#عزيز الحاج#
ربما كان ذلك عام 1960، زمن خروتشيف، عندما ظهرت تلك الأغنية الروسية الجميلة، التي لا أزال أدندن بها، أغنية أمسيات موسكو.
الأغنية هي في حب أمسيات موسكو الشتائية الصامتة، حيث الجليد يغطي المدن والأشجار والأنهار: آه لو تعلمين كم أحب أمسيات موسكو.. النهر لا يتحرك وهو يتحرك، والأغنية تُسمع ولا تُسمع.
كان المجتمع الروسي، والمجتمعات الشرقية معها، تبدو هادئة ساكنة، بعيدة عن الحركات الصاخبة فكيف بالأعاصير والزلازل! صحيح أن خروتشيف استطاع إحداث صدمة في المؤتمر العشرين للحزب السوفيتي عام 1956 بكشفه لجوانب من انتهاكات وجرائم ستالين، وقام ببعض الانفتاح الدبلوماسي والداخلي، ولكن النظام ظل كما كان من حيث بنيانه الاقتصادي والسياسي، متباهيا بما كانت دعايته تتحدث عن منجزاته الاقتصادية والتقنية وتفوقه على الأنظمة الغربية الرأسمالية. كان المؤتمر خضة قوية للحزب والسوفيت والحركة الشيوعية الدولية، ولكنه لم يشخص بعمق وجرأة الأسباب الجذرية لانتهاكات ستالين، وكيف أنها في الحقيقة ذات علاقة بأسس النظام نفسه وبالنظرية التي قام عليها، وأن الانتهاكات بدأت في الواقع زمن لينين عام 1918 أيام الحرب الأهلية، ولكن ستالين قفز بوتيرة وطبيعة الانتهاكات لحد جنوني.
ولننتظر ظهور غورباتشيف والبريسترويكا وسنوات الثمانينيات الأخيرة لنرى كيف تطورت الأوضاع لينهار الاتحاد السوفيتي والكتلة الشرقية السائرة معه.
ألا كم تألمت كشيوعي متقاعد، وكم تألم مئات الآلاف من الشيوعيين النشطين والمتقاعدين. لقد قضيت ربع قرن في النضال الوطني تحت راية الشيوعية، ونحن نناضل في أصعب الظروف من أجل العمال والشعب والوطن، ونحن حاملون لأيديولوجيا مغلقة نعتبرها بمثابة المذهب المطلق في كلية صوابه وفي كلية إمكان الاسترشاد به في كل مكان وبلاد، ومهما اختلفت الأوضاع. وحين كنا في القيادة المركزية نساجل الآخرين من الشيوعيين كانت مقتطفات لينين هي سلاحنا للبرهنة على كوننا نحن وحدنا على صواب. نعم كنا نناضل ونضحي من اجل الشعب ولكن ببوصلة عرجاء. وشخصيا لا ألوم نفسي على النضال والتضحيات بل على ضلال الطريق.
كانت أنهار التناقضات الداخلية في الاتحاد السوفيتي والدول الشرقية تتحرك رغم الهدوء المظهري، وكانت مقوضات [تعبير الراحل عامر عبد الله] ما كان يوصف ب النظام الاشتراكي العالمي، تنخر وتنخر باستمرار. وكانت البداية في ثورة المجر لعام 1956، التي قمعها السوفيت؛ ثم ربيع براغ عام 1968، والتي قمعتها دبابات السوفيت أيضا. وأما الضربة الكبرى، فكانت هدم جدار برلين في 9 نوفمبر 1989، زمن ريغان وغورباتشيف، وهو انهيار كان بداية لانهيار الاتحاد السوفيتي نفسه، وعودة أجزاء الإمبراطورية كل إلى الأصل، وانهيار الأنظمة الشيوعية الشرقية، وانتهاء عهد الحرب الباردة بين المعسكرين. وكان ذلك أهم حدث تاريخي حتى ذلك الوقت منذ الحرب العالمية الثانية.
