جميل بايك
كان من الواجب على المؤتمر الثامن إجراء تغييرات من الناحية التنظيمية، وبهذا الشكل كان ينبغي عليه إتمام المؤتمر السابع، لأن هذا كان الهدف الأساسي للمؤتمر الثامن، ففي المؤتمر السابع كان قد تم تغيير الاستراتيجية وعلى أساسها تم تغيير التكتيك أيضاً، وعلى أساسها كان من الواجب أن يتم إجراء تغييرات من الناحية التنظيمية، فهذا ما لم يقم المؤتمر الثامن بتحقيقه. فالتغيير الذي قام به كان تغيير اسم حزب العمال الكردستاني#PKK# إلى KADEK فقط، إلا أنه كان من الواجب أن يكون التغيير من الناحية التنظيمية وليس تغيير اسم الحزب. فعدم قيام المؤتمر بهذا التغيير كان لعدم وضوح صيغة التنظيم الواجب اتخاذها بعد، لأنه لم يكن واضحاً شكل وصيغة النظام الذي ينبغي علينا اتباعه في مرافعة آهيم التي قدمها القائد آبو لمحكمة حقوق الإنسان. حيث أنه فيما بعد طور أو طرح القائد آبو إطار وشكل التنظيم، ففي تلك الفترة الشيء الذي طرحه القائد كان تعريف وتحليل النظام والأسس التي سوف يستند إليها النظام من الناحية النظرية، الأيديولوجية والفلسفية، لهذا السبب لم يتحقق تغيير جدي من الناحية التنظيمية ضمن الحركة في المؤتمر الثامن. كما أنه لم يكن أحد قادراً على إحراز أو تحقيق هذا التغيير ضمن الحركة من دون القائد، لأن هذه الحركة تطورت على أساس الأسس التي حددتها القيادة، لهذا السبب فالقائد فقط كانت له القدرة على إحداث التغييرات ضمن هذه الحركة، أي لا أحد كانت له تلك القدرة والقوة على إحداث التغييرات ضمن الحركة، وأي محاولة من قبل أي شخص كان لإجراء تغيير ضمن هذه الحركة من دون القائد آبو كانت تبوء بالفشل لأن أي محاولة كانت تواجه بمواقف من قبل هذه الحركة تفقدها تأثيرها، كما أن لا أحد كان بمقدوره الوقوف أمام أي تغيير يحدثه أو يجريه القائد ضمن هذه الحركة، لأن قوته لا تكفي لذلك. لهذا السبب إجراء تغيير ضمن الحركة كان من مهام القائد. أي أنه حتى تلك الفترة كان القائد يقوم بتطوير البراديغما من الناحية النظرية أي الأسس النظرية التي يستند إليها، ولم يكن واضحاً بعد كيفية تطوير تلك الفلسفة والأيديولوجيا من الناحية التنظيمية، حيث أن كيفية تطويرها وضحها القائد فيما بعد من خلال المرافعات التي قدمها فيما بعد كمرافعة أثينا والدفاع عن الشعب واللقاءات مع محاميه.
اعتقدنا بعد المؤتمر الثامن بأننا حققنا التغيير المراد تحقيقه، وقمنا بتقييمات وتحليلات على هذا الشكل، بالطبع تلك التحليلات والتقييمات لم تكن صحيحة، صحيح أننا أقدمنا على بعض التغييرات وكانت مهمة إلا أن التغييرات لم تكتمل بعد لأن إجراء التغييرات كان مستمراً، أي أن التغييرات التي كان على الحركة تحقيقها وفق البراديغما الجديدة كانت مستمرة وكان هناك العديد من التغييرات المستوجبة تحقيقها وفق البراديغما الجديدة، إلا أننا كنا نقول بأننا أتممنا كل التغييرات، وهذا كان واضحاً في التصريح الذي عقب المؤتمر الثامن. إلا أنه بعد أن خطا القائد بعض الخطوات من الناحية التنظيمية من حيث كيفية تطوير النظام حينها اتضح بأن تلك التحليلات لم تكن صحيحة.
بعد انعقاد المؤتمر الثامن أردنا تنفيذ بعض الخطوات من الناحية العملية، فعلى الرغم من محاولاتنا المتكررة لخطو بعض الخطوات ضمن إطار التغيير إلا أنها كانت تبوء بالفشل، حينها أرجعنا السبب إلى أنه ربما لم يتم فهم مرافعة أهيم بالشكل التام على الرغم من قراءتها من قبل الكوادر، وعلى أساسها لم يتطور لديهم الصفاء والقرار والعزيمة، ولهذا السبب لا نستطيع خطو تلك الخطوات من الناحية العملية، لأنه من دون ولادة الصفاء والنقاء والإصرار والقرار والعزيمة لا يمكن تحقيق أي شيء من الناحية العملية، أردنا معرفة السبب وعلى أساس ذلك عقدنا بعض الاجتماعات للكوادر، اتضح بأن المعضلة ليست من الكوادر، إنما هي ضمن إدارة الحركة.
