الأسم: إسماعيل بن الرزاز الجزري
تأريخ الميلاد: 1136
تأريخ الوفاة: 1206
مكان الميلاد: شمال كردستان
العالم الكردي الكبير إسماعيل بن الرزاز الجزري (561-607ﮪ =1136-1206م)
يقول المستشرق الأرمني يوسف أوربيللي :
لقد أضاعت الأمة الكردية أبنائها العظام الذين يزينون بأسمائهم ثقافات الشعوب الأخرى.
اعتذر عن طول المقالة ولكنها لاتوفي هذا الرجل ولو جزء صغير من حقه .
انه بديع الزمان أَبو العز أبو بكر إسماعيل بن الرزاز الجزري، عالم مشهور في علم الحيل (الهندسة الميكانيكية) بل و يلقب بالمهندس الاول، وهو كردي الأصل حيث ولد ونشأ في جزيرة ابن عمر (بوطان) الواقعة اليوم في كردستان الشمالية (تركيا). ويعد من أعظم المهندسين والكيميائيين والمخترعين في التاريخ الإسلامي و حظي الجزري برعاية حكام ديار بكر من بني أرتق، فأصبح كبير مهندسي الميكانيكا في البلاط. عمل على تصميم وصناعة آلات كثيرة بعضها لم تكن في أي مكان في العالم من قبل و كانت كالسحر في زمانه.
ومن أشهرها:
- عمل آلات لرفع المياه،حيث استطاع رفع الماء عن طريق الاستفادة من الطاقة المتوفرة في التيار الجاري في الأنهار.
- مضخة ذات أسطوانتين متقابلتين، وهي تقابل حاليا المضخات الماصة والكابسة.
مضخة الزنجير والدلاء: هي نوع من آلات السقوط وهذه الآلات تعطي مردود حركي بفضل سقوط الماء على المغارف وتحتاج عادة مثل هذه الآلات إلى رفع منسوب الماء عن طريق سدود أو مصادر مائية أخرى.
-الساعات المائية ذات نظام تنبيه ذاتي، (اوتوماتيكي).
- الآلات الهيدروليكية والكثير من المخترعات التي شرحها في مؤلفه الرائع
(الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل).
قد طبع هذا الكتاب في القرن السادس عشر في مطبعة عائلة مديشي، التي كانت تحكم فلورنسا بإيطاليا. وكانت هذه العائلة راعية المخترع والفنان الإيطالي الشهير ليوناردو دا فنشي، الذي تقول الموسوعة البريطانية إنه درس كتاب الجزري.
- اول عنفة تعمل بقوة البخار و بداية فكرة العنفة البخارية .
- صنع هذا المهندس النابغة أدقّ ساعة شمعية في التاريخ، قدمت فكرة ما يعرف اليوم بستوب ووتش لقياس الزمن الذي تستغرقه عملية ما. ويقول عنها المهندس والمؤرخ البريطاني دونالد هيل إنها احتوت على تقنية الحركة الذاتية، وذلك عن طريق شمعة وضعت على صحن خفيف تحته أسطوانات، وكلما احترقت الشمعة وخف وزنها دفعت الأسطوانات الصحن إلى الأعلى بشكل مستمر.
ولد هذا العالم كما سبق ذكره في منطقة جزيرة ابن عمر (بوطان) عام (561ﮪ/1165م)، ونسب إليها (الجزري)، وتعرف اليوم ب (جزرة) في منطقة (بوطان) الواقعة على ضفاف نهر دجلة في كردستان الشمالية، ولا يعرف الكثير عن تفاصيل حياته، وتكاد تخلو كتب التراجم من ذكره، وكل ما يعرف عنه نجده في مقدمة كتابه:(العلم والعمل النافع في صناعة الحيل). الذي ألّفه بطلب من ملك ديار بكر الملك الصالح الناصر أبي الفتح محمود بن محمد بن أرسلان بن داود بن سكمان بن أرتق، الذي تولى الحكم ما بين عامي (561-619ﮪ)،
ويذكر أنه درس الرياضيات وما توافر في عصره من معلومات فيزيائية وتطبيقات الصناعية، واطّلع على مؤلفات من سبقوه في ميدانالهندسة (علم الحيل). فكان دائمًا يقرن الدراسة النظرية بالتجريب العملي والتطبيقي، ولا يثق بالنظريات الهندسية ما لم تؤكدها التجارب العملية. وتقع جميع إنجازاته في دائرة الاختراعات الميكانيكية، وصناعة الآلات، فكان بحق مهندساً بارعاً معنيًّا - بصفة خاصة- باستخدام الحقائق العلمية والخبرة التكنولوجية في صناعة ما ينفع المجتمع من آلات مبتكرة، فأصبح راسخاً في فنه، وملمًّا بكل الفنون الميكانيكية والهيدروليكية إلمامًا قويًّا.
يعزو المهتمون بالجزري الى القول: بأنه أول من اخترع عمود الحدبات (أو عمود الكامة كما بلغة السوق) التي صنع بها الحدب أو ال (shaft) في العمود لتركيب جزء آخر يتحرك معه أو عليه، والذي يعمل معهم في تحريك الأجزاء اتوماتيكياً أو عن طريق الزنبرك على أيامهم (مثل ساعة الماء)، و(مثل شمعة على مدار الساعة)، وآلات لرفع المياه الكام وعمود الحدبات، وبدأ في وقت لاحق من الآليات الأوروبية في القرن الرابع عشر مع بداية الثورة الصناعية في العالم، رغم انه سبقهم بكثير.
