=KTML_Bold=الدولة الكوردية .. من الحلم إلى واقعٍ على الأرض=KTML_End=
#بير رستم#
الكورد هم أحد أكبر شعوب منطقة الشرق الأوسط وميزوبوتاميا حيث يبلغ تعدادهم وبحسب الإحصائيات الغير رسمية ما يقارب الأربعين مليوناً ضمن جغرافية تقدر ب 500 ألف كم2 ومقسمين جغرافياً بين أربع دول _كيانات سياسية_ وذلك وفق عدد من المعاهدات الدولية كانت آخرها معاهدة لوزان (24 يوليو/تموز 1923) والتي بموجبها تم إلغاء بنود معاهدة سيفر 1920 التي منحت الكورد بعض الحقوق السياسية والمدنية وذلك أسوةً بشعوب المنطقة، لكن تقاطع مصالح الدول الإستعمارية؛ فرنسا وبريطانيا _آنذاك_ مع تركيا الكمالية وبروز تكتل سياسي جديد مع نجاح الثورة البلشفية في الإتحاد السوفيتي وتخوف الدولتين الإستعماريتين؛ من أن يلجأ مصطفى كمال للتحالف مع المحور السياسي الجديد “الإتحاد السوفيتي” فقد تنصلا من بنود معاهدة سيفر وبالتالي حرمان الكورد وكذلك الأرمن من حقوقهم وإنشاء كياناتهم السياسية أسوةً بالدول العربية .. وبكل تأكيد فقد ساهمت ضعف الديبلوماسية الكوردية وتشتتهم بين مؤيد ومعارض للدولة الكوردية، أم بالبقاء ضمن الخلافة العثمانية في حرمان شعبنا من نيل حقوقه في ذاك المنعطف التاريخي.
وبالتالي فقد حُرِمَ شعبنا من تحقيق الحلم الذي كان “على قاب قوسين أو أدنى” _كما يقال في المثل الشعبي_ ليجد نفسه مجبراً على خوض كفاحٍ مرير مع الدول والكيانات السياسية الجديدة في المنطقة والتي باتت بمثابة إستعمار داخلي للجغرافية الكوردستانية، إضافةً إلى الإستعمار الخارجي أو الأجنبي، بحيث بات الإستعمار في كوردستان مركباً أو كما يصفها عالم الإجتماع التركي؛ الأستاذ إسماعيل بيشكجي، بأنها أصبحت “مستعمرة دولية”، بل وبرأي الشخصي أن الوضع في كوردستان كان أسوأ وأقسى من وضع الإستعمار بحيث يمكن توصيفها بحالة الإستعباد؛ حيث حرمان شعبنا حتى من تلك الحقوق التي منحتها الدول الإستعمارية الغربية لمستعمراتها، مما أجبرت القوى والفئات الثقافية والثورية وكذلك الرموز الدينية والعشائرية من أبناء هذا الشعب من أن تخوض نضالاً مريراً مع تلك الحكومات التي أستعبدته، حيث وجدنا عدد من الإنتفاضات والثورات الكوردية وبالأخص في الإقليمين الشمالي والجنوبي من كوردستان إن كانت ثورات البارزانيين أو غيرها وذلك بعد أن تم إجهاض تجربة جمهورية مهاباد في الإقليم الشرقي من كوردستان وأيضاً ضمن صفقة إستعمارية بين كل من الإتحاد السوفيتي السابق والغرب الذي كان يرعى النظام الإيراني السابق؛ الشاهنشاهي.
وهكذا إستمر الحال مع شعبنا؛ حرمانٌ ونضال ضد كل تلك السياسات الإستعبادية، حيث قدم آلاف القرابين من أبنائها على مذبح الحرية ونيل الإستقلال، لكن دائماً كنا ضحايا وقرابين التوازنات الإقليمية والدولية ومصالحهم الإستراتيجية في المنطقة .. إلى أن كان سقوط المنظومة الإشتراكية ومن قبلها النظام الإيراني الشاهنشاهي، لتكون إيران الخمينية هي المنافس للمشروع الغربي الأمريكي في المنطقة _أو على الأقل هكذا أوهمت الأطراف الإقليمية_ والتي باتت تشكل تهديداً لتلك المصالح الحيوية، مما تطلب إعادة رسم خرائط جديدة تتوافق مع بروز قوى إستعمارية دولية جديدة بديلة عن أسياد العالم القديم _فرنسا وبريطانيا_ وبالتالي دعت الحاجة إلى إتفاقيات ومعاهدات وخرائط سياسية جديدة في العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط، لتكون البديلة عن تلك المعاهدات القديمة (سايكس بيكو، سيفر، لوزان) بحيث تراعي مصالح الأسياد الجدد _الغرب الأمريكي ومنافسه الروسي الصيني_ ومع إنقسام المنطقة طائفياً بين محوري السنة والشيعة بات الوضع مثالياً لبروز عدد من الكيانات السياسية الجديدة بحيث يتم تأمين ضخ النفط إلى الشركات المحتكرة لتلك الدول السيادية في العالم الجديد وبالتالي تطبيق سياسة كيسنجر الشرق أوسطية بحيث “يكون وراء كل بئر نفط دولة” .. وهكذا وبقناعتي فقد توفرت اللحظة التاريخية _أو المنعطف التاريخي_ ليحقق الكورد حلمهم في مشروع الدولة الوطنية على الأرض؛ بأن تعلن ميلاد دولة كوردستان وأعتقد أن الرئيس بارزاني سوف يختم حياته السياسية بتحقيق ذاك الحلم الكوردستاني.
ملاحظة؛ المقالة منشورة في العدد الأخير من جريدة كوردستان للحزب الديمقراطي الكوردستاني _ سوريا.[1]