$عفرين تحت الاحتلال (67): إعدام والوفاة قهراً، أحكام بالمؤبد على معتقلي قرية عمرا… أتاوى، وتجنيد للأئمة والخطباء$
“عاد بخفي حنين”، دون أن يؤيده أحداً في مخططه لتوطين مليوني لاجئٍ سوري بمنطقتي سريه كانيه/رأس العين و كري سبي/تل أبيض المحتلتين؛ هذا ما اعترف به أردوغان أثناء حضوره اجتماع قادة الناتو في لندن، ومنتدى اللاجئين- الأمم المتحدة في جنيف، بطبيعة الحال عدا تأييد “حبيبته قطر”، لأن مآربه مكشوفةٌ للجميع، وأجنداته العدوانية في ما تسمى “المناطق الآمنة” مفضوحة.
الشهيد محمد بكر محمد
جثمان الشهيد محمد بكر محمد
في يوم الخميس 12-12-2019، كان الاتصال الأخير للشاب محمد بكر محمد (جده حسين بكر)- عازب من قرية دمليا بعفرين وعمره /21/ عاماً- بمقطع صوتي مع ذويه “أخي جلال، اليوم آخر يومٍ من حياتي، سلم على الأولاد وديربالك على البابا والماما”، حيث أعدمته هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) رمياً بالرصاص في الرأس، وأرسلت صوراً وفيديوهات لجثمانه وعملية دفنه في مقبرةٍ بإدلب إلى أهله المقيمين في كردستان العراق منذ سنوات. كان الشهيد محمد قد هجر من عفرين إلى تركيا منذ أكثر من عامين، وقد اعتقل من قبل الاستخبارات التركية لفترة – يرجح بتهمة الانتماء إلى وحدات حماية الشعب YPG- وسلمته إلى “أمنية هيئة تحرير الشام” في محافظة إدلب منذ ما يقارب العام، والتي أعدمته مؤخراً، في دليلٍ واضح آخر عن عمق علاقة تركيا مع الجماعات الجهادية المتطرفة، حيث كانت الهيئة تبتز ذوي الشهيد بدفع فدية /10/ آلاف دولار، الذين لم يتمكنوا من ذلك، لأنهم من عائلةٍ فقيرة. هذا وأكدت “شبكة شام المعارضة” أن الهيئة قد أعدمت ثلاثة مدنيين آخرين (سيدة ورجل وشاب) إلى جانب الشاب محمد خلال شهر كانون الأول الجاري، في صورةٍ واضحة عن مدى همجية الإرهابيين التكفيريين.
“المرحوم بيرم محمد بلال”
وتحت ضغط الظروف المعيشية اضطر المواطن بيرم محمد بلال مع أسرته من قرية “بَنيركا”- راجو في أقصى شمال غرب عفرين للانتقال إلى الطرف الآخر من الحدود والعيش بالقرب من عمه وأقربائه من مواطني تركيا منذ سنوات، وكان يقضي محكوميته بالإقامة الجبرية – بعد السجن فترة بسبب عبوره للحدود واتهامه بتهريب آخرين- في مدينة قره خان بولاية هاتاي، حيث أن أسرته قد اضطرت للسفر إلى استنبول من أجل تأمين لقمة العيش، فبقي الرجل الخمسيني وحيداً، إلى أن وافته المنية قهراً بتاريخ 10-12-2019 داخل البيت، وبعد ثلاثة أيام لَعَرف الجيران بوفاته، حيث نُقل جثمانه إلى مسقط رأسه في عفرين، ووري الثرى بتاريخ 13-12-2019. ويُذكر أن شقيق الراحل الأصغر “محمد” كان طفلاً في /12/ من عمره قد استشهد منذ حوالي /15/ عاماً برصاص قناص حرس الحدود التركي أثناء تواجده مع والده الذي كان يقوم بحراثة حقل زيتون عائد له يقع بين القرية والشريط الحدودي.
أكد مصدر مقرَّب من أهالي معتقلي قرية “عمرا”- ناحية راجو، أن محكمة هاتاي- التركية أصدرت قرارها، في 12-12-2019، بالحكم المؤبد على سبعة منهم (الشقيقين “إدريس و جنكيز نعسان ابني إبراهيم”، ريزان أحمد بن بهجت، مسعود كلكاوي بن مجيد، رمضان محو بن حنيف، محمد جعفر بن خلوصي، فراس كلكاوي بن فائق) وبالسجن /12/عاماً على أربعة آخرين (الشقيقين “إيبش و أحمد محو ابني محمد”، حسين كلكاوي بن أحمد، رشيد محو بن صبري)؛ وفي تصريحٍ لوكالة ميزوبوتوميا، بتاريخ 14-12-2019 أكد المحامي صبحي ظريف – من فريق الدفاع عن المعتقلين- على أن محكمة الجنايات الثانية في هاتاي حكمت بالمؤبد ثلاث مرات على السبعة بتهم (تخريب وحدة الدولة وسلامتها، القتل العمد، الانتماء إلى التنظيم) وبالسجن /12/ عاماً على الأربعة بتهمة (الانتماء إلى التنظيم).
وأفاد ظريف للوكالة أن هيئة المحكمة لم تأخذ رأي والدلائل التي قدَّمها فريق الدفاع بالاعتبار ولا إنكار المعتقلين لإفاداتهم التي أخذت منهم تحت التعذيب الشديد لدى الاستخبارات والدرك التركي، وأكد أن العسكريين التركيين اللذين اُتُهم المعتقلون بقتلهما قد توفيا بشظايا كبيرة أثناء الأعمال القتالية، وشدد على أن المحكمة وضعت ختمها على قرارٍ غير محق أبداً ضد موكليهم وبدون ذنب وبحجج بعيدة عن العقل، وأن فريق الدفاع سيطعن في قرارات الحكم لدى محكمة الاستئناف.
