*نوري سعيد
كان على زعيم حزب العدالة والتنمية#أردوغان# ، ومن سبقه من رؤساء الحكومات التركية أن يكتبوا تاريخ 1071 و1514 بمداد من ذهب ويعلقونه في مكاتبهم ليبقى ذكرى لتلاحم الشعبين الشقيقين التركي والكردي، لأن مشاركة الكرد والأتراك في معركة (ملاذ كرد) و(جالديران) كان عاملاً حاسماً في النصر الذي تحقق، وكذلك الحال انخراط بعض الكرد في حروب أتاتورك ومساعدته فيها.
ومع ذلك ألغى أتاتورك بعد أن انتصر #معاهدة سيفر# 1920 التي اعترف فيها الحلفاء (بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ) بالحكم الذاتي للكرد في تركيا ضمن إطار تركيا موحدة، واستبدلها ب#معاهدة لوزان# 1923 التي اقتصرت على عبارة (ضرورة احترام حقوق الأقليات العرقية في تركيا) التي لم تُعيرها الحكومات المتعاقبة أي اهتمام، وتمسكت بالفكر الشوفيني القائم على إلغاء الآخر.
إن تركيا الطورانية قامت في جغرافية معروفة بأنها أصل كافة الحضارات والثقافات، وأنكرتها، وطبعاً كون أردوغان سليل الكمالية فهو ينكر الوجود الكردي في تركيا، وإنهم أتراك الجبال، كما لا يعترف بوجود أي مشكلة كردية في تركيا مع إن هناك خطر حقيقي يُهدد الكيان التركي بقيام جالديران جديدة.
من هنا يُمكن القول لا منفذ لتركيا في أزمتها سابقاً ولاحقاً سوى الكرد، وعدم تدخّل تركيا في شؤون الآخرين، والكف عن التصريحات الاستفزازية على غرار (تركيا لن تسحب قواتها من سوريا، طالما بقيت وحدات حماية الشعب في شمال وشرق سوريا)، ولا يجوز لتركيا خلق معارك دونكيشوتية لنفسها، فهي التي تعتدي على شمال وشرق سوريا، وتنتهك السيادة السوريّة.
والأجدر بأردوغان أن يعلم أن القرن 21 هو قرن نصر الشعوب المظلومة، وتركيا لن تنعم بالأمن والاستقرار إلا من خلال الانفتاح على الداخل، وحل المشاكل التي يعاني منها وفي مقدمتها قضية شعبنا الكردي العادلة.
وإذا كان التاريخ مخفي في حاضرنا من قِبل الأنظمة الدكتاتورية، فنحن مخفيون منذ بداية التاريخ كما يقول أوجلان،ولكن هذا لا يعني أن شعبنا قد تحول إلى جثة هامدة فالشعوب لا تموت، وهي تنبعث دائماً من جديد رغم الظلم والإنكار، وسوف يظل يدافع عن حقوقه المشروعة.
وإذا استمرت تركيا في عنجهيتها ستدخل في صراعات داخلية عنيفة، مع أننا نحن الكرد لا نُجيد سفك الدماء، ولا نحب ذلك، مثل قادة الأتراك حيث تاريخهم مليء بالمجازر، فنحن أصحاب فكر الأمة الديمقراطية التي تقوم على التآخي والعيش المشترك، وأي هجوم تركي جديد على شمال وشرق سورية كما يخطط له أردوغان سيكون باهظ الثمن بالنسبة له، لأن مفعول لوزان انتهى وكذلك سايكس بيكو، والشرق الأوسط سيدخل عصراً جديداً بفرص ومخاطر مختلفة، كما جاء في صحيفة (ايكونوميست) البريطانية.
ولابد من تدارك المخاطر قبل وقوعها، لأن التاريخ لا يرحم، وما يحصل في غزة هو البداية هو مخاض لولادة شرق أوسطية جديدة، عسيرة، قيصرية، ستشمل كل دول وقوى “الأزمات” ولابد من إيلاء الاهتمام للمشاكل الداخلية وعدم القفز عليها، كما يفعل النظام التركي، كما لابد من تغليب لغة العقل والحكمة بدل الغرور والتهور.
*صحيفةروناهيالسورية.[1]