=KTML_Bold=المرأة الكوردستانية ودورها في بناء المجتمع=KTML_End=
=KTML_Underline=عبد اللطيف موسى=KTML_End=
من دواعي السرور أن يقف العالم في هذه الأيام استذكاراً وشموخاً للتعبير عن دور المرأة وعظمتها في مشاركة الرجل بناء المجتمع، وللتعبير عن عظمة وقدسية التضحيات التي قدمتها المرأة في مقاومة كافة الصعوبات والعوائق التي وقفت حائلاً امام مسيرة تقدمها ونضالها من أجل أبسط حقوقها.
وكما أن الخوض في حيثيات الحديث عن مسيرة المرأة وتجربتها مع المجتمعات نرى بأن المرأة قد عانت خلال تاريخها من الاضطهاد والحرمان وكافة أصناف وأشكال العبودية من افتقارها لحريتها أو مساواتها مع الرجل في العمل والحرمان المستمر من التعلم، بل ذاقت صنوف التميز من العائلة والمجتمع فارضاً عليها حالة دونية مستغلاً عاطفتها لتكون فقط راعية ومربية أطفال أو متفرغة للتدبير المنزلي.
ان انتهاج المجتمع سياسة العنف ضدها متناسياً بأنها الأم والأخت والزوجة ،وكما تكمن في ذاتها نصف المجتمع. المرأة الكوردية على وجه الخصوص بدورها كمثيلتها من نساء العالم وبحكم العادات والتقاليد وغياب الوعي المبرمج والتي حاولت الأنظمة المتعاقبة على احتلال كوردستان نشر ثقافات لا تناسب المجتمع الكوردي، كاضطهاد المرأة تحت مفاهيم دينية ومذهبية بعيدة كل البعد عن المجتمع الكوردي بعاداته وتقاليده لتعاني المرأة الكوردية الاضطهاد إلى جانب الاضطهاد القومي أسوة بالرجل من قبل تلك الحكومات والأنظمة الاستبدادية التي قسمت كوردستان.
ولكن هذه الاضطهاد لم يقف حائلاً في كسر إرادة المرأة الكوردية وتصميمها في ممارسة دورها الطبيعي لتكون عنصراً مشاركاً للرجل في بناء المجتمع. في ظل المجتمع الكوردي المنشغل في المقاومة من أجل اثبات وجوده والحفاظ على هويته الوطنية وانتمائه القومي قطعت المرأة الكوردية أشواطاً هامة في الوعي والمعرفة ومشاركة الرجل صفوف النضال الثوري والسياسي وحب كوردستان والدفاع عنه لتكون العون له في الكثير من الثورات الكوردية من خلال أعداد وتجهيز الأطعمة وتأمين بعض حاجات الثورة.
وكما شهدتها المجتمع المرشدة والمربية التي تنهل منها الأسرة الكوردية الناجحة كافة مقومات التقدم في ظل غياب أبسط مفاهيم الوعي والمعرفة وانتشار الفقر لتخلد بصمتها عزةً وافتخاراً وبطولةً في النضال السياسي كأمثال الكثيرات ومنهن البطلة ليلى قاسم.
انه من دواعي الاعتزاز والشموخ بأن نرى المرأة الكوردستانية قد سبقت مثيلاتها في الكثير من المجتمعات المحيطة لتشارك الرجل في أداء الكثير من المسؤوليات في أيامنا هذه كأعضاء في البرلمان وقيادة مناصب حكومية، والانخراط في السلك العسكري لتكون المقاتلة والفدائية والبيشمركة.
ومن الجدير بالذكر أن المرأة الكوردية قد أكدت حضورها ودورها المتميز في عموم كوردستان من خلال القضايا السياسية الهامة، ولاسيما في كوردستان سوريا تجلى دورها النضالي بشكل خاص في انتفاضة قامشلو آذار عام 2004، وفي الثورة السورية السلمية حيث المظاهرات والاعتصامات والمسيرات. استطاعت أن تقطع مسافة لا يستهان بها على طريق تحقيق أهدافها الأساسية وحريتها وحقها في المساواة مع الرجل، وكما أنها أيقونة الثورة والنضال في مقاومة الظلم والديكتاتورية في كوردستان الشرقية من خلال الشهيدة مهسا اميني لترسم بدمائها شعار (جةن جيان ئازادي) لتكون النواة للثورات في ايران.
