$عفرين تحت الاحتلال (91): نبي هوري من ممتلكات “العثمانيين”، تتريك ممنهج… استهداف المدنيين، انتهاكات، حرائق، قصف وفوضى$
لا يُخفى على أحد المطامع التي يُعبر عنها قادة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا برئاسة رجب طيب أردوغان في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية والعمل للسيطرة أو بسط النفوذ على ما يعتبرونه من ممتلكاتها، وفق سياسات وأساليب جديدة وتحت عنوان العثمانية الجديدة وباستغلال حركات الإسلام السياسي المنتشرة في العالم.
مدفن “نبي هوري” الهرمي الروماني
حفر غير شرعي غرب البوابة الجنوبية للموقع، مركز آثار إدلب
ولا يخفى أيضاً أن تركيا أصبحت ممراً لنقل وبيع الآثار التاريخية السورية بشكلٍ غير شرعي، خاصةً تلك التي سُرقت من عشرات المواقع الأثرية- بعضها مسجلة على لوائح التراث العالمي “براد، عين دارا، سمعان”- في منطقة عفرين المحتلة منذ عامين ونيف، حيث أن أجهزة ومؤسسات تركية متورطة بشكل ممنهج في تدمير وتخريب ونهب الآثار التاريخية في المنطقة، بغية محو التراث الإنساني فيها والوجود الأصيل للكُرد على أرضهم، في محاولةٍ لضرب جذور المجتمعات المحلية، إذ كشف أوميت غوكهان جيجك مدير أوقاف ولاية هاتاي جنوبي تركيا، عن ترميم “مقام النبي هوري” الأثري، في مؤتمر صحفي يوم 15-05-2020م، وقال: “المديرية العامة للأوقاف التركية تولي أهمية كبيرة لترميم وإحياء الآثار التي خلَّفها الأجداد العثمانيون في سوريا…”، فلم تهتم سلطات الاحتلال التركي يوماً بوضع حدٍ لتلك الأعمال التخريبية وسرقات اللقى واللوحات الفسيفسائية التي طالت موقع النبي هوري/سيروس-/70كم/ شمال غرب حلب، إلا بِترميم مسجد وضريح/مدفن هرمي روماني في الموقع، ولتنسبه إلى ممتلكات “العثمانيين”، في انتهاكٍ فاضح للتاريخ وحقائقه؛ وكنَّا قد تطرقنا في تقارير سابقة لما أصاب هذا الموقع، علماً أن المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية أشارت بالصور إلى أنه “كان بحالة جيدة” وتحدثت في تقارير عدة عن التخريب الذي طاله في ظل الاحتلال، كما أن مركز آثار إدلب/المعارضة، بعد جولةٍ تفقدية لفريق مختص منه، قد نشر في 13-07-2018م تقريراً عن أضرار لحقت بالموقع بشكلٍ مفصل وبالصور، إذ أكد على “تعرض الموقع للنهب والتخريب بعد سيطرة الجيش التركي على عفرين” وأن “أعمال الحفر والتنقيب غير الشرعي جرت بالجرافات الثقيلة”، وأشار إلى “أن عدة أشخاص (مجموعات – فرادى) كانوا يحملون أجهزة حديثة ويقومون بالسبر للكشف عن المعادن والتجويفات داخل طبقات الموقع و يحملون معاول بأيديهم” أثناء تجوال الفريق، الذي نوَّه أيضاً إلى أن “أعمال الحفر والتجريف الحاصلة ألحقت أضرار جسيمة بالممتلكات الزراعية لأهالي المنطقة” و “جميع أعمال الحفر والتنقيب الغير شرعي حصلت بعد انتهاء العملية العسكرية التركية” ومادامت المنطقة تحت الوصاية التركية فهي “تتحمل بشكل رئيسي نتائج الانتهاكات الخطيرة التي يتعرض لها الموقع”. ويُذكر أن المدعو (محمد أسعد علوش- تاجر آثار من إدلب) قد نشر في أواسط تشرين الثاني 2019م على صفحته الفيس بوك صور للوحات فسيفسائية مكشوفة ومزال عنها التراب وهي بالأرض، وهو يقول في إحدى ردوده على التعليقات (عفرين بالنبي هوري)، ومن ثم حذف تلك الصور بعد ضجةٍ إعلامية حولها، وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان قد نشر في وقتٍ أسبق مقطع فيديو يُظهر عمليات تجريف وحفر تطال الموقع؛ فلم يتطرق الإعلام التركي إلى تلك الجرائم أو تبحث سلطات الاحتلال عن المجرمين وتلاحقهم، بل بترميم “المقام” والدعاية له تبغي التستر على تخريب الموقع وسرقة تلك اللوحات وغيرها.
