$إقليم كوردستان في الخطاب العربي(7)$
#بير رستم#
إن قانون مجالس المحافظات والتي تم التصويت عليه مؤخراً في البرلمان العراقي قد لاقى من ردود أفعال – إن كان قبولاً وتأييداً أو رفضاً وإستنكاراً – بحيث بات حديث الشارع السياسي العراقي (الكوردي والعربي) وقد أدلى الكثير من الكتاب والسياسيين بأرائهم في الموضوع؛ بعضهم تناولوا القضية بموضوعية وببعد سياسي ليخدم الأفاق المستقبلية للعملية السياسية في العراق وقضية العيش المشترك بين مكوناتها العرقية والمذهبية، وللأسف كان هؤلاء قلة. أما أكثرية الأقلام التي تناولت الموضوع وخاصةً من جانب الأخوة العرب فقد أخذتها الحمية والعصبية القومية ورأت فيها فرصة لكيل ما هب ودب من الاتهامات بحق الشعب الكوردي وقواه السياسية، ومنها المقال الذي بين يدينا والمنشور في (موقع كتابات) تحت عنوان: “الاحزاب الكردية جاهزة للعمليات الارهابية!” حيث يكتب صاحب المقال: “هددت الاحزاب الكردية المتمثلة بحكومة ما يسمى اقليم كردستان كل الاطراف المشاركة في العملية السياسية بالرد بأسلوب آخر إن لم يتم تعديل قانون مجالس المحافظات والذي صوت عليه البرلمان العراقي بطريقة دستورية اذهلت الاحزاب الكردية التي تربطها معاهدات ستراتيجية مع بعض القوى العراقية هدفها تقسيم العراق وتمزيق وحدته !”.
وهكذا تنكشف منذ البداية الخلفية الأيديولوجية والعقلية القومجية لصاحب المقال بأنه رافض لمشروع الفيدرالية والتي أعطت للكورد حقهم في إدارة إقليم كوردستان من خلال حكومة منتخبة وأيضاً فهو يناقض نفسه وذلك عندما يرفض الاعتراف بحكومة الإقليم وهو الذي يأخذ على الأحزاب الكوردية في الإقليم بأنها لا تلتزم بالنتائج الانتخابية التي جرت في البرلمان العراقي بخصوص قضية مجالس المحافظات وينس، أو يتناسى، بأن مسألة الفيدرالية في العراق والحكومة الفيدرالية في إقليم كوردستان العراق هي إحدى أهم الركائز الأساسية للعملية السياسية في العراق، ناهيك عن أنها جاءت من خلال استفتاء شعبي على دستور فيدرالي ديمقراطي عراقي يمنح الأقاليم وحكوماتها صلاحيات إدارة شؤونها، ناهيك عن الاعتراف والاقرار بها وبصلاحياتها وحقوقها. أما بخصوص ما يقول في الأحزاب الكوردية وكذلك تلك الأحزاب المتحالفة معها – وخاصةً الشيعية منها، على رأي كاتب المقال – بأن لها أجندة سياسية بحيث ترتبط ببعضها من خلال “معاهدات ستراتيجية.. هدفها تقسيم العراق وتمزيق وحدته !”. فنقول بأن الحياة السياسية العراقية وما قامت بها الأحزاب الكوردية – وخاصةً الأساسيتين؛ الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني – من نقل مركز القرار من الإقليم إلى المركز بغداد يدحض كل مزاعم كاتب المقال ذاك.
ولكن ونتيجةً للحقد الأعمى والناتج عن التعصب القومي والأيديولوجي فإن المرء يقع فريسةً لكوابيس يرسمها هو ويصدقها، بل يحول الواقع المعاش واليومي إلى نوع من الهلوسات من خلال خيالٍ مريض متوجس ناتج عن حالة عصابية يعيشها ويحاول أن يجعلها واقعاً ملموساً حتى بالنسبة للآخرين أيضاً، فها هو يكتب بخصوص مدينة كركوك والتي لها علاقة مباشرة بصدد قضية مجالس المحافظات، بل نستطيع أن نجزم بأن القانون ذاك جاء نتيجة للحالة الموجودة في كركوك ومحاولة إخراج المدينة من عنق الزجاجة وإن كان بتحطيمها على رؤوس مكون أساسي في المدينة؛ ألا وهو الشعب الكوردي، حيث يقول: “هذا هو رأي الاكراد مفاده التهديد والوعيد بالارهاب وحرق العملية السياسية الفاشلة منذ انظلاقتها على اسس ومرتكزات المحاصصة الطائفية والعرقية ، وقد تصاعدت وتيرة الارهاب داخل مدن كركوك والموصل وديالى بعد تصويت البرلمان العراقي على القانون ورفضه من قبل الاكراد وانسحابهم من قبة البرلمان ، فيما تعمدت عصابات الحزبين الكرديين وجهازهم الامني الاسوشيس الى تهديد العديد من العوائل العربية والتركمانية في المناطق التي تسيطر عليها هذه الميليشيات الكردية وبخاصة مدينة كركوك.. وبهذه الاعمال والتصرفات التي ترتكبها هذه الاحزاب تكون كركوك اصبحت في خطر كبير وقد يتصرف الاكراد برعونة كما معروف عنهم ويقوموا بترحيل العرب والتركمان من كركوك لتدخل هذه المدينة باحتلال جديد ، لكن ليس من السهولة ان تمرر هكذا تصرفات حمقاء والجارة تركيا واقفة لهم بالمرصاد !”. وهكذا فالرجل يهدد القوى والأحزاب الكوردية ومن خلالهم الشعب الكوردي بالدولة التركية وجنرالاتها وجندرمتها و.. وينسى الرجل في حمية العمل على (تخريب بيت الأكراد) بأنه عراقي وبأن إقليم كوردستان جزء من الدولة العراقية. وبالتالي فإننا نتساءل من هو مع وحدة العراق ومن الذي يدعو إلى إحتلال العراق وتفتيت وحدته الوطنية والعودة إلى زمن الطاغية صدام حسين والمجازر بحق الشعوب والمكونات العراقية و.. هكذا سنكتفي بهذه الفقرة لنستدل من خلاله على (عراقية) وعروبة المدعو (هادي الحسيني) في مقالته المشار إليه سابقاً.
المهجر – 2008
[1]