في العديد من المظاهرات الأمازيغية ، يرفرف العلم الكردي إلى جانب العلم الأمازيغي، كما يتبادل العديد من النشطاء الأمازيغ والكُرد الزيارات.
هذه العلاقة بين المكونين، تثير الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان ما بين الأمازيغ والكرد مجرد تعاطف، أم صداقة قديمة قد تتحول إلى أكثر من ذلك.
اضطهاد مشترك
الشعبان مرا بنفس المآسي وعاشا نفس ظروف الاضطهاد، يقول الناشط الحقوقي ورئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، أحمد عصيد، قبل أن يضيف: سر الصداقة بين الأمازيغ والكرد يرجع إلى وجود مجموعة من القواسم المشتركة بين الشعبين، فالشعبان عانيا من الأنظمة العربية التي كانت ترغب في تعريب جميع الأقليات وتنكر وجود أقليات أمازيغية وقبطية وكردية وآشورية.
هذا التقارب في الأوضاع بحسب الباحث الأمازيغي، جعل الشعبين قريبين من بعضهما، ما دفع قياديين في الحركات الأمازيغية والكردية إلى تنظيم منتدى عالمي مشترك شاركت فيه شخصيات أمازيغية وكردية وازنة.
علاقة الصداقة بين الكرد والأمازيغ تعدت، وفق ما كشف عنه الباحث الأمازيغي عصيد، في تصريح لأصوات مغاربية، مفهوم الصداقة، وانتقلت إلى مستوى آخر بدأ بالتنسيق من أجل الدفاع عن القضيتين بشكل ثنائي، من خلال التحضير لتنظيم منتدى كردي أمازيغي عالمي، يدافع عن القضيتين أمام المجتمع الدولي وفي المحافل الدولية.
ومن بين القواسم المشتركة التي عانى منها الطرفان، بحسب نشطاء حقوقيين، منع أسماء الأعلام التي لا تمثل سياسة التعريب، وطمس المعالم الحضارية والهوياتية ومحو تراث الشعبين وقمعهما.
النضال الصامت
يرى الباحث الأمازيغي الليبي، طارق بنعبد الله، أن ما يجمع الأمازيغ والكرد هو نضالهم من أجل قضية موحدة، هي محاربة الاضطهاد الذي تعرضوا له سواء في شمال أفريقيا أو في تركيا وسورية والعراق وروسيا في ما يتعلق بالكرد، وأيضا من أجل تحصيل حقوقهم.
فشل الأمازيغ، على مر السنوات، في تحصيل حقوقهم الإنسانية والثقافية واللغوية والحضارية جعلهم يعون ضرورة تأسيس دول أمازيغية والانفصال عن البلدان التي لم تحترم اختلافها كأقلية، وفقا لما ذكره الباحث الأمازيغي الليبي.
ويبقى نضال الشعبين، بحسب قول المتحدث، صامتا ولا يحدث أي ضجيج في المجتمع الدولي، ولا حتى في البلدان التي يتهمها الأمازيغ والكرد بالظلم والاضطهاد.
اتهامات بالتعصب
تتهم أطراف عديدة الكرد والأمازيغ بالتطرف والتعصب وبأن قضاياهم مؤامرة دولية أخرى، لكن الكاتب والروائي الكردي المقيم بألمانيا، إبراهيم اليوسف، يوضح أن ما بين الكرد والأمازيغ بعيد عن التعصب، ومبني على روابط تاريخية، نظرا لأنهما شعبان مضطهدان، رغم أنهما خدما الشعوب التي تعايشوا معها، غير أنهما لم يربحا في النهاية سوى الاضطهاد، وفقه.
ويقول الكاتب الكردي، في تصريح لأصوات مغاربية، إن الكرد ساهموا في بناء الحضارة في العراق وسورية وبلدان أخرى، وفي النهاية منعوا من حضارتهم وتراثهم، ومنعوا من إنشاء دولة، بل إن دولتهم (كردستان الكبرى) تمزقت وهي نفس القصة التي نجدها تتكرر في شمال أفريقيا مع الأمازيغ.
الأمر نفسه تؤكده الشاعرة الأمازيغية مليكة مزان، التي توضح أن التعاطف بين الشعبين كان دائما قائما بسبب التشابه الكبير بين قضيتي الشعبين، لكنه تعاطف تقوى في السنوات الآخيرة، بسبب ما تجدد من اضطهادات لحقت بالشعب القبطي والكردي والأمازيغي، ومصادرة حق الشعبين في الاختلاف في الحياة بأمان وحرية وكرامة.
وتُرجع مزان، التي سبق لها أن حظيت باستقبال زعيم إقليم كردستان، مسعود برزاني، سبب أواصر الصداق التي صارت تربط بين الشعبين إلى إيمان الشعبين بحقوق الإنسان، وبضرورة الدفاع عن هذه الحقوق، على اعتبار أنها تضمن لكل الشعوب ما تستحقه من كرامة وأمن وسلام.
ينبغي أن تكون قدوة لباقي شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في نزوعها نحو ثقافة التسامح والتعايش بدل ثقافة الحقد والكراهية والترهيب، تضيف المتحدث.[1]