$عفرين تحت الاحتلال (163): قرية “زعريه” تهجير واستباحة أملاك ومنازل، اختطاف امرأة واعتقالات تعسفية، شهادة عن سجن الراعي، منع العودة إلى “شيخورز”$
هناك دعاية إعلامية ترافق عودة عوائل مُهجّرة إلى ديارهم في منطقة عفرين، في سياق تجميل وتلميع واقع الاحتلال، ولكنها تتجنب الحديث على الأقل عن منع مئات العوائل الموجودة في المنطقة ولكنها ممنوعة من العودة إلى قراها المنهوبة والمُهجّرة منذ آذار 2018م، مثل قرى “درويش و ݘيه- راجو، شيخورز- بلبل، بافلون وسينكا – شرّا”، الأمر الذي يُشكل جزءًا من حقائق التغيير الديمغرافي الممنهج المطبق في المنطقة.
فيما يلي انتهاكات وجرائم مرتكبة:
= قرية “زعريه- Ze´irê“:
تقع على السفح الجنوبي الغربي لجبل (گِري مَزن-Girê Mezin) وتبعد عن مركز ناحية بلبل ب/2.5/ كم، مؤلفة من /200/ منزل، وكان فيها حوالي /1200/ نسمة سكّان كُرد أصليين، جميعهم نزحوا إبان العدوان التركي على منطقة عفرين، وعاد إليها فقط /30 عائلة=180 نسمة/، وتم توطين حوالي /170 عائلة= ألف نسمة/ من المستقدمين فيها، معظمهم من الغوطة.
تعرضت القرية لقصف الجيش التركي، فأدى إلى تدمير منزل المواطن “أحمد عليكو (أبو ماهر)” بشكلٍ شبه كامل ووقوع أضرار بعدة منازل أخرى؛ ميليشيا “فرقة المعتصم” هي التي تسيطر على القرية وتتخذ من فيلا “مصطفى عليكو” مقراً عسكرياً لها، بينما يتخذ الجيش التركي من فيلا “المرحوم أحمد مقداد (أبو إبراهيم)” مقراً عسكرياً له.
بعد نزوح الأهالي وقبل وصول العائدين، تعرّضت معظم المنازل لعمليات السرقة والنهب، حيث طالت الأواني النحاسية والزجاجية والتجهيزات الكهربائية وتجهيزات مشروع الطاقة الكهرضوئية الخاص بإنارة القرية، المكون من (/40/ لوح و /4/ أنفرترات و /24/ بطارية)، الذي أنشأ في 27-04-2017م كعمل جماعي، بالإضافة إلى سرقة سيارات وجرارات زراعية.
كما استولت ميليشيا المعتصم على معظم أملاك الغائبين وفرضت أتاوى مالية مختلفة على مواسم الزيتون السابقة، وفي 12-09-2020م فرضت على كل عائلة كردية متبقية في القرية إتاوة ألف دولار، وهددت من لا يدفع بالطرد من القرية والاستيلاء على منزله، بينما استولت ميليشيا “أحرار الشرقية” على فيلا “المرحوم عبد الرحمن رشيد (أبو عبدو)” من أهالي “زعريه” في قرية “كفرجنة”.
تعرّض العائدون للقرية إلى مختلف الانتهاكات، من اعتقالات وإهانات واستفزازات، بغية تحصيل أتاوى مالية منهم وإجبارهم على ترك القرية، وقد دفع بعض المعتقلين فدى مالية لقاء الافراج عنهم.
كما تعرّضت الأشجار الحراجية والبرية النادرة منها في الجبال المحيطة بالقرية، و/75/ شجرة زيتون عائدة لمواطن من قرية “سعريانلي” المجاورة على طريق زعره- بلبل بتاريخ 28-08-2021م، وأشجار مزار “شيخ حمزة” الحراجية والمعمرة منها، إلى القطع الجائر، بغية التحطيب وصناعة الفحم. وكذلك تعرض المزار وبعض القبور حوله للتخريب والنبش.
ومن جهةٍ أخرى، أقدمت الحكومة التركية، بداية عام 2020م، على إزاحة الشريط والجدار الحدودي إلى داخل الأراضي السورية بعمق /300/ متر على طول سفح الجبل المطلّ على القرية، متجاوزةً الحدود الدولية المتفق عليها، والذي بُني جداره العازل منذ حوالي أربعة أعوام على الجهة السورية من المنطقة الفاصلة بين البلدين، وذلك من أجل تعزيز مراقبة واستحكام جيشها على سهول وقرى الناحية.
