=KTML_Bold=تركيا..والمنطقة العازلة.؟!!=KTML_End=
#بير رستم#
إن المناطق الكوردية في سوريا أو ما يتم تعريفه ب“غربي كوردستان” أو الإقليم الكوردستاني الملحق بالدولة السورية وذلك في المدونات والإعلام الكوردي وبعض الإعلام الغربي يشكل شريطاً حدودياً مشتركاً بين الدولتين السورية والتركية
والتي تتقاسمان مع إيران والعراق الجغرافية الكوردستانية_ وذلك على إمتداد ما يقارب من نصف طول الحدود الدولية المشتركة والتي تقدر بحوالي ألف وخمسمائة كيلومتر وقد قدم المركز الكردي للدراسات والإستشارات القانونية ياسا خريطة “إقليم كردستان سوريا” وتظهر _بحسب إيلاف_ “مدن الشمال السوري ذات الغالبية الكردية، الرئيسة مثل ديريك، رميلان، جل آغا، تربه سبيه، قامشلو، عامودا، درباسية، الحسكة، سري كانيه، تل أبيض، كوباني، عفرين، ونسبة كل إثنية فيها، من كرد وعرب وآشوريين ومسيحيين وأرمن وجاجان. هذه الخريطة التي رسمها “ياسا” قبل حوالي عام، تحوّلت الآن إلى واقع يعيشه الأكراد السوريون، وتبلغ مساحتها حوالي 24 ألف كم مربع، أي أكثر من ضعف مساحة لبنان“. (إقليم كردستان سورية” جاراً لتركيا مقال لهوشنك بروكا على إيلاف بتاريخ 16 نوفمبر 2013). وإن هذه الجغرافية التي تمتد على طول الشريط الحدودي هي اليوم تحت الإدارة الكوردية أو ما تعرف بنظام الإدارة الديمقراطية والكانتونات والتي هي تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ومنظوماته العسكرية والأمنية والتي تعتبر جزء من محور قنديل وحزب العمال الكوردستاني.
إن المناطق الكوردية الثلاث (الجزيرة وكوباني وعفرين) _أو الكانتونات الكوردية الثلاث في هذه المناطق من الشريط الحدوي بين الدولتين _إقليم كوردستان (سوريا)_ قد نأت بنفسها عن الصراع الداخلي بين قوى المعارضة السورية والنظام وخاصةً بعد تحول مسار الثورة السورية من العمل السلمي والدخول في المواجهة العسكرية مع النظام _أو بما عرف بعسكرة الثورة_ تلك من جهة ومن الجهة الأخرى نتيجة منع أي حراك ونشاط لما عرف بالقوى الثورية وتنسيقيات الشباب وذلك بعد سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) ومن خلال جناحيه العسكري _ما تعرف اليوم بوحدات حماية الشعب (YPG)_ والجناح الأمني (أو الآسايش) وذلك من خلال فرض “سلطة الأمر الواقع” والاستفراد بالسلطة وإدارة المناطق الكوردية وذلك بعد إبعاد الشريك الكوردي الآخر _المجلس الوطني الكوردي_ وإفشال ما عرف بالهيئة الكوردية العليا والتي أنبثقت في عاصمة إقليم كوردستان (العراق) من خلال تفاهم سياسي بين محوري قنديل وأربيل لتقاسم النفوذ على غربي كوردستان من خلال الحلفاء في كلا المجلسين؛ مجلس شعب غربي كوردستان المحسوب على العمال الكوردستاني والآخر الوطني الكوردي والمحسوب على الحزب الديمقراطي الكوردستاني (العراق).. لكن الأجندات الإقليمية والدولية وعدم جدية ومصداقية كلا المحورين وضغط مراكز القرار الإقليمي _استانبول وطهران_ على كلٍ من أربيل وقنديل قد أفشل التوافق الكوردي في غربي كوردستان وطبعاً كان للنظام السوري دور فعال في إفشال الهيئة العليا وخاصةً بعد إنضمام المجلس الوطني الكوردي لقوى المعارضة السورية؛ المجلس الوطني السوري _حينها_ او ما يعرف اليوم بقوى الإئتلاف السوري.
