$الخطاب العربي والقضية الكوردية (9)$
#بير رستم#
لم و لن نستغرب وجود تلك الأصوات التي تدعوا إلى الانفصال والقطيعة وأحياناً إلى العنف و(الإرهاب) لدى أبناء الأقليات العرقية والدينية المذهبية تجاه الأغلبية السائدة، خاصةً عندما يكون هناك أصوات طاغية لدى الأغلبية تدعو إلى نسف الآخر (الأقليات) وإلغاءها من الوجود ومن خلال عمليات الإبادة الجماعية “الجينوسايد” والأنفال وذلك على غرار ما قام به النظام العراقي البائد (صدام وطغمته الفاشية) بحق الشعب الكوردي في إقليم كوردستان (العراق) وكذلك بحق الطائفة الشيعية من أبناء الجنوب أو على الأقل صهرها (أي صهر تلك الأقليات العرقية والدينية) ضمن بوتقة الأغلبية المتسيدة في محاولات يائسة وبائسة بجعل هذه الجغرافيات التي تتميز بتنوعه الأثني العرقي والثقافي اللغوي والحضاري ذو لون وثقافة وحضارة واحدة إن كانت عربية أو تركية أو فارسية أو.. غيرها من الأعراق والأقوام.
ولكن أن يصل الأمر ببعضهم إلى فصل “كعب آخيل” أو فصل “الجيب العميل” على حد تعبير آخرين ومن باب الإجهاز على شعب وأمة بكاملها فلعمري أنه (قمة) اللاعقلانية واللاإنسانية ناهيك على أنها دعوة عنصرية شوفينية وفاشية وب(امتياز). فها هو المدعو (المحامي سليمان الحكيم) – وبالتأكيد فهو اسمٌ مستعار كون الخطاب (خطابه هو) لا يدل على أنه يتمتع بحكمة (النبي سليمان)، وكذلك لا يصلح إلا أن يكون محامياً لأمثاله من القومجيين والمتطرفين وقاطعي الأعناق والرؤوس – فإنه يكتب ومن خلال مقالٍ له بعنوان “مستقبل العراق والعبء الكردي” نشر في صحيفتهم المفضلة (كتابات) وبتاريخ (8-05- 2006) ما يلي: “استقر عبر السنين قانون ذو طبيعة جدلية يحكم العلاقة بين السلطة المركزية فى العراق وبين مناطقه الكردية اذ كلما ضعفت الأولى توغلت الثانية وبصورة عدائية مستفزة فى مسالك الاستقلالية التى لم تفتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية بل وصلت الى الموروث الدينى فاستدعت ومنذ1991 العقيدة الزرادشتية تلك الديانة الفارسية الموغلة فى القدم , ليس بسبب صحوة دينية أعادت الحياة اليها وانما اكمالا للسعى الكردى الحثيث الى التمايز والانسلاخ عن المحيط العربى والمسلم فى معظم افراده والذى يشكّل الأكراد خليجا صغيرا ناتئا على شواطئه”.
وهكذا يفهم من الخطاب السابق للمدعو (سليمان) وكأن القيادة الكوردية في إقليم كوردستان (العراق) تسعى حثيثاً بالعودة بالمجتمع الكوردي إلى الديانة الأقدم للشعب الكوردي ومجموع شعوب المنطقة آنذاك؛ ألا وهي الزرادشتية مع العلم بأن هذه المسألة لم تأخذ الاهتمام اللائق والحقيقي لا من جانب القيادة السياسية الكوردية ولا حتى من جانب المؤسسة الفكرية والثقافية ومراكز الدراسات والبحوث في الإقليم، ناهيك عن الأموال الطائلة والتي تسخر من قبل بعض دول الجوار لفتح كتاتيب تعليم القرآن والفقه الإسلامي ليصل الأمر إلى تمويل جماعات إرهابية داخل الإقليم وتجربة (شيخ زانا) نوردها كمثال على ذلك. وكذلك فهو يُنكر على الكورد أن يكون لهم “استقلالهم” وفي أي جانب من الجوانب، لا السياسية ولا الاقتصادية ولا حتى “الموروث الديني”، مع العلم أن القيادة الكوردية في الإقليم لم تطالب بالاستقلال – وكان ذاك مطلب الشعب الكوردي في الاستفتاء – ولكن ارتضت بأن مسألة الفيدرالية في (العراق) كفيلة بحل القضايا الشائكة والعالقة بين كل المكونات العراقية وضمان حقوقهم بما فيهم الشعب الكوردي.
