=KTML_Bold=شمدين شمدين :كورد سوريا .. لا جبال ..لا أصدقاء=KTML_End=
كورداونلاين
المعارضة العربية فمازالوا ينطلقون في أدبياتهم وبياناتهم من مفاهيم أما قومية عروبية ضيقة أو إسلامية فضفاضة بشكل كبير بحيث باتوا يشكلون خناقا حتى للكثير من الاقليات .
كورد سوريا .. لا جبال ..لا أصدقاء !!!
قلم الدكتور شمدين شمدين /سوريا
هي مدينة لاتشبه أي مدينة... هي مدينة لا تشبه إلا وطناً... وطنٌ على شاكلة حديقة تتعانق في جنباته زهور الفل والقرنفل والريحان وشقائق النعمان ... هي مدينة تختصر تاريخا زاخرا بالحضارات باريس الصغرى كان يناديها سكانها في الخمسينات ، شوارعها المستقيمة المعبدة كانت ترسم قبلا للكنائس والجوامع والكنس المستلقية بهدوء على الأرصفة ،هي القامشلي أو قامشلو...تلك المدينة التي فتحت صدرها لكل النازحين الهاربين من موت أسود محمل في براميل الحقد.
هي المدينة التي ذاقت ويلات وعذابات هجرة أبناءها نتيجة الفقر الذي جلبه البعث لمنطقة تعد مهد وموئل كل الخيرات التي تتمتع بها البلاد .. هجرها سكانها بعد أن حاصرتهم سياسات القمع الشوفينية لعقود طويلة ، فأصبحوا فيما بعد غجر الجزيرة أو قرباطها، هؤلاء الذين كانوا سباقين إلى زرع بذور الحب والوئام والتآلف مع مختلف شرائح الشعب السوري .
اليوم ومع النيران التي يحاول البعض إشعالها في شوارع وحارات المدينة ، تعيش قامشلو خوفا شديداً على أبنائها ولا سيما بعد سلسلة من التفجيرات التي وعلى الرغم من أنها استهدفت مقرات أمنية إلا إن أهالي المدينة البسطاء يعتبرون ذلك رسالة تحذير وإنذار إليهم والى دورهم السلمي في الثورة السورية وإصرارا من البعض على جر الكرد إلى أتون الصراع المسلح الدائر في البلاد .
الإشاعات التي تنتشر بين السكان ، والتي تتحدث عن قرب دخول الجيش الحر إلى المدينة ،أو عن هدايا يحضرها البعض من تفجير للمدارس والأماكن السكنية ، أدخلت الرعب والهلع إلى كل القلوب ،وبات الكثيرون يجهزون حاجياتهم وأمتعتهم للرحيل والهروب فيما لو تحولت المدينة إلى وضع شبيه بمدن الداخل السوري .
إن الكرد باتوا مقتنعين من أن هناك من لا يعجبه حالة الهدوء التي تتمتع بها المدن الكردية ، ودليلهم في ذلك التصريحات التي تخرج بين الفينة والأخرى من فم العديد من المعارضين في الخارج ،من أن الكرد يجب أن يدفعوا ضريبة الثورة من الشهداء والقرابين حتى يقطفوا ثمارها ،والانفجار الأخير وما تلاه من حواجز إسمنتية أقامها النظام في مختلف الشوارع والطرقات يثبت بما لا يقبل الشك إن هناك من يحاول أن يستدعي الجيش للدخول إلى قلب المدن الكردية ويبدأ حملة من الإعتقالات وربما جولة من القتل والقتل المضاد لتضاف مدن منكوبة أخرى إلى اشلاء المدن المتبقية في داخل الوطن السوري .