إن تلك الكنوز الدفينة والآثار التاريخية جزءٌ من التراث الإنساني العالمي؛ ويُعتبر الاعتداء عليها وتخريبها وسرقتها جرائم حرب وانتهاكات جسيمة بموجب اتفاقيتي لاهاي /1907/ و /1954/، والبروتوكولين – الأول والثاني /1977م/ الإضافيين إلى اتفاقيات جنيف الأربعة، بينما صمت المجتمع الدولي وتغاضيه عنها أمرٌ مريب ومنافٍ للمبادئ الإنسانية.
ومن جهةٍ أخرى تستمر تركيا في اتبّاع سياسة التتريك لمنطقة عفرين منذ عامين ونيف، من تغيير أسماء الساحات، المشافي والمدارس، المؤسسات والمنشآت المدنية وبعض القرى، ورفع العلم التركي عليها، ونشر الثقافة العثمانية الجديدة، إضافةً إلى إلغاء كل ما يمت إلى الثقافة واللغة الكردية بصلة، فقد أعلنت مديرية التربية والتعليم/عفرين في20-05-2020م برنامج امتحانات الشهادتين الاعدادية والثانوية- دورة 2020م، وتبين أنها خالية من مادة “اللغة الكردية” في إشارةٍ لإلغائها نهائياً، وذلك بعد إعطاء وعودٍ كاذبة بتعليمها والقيام بمسرحية استبيان رأي الأهالي حول تعليمها لأبنائهم بداية العام الدراسي الحالي، في حين يتم فرض تعليم اللغات الأخرى (العربية، التركية، الإنكليزية) وزيادة حصص ومواد الديانة الإسلامية وإدخال مواد عن التاريخ التركي- العثماني، إلى جانب المنهاج العربي؛ بهدف تغيير هوية وثقافة المنطقة وأهاليها.
وفاة مسن في ظروف غامضة واستشهاد شاب
بتاريخ 14 أيار، فُقِدَ المسن “مسلم أحمد عمك /87/ عاماً” من أهالي قرية كورا- جنديرس ومقيم بالقرب من بناية “حكيم” في حي الأشرفية- عفرين منذ عقود، وبتاريخ 19 أيار، عُثر على جثمانه بمحاذاة نهر عفرين- موقع قرية “كرسانة” القريبة من المدينة، وذلك في ظروف وفاةٍ غامضة. ويُذكر أنه لا توجد شفافية ودقة وحيادية في التحقيقات عن جرائم القتل والوفاة في ظروف غامضة، لاسيما وأن أهالي الضحايا يتجنبون الحديث عن الأسباب الحقيقية للوفاة والتشكيك بأحد، خشية تعرض آخرين من ذوي الضحية للعقاب.
الشهيد الشاب “سليمان جميل إبراهيم” في غرفة العمليات- وكالة هاوار
مساء الجمعة 22 أيار، وبُعيد اندلاع حرائق في أراضي قرية “برج حيدر” المحتلة وتمددها نحو أراضي قرية “كالوته”- شيروا- شمال حلب الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري، وأثناء قيام شُبان من “كالوته” بإطفاء الحرائق – جنوب غربها، انفجر لغم أرضي بهم، فأصيب الشاب “سليمان جميل إبراهيم /22/ عاماً” بجراح بليغة، واستشهد على إثرها في مشفى آفرين- فافين، حيث وري جثمانه الثرى صباح اليوم في مقبرة القرية.
انتهاكات مختلفة
– عمدت الميليشيات الموالية لتركيا والائتلاف السوري- الإخواني المعارض إلى فرض أتاوى باسم “العيديات” على الكُرد من أصحاب المحلات والورش في مدينة عفرين /5-15/ ألف ل.س، وألفي ليرة سورية على كل عائلة في قرية كيلا- بلبل (أكثر من 90 عائلة)، ودون أن تُفرض على الذين تم توطينهم.
– أقدمت مجموعة مسلحة من الميليشيات على ضرب وإهانة المواطن “محمد رشيد أصلان” من قرية زركا- راجو، أثناء تواجده في مفرق القرية على الطريق العام وبيعه للكرز من ثمار أشجاره، وسلبت منه كمية الكرز المعدَّة للبيع.