ويضيف هذا (المحامي) الزائف: “وعندما تشتد شوكة السلطة المركزية تلجأ القيادات الكردية بكل اتجاهاتها الى اللعب على التناقضات الاقليمية ولما تلتقى هذه التناقضات فى نقطة توازن القوى تستدعى القيادات الكردية قوى خارجية مؤثرّة سواء كانت اسرائيلية أو اميركية . وبات واضحا ومنذ تركيب الأجزاء التى تشكلت منها الدولة العراقية الحديثة أن المنطقة الكردية نمثّل كعب أخيل فى بنيانها وأن مصالح الطرفين متناقضة الى حد يحتاج الى قرار عراقى مركزى شجاع يبتر ذلك الطرف الذى ألصقته معاهدة سايكس- بيكو بالجسد العراقى ويتركه لمصيره برغم المخاطر الأمنية التى قد تنتج عن ذلك الا أنها سنكون مخاطر ناجمة من خارج الحدود الجديدة وهى أهون حتما من تلك التى تتهدد الوطن من داخله, كما أنى لا أظن أن انكشافا جديدا سيحدث فى بنية الأمن الأمن الوطنى العراقى لأن هذا الاتكشاف حاصل فى كل الأحوال ومنذ تأسيس دولة العراق. ويمر العراق اليوم بأسوأ أوضاعه مما يعتبر سانحة ذهبية قد لا يكررها ظرف تاريخى للقيادات الكردية لاقتناص أكثر حجم ممكن من المكاسب والمناصب والامتيازات ليتم تقنينها بعد أن أتاحتها موازين القوى الراهنة بين مجتمع عربى مفكك يراد له أن يتناحر طائفيا وأقلية قومية تستدعى من أجل تلبية طموحاتها كل الأدوات دونما رادع من جوار أو من رابط دينى أو حتى مصالح مشتركة , ولا شك أن للطرف الكردى مصالح فى تأجيج الفتنة المذهبية فى الصف العربى العراقى ذلك انه كلما اتسعت الهوة بين الطائفتين وفاضت بالدم أمكن للجانب الكردى أن يلعب دور نقطة التوازن بينهما منتزعا التنازلات من كل منهما, ويمنلك الطرف الكردى من الخبرات الأمنية ومن القدرات المالية ما يؤهله للقيام بتأجيج الفتنة الطائفية خاصة وأن الخبرة الاسرائيلية التى لعبت دورا مماثلا فى الحرب الأهلية اللبنانية موضوعة بتصرفه بل أنى أزعم وجود علاقة تنسيق كاملة بين الجهات الاسرائيلية وبين حزب البارازانى بالتحديد وأزعم أن حزب الطالبانى يعرف كل تفاصيلها وان لم يتورط بالجانب العملى منها”. لقد أوردنا النص – المقال؛ مقال المدعو (سليمان الحكيم) والذي يدعو فيه أبالسته وجنيّه للانقضاض على الكورد وإقليم كوردستان (العراق)، كما في سالف الأزمان، حسب ثقافته وتراثه المسعودي – مثلما هو واردٌ في الأصل بأخطائها ومعانيها ومن دون تصحيح، ولكن وفي معرض الرد سوف نقوم بتصحيح تلك الأخطاء المطبعية.