ويُذكر أنه أشرنا في تقريرنا (26) بتاريخ 23-03-2019، إلى أن أولئك المعتقلين مدنيون ولم يكن لهم أية علاقة بالإدارة السابقة ومؤسساتها، ويتراوح أعمارهم بين /18-45/ عاماً، حيث تعرضوا للاعتقال في قريتهم من قبل الاستخبارات التركية والشرطة المحلية المتعاونة معها، أواسط أيلول 2018، ونشرت وكالة الأناضول ووسائل إعلام تركية أخرى الخبر في حينه مع صور ومقطع فيديو يُظهر نقلهم إلى مركز جندرمة ولاية هاتاي، ويتبين من خلاله أن المعتقلين قد تعرضوا للتعذيب، إذ كانت أجسادهم منهكة وبالكاد يمشون وهم حفاة وعلى أرجلهم ضمادات الجروح؛ كما أن مواطنين آخرين من نفس القرية (خوشناف نعسان بن رمزي- اعتقل في القرية، شيرفان نعسان بن عزيز- اعتقل في تركيا) تم إخفائهما قسراً منذ آذار 2018م، ولايزال مصيرهما مجهولاً.
إن ما جرى للمعتقلين المذكورين أعلاه يُعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، من حيث أنهم مدنيون ولم يشاركوا في الأعمال القتالية، وانتزعت منهم (الاعترافات) تحت التعذيب الشديد، إلى جانب جواز محاكمتهم على مواقفهم وانتماءاتهم التنظيمية المدنية أو السياسية- إن وجدت- قبل احتلال منطقتهم، على سبيل المثال لا الحصر.
متفرقات:
– جدّد المدعو “محمد الجاسم أبو عمشة” متزعم ميليشيات “السلطان سليمان شاه” المدعومة من تركيا طلبه القديم بشراء السيطرة على قريتي “أرنده و مستكا” التابعتين لناحية شيه (شيخ الحديد)- مركز قيادتها، من متزعم ميليشيات الجبهة الشامية التي تسيطر على القريتين منذ آذار 2018، إضافةً إلى الانسحاب من قرية “كاخرة” لصالحها، مثلما فعل “أبو عمشة” مع متزعم لواء الفتح بشراء قرية “جقلا وسطاني” في العام الماضي، مما يشير بوضوح إلى مدى الجشع واللصوصية التي وصلت إليها الميليشات المنتشرة في منطقة عفرين تحت غطاء دولة الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين والائتلاف السوري، هذا وقد وردنا تفاصيل عن الأتاوى التي فرضها المدعو “أبو عمشة” على موسم الزيتون، تُفيد بأنه قد وضع في كل معصرة زيتون مندوب مسلح من قبله، الذي كان يقوم بأخذ تنكة زيت من كل أربعة (25%) تُعبأ من جهاز الفرز، حيث يُقدر ما سلبه “أبو عمشة” ب /16/ ألف تنكة زيت بما يعادل /500/ ألف دولار من إنتاج /8/ معاصر تقع تحت سيطرته، ما عدا أتاوى مادية فُرضت على ملاكي الزيتون والغائبون منهم خاصة، إضافةً إلى محصول الحقول المستولى عليها.
– في 14 كانون الأول، أقدم مسؤول قرية قرمتلق – ناحية شيه من ميليشيا “السلطان سليمان شاه” على ضرب وإهانة المواطن عبد الرحمن جيلو الملقب ب (عبدو هنكي سلتيه)- بائع بضائع جوال، بسبب امتناعه عن تسليم منزل والدته المسنة للمذكور.
– قطع حوالي /900/ شجرة زيتون عائدة لمختار قرية قره تبه- ناحية شرّا، لغاية التحطيب، من قبل الميليشيا المسلحة.
– منذ أواسط 2018، يتم فرض إتاوة شهرية /1-3/ ألف ل.س على أصحاب المحلات والمكاتب والمستودعات في مدينة جنديرس، من قبل الميليشيات المسلحة، بحجة تقديم خدمات “الحراسة الليلية والمراقبة بالكاميرات”.
ومن جهةٍ أخرى، فإن من أولويات السلطات التركية في جميع المناطق السورية التي احتلتها، نشر الفكر السلفي الديني المتطرف ممزوجاً بالثقافة العثمانية وإن لم تتوفر الأمان والاستقرار ومقومات الحياة! حيث جرت في منطقة عفرين، بتاريخ 10 كانون الأول، عملية اختبار لقسم من /400/ متقدم لاختيار “أئمة وخطباء ومؤذنين”، من قبل دائرة الإفتاء والأوقاف بالتنسيق مع “وقف الديانت التركي”، لأجل تجنيد الناجحين منهم في مناطق سري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض.
إن أهالي المعتقلين والمختفين قسراً ومن طالهم أحكام جائرة من سكان منطقة عفرين الأصليين، سواءً في داخل تركيا وضمن مناطق احتلالها أو لدى المحاكم الصورية المنشئة في المنطقة والمحاكم التركية، يناشدون المجتمع الدولي والقوى الفاعلة في الشأن السوري ومنظمات حقوق الإنسان الدولية للضغط على الحكومة التركية لأجل كشف مصير أبنائهم وإطلاق سراحهم فوراً، طالما أن تلك الانتهاكات الواسعة النطاق (الخطف والإخفاء القسري والاعتقالات العشوائية التعسفية) تعدّ مخالفةً جسيمة للقانون الدولي الإنساني والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]