إن دخول الجيش الحر إلى داخل منطقة الشيخ مقصود ذات الغالبية الكردية في حلب، وقصف النظام لها والضحايا الذين سقطوا جراء القصف ، والتفجير الأخير في قامشلو ، والدعايات التي تروج لها الصحف التركية من توجيه زعيم حزب العمال الكردستاني التعليمات لأنصاره لضرورة وقف القتال في تركيا والتوجه نحو الجبهة السورية ، هذه المؤشرات وغيرها تدل على إن المنطقة الكردية مقبلة على أيام شديدة الصعوبة ، بالرغم من نأي الكرد لأنفسهم منذ البداية عن الدخول في مجاهل الصراع المسلح الدائر بين قوى النظام وقوات المعارضة ، واتباعهم الأسلوب اللاعنفي عبر التظاهر السلمي والعمل على إقامة إدارة ذاتية لمناطقهم ،وذلك للقناعة التامة من إن الغطاء لم يرفع بعد عن النظام السوري ،و فقدان الثقة بأطراف المعارضة التي لم تخرج بعد من عباءة مفاهيم الأمة الواحدة والشعب الواحد ،بالإضافة إلى اليقين الذي ترسخ لدى الكورد من تحول الثورة السلمية الى صراع بين قوى داخلية تتبع سياسة لعبة المحاور الإقليمية والدولية والكرد بعددهم وعديدهم غير قادرين على تحمل تبعات هكذا حروب .
سابقا كان يقال لا أصدقاء للكرد إلا الجبال وفي كردستان سوريا لا جبال يحتمي بها الكورد إذا ما أرادوا الدخول في معمعة الصراع ،كما إن الحرب تحتاج حتما إلى سلاح وتمويل وليس هناك من جهة ربما ترضى بتمويل الكرد وتسليحهم ، فتركيا ما زالت تراهم خطرا على أمنها القومي وهي غير مضطرة إلى توفير سلاح قد يتم توجيهه مستقبلا باتجاه الحدود الشمالية ، كما إن دول الخليج غير مستعدة لتقديم المال إلى جماعات قد تشكلن مستقبلا خطرا على وحدة سوريا عبر إمكانية قيام كيان شبيه بإسرائيل مثلما كان ينظر بعض العرب الى كردستان العراق ويصفوها بإسرائيل الثانية ، أما من يفترض بهم أن يكونوا أصدقاء واخوة في النضال من المعارضة العربية فمازالوا ينطلقون في أدبياتهم وبياناتهم من مفاهيم أما قومية عروبية ضيقة أو إسلامية فضفاضة بشكل كبير بحيث باتوا يشكلون خناقا حتى للكثير من الاقليات .
(ما الذي تريدونه منّا ، أن تنتهك أعراضنا وتغتصب نساؤنا ، أن يقتل أطفالنا وتمثل بجثثهم وتفنى بيوتنا مثلما حدث لحمص وحماة ودرعا ، من سيمدنا بالسلاح حتى نقاوم صنما مازالت تسكت عن أفعاله كل دول العالم ،صنم لا مثيل لبشاعة إجرامه وتفكيره ،ثم من يضمن لنا سقوطه حين نثور بعشرات الآلاف ، أم إننا سنترك وحيدين تقطف ضحكة أطفالنا صواريخ الموت ،لتعيد إلينا آلام وعذابات انتفاضة آذار 2004 و مجازر حلبجة والحولة ) هذا هو لسان حال الكردي السوري الذي لن ترضى عنه الفضائيات العروبية والإسلاموية حتى يسقط في مستنقع القتال الأهلي والطائفي البغيض.
الكورد في قامشلو مازالوا مصرين على المضي في ثورتهم السلمية لتحقيق مطالبهم في الحرية والديمقراطية واللامركزية وهم متآلفون ومتضامنون مع إخوانهم الثائرين من الشعب السوري الذين ينظرون إليهم بعين الاخوة والمساواة والرغبة في إقامة وطن لجميع أبنائه من مختلف الأعراق والإثنيات والطوائف ،ومن ينكر على الكردي حقه القومي المشروع ضمن الوطن الديمقراطي فسوف لن يفوز إلا بدولة ممزقة تتناحرها العصبيات والحروب الأهلية لعشرات السنين.
[1]