كانت هناك ظواهر سخط وتململ من الأنظمة والهيمنة السوفيتية في عدد من الدول الشرقية، كما مر، وخاصة في المجر وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا، ومنذ الستينات تحسست ذلك شخصيا وأنا في براغ، إضافة لما سمعته عن ثورة المجر التي أدنتها في حينه. وقد كانت أعداد، بعد أعداد، من ألمانيا الغربية تحاول اختراق جدار برلين للوصول للشرقية في مغامرة في غاية الخطورة. وكثيرون قتلوا في المحاولات، وكثيرون نجحوا. وكانت حاملات الدكتوراه من نساء أوروبا الشرقية يتزوجن من سائقي الشاحنات الغربيين كي يخرجن من بلدانهن! وفي براغ كنا نرى بعض مظاهر الرشوة والفساد، وسخط الشباب، والمخازن الخاصة لمالكي النقود الغربية، ومخازن مثلها، وأكبر، وأكثر، في موسكو لكوادر الحزب الحاكم ومصحات الراحة الخاصة لهم على البحر الأسود. وبسطاء الناس يرون كل تلك الامتيازات ويتحدثون همسا أو بغير همس أحيانا كما شهدت في براغ وبرلين الشرقية.
إذن، فالسخط كان يتراكم ويتطور.
وهكذا، لم يكن ذلك الحدث – الزلزال نتيجة مؤامرات الإمبريالية الأميركية والغرب، بل النتيجة الحتمية للأسس غير السليمة التي قامت عليها تلك الأنظمة، والمبادئ النظرية التي استندت إليها. كان الخلل الجذري في النظرية نفسها، كفرضية الصراع الطبقي بوصفه المحور الأوحد للصراعات والتحولات في كل مكان وزمان، وما كانت النظرية تبشر به من حتمية سقوط الرأسمالية الدولية، ومقولة ديكتاتورية البروليتاريا، وحتمية الوصول للمرحلة الشيوعية، حيث لكل بحسب حاجته؛ كذلك الخلل في مبادئ لينين عن الدور القيادي للحزب الشيوعي في الدولة والمجتمع، ورفض الديمقراطية البرلمانية الغربية، ومعاداة الحركات والأحزاب الأخرى التي تتحدث باسم الاشتراكية الاشتراكية الديمقراطية.
لقد انتصرت ثورة شباط الروسية الديمقراطية، وحصد حزب البلاشفة عددا كبيرا من مقاعد المجلس التأسيسي بعد الانتخابات، واستولى الفلاحون الفقراء على الأرض، وتأسست لجان العمال، ولكن لينين أصر على الثورة على الحكومة الجديدة والمجلس باسم ثورة البروليتاريا الاشتراكية، مع أن غالبية أعضاء اللجنة المركزية كانوا مخالفين لرأيه، ولكنه أصر، واتهم من لا يريد الثورة حالا بالتخاذل. وهكذا نشبت ثورة أكتوبر بهدف إقامة الاشتراكية في بلد متخلف اقتصاديا، وتقنيا، وتعليميا، وبطبقة عاملة تتضاءل عددا أمام الكتلة الفلاحية وفي مجتمع غالبية سكانه من الأميين. كانت طفرة ثورية مبتسرة، وطبقت الاشتراكية بعمليات تأميم جماعية وشاملة، و فيما بعد، بمحو الملكية الزراعية باسم الكلخزة، أي التعاونيات الزراعية، وحيث راح ضحية تلك الإجراءات ملايين من الفلاحين بين قتيل ومشرد ومعتقل ومنفي.
لسنا هنا بصدد دراسة تفصيلية للتطورات التي حدثت في الاتحاد السوفيتي منذ الثورة وحتى الانهيار، فهناك كتب ودراسات كثيرة جدا في الموضوع، ولعل كتاب عامر عبد الله [مقوضات النظام الاشتراكي العالمي وتوجهات النظام العالمي الجديد، الصادر عام 1997] هو من بين أهم ما صدر بالعربية بهذا الشأن، ولاسيما ما يتضمن من معلومات تفصيلية وموثقة، وإن كان الكاتب لا يزال يتحدث عن نهاية الرأسمالية وانتصار الاشتراكية بالمفهوم الإنساني.