ما نلاحظه أولاً المفردات والمصطلحات العنيفة التي يستخدمها في سياق خطابه التعبوي هذا من قبيل “تشتد شوكة السلطة، قرار عراقي مركزي شجاع يبتر ذلك الطرف (أي كعب آخيل الكردي) و.. ” غيرها من الجمل والتعابير، والتي تنم عن عقلية إجرامية عصاباتية (من العصابات) لا تعرف لغةً غير لغة العسكر والحرب والبارود وهكذا فالقتل والبتر وقطع الأعناق وبأعصاب باردة تكشف لنا شخصية هذا الرجل الحقيقية بأنه (خير) خلفٍ ل(خير) سلف من أمثال الحجاج وصدام والزرقاوي والقائمة تطول. أما ما يتعلق بالمضامين فإنه يدعي بأنه “عندما تشتد شوكة السلطة المركزية تلجأ القيادات الكردية بكل اتجاهاتها إلى اللعب على المتناقضات الإقليمية ولما تلتقي هذه المتناقضات في نقطة توازن القوى تستدعى القيادات الكردية قوى خارجية مؤثرّة سواء كانت إسرائيلية أو أمريكية”. وهكذا فهو يعتبر أن التواجد الأمريكي وقوات التحالف في المنطقة قد تم من خلال (دعوة كوردية) لهذه القوات والجيوش العسكرية والديبلوماسية وينسى أو يتناسى الوجود الأمريكي الذي يسبق حربي الخليج الأولى والثانية بعقودٍ وعقود وحتى قبل أن تستدعي التصرفات والحروب الحمقاء للنظام العراقي السابق هذه القوات إلى المنطقة، بل إن الوجود الأمريكي يسبق بعقود وعقود وجود (صدام حسين) نفسه في الحكم، وهو (أي صدام) الذي كان يتلقى الدعم من تلك الدوائر وفي أزمنة (سنوات العسل) بينه وبين تلك الدول والدوائر وذلك عندما كان يراعي مصالحهم. وبالتالي فالكورد براء من تهمة هذا الدعي وبأنهم (أي الكورد) هم من دعوا (أمريكا وإسرائيل) لغزو (المنطقة العربية) وكأن أمريكا وحلفائها رهن إشارة الشعب الكوردي وقياداتها.
ولكن ما يحسب لهذا الرجل ومن دون سواه من المتطرفين القوميين المغالين، بأنه يعترف بالجغرافية الكوردية؛ إقليم كوردستان (العراق) وبأنها أُلحِقت بالعراق الحديث نتيجة صفقات واتفاقات دولية استعمارية ولو أنه يعتبرها (أي الإقليم) بأنها “كعب آخيل” ويجب (بترها) من الجسد والجغرافية العراقية (العربية) كونها نقطة ضعف ومقتل فيها، فها هو يكتب: “بات واضحاً ومنذ تركيب الأجزاء التي تشكلت منها الدولة العراقية الحديثة أن المنطقة الكردية تمثّل كعب أخيل في بنيانها وأن مصالح الطرفين متناقضة إلى حد يحتاج إلى قرار عراقي مركزي شجاع يبتر ذلك الطرف الذي ألصقته معاهدة سايكس- بيكو بالجسد العراقي ويتركه لمصيره برغم المخاطر الأمنية التي قد تنتج عن ذلك إلا أنها ستكون مخاطر ناجمة من خارج الحدود الجديدة وهى أهون حتماً من تلك التي تتهدد الوطن من داخله”. وهكذا فهو يطلب من الساسة والقادة العراقيين، بل من الشعب العربي في العراق الفيدرالي، بأن يتخلوا عن هذا الإقليم (الكعب) – لاحظ التورية هنا؛ بأن الكورد وإقليم كوردستان (العراق) يمثلون الجزء الأدنى والأسفل من الجسد العراقي، وهي دلالة على الدونية والاحتقار والضعف والخيانة، خيانة للجسد والكل العراقي – وذلك عبر (بتر ذلك الطرف)؛ أي إقليم كوردستان و “الذي ألصقته معاهدة سايكس- بيكو بالجسد العراقي” ولكي “يتركه لمصيره” في إشارةٍ لدول الجوار بأن يجهزوا على هذا (الكعب والجيب العميل)، فهل بعد هذا دلالةٌ أكثر تنم عن عقلية الغائية شوفينية حاقدة تجاه شعب وأمة تتطلع لنيل حقوقها أسوةً بغيرها من شعوب المنطقة.
