=KTML_Bold=مخيم الهول حاضن فكر داعش والخطر المحدق في المستقبل-3-=KTML_End=
قامشلو/ دعاء يوسف
في مخيم الهول على الحدود السورية العراقية، تجري عملية استغلال مرتزقة داعش الإرهابية للأطفال، التي تعمل على تجنيدهم عنوة، وغسل عقولهم من قبل أمهاتهم، فيعمد داعش إلى توريث أفكاره لهم، لخلق جيل جديد بقيادة أطفال داعش من داخل مخيم الهول.
بينما يواصل التحدي المتمثل في مشكلة مخيم الهول في مناطق شمال وشرق سوريا، الذي يحوي أعداداً كبيرة من أفراد “داعش”، وعوائلهم من العراق، وسوريا، ومن مختلف الدول حول العالم، يخفي المخيم وقائع مروعة عن أطفال يزج بهم في ساحات التدريب، ويتبنون الذهنية الداعشية، بعد عملية غسيل العقول، فأطفال عوائل المرتزقة، أو ما يطلق عليهم “أشبال الخلافة” المتواجدون في المخيم، يتم استغلالهم، والعمل على تنشئتهم ضمن جو مشحون بالحقد والقتل، لبناء البنية الفكرية للمرتزقة، ليصبحوا خلفاء لهم في القتل، والنهب، والسرقة.
أطفال داعش في عرين التطرف
يعج المخيم بأطفال داعش، والذين استقبلوا عدسة صحيفتنا “روناهي”، بالحجارة، التي رجمونا بها، واتهامنا بالكفرة والمرتدين، محاولين منعنا من التصوير، أو الاقتراب من الخيام، فيما يمررون أيديهم على أعناقهم كإشارة إلى النحر المتربين عليه.
وقد نشأ هؤلاء الأطفال على فكر داعش المتطرف، ولا يقتصر الوضع داخل قسم المهاجرات على أطفال ترمي الحجارة والحصى، بل يتلقى الأطفال تدريبات بدنية وعسكرية سرية، ويصنعون أدوات التدريب، وأسلحتهم بأنفسهم، بالإضافة للدورات الفكرية، التي يتلقونها من أمهاتهم، بهدف تغذيتهم بالفكر المتطرف وتربيتهم على التطرف في المخيم، لحين خروجهم منه سعياً لسيرهم على خطا داعش.
فقد دربت مرتزقة داعش الأطفال على حمل السلاح، والقتال، إلى جانب التدريبات العسكرية من المرتزقة الذين قاموا بتنشئتهم فكرياً، فزرعوا في عقولهم أفكار المرتزقة، فبعد القضاء على داعش جغرافياً في الباغوز، يركز المرتزقة الآن على مخيم الهول لتربية جيل جديد من المرتزقة.
فيعد قسم المهاجرات أرضية خصبة، ومناسبة لتنشئة هذا الجيل من الأطفال، لخطورته، وعدم قدرة أحد على دخوله دون قوة أمنية كبيرة، والأطفال المتواجدون فيه مازالوا تحت وصاية أمهاتهم، ينهلون منهن أفكار التطرف، وقد شاهدنا السوق المحطم داخل قسم المهاجرات، والدمار الحاصل فيه من قبل هؤلاء الأطفال، فيما تتعرض مراكز المنظمات، التي تعمل في ذلك القسم إلى العديد من المضايقات، التي تصل إلى حرق المكاتب، والاعتداء على الكادر الموجود فيه، ولا يمكن للكادر التجول في قسم المهاجرات أبداً، وذلك حسب إدارية المخيم.
كما تم إنشاء مدرستين في قسم المهاجرات، لمرتين متتاليتين في المرة الأولى دُمرت المدرسة، وتم إنشاؤها مرة أخرى، لإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال، ودمجهم بالنظام التعليمي، ولكن الأطفال قاموا بحرق المدرستين، رافضين التعليم القادم من المخيم مكتفين بالتعليم الذي يتلقونه من أمهاتهم، ويرسل الأطفال التهديدات الصريحة للخارج، والولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من داخل المخيم، دون خوف، الذي يعدونه مركزاً للتدريب لحين خروجهم بجيشهم الجديد، وذلك حسب فيديو نشرته فضائية روناهي.
وليس قسم المهاجرات فقط الذي يتواجد فيه التطرف، وأفكار داعش السوداوية، التي تعذي الأطفال، إنما المخيم كاملاً بقطاعاته التسعة، يحتوي أطفال يُرى على محياهم التشدد، إلا أنهم في القطاعات الثمانية، التي تضم لاجئين سوريين وعراقيين يكون الأطفال أقل عنفاً، فخلال الجولة، التي قامت به صحيفتنا في سوق أحد هذه القطاعات كان العديد من الأطفال يتجنبونا، ويهربون من عدسات التصوير، ولم يكتفوا بذلك بل نهَوا أمهاتهم وأقرباءهم عن الحديث معنا.
فخلال تصويرنا لامرأة كانت تبيع الخضار في السوق قام أحد الأطفال بالوقوف بعربته أمامها؛ طالباً منا عدم التقاط الصور لهن، فيما تشاجر طفل بعمر عشر سنوات مع والدته، التي أرادت أن تصرح لنا عن وضعها في المخيم، وطالبها بالتزام الصمت، والاستمرار بالسير نحو خيمتها، فيما أشاحت طفلة لم تتجاوز الحادية عشرة بوجهها عن الكاميرا، وأنزلت نقابها لتخفي عينيها، متمتمة بكلمات لم نستطع فهمها، إلا أنها بدت غاضبة من تواجدنا، كجميع من في المخيم.