عندما عدت كان رفاق المنسقية في منطقة خنيري، طلبت حينها من الرفاق، وتحديداً من الرفيق عباس، عقد اجتماع وهو أيضاً أيّد فكرة عقد اجتماع. حينها اتفقنا على عقد اجتماع مركزي في خنيرى، كان ذلك في أيلول 2002، أرسلنا في طلب الرفاق المركزيين. عارض فرهاد ذلك بحجة أننا خرجنا من المؤتمر منذ وقت قصير ولا داعي لعقد الاجتماع وأن الوقت غير مناسب وما إلى ذلك. وعندما لم يستطع إعاقة عقد هذا الاجتماع اضطر لحضوره، وفي طريقه إلى الاجتماع كان قد التقى بالرفيق جمال وتحدث إليه بغية التأثير عليه لإعاقة عقد هذا الاجتماع، لأنه هو الآخر كان قد أدرك أهمية الاجتماع، عندما أدرك بأنه لا فائدة من محاولته إفشال عقد هذا الاجتماع قرر التحضير لهذا الاجتماع، أي محاولة التأثير على بعض الرفاق كي يحقق بعض النتائج التي كان يتمناها، حيث كانت نواياه قد توضحت بصدد الرفيق جمال في منطقة كاني جنكى. قبل أن نعقد الاجتماع المركزي عقدنا اجتماع المجلس الرئاسي، وفيه أظهر فرهاد نواياه للعلن، محاولاً إفشال هذا الاجتماع لمنع الوصول إلى النتيجة، ففي البداية استهدف بعض الرفاق، إلا أن هدفه لم يكن هؤلاء الرفاق الذين استهدفهم بل كان يحاول استهدافي من خلالهم. إلا أنه بعد أن أدرك أنه لا يستطيع الوصول إلى مآربه من خلال استهداف هؤلاء الرفاق، كشف عن نواياه الحقيقية تجاهي قائلاً إن “جمعة يحاول أخذ مكان القائد”، لأنه كان يعلم أنه عند الحديث بهذا الشكل سوف أظهر ردة فعل قوية، فبهذا الاتهام أراد أن يفشل الاجتماع كلياً ويمنع عقده لأنه كان مدركاً أنه في حال انعقاد الاجتماع سوف يتم التوقف على المجموعة المتشكلة حولهم. ففي حياتي كلها كنت أنتبه إلى المواضيع التي ذكرها، فلا أحد منا كان يفكر أن يحل محل القائد آبو لأنها تعتبر لا أخلاقية تجاه القائد، ولا أحد من ضمن الحركة وضع نصب عينه هذه اللاأخلاقية سوى فرهاد. فجميع الرفاق، ومن ضمنهم أنا، بكل أخطائنا ونواقصنا أردنا أن نكون رفاق القائد آبو الحقيقيين، لا أن نأخذ مكانه، وكل جهودهم كانت في هذا الإطار. فرهاد كان الشخص الوحيد الذي سعى مراراً لأخذ مكان القائد آبو ضمن هذه الحركة وبأقبح الأشكال والأساليب، فهو كان يظهر عكس ما ينوي.
أنهينا اجتماع المجلس وبدأنا بالاجتماع المركزي، أردنا في ذلك الاجتماع الكشف عن مجموعة بوطان، والتركيز على تلك المجموعة وإفقادها تأثيرها وتأثير المفاهيم التي كانوا يسعون إلى فرضها ضمن الحركة. فرهاد لم يشكل خطراً جدياً على الحركة، إنما بوطان والمجموعة التي تشكلت حوله كانوا يشكلون الخطر الأكبر على الحركة، كانوا ضمن اتفاق مع فرهاد، هذا الوضع لم يكن مدركاً ومفهوماً، فهذا الشيء كان ينبغي أن يتم فضحه وكشفه والتشهير به ضمن الحركة، أي أن يضعف تأثيره ضمن المركز، ومن ثم ضمن الحركة، الاجتماع كان من أجل هذا الموضوع، لأنه لو لم يتم ذلك سوف تدفع الحركة لمعايشة مخاطر وتهديدات ومشاكل، وهذا كان واضحاً.
