عفرين تحت الاحتلال (50): قتل مواطن مسن بدمٍ بارد… تغيير ديموغرافي ممنهج واعتقالات واسعة وتقطيع غابات
“فَرِّق تَسُد” سياسةٌ من التراث العثماني والطوراني، مُورست على مرّ قرونٍ من الزمن تجاه شعوب ومكونات مناطق نفوذ السلطنة العثمانية ونحو من وقع تحت أجنحة الدولة التركية، وما زال؛ فحكومة العدالة والتنمية- أنقرة أَخضعت معظم الفصائل المسلحة والائتلاف السوري المعارض لأجنداتها وصادرت قرارها، ليتأجج الفوضى والتنازع والفساد بين جنباتها؛ ومن جهةٍ أخرى حرّضت الموالين لها من العرب والتركمان- إن صح التعبير – ضد الكُرد بمختلف الأساليب والحجج، تُرجم إلى حقدٍ وإهانات وانتهاكات وجرائم يومية بحق سكان عفرين الأصليين وما لهم من ممتلكات وتراث وهوية؛ كما فرَّقت جماعةٌ من الكُرد السوريين عن المسار المشترك لحركتهم السياسية، بل وسخرت بعضهم في العداء للإدارة الذاتية وخدمة احتلالها لمنطقة عفرين.
“المغدور محي الدين أوسو”
ليلة السبت/الأحد 25 آب، اقتحمت عصابة مسلحة منزل المواطن محي الدين أوسو /77/ عاماً من قرية قطمة، قرب كازية عيشه بحي الأشرفية- مدينة #عفرين# ، وأقدمت على تكبيله وربط زوجته (حورية) /74/ عاماً، وانهالت عليهما بالضرب المبرح، دون أن تُفيدهما صرخاتهما ومناجاتهما للمسلحين بالكف عن الاعتداء، مما أدى إلى استشهاد الرجل المسن وإصابة الزوجة برضوض وجروح وهلع نفسي، إضافةً إلى سرقة مئة ألف ليرة سورية وجهازي هاتف جوال وجهاز راوتر من المنزل، حيث وُري جثمان المغدور في مقبرة زيارة حنان وسط استنكار وغضب الأهالي.
يتم قطع أشجار الغابات الحراجية في جبل هاوار الذي يتواجد في قمته بقرية “چيا” قاعدة عسكرية، وذلك بإشراف الميليشيات المسلحة، منها “فيلق المجد”، حيث يُخرَج يومياً ما بين /10-13/ تريلا جرار من الحطب، ويتم صناعة الفحم في قرية ديكيه- راجو لصالح الفيلق؛ وكذلك يتم تقطيع الغابات الطبيعية وصناعة الفحم في جبال قرية خدريا- بلبل. وأواخر شهر تموز الماضي أقدم مسلحون على إضرام النيران بحوالي /250/ شجرة زيتون عائدة للمواطن إبراهيم مصطفى من قرية “تل طويل” القريبة من مدينة عفرين.
“جامع قرية قده المدمر”
قرية قُدَه المؤلفة من حوالي /250/ منزلاً، عاد إليها حوالي /80/ عائلة من سكانها الأصليين وتم توطين عائلات مستقدمة في البقية، حيث دُمِّرَ جامع القرية بالقصف أثناء الاجتياح العسكري الذي تسبب أيضاً في تدمير /8/ منازل وألحق أضراراً جزئية بحوالي /12/ منزلاً، وقد تم سرقة ما تبقى من محتويات الجامع وحوالي /100/ تنكة زيت زيتون وتعفيش معظم المنازل وكذلك سلب كافة آلات معصرة الزيتون- تُقدر قيمتها ب /100/ ألف دولار- العائدة للمواطن عابدين عمر حجو في حينه، واستولت الميليشيات المسلحة على مواسم وممتلكات الغائبين، إلى جانب قطع أشجار زيتون وحراجية ولوزيات، إضافةً إلى اعتقال العشرات من الأهالي لمدد مختلفة، مع فرض غرامات وفدى مالية.
“منزل مهدم في قرية قده”
وبخصوص التغيير الديمغرافي، وَجدت الحكومة التركية ضالتها في توطين آلاف العوائل من مُهجري إدلب وحماه الجدد، حيث امتلأت معظم المنازل في قرى ونواحي المنطقة ومركز مدينة عفرين، التي تكتظ بمن تم توطينهم، لتنخفض نسبة السكان الكُرد إلى ما دون 35%- مثلما تشتهيها أنقرة! بينما كانت تتجاوز 95% قبل الاحتلال؛ حيث في الكثير من المنازل تقطن أكثر من عائلة، ويتم الإسكان أيضاً في منازل غير مكسية، كما أن الميليشيات المسلحة تؤجر المنازل التي استولت عليها وبآجار عالية أو التي استأجرتها من أصحابها عنوةً وبمبالغ زهيدة، وفي هذا السياق أجبرت الميليشيات المواطن عبدو جعفر حنو في بلدة “بعدينا” على السكن مع والدته وإخلاء منزله الخاص وتسليمه لها، إضافةً إلى تعفيشها لبعض المنازل في البلدة مجدداً، كما استولت ميليشيا أحرار الشرقية على منزل المغترب الدكتور حسن محمد في مركز مدينة عفرين – خلف مشفى ديرسم وصادرت محتوياته، وقامت ميليشيا سمرقند في بلدة “كفرصفرة” بطرد المواطن ريزكار حاج عبدو بن حسن وأسرته من منزل عمه فريد حاج عبدو المهاجر، والمواطن خليل حداد من نفس البلدة وأسرته من منزل نجله شيخو المُهَّجر إلى مناطق الشهباء.