وبخصوص الاقتتال الطائفي – المذهبي في العراق بين مكوني (السنة والشيعة) فإنه يحمل الكورد وزر ذلك ويكتب بهذا الصدد في مقاله المذكور: “يمر العراق اليوم بأسوأ أوضاعه مما يعتبر سانحة ذهبية قد لا يكررها ظرف تاريخي للقيادات الكردية لاقتناص أكثر حجم ممكن من المكاسب والمناصب والامتيازات ليتم تقنينها بعد أن أتاحتها موازين القوى الراهنة بين مجتمع عربي مفكك يراد له أن يتناحر طائفياً وأقلية قومية تستدعي من أجل تلبية طموحاتها كل الأدوات دونما رادع من جوار أو من رابط ديني أو حتى مصالح مشتركة, ولا شك أن للطرف الكردي مصالح في تأجيج الفتنة المذهبية في الصف العربي العراقي ذلك انه كلما اتسعت الهوة بين الطائفتين وفاضت بالدم أمكن للجانب الكردي أن يلعب دور نقطة التوازن بينهما منتزعا التنازلات من كل منهما”. الدعوة هنا صريحة لدول الجوار كي (يردعوا) الكورد وهذه تفسر غبطة الكثيرين من هؤلاء بصدد الأزمة الأخيرة بين تركيا وإقليم كوردستان (العراق) حول دور ونشاط حزب العمال الكوردستاني في المثلث الحدودي. ولكن الشُق الذي يتعلق بادعاء أن للكورد “مصالح في تأجيج الفتنة المذهبية” والطائفية “في الصف العربي العراقي” وبالتالي فلا بد أن يكون لهم يد في عمليات العنف والقتل الطائفي هذا، بين كل من السنة والشيعة في العراق. هذا هو الاستنتاج المنطقي على ضوء ما يطرحه المدعو (سليمان الحكيم).
ولكن نحن نحيله وبخصوص هذه القضية إلى التاريخ ونسأله: هل كان الكورد وراء الخلاف السني الشيعي والذي بدء مع “اجتماع السقيفة” وإبعاد (علي بن أبي طالب) من الخلافة وتسليمها بالقوة إلى (أبي بكر) بعد أن سانده (عمر بن الخطاب) بسيفه وراحت (فاطمة) بنت نبيهم كقربان وضحية لهذا الصراع بعد أن حشرها (عمر) خلف الباب بحيث أنه إلى اليوم لا يعرف المسلمون قبراً لبنت رسولهم وذلك بعد أن تم دفنها سراً وفي ظلمات الليل خوفاً عليها وعلى قبرها من بطش (عمر) وسنته. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بالطبع، بل وصل إلى (معركة الجمل) بين كل من جيش (عائشة) زوجة الرسول والتي قال عنها: “خُذوا نصف دينكم من هذه الحميراء” وجيش (علي بن أبي طالب) بن عم الرسول وأكثر الناس زهداً وإيماناً، بل وصل الأمر بأتباعه (أي أتباع علي) أن أدعو بأن (جبرائيل) قد أخطأ بينه وبين (محمد)؛ فالرسالة والوحي كان له دون (محمد) وهذه حكاية تطول شرحها.. نعم، في (معركة الجمل) هذه فقط راح أكثر من سبعة عشر ألف قتيل من مجموع الطرفين ولا نعرف، إلى الآن، قتلا أي من الطرفين في النار والآخرين يعتبرون شهداء من أهل الجنة ولهم الحوريات مخلدون معهم في تلك الرياض، كون إحدى أحاديثهم النبوية تدعي بأن “الفئة الباغية سوف تكون في النار” فليخبرنا السيد (سليمان) أي من الفئتين هي الباغية؛ جيش (علي) بن عم الرسول أم جيش (عائشة) زوجة الرسول.