مداخلات فرهاد في ذاك الاجتماع كلها مدونة في الأرشيف وتم تحويلها إلى كتيب وزع على الرفاق والكثير من الرفاق قرأه، فمداخلاته كانت دعاية علنية للبرزانية، انتقدناه بشدة، عقب الانتقاد صمت في الاجتماع ولم ينطق بعدها. انتقلنا إلى مجموعة بوطان وقمنا بنقدهم، طبعاً بوطان شخصياً لم يكن حاضراً، كل مجموعته كانت موجودة إلا هو فهو في تلك الفترة كان في العراق. علمت المجموعة أننا سنظهر حقيقتهم ونفضحهم ونفقدهم تأثيرهم، ولمنع هذا قبلوا الانتقاد الموجه لهم، أي اتبعوا تكتيكاً بهذا الشكل، قالوا إننا مجموعة تربطنا علاقات شعبية بعيدة كل البعد عن أسس الرفاقية الحقيقية المستندة إلى حقيقة الحركة وحقيقة القائد، وهي علاقات مبنية على أسس خاطئة ومثل هذه العلاقات ضمن الحركة محل انتقاد لهذا السبب سوف نتوقف عليها ونتجاوزها. أي أظهروا بأنهم قبلوا الانتقاد وتراجعوا عما كانوا ينوون فعله، حتى ولو لم يكن نقدهم الذاتي كافياً إلا أنهم قدموا نقدهم الذاتي أيضاً. عند تقربهم بهذا الشكل لم يركز الاجتماع عليهم كثيراً على الرغم من أن الهدف الأساسي لهذا الاجتماع كان التركيز على تلك المجموعة لكشف نواياهم وإضعاف تأثير مفاهيمهم، إلا أنه من أجل الوصول إلى النتيجة التامة بخصوص تلك المجموعة لم تقم إدارتنا أو لم تركز على تلك المجموعة بالشكل المطلوب، اكتفت بما أظهروه وقبلته. فنحن بهذا الشكل لم نقتل الأفعى إنما جرحناها وهذا دفع الأفعى لأن تثور. فهذا ما قمنا به في هذا الاجتماع.
علمت تلك المجموعة بأننا نسعى إلى التركيز على المفاهيم التي يسعون إلى فرضها ضمن الحركة وإفقاد تلك المجموعة تأثيرها ضمن الحركة من خلال فرض المفاهيم الحقيقية للقائد والحركة، وتطرقوا إلى استخدام ذاك التكتيك من أجل إفشال مساعي إدارة الحركة كي يتمكنوا بعد ذاك الاجتماع من القيام بأعمالهم بسرعة. فرهاد لم يكن يشكل ذاك الخطر الكبير على الحركة إنما تلك المجموعة “مجموعة بوطان” هي التي كانت تشكل الخطر على الحركة، لأن وضع بوطان ومجموعته لم يكن معلوماً لا ضمن الحركة ولا ضمن الشعب أما بالنسبة إلى وضع فرهاد فقد كان واضحاً للجميع، والخطر الذي كان فرهاد يشكله بالنسبة للحركة كان تلك المجموعة، لأنه كان يستمد قوته منها لهذا السبب كان يشكل خطراً، فرهاد لوحده لم يكن يشكل أي خطر. كان قد أبرم اتفاق فيما بينهم ضد الحركة، فلا فرهاد ولا بوطان كانا يستطيعان فعل شيء بمفردهما ضد الحركة، لم يكونا في تلك السوية من القوة والقدرة بمفردهما، كانا على تناقض فيما بينهما، ولكن أمام الحزب كانا يتفقان كي يتمكنا من خلال هذا الاتفاق من الوصول إلى مآربهما وتحقيقها ، فكل واحد منهما كان يشكل مصدر قوة للآخر، كانا بحاجة بعضهما البعض. كانوا يظهرون فرهاد في الواجهة ويختبئون خلفه، ونحن أردنا أن نكشف حقيقتهم. في الواقع بدأنا بخطوة إلا أننا لم نكملها إلى النهاية، فالخطأ الأساسي بدأ من هذه النقطة، أي لو وصلنا إلى النتيجة في ذاك الاجتماع، وتوقفت إدارة حركتنا عليهم بالشكل المطلوب ولو أفقدوا تلك المجموعة تأثيرها ضمن الحركة لما كانت المرحلة التي تلتها لتتطور بهذا الشكل، أي أن الخطأ الأساسي بدأ من ذاك الاجتماع.