في الذكرى السنوية لعيد المرأة يستحضرني الحديث عن بعض قيم المرأة الكوردستانية ودورها البطولي في المجتمع من خلال تاريخها والتي تميزت عبره بالشجاعة وقوة الإرادة والصلابة في التحمل، وكما شاركت الرجل في النضال من أجل الحرية ومقاومة الدكتاتورية والصبر والقدرة العالية في مواجهة القساوة والشقاء والبؤس والحرمان، وكما أنها لعبت الدور الرئيس في تربية الطفل وتعليمه الكتابة والقراءة والاغاني والأناشيد الوطنية والشعبية والفنون التي تعبر عن التراث الكوردي الأصيل.
ان المرأة الكوردية عبر تاريخها امتازت بوطنيتها وتفكيرها في القضايا القومية حيث شاركت هموم كوردستان وكانت الى جانب الرجل في الثورات من خلال تقديم شتى أنواع المساعدة له، والقيام باعداد جميع حاجات الثورة، بل كانت عامل الحماس وحملت البندقة الى جانب الرجل في مقاومة الاحتلال، وكما أن بسالتها في المعارك ضد داعش جنباً الى جنب أخوتهم البيشمركة.
ان المرأة الكوردية عبر تاريخها الطويل يشهد لها التاريخ بأنها العنصر الأساس في بناء المجتمع والأسرة الكوردية في الحفاظ على تماسك الأسرة من خلال تربية أفرادها أيام الثورات والانتفاضات الكوردية في ظل غياب الزوج لشهور وسنوات لأداء الواجب الثوري القومي في الالتحاق بالثورات أو الغياب والاعتقال في سجون الأنظمة المحتلة، فكانت تقع على عاتقها مسئولية حماية الاسرة من عدم التفكك لتكون كافة الإنجازات التي حققتها الأسر الكوردية من نجاحات في أيامنا هذه بفضل المرأة الكوردية ودورها في بناء المجتمع.
المرأة الكوردية خلال تاريخها تميزت بقوة الشخصية والتمتع في المجتمع الكوردستاني بسلطة واسعة ومكانة عالية ومنزلة استثنائية داخل الاسرة فهي سيدة البيت لذا فان مفهوم الأسرة الكوردية اقرب الى المفهوم الغربي وتتصف المرأة الكوردية بقوة الشخصية وصدق الحوار ولديها طريقة جذابة في الكلام والاحاديث وفي غياب الزوج تستقبل الزوار وتضيفهم وتتحدث بحرية اليهم ولا تخفي وجهها كما تفعل غيرها من النساء في البلدان المجاورة الاخرى، وكما أنها تتصف بالشجاعة وتحمل الصفات الانسانية والاخلاقية والوطنية والثورية والمشاركة في بناء وتنمية المجتمع الكوردستاني سياسياً واقتصادياً وتربوياً وتعليمياً وثقافياً و اجتماعياً.
في المحصلة، وفي الذكرى السنورية لعيد المرأة الكوردية الباسلة يمكن أن نصف المرأة الكوردستانية بالكثير من الصفات البطلة المناضلة الشامخة الباسلة المتعلمة ذات الشخصية المتميزة، والتي استطاعت رغم كل الظروف من حولها بأن تحتل مكانة هامة وكبيرة في المجتمع الكوردستاني من مشاركة الرجل بالثورة بالنضال ومشاركة هموم كوردستان وقضاياه الوطنية والقومية، بل استطاعت أن تجعل الأسرة الكوردية من أنجح الاسرة ليساهم افرادها في بناء المجتمع، ولتكون بكل فخر مصدر الإلهام والمنبع للنضال الثوري ودروس القومية والنضال الكوردي لتنهل منها الأجيال المتلاحقة في حب كوردستان والنضال من أجل تحرير كوردستان. في عيدها الشامخ الف تحية اكبار واجلال لتضحياتها المستمرة على دروب التقدم والنضال.[1]