=KTML_Bold=بشرى علي: نظرة في الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا=KTML_End=
شهدت روج آفا في الفترة الأخيرة اجتماعاً تاريخياً في بلدة رميلان بمقاطعة الجزيرة. حيث انعقد الاجتماع الثاني للمجلس التأسيسي في 27-29 كانون الأول 2016م ليتناول قضايا هامة، سواء على صعيد إيضاح قراءته السياسية للأحداث والمستجدات التي تحصل في سوريا عموماً وفي شمالها بشكلٍ خاص، أو على صعيد إعادة النظر في عقده الاجتماعي وتنظيم ذاته بنحو أفضل من خلال معالجة نقاط الخلل الموجودة فيه وتلافيها.
وعليه، فإن ما تمخض عنه من قرارات تاريخية، وماهية ردود الفعل البارزة، السلبية منها والإيجابية، كانت مؤشراً على أهمية هذا الاجتماع تزامناً مع المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد. حيث تركزت أغلب ردود الأفعال على نقاش مضمون العقد والهدف من الفيدرالية الديمقراطية، ومدى إمكانية تطبيقها، مما يدل على قبول الفكرة من حيث المبدأ، وما أسفرت عنه من تطورات خلال فترة قياسية، من حيث إفساح المجال أمام تمكين العيش المشترك وترتيب البيت الداخلي لصالح جميع المكونات والإثنيات والشعوب الآهلة في شمال سوريا.
أما ما تبقى من ردود أفعال تقوم بالمزايدة على الروح الوطنية من خلال التركيز على الشكليات، فليست سوى لغط فارغ بهدف التشويش والتشويه. حيث أن مَن يريق الدماء في سبيل صون البلاد، هو خير مَن يعرف كيف يصل بها إلى بر الأمان، ما دام مستمراً في تنظيم حياته والنأي بالنفس عن التبعية للخارج أو التعويل عليه لتعيين قدره، وما دام يؤمن بالأهمية المصيرية للقوة الذاتية والاعتماد عليها، وما دام ينطلق في رسم مصيره من الداخل، ويعول على المكونات الديمقراطية الفاعلة على الأرض بمختلف أطيافها وشرائحها ومعتقداتها وأديانها.
ما نتحدث عنه هنا يتعلق بالرؤية الاستراتيجية بعيدة المدى للحاضر والمستقبل، وبالتالي، لا يمكن تناوله بوجهات نظر ضيقة وسطحية للغاية، سواء على صعيد الترويج له، أو انتقاده، أو حتى التهجم عليه.
ذلك أن العقد الاجتماعي للفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا مؤخراً بشكله الجديد، يبين مدى سلامة البصيرة الاستراتيجية للقائمين على طرح وتكريس هذا المشروع الهام، والذي في حال أثبت جدارته (وهذا ما نأمله)، فلن يغير مجرى حياة وتاريخ القائمين عليه حالياً فحسب، بل وسيصبح شعلة نور تهتدي بها شعوب سوريا كافة، بل وشعوب منطقة الشرق الأوسط برمتها.
فمن خلال ديباجة العقد الاجتماعي، نجد أن ثقافة التسامح والاعتراف بالآخر، ومبدأ العيش المشترك هو الذي يطغى على رؤية هذا العقد الاجتماعي. والأهم من ذلك، إنه ينظر إلى المرأة والشبيبة على أنهما قوتان طليعيتان في بناء الحياة الجديدة، فيخصص مواداً معنية بشؤون المرأة والشبيبة وحقوقهما، بل ويؤمن بنظام الرئاسة المشتركة إدارياً وعلى جميع المستويات، وبمبدأ التمثيل المتساوي قاعدياً، مما يشكل ثورة اجتماعية حقيقية ملتفة حول المرأة وحرية المرأة، ومرتكزة إلى الشبيبة الصاعدة الواعدة…
فهل هناك أرقى من هذا العقد الاجتماعي الذي لم تصل إليه حتى أكثر البلدان الغربية التي تدّعي أنها ديمقراطية، بل وأنها مهد الديمقراطية؟؟ لا أعتقد أن الجواب سيكون إيجاباً… والزمن كفيل بالإجابة على هذا السؤال الحياتي، والذي أتصور منذ الآن أنه سيكون راجحاً لصالح كفة الفيدرالية الديمقراطية لشمال سوريا…
“روناهي”
[1]