أردنا أن نوثق محضر ذلك الاجتماع على شكل كتاب ونطبعه ونوزعه بين الرفاق، لتحقيق ما لم نستطع تحقيقه ضمن الإدارة بالكوادر أي القاعدة. أي لدى قراءة الكوادر له حينها سيدرك وضع الحركة ووضع الإدارة بعض الشيء، كما أنه في ذاك الاجتماع تم الإقرار على أن يتم البدء بمرحلة تفعيل آلية النقد والنقد الذاتي، والهدف منه كان حث الكوادر على التمسك بنهج الحركة والقائد، والتصدي للمفاهيم التي كانت تلك المجموعة تسعى لفرضها ضمن الحركة، وفرض ضغط على تلك المجموعة وكذلك الإدارة للوصول إلى النتيجة أي التصدي وإفقاد تلك المفاهيم تأثيرها ضمن الحركة. تم توزيع تلك الوثائق بين الكوادر وتم عقد بعض الاجتماعات أيضاً، إلا أن تلك المجموعة أيضاً كانت قد دخلت ضمن حركة لتوسيع تأثير المفاهيم التي يسعون إلى فرضها. كما كان لهم ثقل ضمن إدارة الحركة أيضاً، ولهذا السبب لم تتوقف الإدارة على تلك المجموعة والمفاهيم التي يفرضونها ضمن الحركة بالشكل المطلوب، ولهذا لم نصل إلى نتيجة. فالمرحلة التي أردنا تطويرها بالكوادر ومن خلالها فرض ضغط على إدارة الحركة للوصول إلى النتيجة لم تحقق هدفها لهذه الأسباب لم تصل إلى النتيجة المرجوة منها لعدم دخول إدارتنا لتلك المرحلة والتجاوب معها كما حصل في الاجتماع، لهذا السبب تلك المجموعة خطت خطواتها بشكل أسرع، لأنها كانت ترى أنها إن لم تقم بخطو خطواتها بالسرعة القصوى وتقوية فعالياتها أكثر من الممكن أن تفقدهم الحركة تأثيرهم بشكل من الأشكال، لأنهم أيضاً رأوا بأن الحركة تسعى إلى إفقاد مساعيهم والمفاهيم التي يريدون فرضها ضمن الحركة تأثيرها ومحاسبتهم على هذا. ومن اجل إفشال مساعي الحركة هم أيضاً وسعوا من فعالياتهم ضمن الحركة. فهم استفادوا من عدم إبداء الإدارة لموقف وعدم تحريض وحث الكوادر على التصدي لتلك الممارسات والمفاهيم.
في خضم هذه التطورات استشهدت الرفيقة كولان. ففي تلك الفترة كان قد تم إفشال عملية التحقيق التي بدأتها الحركة بعد المؤتمر السابع، كما أنه في تلك المرحلة كان قد عقد مؤتمر حركة المرأة واتخذت لها اسم PJA وتم تشكيل إدارة لحركة المرأة في ذاك المؤتمر. ففي تلك الفترة كان هناك اجتماع لحركة المرأة لعقد مؤتمر PJA وفي فترة انعقاد المؤتمر استشهدت الرفيقة كولان، كنا في خنيرى حينها، تلقينا نبأ بأنه تم قتل الرفيقة كولان في فترة انعقاد المؤتمر، قد قام أحدهم بخنق الرفيقة في مكان إقامتها، حينها أرسلنا تعليمات بألا يقترب أحد من الجنازة ريثما يصل الفريق الطبي المختص لإجراء الفحوصات اللازمة، وتم الإقرار على الفور بتشكيل لجنة تحقيق بخصوص هذه الحادثة وألا تضم تلك اللجنة رفيقات أي أن تكون تلك اللجنة مؤلفة من الرفاق الشباب فقط. بالطبع كان قد تم إعطاء تلك التعليمات بشكل واضح، إلا أن بلشين لم تنفذ تلك التعليمات، بلشين كانت ضمن أعضاء المجلس الرئاسي وفي الوقت نفسه كانت المسؤولة عن PJA ، وهي التي