إن من بين أهم أسباب انهيار الاتحاد السوفيتي كان سباق التسلح المحموم على حساب حاجات الناس والسلع الاستهلاكية، ونهج معاداة الديمقراطية، حتى داخل الحزب [باسم المركزية الديمقراطية]، فلا حرية أحزاب، ولا حرية صحافة، ولا كان البرلمان حرا، وكل معارضة تقمع بقوة. وشهدت المرحلة الستالينية أبشع أنواع ودرجات الانتهاكات والجرائم، التي طالت العشرات والعشرات من قادة الحزب والدولة أنفسهم، في محاكمات صورية بعد اعتقالات اعتباطية وعمليات تعذيب جسدي ونفسي، وحمل المعتقل على إدانة نفسه بالعمالة للغرب والجاسوسية- أي عدم الاكتفاء بالتصفية الجسدية، وإنما أيضا العمل لتصفية كرامة المعتقل ومسخ شخصيته، وتدمير سمعته، والتنكيل بعائلته- وهي أساليب اقتدى بها طغاة أصغر منه، ومنهم النظام المنهار في العراق.
لقد بلغ عدد ضحايا ستالين 20 مليونا [أو أكثر حسب تقديرات أخرى] من السوفيت من مختلف القوميات وباسم احتدام الصراع الطبقي. ومنذ عام 1918، كان مسئولو المؤسسة الأمنية يطلبون من المحققين: لا تفتشوا عن دليل اتهامي. إن السؤال الأول الذي ينبغي أن تطرحوه هو إلي أية طبقة ينتمي هذا المتهم؟ وما أصله؟ ما ثقافته؟ ما مهنته؟ هذا هو ما يقرر مصيره.[عن كتاب المقوضات لعامر عبد الله].
وفي ذلك العام نفسه، اضطرت إدارة احد السجون إلى حشر سبعين امرأة في أحد مغاسل السجن. وفي سجن آخر حشر ثلاثون في زنزانة صغيرة لا يزيد طولها وعرضها عن عشرة أقدام. وكانت النساء يجبرن على العمل الشاق وزنزاناتهن تعبق بروائح البول والغائط والعادة الشهرية، والمئات منهن من لاقين الموت بعد معاناة طويلة. وظل قائد عسكري كبير في السجن شهرا بلا نوم، ثم تعرض لتعذيب وحشي مع عسكري آخر، مع أنهما كانا من البلاشفة المساهمين في الثورة. وكان السجناء يرغمون على الوشاية ببعض، بل وعلى تعذيب بعضهم للبعض أيضا. وكل هذا زمن لينين! قد يقال إن ظروف التآمر الخارجي والحرب الأهلية كانت ظروفا مبررة، ولكن!؟ ومنذ زمن لينين، أقيمت معسكرات الاعتقال ومعسكرات العمل، التي وصل نزلاؤها زمن ستالين للملايين. فمعسكرات العمل وحدها كانت مع نهاية الثلاثينيات تضم 8 ملايين ضحية، عليهم العمل 15 ساعة يوميا بأجر زهيد في بناء الطرق ومد السكك الحديدية وفي المناجم. وبعد وفاة لينين، تعرض السجناء والمبعدون المتهمون بالتآمر ضد الثورة إلى القتل الجماعي بالرصاص أو تكديسهم في شاحنات وإغراقهم في الأنهار. وعندما حدثت تمردات في بعض المعسكرات عام 1952، فقد قمعت بمنتهي الوحشية الدموية. وقدر عدد موتى معسكرات الاعتقال والعمل حتى 1953 ب12 مليونا، عدا من تم إعدامهم أو إبعادهم. وكان من يبعد أو يعتقل يجرد من ممتلكاته، وتطرد عائلته من مسكنه، وتحرض زوجته على تركه.
