الأسم: عنايت عطار
تأريخ الميلاد: 1948
مكان الميلاد: عفرين
ولد الفنان التشكيلي عنايت عطار، عام /1948/ في إحدى قرى منطقة #عفرين# التابعة لمحافظة حلب، وفي عام /1970/، انتقل إلى مدينة الرقة، وهناك ساهم مع زملائه من الفنانين التشكيليين، بتأسيس تجمع فناني الرقة، وقد قدم العطار أول معرض فردي له في مدينة الرقة، وذلك في صالة المركز الثقافي، عام /1981/، أمضى أكثر من ثلاث عشرة سنة في مدينة الرقة، قدم خلالها الكثير من الأعمال الفنية، التي ساهمت برفد الحركة التشكيلية الرقية، وفي منتصف الثمانينيات، سافر إلى فرنسا، واستقر في مدينة انجيخ، حيث حقق هناك شهرة عالمية، ولاقت المعارض التي أقامها هناك أصداء واسعة في الوسط النقدي التشكيلي الفرنسي، فكتب عن أعماله عدد كبير من النقّاد منهم: جان مونيه، وآلين ماريز، وجاك ألتراك الذي قال عن تجربته: «إن رسوم عنايت جذابة، فاتنة، حية وديناميكية، إنها لا تروي التاريخ، ولا تعبّر عن فعل ولكنها تطرح علينا الأسئلة وتحرض مخيلتنا».
يقول عنه صديقه الفنان التشكيلي جورج شمعون: «كنت أراه سريع البديهة، حاضر النكتة، خفيف الظل، مرناً في تعامله مع الآخرين، نظرته إنسانية، فهو يرى أن الناس كلهم سواسية، وقد كان يجالس الجميع ويصادق الكثيرين، كان ينتقده صديقه الفنان التشكيلي طلال معلا بقوله: «إن عنايت عطار، يتعامل مع جميع الناس بنفس السوية، وهذا خطأ كبير»، إلا أن عنايت كان يقول: «إنني أتماشى مع الجميع، فالكبير أستفيد من خبرته وعلمه، والصغير أعطيه ليتعلم»، كان عنايت يهاجم النزعة الفلسفية التي تمجد العلم، الذي يدعي السيطرة على كل شيء بشكل مطلق، فقد كان يرى أن الفكر ليس له أن ينتظر شيئاً من العلم، وكان يستشهد دائماً بقول الباحث كويريه الذي كان يرى بأن القول العلمي عند أرسطو، غيره عند جاليليو، والمعرفة الرياضية القديمة، تختلف عن المعرفة الفيزيائية الرياضية الحديثة، التي وصل إليها العلم الحديث، لكن الفن هو الخروج عن المحدودية القاعدية، التي هي أساس العلم، كما كان يرفض منطق الفرنسي دوليه الذي يقول: لا شيء يتغير، لأن المستقبل ليس إمكان الممكن، بل هو امتداد سلسلة من الأمور المحتملة، وكان عنايت يردد دائماً مقولة لأحد المفكرين، حيث يقول: «إن الإنسان بوصفه روحاً، هو المعاصر للعلو الذي يخترقه»، وقد قال الفنان والناقد طاهر البني، وهو يتحدث عن لوحات عنايت عطار: «نستطيع أن نلمح ماهية التشخيص المبسّط من خلال التركيز على الجسد بمظهره العام وتجاهل التفاصيل والجزئيات فيه، حيث يبرز الوجه في الوقت الذي تغيب فيه العيون والأنف والشفاه، كما تبرز الأطراف في حركة انسيابية تختفي فيها تفاصيل الأرداف والأصابع، وهذا التركيز على الكتلة الكلية، يفسح المجال أمام اللعب باللون وتدرجاته، كما يحفّز المتلقي على التأمل، واستحضار علاقات الغياب في اللوحة، عبر علاقات الحضور المجسّدة أمامه، وتبدو الألوان سيدة التكوين، حيث تذوب فيها الأجساد والمساحات مشكّلة قصيدة بصرية في تناغمها ودلالاتها»، وقد كان عنايت يكتب الشعر، وكان للمرأة نصيب كبير في قصائده، فهو يقول في إحداها: الأزرق للسماء، والأخضر للجبال، والأصفر للسنابل، والأحمر للمرأة، لا..لا، أيها الصديق، لقد أخطأت الترتيب، والنسبة والدلالة..! بل الأزرق والأصفر والأخضر والأحمر لها وحدها، للمرأة التي أحب وأعشق، وللمرأة التي أرسم وأتخيّل..! لا مسافات، ولا حدود، لا تقل لي إن المرأة رمز للوطن، أو للبحر، أو للكرامة، أو للحب..! لا أبداً أيها الصديق..! فالمرأة عندي هي البحر والوطن والأفق والكرامة والحب والغيرة، والحزن والجنون أيضاً..! وقد امتزجت في
سيمفونية لونية واحدة متكاملة ومتناغمة..!».
