=KTML_Bold=المؤتمر الدولي في جامعة الشرق.. وضع استراتيجيات لحماية وترميم التراث الثقافي=KTML_End=
الرقة/ حسين علي
يعدُّ التراث الثقافي جزءًا هامًا من هوية الأمم وتراثها العريق، فهو يحمل قصصًا وتاريخًا وقيمًا تمتد ربما لعدة قرون، وللأسف، يتعرض التراث الثقافي في العديد من المناطق العالمية للتهديد والتعديات؛ ما يهدد بفقدانه إلى الأبد، بسبب الحروب والذهنيات المتصلبة.
في الخامس، والسادس، والسابع من شهر تشرين الثاني الجاري؛ عقدت جامعة الشرق في الرقة بشمال وشرق سوريا المؤتمر الدولي الأول، وهو مؤتمر مهم جمع العديد من الخبراء، والمهتمين بالتراث الثقافي وحمايته، تم تنظيم المؤتمر بالتعاون بين مؤسسات الإدارة الذاتية الثقافية ومنسقية الجامعات، وجامعة الشرق تحديدا، والمجتمع الثقافي المحلي؛ بهدف حماية التراث المادي واللامادي، ومناقشة ووضع استراتيجيات لحماية وترميم التراث الثقافي لشعوب شمال وشرق سوريا، والتي تعرضت لأضرار جسيمة في النزاعات المسلحة.
فمدينة الرقة في سوريا لها موقع ذو أهمية استثنائية، إذ تحتوي على آثار تعود للعصور القديمة والإسلامية، ومع ذلك، عانت المدينة من دمار هائل في النزاعات المسلحة واحتلال مرتزقة (داعش)، فقد شهدت الرقة تدميرًا همجيًا للتراث الثقافي، حيث تم تفجير الآثار القيمة مثل معبد بل، وشور، وجسر المدينة القديم، إضافة إلى نهب الآثار وتجارتها غير الشرعية، من متحف الرقة الأثري.
المؤتمر نوعي وهام في هذه المرحلة
وفي إضاءة على أهمية المؤتمر بهذا الصدد، التقت صحيفتنا “روناهي” عدداً من الباحثين من سوريا وخارجها، ومنهم الباحث في التاريخ والأنساب “لطيف الحياوي الجبوري” من منطقة صلاح الدين في العراق وباحث كذلك في علم الأنثربولوجيا، الذي أبرز أهمية المؤتمر: “هذا المؤتمر لم تشهده مدينة الرقة من قبل، لأنه يعدُّ أكبر مؤتمر من نوعه في هذا المضمار، وهذه الآونة، وسيكون له دور كبير في حماية التراث المادي واللامادي من خلال الخبراء والمشاركات الأممية من أطياف المجتمع السوري كافة، وحماية التراث الثقافي واجب وضرورة وطنية للمجتمعات في كل الدول والإدارات”.
=KTML_Bold=انتهاكات جسيمة تعرض لها التراث الثقافي=KTML_End=
وجاء المؤتمر الدولي في الرقة، محاولة لتوحيد الجهود الدولية والمحلية، لحماية وترميم التراث الثقافي، فتمت مناقشة العديد من المواضيع المهمة والقضايا المتعلقة بالتراث الثقافي، مثل؛ تقييم الأضرار، ووضع خطط للترميم، والحفاظ على المواقع التاريخية. كما تم تبادل الخبرات والمعرفة بين الخبراء والمشاركين، وتأكيد الالتزام الدولي بحماية التراث الثقافي، كجزء لا يتجزأ من السلام والتنمية المستدامة.
وفي هذا السياق، وفي حديث لصحيفتنا أكد الباحث “صلاح الدين سينو” الرئيس المشترك لمديرية الآثار في عفرين والشهباء: “هذا المؤتمر له جانب مهم في هذه المرحلة الحساسة، التي تتعرض فيها الشعوب السورية لشتى الانتهاكات، والتعديات، وفي المحاضرة التي ألقيتها بعنوان (التعديات على التراث الثقافي الإنساني خلال الأزمة السورية – منطقة عفرين السورية نموذجا) حيث أثرت هجمات الاحتلال التركي على التراث المادي واللامادي، كما قامت بذلك مرتزقة داعش، ووثقنا المواقع الأثرية، التي تم التعدي عليها، ومنها 57 تلاً تم حفرها من قبل الاحتلال بشكل جائر، وقصف معبد عين دارا بالطائرات الحربية، ما أدى لتدمير 70%من الكتلة المعمارية للمعبد”.
=KTML_Bold=المعالم الأثرية التي تعرضت للتخريب=KTML_End=
والتعديات على التراث الثقافي ليست محصورة في الرقة فحسب، بل تحدث في العديد من المناطق الأخرى حول العالم، وسوريا، وتشمل هذه التعديات التدمير المتعمد، والنهب، والاتجار غير الشرعي بالآثار، وإن فقدان التراث الثقافي يمثل خسارة للإنسانية بأسرها، حيث يتم محو جزء من تاريخنا وثقافتنا العالمية المشتركة، وبهذا الصدد أضاف سينو: “المادة الأثرية لا يمكن استرجاعها عند التدمير والسرقة، والعدوان التركي كان يدمر ويقصف المعابد ويسرق الأوابد الأثرية بهدف القضاء على تاريخ المنطقة، والكثير من المواقع الأثرية لا تزال تحت سيطرة مرتزقة الاحتلال التركي، وأغلب هذه المواقع التي تم التعدي عليها مسجلة ضمن قائمة التراث العالمي المحمي من قبل اليونسكو منذ عام 2011 كموقع (براد ودير سمعان العامودي، وكفر نابو، وكهف الدودرية ومكتشفات البايوليت الأوسط ) وحتى المواقع التي تعود للعصور الحجرية، لم تسلم من تلك الاعتداءات، وحسب محكمة الجنايات الدولية في المادة الثامنة الاعتداء على الإرث الثقافي جريمة حرب”.
والجدير ذكره أن المؤتمر الدولي في جامعة الشرق يعد خطوة مهمة في حماية وترميم التراث الثقافي المتضرر، وإن التعديات على التراث الثقافي تشكل تحديًا كبيرًا يتطلب تعاونًا دوليًا قويًا وجهودًا مشتركة للحفاظ على هذا الإرث الثمين، فيجب أن تتخذ الدول والمنظمات الدولية إجراءات فعالة لمنع التعديات على التراث الثقافي ومعاقبة المتسببين فيها، ومن خلال الحفاظ على التراث الثقافي، نحافظ على جذورنا وتراثنا وهوية شعوبنا، وإن الحفاظ على التراث الثقافي يعزز الفهم المتبادل والاحترام بين الثقافات، ويعمل على تعزيز السلام والاستقرار في المجتمعات لذلك، يجب أن تجتمع الجهود للمحافظة على التراث الثقافي وإرساء قواعد واضحة لحمايته وتعزيز الوعي بأهميته لدى الجميع.[1]