كان ستالين، الذي لا يزال البعض معجبا به، طاغية دمويا برغم ثقافته، ووصف فيما بعد بأنه مثقف وقاتل. وكان مهووسا بعقدة الشك في الآخرين، وفي ولائهم الشخصي له، وكان ربما يقلد جنرالا وساما رفيعا يوما، ليجد هذا نفسه معتقلا بعد أيام، ويتم إعدامه بعد عام أو أعوام. ومأساة زوجته ناديا من المآسي المفجعة حقا. فقد هربت منه ثم انتحرت. وكانت تصغره بعشرين عاما. ونكل بعدها بأمها وأختها وأطفالهما، كما قام رئيس جهاز أمن الدولة بالتنكيل بجميع أصدقاء ناديا في منظمة الشبيبة [الكومسومول]. وقد أرغموا الجنرال فرونزة على عملية جراحية خلافا لنصح الأطباء، فمات ليعين خلفا له فوروشيلوف. وكان الملايين من المزارعين من ذوي الملكيات المتوسطة قد أبعدوا أو أبيدوا باسم الكلخزة، وباعتبارهم أعداء الاشتراكية. وكان ستالين يكن عداء محموما للمثقفين، وهذه ظاهرة تشمل طغاة شيوعيين دمويين غيره، وخصوصا ما وتسي تونغ. وقد اعتقل زمن ستالين وقتل العشرات من خيرة الكتاب والشعراء السوفيت في الثلاثينات، ومنهم من مات جوعا في السجون خلال الحرب العالمية الثانية.
يقول كتاب عامر عبد الله في ص 316 :
رغم ما هو معروف أو موروث من سياسات وحملات القمع والتطهير في الأنظمة الاستبدادية – الإقطاعية، والأوتوقراطية، والقيصرية، ثم الفاشية، فقد حصل ما يماثلها عتوّا في الاتحاد السوفيتي، بل وتجاوزها قسوة في الحكم، وابتكارا في الأساليب، وامتدادا في الزمن، وشمولا لأمم وشعوب قاطنة أو متوطنة في روسيا القيصرية ومغلوب على أمرها. فقد تم إبعاد سبع من الأمم والأقوام من مواطنها في معسكرات العمل في شمالي روسيا النائية أو إلى المنافي البعيدة في سيبريا وكازاخستان وأسيا الوسطى، بعد مصادرة ملكياتهم، [ومنهم تتار القرم المسلمون، والشيشان ، والبسماغ، والأنغوش، والكماليك..]، كما أبعد وسجن الأسرى العائدون إلى وطنهم من معسكرات الاعتقال النازية. وشهدت السجون ومعسكرات الاعتقال والعمل ملايين المبعدين- ومن بينهم أعداد كبيرة من القادة العسكريين، والحزبيين، والمهندسين، والكتاب، والأدباء، والعلماء، والمفكرين....
هذه معلومات موثقة يوردها رمز شيوعي عمل وضحى من اجل العراق والشيوعية. وهو يوردها، لا طعنا بأفكار المساواة والعدالة والحرية التي كانت تنادي بها الاشتراكية، [خلافا للأفكار النازية العنصرية والمظلمة]، ولا لتجريم ماركس وأنجلز ولينين، وإنما في إعادة نظر موضوعية لما حدث، وواجب الاستعبار، وإصلاح مواطن الخلل في الحركة الشيوعية التي كانت تعتبر الاتحاد السوفيتي هو المثال والنموذج والقدوة. ولعل عامر عبد الله كان واحدا ممن يعنيهم الرمز الشيوعي اللبناني المعتق الأستاذ كامل مروة بقوله إن عشرات الآلاف من الشيوعيين في العالم تحطمت أحلامهم مع انهيار التجربة الاشتراكية، منهم من هم أسرى وهم استعادة الماضي، ومنهم الباحثون عن الجديد الذي لم يولد، وعامر كان من الأخيرين.
