقلة تكلفته، أما معمل تصنيع الخراطيم ومركز صيانة غطاسات الآبار يخففان من معاناة المزارعين ويمكّنهم من سرعة العمل وعدم خلق مشاكل جمة لهم.
مستوى تعليمي عالي ومشفى طبي طاقمه من أبناء الناحية
وتحوي ناحية تل عران أكثر من سبعة مدارس للمراحل الابتدائية الإعدادية والثانوية تتوزع في الناحية حيث أن المستوى التعليمي يشهد ازدهاراً ملحوظاً منذ بدايات قرن العشرين في تلك المناطق.
فيما يوجد في مركز الناحية(مدينة تل عران) مشفى باسم المنطقة يتخصص بجميع الأقسام الطبية والملفت للانتباه أن أعضاء الكادر الطبي والعاملين في المشفى من الأطباء والممرضين إلى المستخدمين، هم جميعهم من أبناء المنطقة من الذين أتموا تعليمهم وحصلوا على الشهادات الجامعية ليعودوا إلى خدمة أهالي منطقتهم.
التسلسل الزمني لتل عران أثناء ما يسمى بالثورة السورية
ومع اندلاع ما يسمى بالثورة السورية ووصولها إلى الريف الحلبي بدأ شبان ناحية تل عران بالانضمام إلى لواء جبهة الأكراد لحماية منطقتهم من السرقة والنهب بالإضافة إلى عمليات القتل والاختطاف التي كان يقوم بها المرتزقة.
لكن الأمان الذي كانت تحظى بها تلك القرى والبلدات لم تلائم أفكار وطموح مرتزقة جيش الاحتلال التركي والمتمثلة بجبهة النصرة وأعوانها حتى أعلنوا الحرب على تلك المناطق لاحتلالها وتغير ديمغرافيتها.
ففي يوم ال 27 من شهر تموز عام 2013 قام أكثر من 17 فصيل مرتزق بالهجوم عليها دون ظهور أي اختلاف على الهدف، ألا وهو إمحاء وجود الهوية الكردية بالمنطقة، ومن بين هذه الفصائل (جبهة النصرة – مرتزقة داعش - لواء التوحيد – أحرار جبل الزاوية – كتيبتي آزادي وصلاح الدين التابعتين للمجلس الوطني الكردي).
وفي 30 من الشهر نفسه وبعد مرور 3 أيام على المقاومة بوجه المرتزقة بتلك القرى اشتدت المعارك وازداد القصف على الأهالي، ونتج عنه ارتقاء أكثر من 40 شاب وشابة من المدافعين عن القرى إلى مرتبة الشهادة واحتلال المرتزقة لمدينة تل عران لتبدأ بعدها صفحة سوداء جديد بتاريخ الشعب الكردي، المجزرة التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء، فمجزرة تل عران وتل حاصل باقية بذاكرة كل كردي.
فشردت المرتزقة الآلاف من الأهالي من بيوتهم وأجبرتهم على التوجه إلى مقاطعة عفرين لاستحلال أملاكهم وأراضيهم وتغيير ديمغرافية المنطقة من جديد على طلب الاستخبارات التركية الميت والتي تحرك تلك المجموعات، كما عملت تلك المرتزقة أيضاً على ذبح 7 شبان من أهالي تل عران.[1]