لم تنفذ تلك التعليمات، حيث كانوا قد دفنوا جنازة الرفيقة مباشرة من دون إجراء الفحوصات اللازمة، إذ كان من الواجب أن يتم إجراء الفحوصات ومن ثم دفنها، كما أنه كان من الواجب ألا يقترب أحد من المكان الذي استشهدت الرفيقة كولان فيه، كانت التعليمات المعطاة واضحة ضمن هذا الإطار، إلا أنه لم يتم تنفيذ تلك التعليمات. تم تجاوزها بشكل واضح، لهذا السبب لم يكن هناك أي دليل يمكن الاستفادة منه لكشف حقيقة تلك الحادثة، حيث تم دفن الرفيقة المستشهدة ودخل الرفاق مكان إقامتها وبهذا الشكل لم يبقَ أي دليل يكشف حقيقة هذه الحادثة. كان قد تم خنق الرفيقة كولان بطريقة وحشية جداً. لكون الفترة كانت فترة انعقاد مؤتمر PJA طلبنا أن تكون اللجنة المكلفة بالتحقيق في هذه الحادثة من الرفاق الشباب فقط، هذه الحادثة كانت مهمة بالنسبة للحركة من كل النواحي، لأن الحركة لم تعايش حادثة بهذا الشكل على مر تاريخها، فهي كانت تحوز على الأهمية بالنسبة لحركة المرأة وفي الوقت نفسه بالنسبة للوحدات الخاصة أيضاً لأن الرفيقة كولان كانت إدارية الوحدات الخاصة، وفي الوقت نفسه بالنسبة لحركتنا بشكل عام. لهذا السبب كان ينبغي أن تتم عملية التحقيق المتعلقة بتلك الحادثة بجدية كبيرة، كي يتم توضيح هذه الحادثة وما تعنيه وماهي الرسائل الموجهة من خلالها وما هو الهدف منها؟ نعم تم قتل الرفيقة كولان ولكن الموضوع ليس مسألة قتل الرفيقة إنما هناك أهداف ورسائل من قتل الرفيقة كولان، لهذا السبب كان ينبغي أن تتوضح تلك الأهداف والرسائل، لهذا السبب حازت عملية التحقيق تلك على أهمية بالغة، حتى أنه طلب أن يكون أحد رفاق المجلس الرئاسي للحركة من ضمن اللجنة التي ستتشكل للتحقيق في الحادثة.
إثر الحادثة تم الطلب من الرفاق الموجودين في قنديل ومن ضمنهم أعضاء المجلس الرئاسي التوجه إلى مكان الحادثة، لأن الوسط الذي تمت فيه الحادثة كان وسط انعقاد المؤتمر وهذا سوف يؤثر على الحالة النفسية للرفيقات، لهذا السبب ينبغي عقد بعض الاجتماعات هناك للتخفيف من تأثير تلك الحادثة. هذه الحادثة كانت صدمة للكل وبشكل خاص للرفيقات، فمن خلال الاجتماعات التي انعقدت معهن تم تخفيف تأثير تلك الحادثة على الرفيقات ومن ثم تم استئناف المؤتمر مرة أخرى، لأنه لم يكن من الصواب أن يتم الاستمرار بالمؤتمر بتلك الحالة النفسية التي دخلتها الرفيقات.
كنا قد أعطينا التعليمات بأن تباشر لجنة التحقيق أعمالها مباشرة وألا يغادر أي شخص المكان الذي كان المؤتمر ينعقد فيه حتى تأخذ اللجنة المكلفة إفادات كل من في تلك المنطقة، وفي هذه النقطة أيضاً حصلت بعض التجاوزات ببعض الحجج كأننا لا نستطيع البقاء في أوساط كهذه، لا نتحمل هذه الحالة النفسية، وتم إخراج أو خروج بعض الرفيقات من تلك المنطقة قبل أن تنهي اللجنة أخذ الإفادات، إلا أنه كان من الواجب ألا يخرج أي شخص من تلك المنطقة حتى تنهي لجنة التحقيق أخذ الإفادات.