وكذلك فإننا نحيله (أي المدعو الحكيم هذا) إلى (موقعة صفين) بين كل من جيش (علي بن أبي طاب) رابع الخلفاء الراشدين وجيش (معاوية بن أبي سفيان) عامل (عثمان بن عفان) ثالث الخلفاء الراشدين والذي قتل وهو كهلٌ وفي أيامه الأخيرة وذلك شر قتلة على يد بعض المسلمين – منهم أبناء الصحابة؛ ك(محمد بن أبي بكر الصديق) – وعلى مرأى الآخرين ومنهم (علي بن أبي طالب) وبقية الرفاق والصحابة، فما كان إلا “قميص عثمان” الملطخ بدمائه وفتنة أشعلت (صفين) والتي راحت ضحيتها ما بين تسعون إلى مئة وعشرون ألف قتيل بين الجيشين المتحاربين من أجل السلطة والخلافة في أن تكون في يد (علي) أم تبقى في يد الأمويين (معاوية). كل هذا – ومن دون أن نذكر قتل أهل البيت وأبنائهم وأبناء أبنائهم وسبي نسائهم على يد الأمويين وكذلك الأعمال الوحشية التي ارتكبت على يد الخلفاء في الفترة العباسية لتصل الأمور بهم إلى نبش القبور وحرق الجثامين وذر الرماد في الهواء كي لا يبقى للخصوم من أثر – نعم.. بعد كل هذا وذاك ويأتي من يحمل الكورد وزر “الفتنة المذهبية في الصف العربي العراقي” وينسى بأن للمسلمين باعٌ طويل و.. طويل في هذه القضية.
ولا يكتفي الرجل بتحميل الكورد قضية “الفتنة المذهبية” في العراق، بل وكأسلافه ورفاق دربه من القومجيين فإنه يعيد إلى الأذهان تلك الاسطوانة المشروخة؛ بأن للكورد علاقات مع دولة إسرائيل، فيكتب بهذا الصدد: “ويمتلك الطرف الكردي من الخبرات الأمنية ومن القدرات المالية ما يؤهله للقيام بتأجيج الفتنة الطائفية خاصةً وأن الخبرة الإسرائيلية التي لعبت دوراً مماثلاً في الحرب الأهلية اللبنانية موضوعة بتصرفه بل أني أزعم وجود علاقة تنسيق كاملة بين الجهات الإسرائيلية وبين حزب البارازانى بالتحديد وأزعم أن حزب الطالبانى يعرف كل تفاصيلها وان لم يتورط بالجانب العملي منها”. الرجل يزعم وهذا (جيد)، ولربما هناك من سيزعم بأنه منافق ودجال فهل نصدق (زعمه) أم يجب أن نقدم البراهين والدلائل والشواهد على ادعاءنا وزعمنا هذا وأرض إقليم كوردستان (العراق) ليس في المريخ ليصعب عليه وعلى الجواسيس العربية وغيرها من دول الجوار لتكتشف هذه (الخبرات والقواعد) الإسرائيلية المزعومة والموضوعة (بتصرف) تحت أمرة القيادة الكوردية في الإقليم (حزب بارزاني تحديداً) – على حد زعمه – وبمعرفة من “حزب الطالباني”.
وكذلك فإنه ينسى بأن الإقليم الكوردستاني وحسب الدستور العراقي يعتبر جزءً من العراق الفيدرالي وبالتالي فما تجدها القيادة السياسية في بغداد مناسباً، وخاصةً ما يتعلق بالسياسة الخارجية، يكون ساري المفعول في كل الأقاليم ومنها إقليم كوردستان (العراق) وقد قال الرئيس (مسعود بارزني) وأكد أكثر من مرة بأنه “ليس لهم (أي للإقليم) علاقات دبلوماسية وغير دبلوماسية مع (تل أبيب) ولكن حين تتخذ بغداد إجراءً من هذا النوع وتقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل فإننا – والقول ل(كاك مسعود) – كذلك سوف نفتح قنصلية لهم في (هولير)؛ عاصمة الإقليم، أما أن نستفرد بعلاقاتنا مع إسرائيل ومن دون (بغداد) فهذا مستبعد”. ونعتقد بأن كلام الرئيس (مسعود) كان واضحاً ولم يوارب شيئاً في حين هناك من يتبجح ليلاً نهاراً بمعاداة إسرائيل وفي الخفاء يفتح قنوات حوارية معه، ناهيك عن السلك الدبلوماسي والتجاري لإسرائيل في الكثير من البلدان العربية والإسلامية ودول الجوار وكذلك من دون أن ننسى بأن أصحاب القضية والمصلحة المباشرة؛ (أي الفلسطينيون) أنفسهم لم ولن يغلقوا باب الحوار والعلاقات الدبلوماسية مع الدولة الإسرائيلية، فلما نطلب وننهي الآخرين عن أمرٍ ونحن السباقون إليه.