فيما أكدت هذه الأفعال، التي أبدتها الأمهات، والأطفال داخل مخيم الهول، وكنا شاهدين عليها، أن المخيم الذي يضم العديد من الجنسيات الأجنبية والعربية أصبح عرينا لأفكار داعش، وتقوم الخلايا النائمة بمحاولات عديدة لإعادة قوتها في المنطقة عن طريقه، فلم يعد مجرد بؤرة للإرهاب بل أصبح المنتج الأساسي له.
مصنع إرهابي للأطفال
ويبلغ عدد المقيمين في مخيم الهول، حسب الإحصائيات الأخيرة، للمخيم قرابة 49 ألف نسمة، ضمن 13 ألف عائلة، بينهم 30 ألف طفل، وفي قسم المهاجرات يتواجد 7448 شخصا، ضمن 2194 عائلة من بينهم 5133 طفلا، فيما كشفت الإحصائية عن تواجد أطفال لا تتجاوز أعمارهم ثلاث سنوات، وقد رصدت عدستنا تواجد طفل لم يتجاوز عمره عامين كان يلعب مع الأطفال بالقرب من خيام قسم المهاجرات، ولم نستطع الاقتراب منهم أكثر؛ بسبب الحجارة التي انهالت علينا من كل حدب وصوب من جموع الأطفال هناك.
وبعملية حسابية بسيطة: نحن نعلم أن حملة تحرير الريف الشرقي لدير الزور/ حملة الباغوز انتهت في 23 آذار 2019، وإذا وجدت امرأة حاملا، أو قد أنجبت في هذا التاريخ، فيجب أن يكون عمر طفلها اليوم ما يقارب أربع سنوات، وقد رأينا في المخيم، وفي قسم المهاجرات، الذي يُمنع فيه الاختلاط بالرجال، أطفالاً بعمر ثلاث سنوات، فمن أين جاؤوا؟
كما وصل عدد الأطفال ضمن إحصائيات المخيم إلى 30,745 طفلا، وهم من الأعمار الآتية: من عمر يوم للسنتين 1061طفلا في القطاعات السورية والعراقية، وقد خلا قطاع المهاجرات من الأطفال الرضع حسب الإحصائيات، بينما من عمر ثلاث إلى أربع سنوات بلغت الإحصائية 4447 طفلا، ويوجد في قسم المهاجرات الأجانب 492 طفلا، ووصل عدد الأطفال داخل المخيم من عمر خمس سنوات إلى 11 سنة 19790 طفلا في قطاعات المخيم التسعة، ومن عمر 12 إلى 17 عاماً 18253 طفلا، وقد تواجد في قسم الأجانب 588 طفلا من الذكور ممن هم فوق عمر 12 عاماً.
ومنه تشير الأرقام آنفة الذكر إلى تزايد نسبة الأطفال، وهذا يدل على أن داعش، وزوجات عناصره، وقيادييه يعملون بشكل جدي على زيادة عدد الأطفال ضمن المخيم، الذي كان أحد طرق داعش للاستمرار، وعدم انهيار فكره لعدة أجيال قادمة.
كما علمنا بتزويج طفل دون سن الرابعة عشرة من سبع نساء في فترات متباعدة، من أجل ولادة نسل جديد للمرتزقة، وهذه الحالة كُشفت من بين مئات عمليات التزويج، التي تجري في الخفاء، حيث تقوم العديد من النساء بإخفاء أولادهن البالغين بهدف تزويجهم، لخلق نسل جديد تتم تنشئته بأفكار المرتزقة على أمل العودة، أو تنظيم أنفسهم لعملية انقلاب من داخل المخيم، ويمكن لهؤلاء الأطفال أن يتمكنوا من استخدام السلاح في عملية انقلاب قادمة، بعد العثور على كميات كبيرة من الأسلحة خلال الحملات الأمنية التي تقوم بها قوى الأمن الداخلي داخل المخيم.
أطفال رعب في قلب المخيم
إلا أنه وبالرغم من لقائنا العديد من الأطفال داخل المخيم، ممن يحملون فكر التطرف، أَسرَّ لنا بعض منهم عن رغبتهم بالخروج من المخيم، فهم يعدونه مصدر خوف لهم، فيما اشتكوا لنا من تزعزع الأمان داخل المخيم، في القطاعات السورية والعراقية، وخاصة خلال الليل، وحدثونا عن حالات الطعن، والقتل، والنهب، والسرقة التي شهدوها.
فقاطنو المخيم كغيرهم، يرون الرعب الذي يحصل في المخيم، وهم شاهدون على أكثر عمليات الشغب والانفلات الأمني، التي تجري علناً أو في الخفاء، وعلى الرغم من أن قاطني المخيم لا يدعمون داعش جميعهم، إلا أنهم يبقون عاجزين عن تغيير شيء فهم في عرين المرتزقة، وداخل أسوارهم، فلا يمكن لهؤلاء اللاجئين مخالفة الأفكار، والقوانين التي فرضتها خلايا داعش ممن يعملون في الخفاء داخل المخيم، ومن يخالفهم مصيره الموت، أو العقاب. من هذا المنطلق يصبح الأطفال مصدر رعب حقيقي لسكان المخيم، فالحرب التي استمرت لسنوات مع مرتزقة داعش لم تنته، فما زال المخيم يعج بالآلاف منهم ممن تدربوا على القتل، وحمل السلاح، وتشبعوا بفكر المرتزقة، وهم اليوم يدربون النسل الجديد على ما تعلموه، فهم يعدون هذه المرحلة تنظيماً للصفوف للظهور من جديد، وهذا الظهور سيكون من قلب مخيم الهول، إن بقي استغلال الأطفال قائماً، فما الحلول التي ستحول دون تنشئة جيل جديد متبني فكر داعش من المرتزقة الجدد؟[1]