وهكذا بقيت المناطق الكوردية شبه هادئة وبعيدة عن العمليات العسكرية، إلا بعض المناوشات بين وحدات حماية الشعب وبعض قوى المعارضة السورية _ أو بالأحرى بعض فصائل الجيش الحر في البدايات ومن ثم بعض الجماعات الإسلامية وكانت أعنفها في سري كانيه (رأس العين)_ وكذلك شهدت المنطقة تضييقاً وحجزاً للحريات وعلى الأخص للمحسوبين على محور أربيل والبارزانيين وقد تعرض رفاق كل من الحزبين الديمقراطي الكردي وآزادي _أو ما يعرف اليوم بالحزب الديمقراطي الكوردستاني (سوريا) وذلك بعد توحد عدد من الأحزاب الكوردية ضمن الحزب الجديد_ حيث ما زال هناك عدد من رفاق الحزب داخل سجون الآسايش وخاصةً في كانتون عفرين.. لكن المناطق الكوردية وبعد إمتداد ما تعرف بالدولة الإسلامية “داعش” داخل كل من العراق وسوريا وإعلانها للخلافة ونشرها لخريطة دولتها المقبلة والتي تضم كل خريطة المنطقة أو ما يعرف بالعالم الإسلامي وحتى عدد من الدول الأوربية _طبعاً كوردستان ضمناً_ فقد أشتدت المخاوف والمناوشات والخناق على المناطق الكوردية وعلى الأخص منطقة كوباني (عين العرب) والتي تدور اليوم على محيطها وفي قراها معارك عنيفة بين قوات حماية الشعب ومرتزقة “داعش” وذلك بعد أن هجر أغلب سكانها إلى الطرف الآخر من الحدود الدولية _إلى داخل المناطق الكوردية في تركيا_ مما جعلت بالحكومة التركية أن تقدم وفي موعد اقصاه يوم الثلاثاء، بمشروع إلى البرلمان التركي بحيث يجيز باستخدام القوة في سوريا ويتيح لتركيا الانضمام الى التحالف والذي تشكّل مؤخراً لمحاربة “جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية“. وقد دعا الرئيس التركي مجدداً إلى “إقامة منطقة عازلة، ومنطقة حظر طيران داخل سورية، لحماية الحدود التركية واللاجئين“. وذلك حسب وكالات الأنباء ومواقع التواصل الإجتماعي.
وكما أشار عدد من المسئولين الأتراك إلى احتمال أن يتطلّب الأمر استخدام قوات عسكرية على الأرض وبخلاف التوجه الأمريكي بعدم إرسال قوات برية أمريكية إلى سوريا وعدم إعادة سيناريو كل من العراق وأفغانستان. ولكن في شبه رد لهذه التصريحات الأمريكية فقد قال رئيس الجمهورية التركية السيد رجب طيب أردوغان: بأن “لا يمكن القيام بذلك فقط من الجو، هناك بعد ميداني أيضاً“.. وقال أيضاً إن “إلقاء قنابل من الجو يأتي فقط بحلول مؤقتة” وكذلك فإنه أضاف بأن “القوة العسكرية ليست كافية لوحدها لمكافحة التنظيم“، وأنه “يجب التوصل إلى حلول طويلة الأمد، لتسوية القضايا السياسية في سورية والعراق“. وقد طرح رؤيته من خلال الطرح التالي: “بدلاً من معالجة الأمر بهذا الشكل، يجب أن نرسل أشقاءنا السوريين إلى بلادهم، عبر منطقة آمنة“. وقد وضع السيد أردوغان “سقف عالي للغاية لشروطه مقابل الانضمام الى التحالف الدولي المناهض للدولة الاسلامية وهو اقامة منطقة عازلة تحت اشراف تركي مباشر“. _حسب موقع ولاتي نت_ ويضيف الموقع ((مع ان الادارة الامريكية اعلنت عن استعدادها دراسة المقايضة التركية المطروحة، لا توجد اية علامات على احتمال قبول واشنطن بها، من ناحية بسبب الامتعاض الامريكي من تلكوأ واحجام تركيا عن السماح لاستخدام قاعدة انجرليك والفضاء الجوي التركي امام طائرات التحالف، ونظراً للسمعة التي اكتسبتها بدعم ورعاية الارهاب من جهة اخرى. ولكن ثمة سبب ثالث قد يكون من الاجدر ايلاءه المزيد من الاهتمام؛ فمع ازدياد الحديث الامريكي عن طول الحرب على تنظيم الدولة الاسلامية وتكرار الاشارة الى ضرورة مواجهة التنظيم على الارض وعدم الاكتفاء بمهاجمته من الجو، يبرز الدور المحوري لوحدات حماية الشعب في مواجهة التنظيم، نظراً للمقاومة المدهشة التي ابدتها هذه الوحدات ضده على طول مئات الكيلومترات وعلى اكثر من جبهة، لدرجة ان المقاتلين الكورد اكتسبوا تسمية “العدو الاشرس” للتنظيم)).