أما بخصوص تحليله بتوزيع السلطات بين الكتل الأساسية والرئيسية في العراق؛ (السنة والشيعة والكورد) فإنه يقول: “و يعطى التنازع على المناصب الرسمية بين الأطراف الثلاثة المؤثرة في السلطة العراقية دلالات لا تقبل التأويل على التوجه الاستراتيجي لكل واحد منها فعلى سبيل المثال يقاتل الأكراد من أجل الاحتفاظ بوزارة الخارجية..” ويضيف “انصاع الأكراد الى نصيحة ثمينة اسديت اليهم وتمسكوا بكل الوسائل بوزارة الخارجية بل انهم اصرّوا على تفردها بالعمل الدبلوماسى دون وزارة رديفة ذلك أنهم حال استلامهم لتلك الوزارة نشروا رجالهم سفراء فى دول الاتحاد الأوروبى بالذات والهدف واضح فهم قد سيطروا على الاقليم واستكملوا بناء ركائز الدولة ولا ينقصهم الا مسألتين مهمتين : مورد اقتصادى دائم ومجدى وهو ما يتحقق بالاستيلاء على كركوك وموقف دولى تشكّل اوروبا أساسه وتعطيه الشرعية, وما من أداة يمكن أن تيسّر السبيل الى مثل هذا الهدف كوزارة الخارجية, ولا يفوّت وزير الخارجية الكردى فرصة دون أن بستغلّها لتدعيم الاستراتيجية الكردية”. وهكذا فالرجل يكشف عن وجهه الحقيق برفضه الحالة العراقية الراهنة والدعوة إلى أيام زمن (صدام وزبانيته) والتي يقول عنها زمن “شعار دولة الرفاهية” ولا ندري متى كانت تلك الرفاهية، إلا إن كان القصد رفاهية المقابر الجماعية وسحل الجثث في شوارع مدن العراق، ولكن هيهات أن تتحقق أماني هؤلاء بسحق وسحل كل من يخالفهم؛ حيث أن عراق اليوم هو العراق الفيدرالي التعددي الذي يحاول أن يصون حقوق الجميع ويحافظ على كرامتهم من الهتك والسلب والنهب لخيرات البلد.
أما ما يتعلق بخصوص وزير الخارجية العراقي السيد (هوشيار زيباري) واعتراضه على “خلوّ جواز السفر العراقى الجديد من كتابة بياناته باللغة الكردية الى جانب اللغة العربية ورفض اعتماده لدى دول الأمم المتحدة اذ تقتضى الأصول أن يتم تزويد تلك الدول بنماذج من ذلك الجواز ليتسنى اقراره لديها” وادعاءه بأنه “هكذا تعطّل العمل به ورفضت الدول قبوله علما أنه كلّف الدولة مئات الملايين من الدولارات اذ تم تصميمه وطباعته لدى شركة بريطانية والصفقة معروفة بتفاصيلها لدى السيد عمار عبد العزيز الحكيم” فكان الأجدر به أن يحمل المسؤولية لأولئك الذين قاموا بطباعة تلك الجوازات التي “تخلو بياناته من اللغة الكوردية” وقد أقر الدستور العراقي الجديد بأن اللغتين؛ الكوردية والعربية هما لغتان رسميتان للدولة العراقية الفيدرالية ويجب اعتمادهما في كل الدوائر والمحافل وكذلك الوثائق الرسمية والحكومية وقد قام السيد الوزير بما يملي عليه الدستور العراقي ولم يبادر إلى ذلك كونه “وزير كردي” حسب زعمه، بل كونه وزيراً للعراق ويمثل الدبلوماسية العراقية، وهكذا نتأكد من منا يؤجج الفتن الطائفية والمذهبية وكذلك العرقية في بلداننا، هل هم الكورد أم أمثالك من المتطرفين القوميين والأصوليين المتشددين والذين لا يعرفون غير العنف والقتل (لغةً للحوار) ولا يجيدون غير (دبلوماسية عض الأصابع) ولكن تلك الأزمنة قد ولت مع سيدكم (صدام ورفاقه)؛ حيث أن عراق الغد هو عراق كل المكونات العرقية والدينية وكذلك السياسية الأيديولوجية، بمن فيهم.. التيار الذي تمثله.
جندريسه-2007
[1]