اللجنة الأولى التي تشكلت كان من ضمنها الرفيقان مصطفى قره صو ومروان ترك، الرفيق قره صو كان المسؤول عن تلك اللجنة، كانوا قد أجروا تحقيقاً عن الحادثة وعلى أساسه قدموا تقريراً، فتم جمع جميع الرفاق الأعضاء المركزيين وأعضاء المجلس الرئاسي وإدارة حركة المرأة في قنديل لقراءة التقرير المقدم من لجنة التحقيق وإعطاء القرار. بعد أن تمت قراءة التقرير المقدم تم الإقرار بأن التقرير المقدم لا يكفي وينبغي الاستمرار في عملية التحقيق، بالإضافة إلى ذلك تم الإقرار في ذاك الاجتماع بأن يدير عملية التحقيق ويكون المسؤول عن اللجنة الرفيق جمال، لأن الرفيق قره صو كان سيتجه إلى خنيرى، لهذا السبب كان ينبغي أن يشرف على عملية التحقيق وينضم إلى اللجنة أحد رفاق المجلس الرئاسي والرفيق جمال كان متواجداً في تلك المنطقة، أي أن يقوم الرفيق جمال بتشكيل لجنة للتحقيق إلى جانبه والاستمرار بالتحقيق من المكان الذي وصل إليه. في تلك الفترة كان الرفيق جمال مسؤولاً عن قوات الدفاع الشعبي، استمر التحقيق لفترة وبعدها طلب الرفيق جمال بأن يتم تكليف رفيق آخر ليستمر بالتحقيق لأنه لا يستطيع أن يسيّر هذا العمل بالشكل المطلوب لأنه لتسيير هذا العمل بالشكل المطلوب ينبغي أن يتفرغ له، أي أنه لا يمكن تسيير العملين بالشكل المطلوب معاً، فالتفرغ لواحد منهما سوف يؤثر على العمل الآخر لهذا السبب طلب تكليف رفيق آخر عوضاً عنه وتشكيل لجنة تحقيق أخرى. عندما اقترح الرفيق جمال هذا الاقتراح تم قبوله، لهذا السبب تم تشكيل لجنة ثالثة؛ ومن ضمن تلك اللجنة كان مروان ترك. بعد أن تم تشكيل اللجنة الثالثة عقد لهم اجتماع، وطلب منهم ألا يتم إعطاء أي معلومات لأي شخص كان وحتى أعضاء المجلس الرئاسي حتى ينتهوا من التحقيق ويقدموا التقرير للمجلس الرئاسي، لأن عملية التحقيق تلك كانت مرتبطة مباشرة بالمجلس الرئاسي، والغاية من هذا كان كي لا يتدخل أي كان بالتحقيق. ولوصول التحقيق بالشكل السليم إلى هدفه تم تأمين ما يلزم من مكان ورفاق للحماية وصلاحيات مفتوحة، من استدعاء واعتقال وتحقيق. أي تم تأمين كل ما يلزم لإيصال عملية التحقيق هذه إلى النتيجة.
كنا نقترب من موعد عقد المؤتمر التأسيسي الأول لمؤتمر الشعب (kongra gel) حينها كانت تلك اللجنة قد أنهت عملها وأعدت تقريراً حول نتيجة التحقيق وقدمته لنا، عندما تم تسليمنا التقرير اقترح مروان ترك اقتراحاً وهو ألا يتم تقديم التقرير إلى الرفيقات، حينها تم سؤاله عن السبب مع العلم أن هذا التحقيق مرتبط مباشرة برفاق المجلس الرئاسي والمجلس الرئاسي لا يتشكل من الرفاق الشباب فقط إنما يتشكل من الرفاق والرفيقات، كما أن على المجلس أن يقرأ التقرير ويبدي رأيه فيه. حينها قيل لهم أنتم أنهيتم مهمتكم، سوف يتم تسليم التقرير إلى المجلس والمجلس بدوره له الصلاحية في قبول أو رفض التقرير، وإيقاف التحقيق أو الاستمرار، وفي حال الاستمرار فالاستمرار بهذه اللجنة المشكلة أو تشكيل لجنة جديدة هذه الأمور قرارها عائد للمجلس الرئاسي. أي أنتم مهمتكم انتهت وبدأت مهمة المجلس الرئاسي. بعد قراءتي للتقرير رأيت بأن المنطق الذي أعد على أساسه التقرير يدين حركة المرأة بالكامل. وفي نهاية التقرير قدموا مقترحاً، أو الأصح تعليمات وليس اقتراحاً، مفاده أن كلاً من الرفيقات بلشين، دجلة وخولياز مسؤولات عن استشهاد الرفيقة كولان، ولهذا السبب ينبغي وعلى الفور سحب المهمات الموكلة لهن وحبسهن وفتح تحقيق معهن. لم أقدم ذاك التقرير إلى الرفيقات، ليس لأنهم طلبوا ذلك أي ليس لأن لجنة التحقيق طلبت عدم تقديم التقرير إلى الرفيقات، إنما لأن تقديم تقرير كهذا التقرير في تلك الفترة لم يكن صائباً، وخاصة كنا قد مررنا بتجربة فيما قبل في كل من المؤتمرين السادس والسابع، بالإضافة إلى أننا كنا نحضر لعقد مؤتمر، إلى جانب أن الوضع في تلك المرحلة لم يكن مناسباً لتقديم تقرير بهذا الشكل إلى إدارة حركة المرأة والرفيقات ضمن المجلس الرئاسي للحركة، فتقديم تقرير بهذا الشكل في تلك الظروف كانت ستكون له عواقب وخيمة، وسيؤثر سلباً على الرفيقات وحركة المرأة بشكل عام، بالإضافة إلى تفاقم الأزمة التي كنا نعيشها ضمن الحركة أكثر، وهذا كان يشكل خطراً جدياً، لهذا السبب أردت أن أعرف رأي الرفاق