وقد تحدث الكاتب والفنان التشكيلي أيمن ناصر، عن ذكرياته مع الفنان عنايت عطار بقوله: «مازلت أحتفظ برسم بقلم الرصاص يمثلني، رسمه الفنان عنايت عطار بسرعته الفائقة ومهارته المعهودة بأقل من دقيقة، وذلك في جلستنا الجماعية المعتادة بعد كل معرض يقيمه تجمع فناني الرقة، كان ذلك في بداية ثمانينيات القرن الماضي، واحتفظ مع الرسم بذكريات جميلة عن هذا الفنان الذي يعد بحق أحد أعلام الفن التشكيلي في سورية، وفي العالم مؤخراً، وأحد الرموز الذين تفتخر بهم مدينة الرقة في تاريخها الفني المعاصر، وعنايت من الفنانين الملتزمين بقضايا المرأة فكراً وفناً، فطالما كانت لوحاته تتحدث عن انعتاق المرأة، من التقاليد البالية وقيودها الاجتماعية المتخلفة، التي تجعلها بعيدة عن عجلة الحضارة، غير فاعلة في الحياة العملية، ولم يتردد يوماً في كتابة آرائه شعراً، يلقيه على منابر الثقافة أو في جلسات الأصدقاء، ولالتزامه هذا، تجاه فنه وفكره ضريبة يدفعها عادة الفنان في بعض التنازلات الشكلانية من أجل البقاء، حفاظاً على وجود كيانه سليماً معافى في طبيعة عمله أو طريقة معاشه اليومي، فعنايت كان يعمل في نجارة الديكور الداخلي، وكتابة الإعلان، ولكن بطريقته وأسلوبه الخاص، وهذا ما ترك أثراً كبيراً في نفوس من عملوا عنده أو معه، متأثرين بأسلوبه في كتابة الإعلان أو أسلوب اللون، والعبثية التي تسيطر عليه خلال الرسم، وحتى في أسلوب حياته اليومية، التي كانت تسودها أحياناً فوضى المواعيد، وتغلب عليها المصادفات، فهو حين يخرج ليأتي بربطة خبز لأسرته، يلتقي بصديق يعرض عليه السفر خارج المدينة بذات اللحظة فلا يتردد عنايت ناسياً الخبز وأهله.
عنايت عطار تشكيلي فريد من نوعه وأظنه حالة لا تتكرر كثيراً، فنان ضاق به المكان فحلق بعيداً إلى بلاد الغال، له بصمات بيضاء ومشرقة في الرقة ومع الكثير من أهلها، وكان آخر ما يفكر فيه هو أن يتقاضى أتعابه كاملة، يكفيه أنه يكثف حضوره في أي عمل يقوم بتنفيذه، ذلك التكثيف الذي يحيل الرموز في عمله إلى مجموعة من الأسئلة».
أما الكاتب والناقد نذير جعفر فهو يقول عن تجربة الفنان عنايت عطار: «عنايت محسوب تشكيلياً على جيل السبعينيات، وهذا ما يقرّ ويعترف به، لكنه غير محسوب على هذا الجيل، من حيث علاقته بالحياة، فهو بقبّعته الرصاصية، وقميصه الترابي، وحذائه المخملي، وفوضويته، وتجواله الدائم ما بين الرقّة وحلب ودمشق وباريس وبرلين واستانبول، عاشق أبدي ومغامر لا يتوقف عن
ارتياد الآفاق المجهولة، واكتساب علاقات وصداقات جديدة، وترميم الانكسارات القاسية في حياته، كفنان وأب وعاشق، وكتابة القصائد، وتصميم الديكور والإعلان، وارتكاب الحماقات أيضا.! بالقدر نفسه الذي يجدّد فيه أدواته ومناخاته التشكيلية وعوالمه الحياتية، في هذه المرحلة بدأت تتنامى نزعة التجريب عند عنايت، كما بدأت أعماله تتحرّر من الصيغ والقوالب المعهودة والاتجاهات السائدة، واضعاً نصب عينيه تأسيس خطابه الفني الخاص به، بعدما امتلك أدواته وتمثل أو لنقل هضم معظم التجارب السورية التي سبقته، وقد كان معرضه الأخير في حلب الذي أقامه في صالة الجوشن (الخانجي حالياً) في العام /1991/ تعبيراً عن هذا النزوع إلى التجريب، وتجاوز تجربته السابقة التي عبّر عنها من خلال معارضه الفردية في الرقة /1981/ والحسكة/ 1983/ ودمشق /1986/، حيث بدأ يميل أكثر فأكثر، نحو التجريد دون أن يتخلّى كلياً عن واقعيته التعبيرية الصرفة في بعض الأعمال» .
ويذكر النحات موسى الرمو، الفنان لاوند عطار، وهو ابن الفنان عنايت عطار، حيث يقول: «لاوند عطار من مواليد الرقة، إنه رسام قد احترف الرسم مثل أبيه الفنان عنايت عطار المقيم في فرنسا حالياً، لاوند يسكن فرنسا أيضاً، ولكنه على صلة دائمة ببلده سورية، لقد أقام عدة معارض في فرنسا، وحاز على عدد كبير من الجوائز داخل فرنسا وخارجها، له معرض في صالة kalimat في حلب،
له تجربة جديدة في النحت: (في عمق البحر)، حيث أقام معرضه الأول في صالة أنشئت خصيصاً لهذا لمعرض».
والجدير ذكره أن الفنان التشكيلي عنايت عطار، هو عضو نقابة الفنون الجميلة في سورية، وعضو جمعية الفنون البصرية في فرنسا spadem وعضو جمعية أصدقاء الفن في نانت وعضو نقابة الفنانين الفرنسيين، وعضو منظمة اليونسكو للفنانين العالميين، ومن أهم المعارض الفردية التي أقامها في سورية، حسب ترتيبها الزمني، هي: المركز الثقافي الرقة /1981/، المركز الثقافي الحسكة/1983/، والمركز الثقافي الروسي في دمشق /1986/، والمتحف الوطني حلب /1986/، ونادي العمل الثقافي اللاذقية /1987/، وصالة الفنون الجميلة حمص /1988/، وصالة الجوشن في حلب/1991/، كما عمل الفنان عنايت في الديكور المسرحي، ونشر رسوم (غرافيكية) في الصحافة العربية، وكتب الشعر والنقد الفني، وهو مقيم في مدينة انجيخ الفرنسية، ومتفرغ للعمل الفني.[1]