لقد أعادت أحزاب شيوعية عديدة، وخصوصا في أوروبا – عدا بعضها كالحزب الفرنسي- [بلغ من تراجع شعبيته أن يختار زعيم حزب من أقصى اليسار للترشيح لانتخابات الرئاسية القادمة]- النظر، وانخرطت في طريق الديمقراطية المقترن بالعدالة الاجتماعية، فالتفسير الحقيقي للاشتراكية يجب أن يكون في مفهوم العدالة الاجتماعية التي يجب اقترانها لا محالة بالديمقراطية السياسية. وأمامنا أمثلة دول الشمال الأوروبي وغيرها من الديمقراطيات العريقة التي لا يمكن القول إنها تمثل الرأسمالية الوحشية، حيث أنها تضمن قدرا جيدا من العدالة الاجتماعية، ولكن من دون تقييد الحريات العامة والخاصة.
نعم، لستالين جوانب إيجابية، منها دوره في تصنيع البلاد، ومنها دوره في الحرب العالمية الثانية [بعد فترة اتفاقه لمدة عام مع هتلر على حساب دول أخرى]. ولكن هل هذه المنجزات تبرر ما تم اقترافه من جرائم رهيبة راح ضحيتها أكثر من عشرين مليونا، وكان بينهم كبار القادة والمفكرين والشعراء والعلماء وغيرهم ؟!لا أعتقد. وأضيف أن أفعال ستالين هذه كانت تطال الشيوعيين غير السوفيت أيضا، فقد تمت تصفية شيوعيين أجانب كانوا مقيمين في روسيا، وصفي العديد ممن شاركوا في الحرب الأهلية الأسبانية، وبضغط من ستالين تم اعتقال ومحاكمة العشرات من قادة الدول الشرقية بعد الحرب، وتم إعدامهم لأنهم كانوا يعتبرون أن لدولهم وأحزابهم حق التصرف المستقل؛ وكان منهم راديك وغيره في هنغاريا، وكوستوف وأخرون في بلغاريا عام 1949. كما حورب غومولكا وكادار. وأما تيتو فاستحق اللعنة واتهم بالعمالة للغرب عام 1948، وانتزع ستالين دعم الأحزاب الشيوعية الأخرى بهذا الشأن حتى صارت التيتوية تهمة تعني العمالة والتجسس، كما حدث سابقا مع تروتسكي والتروتسكية. وكنا نردد كالببغاوات تهمة التيتوية ضد تيتو ومن يتهمه السوفيت بالتيتوية.
بدأت الثورة الروسية معتدلة [ثورة شباط] الديمقراطية، لتخلفها ثورة البلاشفة التي أقامت عام 1918 دكتاتورية شيوعية الحرب، حيث كانوا ينتزعون المحاصيل بالقوة من الفلاحين، ويقمعون الإضرابات. وقمعت كل التيارات والتنظيمات الاشتراكية الأخرى، وكل نقاش حزبي داخلي، فتحولت الثورة إلى ديكتاتورية الحزب. وحين أدرك لينين النتائج السلبية لتلك السياسة التعسفية بعد الحرب، بادر لما عرف بسياسة [ النيب] وهي الأخذ باقتصاد السوق، ومحاولة معالجة عملية وواقعية لمهمات البناء الاشتراكي. وجاء ستالين منتهزا مرض لينين ليسير بالبلد المجتمع نحو دكتاتورية سافرة للحزب وله شخصيا، وليقيم التعاونيات الزراعية بالقوة فيما سميت بالخطة الخمسية الأولى. لقد أخضع ستالين الجماهير والبلاد لنظام اضطهاد أقسى حتى من القيصرية، وتحول النظام لدولة بوليسية باسم الحرب على أعداء الشعب المزعومين. وهكذا، جرى الانتقال من الثورة إلى ديكتاتورية ما بعد الثورة، وإلى التوتاليتارية الحديثة المتعجرفة والدموية. ولم يستطع لا خروتشيف ولا بريجنيف تغيير طبيعة النظام، حتى حدث الانفجار المدوي مع ثنائي غورباتشيف ويلتسين الذي دخل البرلمان على ظهر دبابة.[1]