الآخرين في المجلس “الرفاق الشباب” وماهي اقتراحهم بهذا الخصوص. كنت قد اتخذت قراراً في نفسي ألا نقدم هذا التقرير حتى الانتهاء من عقد المؤتمر الأول التأسيسي لمؤتمر الشعب، ولكي نتخذ هذا القرار أرسلت هذا التقرير إلى بعض الرفاق لمعرفة تقربهم ورأيهم حول التقرير وما الواجب فعله أو اتخاذ القرار الذي اتخذته بتأجيل تقديم التقرير إلى ما بعد المؤتمر. لهذا الغرض أي لإرسال هذا التقرير إلى الرفاق شكلت فريقاً خاصاً من المراسلين “قوريا” لإيصال التقرير بشكل سريع إلى الرفاق لمنع احتمالية قراءة التقرير من قبل أشخاص آخرين أو تأخر وصول التقرير إلى الرفاق المحددين. تم إرسال التقرير إلى كل من الرفاق جمال وعباس وبوطان وفرهاد أي أعضاء المجلس الذكور. وبالفعل تم الرد من قبلهم جميعاً، حيث كان رأي كل من بوطان وفرهاد بخصوص التقرير، وهو موجود ضمن أرشيف الحركة، “إننا نؤيد مضمون التقرير ومع المقترح الذي اقترحته لجنة التحقيق، ويجب على الفور سحب المهمات الموكلة لهن وسجنهن وفتح تحقيق ضدهن”. أما بالنسبة إلى رأي الرفيق جمال فقد كان أن يتم تأجيل هذا التقرير إلى ما بعد المؤتمر وبعد المؤتمر التوقف على هذا التقرير والموضوع وهذا هو الصواب. هذه الكلمات فقط كتبها الرفيق جمال ولم يكتب شيئاً آخر حول التقرير. أما بالنسبة إلى الرفيق قره صو فقد قال ” أعترض ولا أقبل هذا التقرير بالكامل من ناحية المنطق الذي كتب به والقرارات المقترحة” لأنه كان على اطلاع على مجرى التحقيق حول الحادثة كونه كان ضمن اللجنة الأولى المشكلة للتحقيق في الحادثة، لهذا السبب لم يرَ المنطق الذي أعد على أساسه هذا التقرير ولا المقترحات والقرارات التي تضمنها هذا التقرير مناسبة. أما بالنسبة إلى الرفيق عباس فهو الآخر أرسل رسالة قال فيها:” هناك تناقض في التقرير، فمن دون وضوح تلك التناقضات لا يمكننا اتخاذ أي قرار، والأمر الآخر أن لجنة التحقيق توجه لنا تعليمات وعليها أن تعرف مكانتها وحدودها”. عند استلامي لتلك الرسائل اتضح لي الأمر.
بعد مضي فترة وجيزة جاءني فرهاد وبوطان وأصرا أن يدخل التقرير والقرارات المقترحة حيز التنفيذ، رأيت أنهما يحاولان الضغط علي لإدخال هذا التقرير حيز التنفيذ، حينها قلت لهما إن دخول التقرير حيز التنفيذ ينبغي أن يوافق عليه جميع أعضاء المجلس الرئاسي وهو لم يقر بذلك وأنتما لا تمثلان المجلس كله، أي كانا يسعيان ويدفعانني لتنفيذ ما يطلبانه. وبعد نقاش مطول بيننا وبعدما علما أنني لن أخطو هذه الخطوة غادرا وذهبا، وبعد فترة وجيزة ليست بطويلة رأيت أن تتم المناقشة حول مضمون التقرير في مخمور حيث قام كل من فرهاد وبوطان بنشر معلومات التقرير هناك، كما أن التحقيق والتقرير كان قد أعد من قبل فرهاد وبوطان عن طريق مروان، أي أن ذاك التقرير والمنطق الذي أعد على أساسه التقرير كان عائداً لهم، لم يُجرَ أي تحقيق أي التحقيق الذي جرى لم يكن لكشف الحقيقة إنما لعكس الوقائع، لخدمة أهدافهم، كانوا يسعون إلى استغلال حادثة استشهاد الرفيقة كولان لتحقيق أهدافهم، وكان الهدف منه استهداف حركة المرأة ضمن الحركة، عندما رأوا بأننا لن نضع التقرير ومقترحاته ضمن جدول الأعمال وحيز التنفيذ، ولفرض الضغط علينا لإدخال التقرير حيز التنفيذ قاموا بنشر مضمونه في كل الأماكن، وبدؤوا بحملة تحريضية من خلال نشر بعض الأقاويل بين الكوادر مثل:” رغم معرفة قاتل الرفيقة كولان -بذكر بعض الأسماء- إلا أن هناك بعض الأشخاص ضمن الحركة لا يعتقلون هؤلاء المشتركين بالجريمة وحتى أنهم لا يفتحون تحقيقاً معهم أي يقومون بحماية من قام بقتل الرفيقة كولان”. فهم من خلال نشر أقاويل بهذا الشكل ضمن الكوادر أرادوا فرض حالة ضغط علينا لخطو الخطوات التي يريدونها. حتى أن بعض الرفاق الذين لم تكن لهم أية علاقة بلجنة التحقيق وليسوا أعضاء ضمن المجلس الرئاسي أي لا علاقة لهم بالأمر، كانوا يسعون إلى معرفة نتيجة التحقيق وبإصرار، ولمَ لا يتم نشر نتائج التقرير ومن الواجب على الجميع معرفة النتيجة. بعدما باءت محاولاتهم بالفشل أرسل بوطان وفرهاد رسالة إلي قائلين فيها “إن حضرت دجلة المؤتمر لن يصل المؤتمر إلى النتيجة، وإننا لن نحضر المؤتمر ونجلس إلى جانب القتلة “، كانوا يوجهون تهديداً بهذا الشكل إلى المؤتمر.