وهكذا فقد أزدادت حدة المخاوف لدى الطرف الكوردي _وعلى الأخص منظومات العمال الكوردستاني وحليفه السوري_ من ان تستثمر ورقة “المنطقة العازلة” لإجهاض تجربة الإدارة الذاتية في المناطق الكوردية حيث من جهة هجوم مرتزقة ما تعرف بالدولة الإسلامية “داعش” وها هم على تخوم كوباني وكذلك _وبحسب المعلومات الواردة من القامشلي_ فإن ما يعرف ب“المربع الأمني” للنظام في حالة تمدد وتوسع داخل المدينة حيث باتت المظاهر الأمنية والعسكرية للنظام السوري تظهر للعلن داخل المدينة وحتى تيسير دوريات خارج ذاك المربع وذلك على حساب إنحسار نفوذ ما تعرف بالإدارة الذاتية وضعف النفوذ الكوردي عموماً نتيجة الإنقسام السياسي والهجوم البربري لقوى الظلام والتكفير للدولة الإسلامية مما شجعت تركيا على طلب المنطقة العازلة “لعودة اللاجئين السوريين وحماية الحدود” والتي شكلت هاجساً لدى بعض الإخوة والزملاء بأن تركيا تريد بذلك تغيير ديموغرافي سكاني في المناطق الكوردية والقضاء على التجربة الذاتية الديمقراطية في المناطق الكوردية.. وإننا بدورنا نقول: بالتأكيد إن تركيا تحاول إستثمار الصراع الدائر في سوريا والمنطقة لصالح إستراتيجيتها وأمنها القومي والوطني؛ فهي تريد ليّ ذراع العمال الكوردستاني من خلال الضغط على حليفه السوري حزب الاتحاد الديمقراطي وتجربة الإدارات الذاتية ومحاولة إفشالها بدفع “داعش” عليها وقد رأينا المقايضة بينهما وذلك بتنازل تركيا لمزار سليمان باشا في قراقوزاق القريب من كوباني مقابل الإفراج عن الرهائن وعملياً يعني القبول تركياً بهجوم “داعش” على كوباني والوصول إلى الحدود وليس إحتلال المزار نفسه حيث لا يشكل إحتلاله شيء في الاستراتيجية العسكرية وللجانبين.
ولكن ومن خلال مراجعة بسيطة فإننا نجد بأن تركيا ليست بذاك اللاعب الذي يمكن أن يكون الوحيد في الساحة؛ حيث إيران والنظام السوري ما زال يملك هو الآخر بعض الأوراق من خلال دعم منظومة العمال الكوردستاني في وجه المخطط التركي مما دفع بالحزب إلى تحذير تركيا بأن أي محاولة من قبل النظام التركي للضغط على حليفهم السوري وتجربة الإدارة الذاتية فإنهم سوف يلغون قرار وقف الحرب مع تركيا وبالتالي إيقاف الحوار حول مسألة السلام بين الطرفين وحل القضية الكوردية وكذلك فإن اللاعب الآخر ونقصد القوى الدولية وعلى رأسها أمريكا فلن تسمح بتفرد تركيا كلاعب وحيد في المنطقة العربية حيث لعبة التوازنات الدولية ومصالحها مع المحور الإيراني الروسي تفرض عليها عدم الموافقة على المشروع التركي وناهيك عن الرفض العربي السني بقيادة السعودية للمشاريع التركية في المنطقة وقد رأينا الصراع بين الدولتين _تركيا والسعودية_ في عدد من الملفات والمحاور وآخرها الصراع في مصر وقد كان الحسم للقرار السعودي تلك من ناحية ومن الناحية الأخرى هناك الإقليم الكوردستاني (العراق) والبحث عن بعض النفوذ في سوريا وبالتالي محاولة التنسيق مع أمريكا وقوى التحالف ليكون للقوى الكوردية المحسوبة على الإقليم بعض النفوذ والسلطة في المشروع السياسي القادم في سوريا وعلى الأخص في غربي كوردستان ..ولكن النقطة الأهم؛ فإن القوى الدولية لن تسمح بصراع جديد؛ تركي كوردي من جهة ومن الجهة الأخرى وكما قلنا تركي عربي في المنطقة حيث كل القوى موجهة اليوم ضد القوى التكفيرية الظلامية الجهادية.. وبالتالي فلا بد من تقسيم الكعكة بين الجميع وإشراك كل الأطراف السورية (المعارضة والنظام والكورد) وبمختلف هياكلها وتياراتها _المعتدلة_ في العملية السياسية القادمة. أما مقولة أن تركيا تريد تغيير البنية الديموغرافية للمناطق الكوردية من خلال إسكان الإخوة العرب في المناطق الكوردية فأعتقد بأنه مبالغ فيه؛ حيث هناك مناطق أخرى على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا سوف تكون ضمن المناطق العازلة وهي ليست بمناطق كوردية وبالتالي لا مبرر لإسكان أولئك في المناطق الكوردية، بل سوف يعودون لمناطقهم بكل بساطة ولا يحتاج للكثير من الحنكة والتمحيص لنقول بأن المهجر يريد العودة إلى موطنه الأصلي ناهيك عن جملة المشاكل التي سوف تخلقه هكذا قرار سياسي على المستوى المجتمعي والسياسة الدولية والمحلية والمنطقة بغنى عنها ولا تحتاج إلى المزيد من الصراعات الداخلية.[1]