هذا، وأصدرت ما تسمى ب “إدارة الشرطة العسكرية” بياناً أشارت فيه إلى إطلاق ما تسمى ب “حملة السلام رقم 3” لتبرير اعتقالاتها وخطفها للمدنيين العزل تحت يافطة (تعزيز الأمن والأمان) وكذلك لتوفير غطاءٍ (شرعي) للانتهاكات والجرائم المرتكبة، وبطبيعة الحال دون أن تطال أياديها المجرمين والمعتدين.
وقد وردتنا هذه الأخبار أيضاً:
– أواسط شهر تموز الماضي اُعتقل ستة مواطنين من قرية كوركان تحتاني- معبطلي وأُفرج عن اثنين منهم والبقية (رضوان مشهد أحمد حجي، حنيف حسن شنبل، حسين محمد شكري أوسو، محمد كرم) لا زالوا مجهولي المصير.
– بتاريخ 1/8/2019، تم اعتقال مواطِنيّن من قرية جويق، محمد جميل عثمان – المختار الجديد وأطلق سراحه بتاريخ 9/8/2019، نهاد بشير غريب لا يزال قيد الاعتقال.
– ليلة السبت 24 آب، داهمت مجموعة مسلحة من ميليشيا سليمان شاه (العمشات) منزل المواطن الثمانيني نوري درويش في قرية قرمتلق- ناحية شيخ الحديد واختطفته إلى جهةٍ مجهولة، ثم أفرجت عنه بعد دفع فدية مالية /4500/ دولار، وبعد عودة المسن إلى منزله أُصيب بجلطة، نُقل على إثرها إلى المشفى.
– 25 آب، اعتقال المواطن جوان جبر بن عبدو من بلدة ميدانكي مع تفتيش منزله والعبث بأثاثه، من قبل دورية تركية وشرطة محلية مشتركة، علماً أنه اعتقل سابقاً وأُطلق سراحه بعد دفع فدية مالية.
– 25 آب، اعتقال المواطن حنيف عيسى في قرية جويق، ولا يزال مجهول المصير.
– منذ أسبوع، تم اعتقال المواطنين (خبات رمضان بكرو، جمال محمد بكرو، أيوب حيدر معمو، وليد حيدر معمو) في قرية “إسكان”، بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها.
– 26 آب، بعد مداهمة منازلهم وتفتيشها في قرية غزاوية، تم اعتقال عددٍ من المواطنين، وردنا منهم اسم المواطن سربست حسن كردك- سائق جرار البلدية.
– 26 آب، مداهمة قرية جقلا وسطاني- ناحية شيخ الحديد من قبل قوات الاحتلال التركي واعتقال خمسة أشخاص، أفرجت عن أربعة منهم وبقي المواطن بستان مصطفى حسروتو /30/ عاماً قيد الاعتقال في سجن ماراتيه- مركز عفرين.
– 27 آب، اعتقال المواطنين (عبد الرحمن رمضان بكر، سمير عبد الرحمن بكر، عزت محمد حسو، باسل عزت حسو، وليد محمد رشيد) في قرية قسطل خدريا- ناحية بلبل.
– مساء 28 آب، وفي إطار الفوضى والاقتتال بين الجماعات المسلحة، سقطت قذيفة صاروخية وسط اوتوستراد الفيلات بمدينة عفرين، قرب “شو كافيه”، أدى إلى وقوع أضرار مادية جمة في المباني والمنازل.
– فصل أربعة من مخاتير قرى ناحية راجو، على خلفية اتهام سلطات الاحتلال لهم ب “العمل لصالح أهالي قراهم”.
– متزعم ميليشيات “الفيلق الأول” عمار رسلان في قرية علكه يُطالب الأهالي بإبراز بيانات ملكية عقارية تحت الضغط والتهديد، ومن لا يتمكن اثبات مليكته لأراضيه بوثيقة يتم منعه من العمل فيها واستثمارها، ليُصار إلى الاستيلاء عليها، كما تُغلق أبواب القرية أمام دخول أحدٍ مع حلول الساعة السابعة مساءً.
– حسب الأنباء الواردة من مدينة عفرين، وبعد حملة الاعتقالات الأخيرة في قرية شيخ بلال- راجو، التي أشرنا إليها في تقريرنا السابق، لجأ المسلحون في القرية إلى سلب كافة محتويات منزل المواطن المعتقل محمد عارف أحمد في وضح النهار وأمام أعين ربة المنزل وبعض الأهالي، وبسبب اعتراض المواطن الجار مصطفى بلال على عملية السلب تم ضربه من قبل مسلحي حاجز القرية إلى درجة الإغماء، ليتم إسعافه إلى مشفى في عفرين.
إن حجم الانتهاكات والجرائم المرتكبة في عفرين وتفاصيلها اليومية أكبر بكثير مما يُرصد في التقارير المنشورة، وإن تزايد حركة النزوح باتجاه المنطقة وتوطين المستقدمين فيها يُشكل عاملاً إضافياً لتتوسع تلك الممارسات وتتزايد الضغوط على السكان الأصليين، بإشرافٍ ومتابعةٍ تركية حثيثة.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]