في تلك الفترة ناقشت مع نفسي كيفية إفشال تهديداتهم، لأنها كانت نوعاً من الاستفزاز العلني، فكيف يمكننا الحد منها. حينها قررت أن أكتب رسالة إلى الرفيق جمال، حينها كان الرفيق جمال في كاني جنكى وكذلك دجلة كانت هناك، أرسلت رسالة قصيرة وطلبت فيها ألا تأتي دجلة لحضور المؤتمر، أراد الرفيق جمال الاستفسار عن الأمر عبر اللاسلكي كوني لم أكتب شيئاً عن الموضوع في الرسالة التي بعثتها إليه، قلت له سأخبرك فيما بعد. بالطبع أخبر الرفيق جمال دجلة ألا تحضر المؤتمر، وهي بدورها كانت قد أخبرت بلشين، وعلى إثرها جاءت كل من بلشين ورنكين إلي، أرادوا الاستفسار عن القرار المتخذ حول عدم انضمام دجلة للمؤتمر، حينها أجبتهم “لا أستطيع إخباركم بأي شيء ولكني سأخبركم في الوقت المناسب”. حاولوا كثيراً معرفة السبب، إلا أن إصرارهم لم يوصلهم إلى النتيجة أي أني لم أخبرهم عن السبب. هم كانوا يعتقدون بأن سبب هذا القرار متعلق بالنقاش الذي تم فيما بين دجلة والرفيق عباس في الاجتماع الذي انعقد قبل فترة وكان شبيهاً بالكونفرانس، كما كان من المفترض أن يتم إرسال دجلة إلى منطقة بوطان إلا أنه تم إيقاف إرسالها إلى تلك المنطقة، لهذا السبب الرفيقات كن يعتقدن بأن القرار الذي اتخذ بألا تنضم دجلة للمؤتمر مرتبط بذلك، أي بسبب المناقشة الحادة بين دجلة والرفيق عباس تم إيقاف إرسال دجلة إلى بوطان ومنعها من حضور المؤتمر، إلا أنه في الحقيقة لم تكن للمناقشة التي حصلت فيما بينهما أية علاقة بقرار عدم حضورها المؤتمر. الحقيقة كانت أن تلك المجموعة أي بوطان وفرهاد يهددون الحركة ومن أجل الحد من تلك التهديدات اتخذت قرار عدم حضور دجلة المؤتمر ولا شيء آخر، أي اعتقدت بأن حضور دجلة سوف يدفع بوطان وفرهاد لاستغلالها في إفشال المؤتمر لأن المؤتمر كان مهماً بالنسبة لنا وخاصة في تلك المرحلة، لم تحضر دجلة المؤتمر رغم أنها كانت من الرفاق المركزيين، وبشكل طبيعي تعتبر من أعضاء المؤتمر، ولها الحق في حضور المؤتمر مباشرة ولم يكن أي شخص يملك صلاحية إبقاء دجلة خارج المؤتمر، أي أن الأمر الذي قمت به كان خارج الإطار التنظيمي والرسمي، فللحد من توسع الاستفزازات ضمن المؤتمر من قبل فرهاد وبوطان والمجموعة المرتبطة بهم اضطررت للقيام بتلك الخطوة ورأيتها مناسبة في تلك الفترة.[1]