– يضطر أصحاب كروم العنب في قرى ناحية راجو وأخرى محيطة ب “سد عشونة” لنقل محصول ورق العنب إلى عفرين عبر الطريق الأبعد “كوتانا- ناحية شرا” وفيه حواجز مسلحة كثيرة تفرض أتاوى مختلفة، حيث دفع أحد السائقين حوالي /20/ ألف ل.س لها، وذلك بسبب منع ميليشيا “أحرار الشرقية” المسيطرة على مركز ناحية راجو وطريقه الواصل إلى “كتخ”، من نقل المحصول إلى عفرين وحصر البيع في سوق تابع لها في راجو ولتجار من طرفها وبالأسعار التي يحددونها.
موقع “سد عشونة”
– أهالي قريتي “عشونة وكَريه”- بلبل، كانوا يزرعون البساتين في أراضي- العائدة لهم أصلاً- السد الذي يجف أواسط الربيع، ولكنهم هذا العام تجنبوا زراعتها، بسبب مطالبة ميليشيات “فرقة السلطان مراد” أتاوى حسب مساحة أرض كل مزارع، ما بين /100-250/ ألف ل.س، لقاء السماح لهم بالزراعة.
– وبتاريخ 17 أيار، أقدمت ميليشيا مسلحة على اختطاف المواطن “فرحان حسن” من أهالي قرية خليلاكا- بلبل، وأفرجت عنه الأربعاء 20 أيار، بعد دفع ذويه فدية مالية.
– وبتاريخ 13 أيار، داهمت مجموعة مسلحة منزلي المواطنين المسنين “محمد ككج /60/ عاماً، حميد شيخو /57/ عاماً” الكائنين في مركز ناحية جنديرس، ضربتهما وسلبت بعض الأموال منهما.
– وقد تم قطع مياه الشرب عن معظم قرى ناحية جنديرس بحجة عدم توفر مادة المازوت، حيث أن العديد من محطات مياه الشرب متوقفة، وبعضها تعتمد على المساعدات، لاسيما وأن معظم عوائل المسلحين والذين تم توطينهم في المنطقة يمتنعون عن تسديد فواتير المياه، سوى عوائل عفرين الأصلية التي تُجبر على الدفع.
– منذ مدة طويلة تم إسكان عائلة من المستقدمين عنوةً في منزل مسنة أرملة المرحوم حيدر حسي في قرية “إيسكا”، وتم الضغط عليها مؤخراً لإخراجها من المنزل نهائياً، لكنها رفضت طلب الميليشيات وامتنعت عن ترك منزلها.
حرائق
مع بدء فصل الصيف، وعبث المسلحين والمستقدمين بالأحراش وتعديهم على البيئة واستهتارهم بالممتلكات، إن لم يكن متعمداً، اندلعت عدة حرائق بين المزروعات والأشجار، ووثقت بعضها “الدفاع المدني في عفرين”، منها:
– 17 أيار، حريق في مرتفعات قرية “كورزيل”.
حريق أحراش “عرب ويران”، الدفاع المدني في عفرين
– 20 أيار، حرائق في أحراش قرية “عرب ويران”- ناحية شرا.
– 21 أيار، حرائق في محيط قرى “كيمار، سوغانك، آقُئبية”- شيروا.
– 22 أيار، حرائق في محيط قرية “برج حيدر، كالوته”- شيروا.
قصف وفوضى
يستمر الجيش التركي في قصف بعض قرى وبلدات شيروا والشهباء- شمال حلب، ففي 17 أيار، استهدف قرى “مالكية، شوارغة، آقئُبيه، سوغانك، خريبكيه، بينيه، ديرجمال، مرعناز، إرشادية”، وملحقاً أضرار مادية.
ويسود الفوضى والفلتان في ظل الاحتلال، ففي يوم 19 أيار، كانت هناك محاولة لاغتيال المدعو “عبد الإله سليمان نائب قائد الشرطة العسكرية والقيادي في ميليشيا لواء المعتصم”، في مدينة عفرين؛ وانفجرت عبوة ناسفة في شارع جنديرس – عفرين، وأُصيب مدني بجروح، حسب الدفاع المدني؛ كما انفجرت عبوة ناسفة بالقرب من دوار القبان – سوق الهال عفرين، وأصيب إثنان بجروح.
كما أن طائرة مسيرة قصفت سيارة جيب سنتافيه، يوم الخميس 21 أيار، فأدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخر، في موقع بين قريتي “شاديريه و إيسكا” جنوب عفرين، إذ كانت في حوزتهم مبالغ من الدولارات.
إن كسر حاجز الصمت الدولي والوطني السوري حيال الانتهاكات والجرائم المرتكبة في عفرين وسياسة التتريك الممنهجة والمستمرة، أمرٌ في غاية الضرورة والأهمية والعُجالة، ومن واجب دعاة المبادئ الإنسانية عامةً.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]