لقد كانت اختراعات الجزري أحد أسس النهضة العلمية في الحضارة العربية الإسلامية التي انتقلت فيما بعد إلى أوروبا. وقد اطّلع المهندس التكنولوجي الإنجليزي (دونالد هيل) على وصفه الدقيق، ورسوماته الواضحة للآلات فيكتابه (الجامع)، وقال عنه:لم تكن بين أيدينا حتى العصور الحديثة أية وثيقة من أية حضارةأخرى في العالم، فيها ما يضاهي ما في كتابالجزريمن غنى فيالتصاميم، وفي الشروحات الهندسية المتعلقة بطرق الصنع، وتجميع الآلات.
وذكر الدكتور فاروق الباز من جامعة بوسطن الذي عمل مع وكالة ناسا للمساعدة في التخطيط للاستكشاف العلمي للقمر:إنّ اختراعات الجزري ما زالت تعزز أنظمة وسائل النقل الحديثة الخاصة بنا، لقد كانت الآليات اللازمة للتدوير منالأعاجيب الهندسية في زمانه، وكذلك
فالكتاب يلخص معظم المعارف المتراكمة عن الهندسة الميكانيكية حتى ذلك الوقت، مع تطويرات وإبداعات للجزري نفسه، وتمكين الصناع من بعده من إعادة تركيب آلاته، حيث قدم وصفًا دقيقاً لكل من الخمسين آلة يتضمن صناعتها، وتركيبها، والأجزاء المكونة لها. حتى يعد من أروع ما كتب في القرون الوسطي عن الآلات الميكانيكية والهيدروليكية، بل ومن أهم المؤلفات الهندسية التي وصلت إليهم من جميع الحضارات القديمة والوسيطة التي عرفها العالم حتى عصر النهضة الأوربية. وقد أبهرت اختراعاته المهندسين على مرِّ العصور، واكتسب شهرة واسعة، واهتمام بالغ لدى علماء الغرب، مما دفع الكثيرون الى ترجمة كتابه الى مختلف لغات العالم.
لقد نال الباحث والمستشرق (دونالد هيل) جائزة دكستر الدولية التي تمنح لأصحاب الإنجازات المتميزة في مجالات التكنولوجيا؛عن ترجمته لكتاب الجزري إلى الإنجليزية، وكتابة رسالة شاملة عنه بعنوان: (بديع الزمان الجزري وتاريخ التكنولوجيا الإسلامية).
وكذلك قام باحث ياباني بالاهتمام بالجانب التشكيلي في كتاب الجزري، ونشر دراسات عن الرسوم الهندسية والأشكال التوضيحية التي حفلت بها إحدى مخطوطات كتابه.
وقام بترجمة بعض فصوله إلى الألمانية كل من (فيدمان) و(وهاوسر) في الربع الأول من القرن العشرين. وترجمه إلى الإنجليزية (دونالد هيل) المتخصص في تاريخ التكنولوجيا العربية.
من المؤسف له أن النص العربي لهذا الكتاب لم ينشر إلا بعد نقله إلى الألمانية والإنجليزية، وقام معهد التراث العلمي العربي في حلب بنشره في نصه العربي الكامل عام 1979م، اعتمادًا على مخطوطات الكتاب في المكتبات العالمية، وكان أفضلها (مخطوطة طوب قابي سَرايِي، رقم 3472) في إسطنبول. وتوجد نسخ مخطوطة من كتابه في كل من: متحف كابي (الباب العالي) في اسطنبول، ومتحف الفنون الجميلة في بوسطن، ومتحف اللوفر في فرنسا، ومكتبة جامعة أكسفورد في بريطانيا.
في مهرجان العالم الإسلامي الذي عقد في بريطانيا عام 1976م، عرضت نماذج لرفع الماء صنعت حسب إرشادات بديع الزمان الجزري، وآلة لقياس كمية الدم التي تؤخذ من المريض، أما اختراعه الذي أثار إعجاب المشاهدين ودهشتهم، فهو (الساعة الدقاقة)، وهي ساعة مائية تحدد الوقت وتقدم إشارات - تقوم بأدائها دُمى- لدوران دائرة البروج، وتعاقب الشمس والقمر في فلكهما السرمدي الدائم الذي لا انقضاء له، ولا انتهاء.
لقد أسهم الجزري في خدمة الحضارة العالمية من خلال تصميماته التي كان لها اثر كبير على تطور التكنولوجيا التي يتمتع بها عالمنا المعاصر، مثل تصميمه مضخة كابسة استعمل فيها لأول مرة صمامات عدم الرجوع التي لا غنى عنها اليوم، وتصميماته لآلات تستعمل القوة الكامنة في سقوط الماء. فكان الجزري يجمع بين العلم والعمل، ويمثل وصفه للآلات وصف مهندس مخترع، ومبدع عالم بالعلوم.
توفى هذا العالم الكردي عام (607ﮪ/1210م)، وإن كانت بعض المصادر تشير إلى وفاته عام (602ﮪ-1206م).
ما أحوجنا نحن الكورد الى إقامة تمثال لهذا العالم في مدننا الكوردية لنذكر الجيل الحاضر بعلمائهم الأوليين الذين خدموا الحضارة الانسانية و العالمية، ولعلهم يقتفوا أثرهم في حب المعرفة والعلم الكفيلان بإنقاذهم من الجهل والفرقة وتوحيد رؤاهم نحو المستقبل، فالثقافة والعلم والمعرفة هي السبل الوحيدة لحصول الكورد على حقوقهم المشروعة والمهضومة.[1]