= اختطاف واعتقالات تعسفية:
– لا يزال مصير المواطن “خوشناف نعسان بن رمزي /30/ عاماً” من أهالي قرية “حسن”- راجو مجهولاً، منذ أن اعتقل أواخر آذار 2018م، بُعيد عودة بعض أهالي القرية إبّان احتلالها؛ ويُذكر أن سلطات الاحتلال قد اعتقلت /11/ مواطناً يتراوح أعمارهم بين /18-45/ عاماً من أهالي القرية، أواسط أيلول 2018م، ونقلتهم إلى ولاية هاتاي- تركيا، لتحكم على سبعةٍ منهم بالسجن المؤبد، وعلى أربعة بالسجن /12/ عاماً، بتهم جزاف، انتزعت تحت التعذيب، حيث تنظر حالياً محكمة النقض التركية في قضاياهم.
– بتاريخ 12/9/2021م، اختطفت ميليشيات “فرقة الحمزة” المتمركزة في قرية “كيمار”- شيروا ومقصف جبل الأحلام المواطنة “آرين محمد دلي حسن /25/ عاماً- متزوجة منذ ستة أشهر وحامل” من القرية وأخفتها قسراً، وتُطالب ذويها بفدية مالية لقاء الإفراج عنها، ولا يزال مصيرها مجهولاً؛ يُذكر أن “آرين” اختطفت سابقاً من قبل ذات الميليشيات في شباط 2020م وأخفيت قسراً في مقرّها (مبنى الأسايش سابقاً في حرش المحمودية) بمدينة عفرين، وكانت ضمن مجموعة من النساء اللواتي أُخرجن منه بعد سيطرة ميليشيا “جيش الإسلام” على المقرّ في 28-05-2020م، وأطلق سراحها فيما بعد من سجن ماراتِه بتاريخ 23-12-2020م.
– بتاريخ 12-09-2021م، اعتقلت الشرطة في ناحية راجو المواطن “كمال جولو /55/ عاماً” من أهالي قرية “شيخ محمد لي- كريه”، وأطلقت سراحه بعد يومين من السجن ودفع غرامة مالية.
– منذ أسبوع، اعتقل الحاجز المسلح لميلشيات “فرقة السلطان ملكشاه” في قرية “ݘما”- شرّا/شرّان الشاب “ماهر محي الدين مقداد /20/ عاماً” من أهالي قرية “قره بابا”- ناحية راجو، بعد عودته من حلب إلى المنطقة، بنية السفر إلى تركيا، وتُطالب ذويه بفدية مالية /5/ آلاف دولار لقاء الافراج عنه.
– بتاريخ 14-09-2021م، اعتقلت الشرطة في ناحية مابتا/معبطلي المواطن “شيار خليل عباس” من أهالي قرية “بريمجة”، واحتجزته في مركزها، بتهمة العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة، لتنقله بعد يومين إلى سجنٍ في مدينة عفرين، وكانت قد اعتقلت المواطنة “دليار عثمان” من ذات القرية مدة يومين منذ شهر؛ الاثنان قد اعتقلا في مرةٍ سابقة.
= شهادة عن سجن الراعي السيء الصيت:
أفرجت سلطات الاحتلال التركي عن القسم الأكبر من المخفيين قسراً في سجن بلدة الراعي- منطقة الباب الذي تُديره ميليشيات “فرقة السلطان مراد” بإشراف الاستخبارات التركية بعد قضاء /2-3/ سنوات احتجاز وتردي أوضاعهم الصحية نتيجة التعذيب والظروف القاسية، وبأحكام لاحقة لتنفيذ العقوبات مع غرامات مالية، صادرة عن قضاءٍ صوري في عفرين.
أحد المفرجين عنهم (نتحفظ عن ذكر اسمه حفاظاً على وضعه الأمني في عفرين) قدّم شهادته حول المعتقل والمخفيين فيه، قائلاً:
– المُعتقل مؤلف من عدة أقسام في قبو تحت بناء السجن المركزي ببلدة الراعي- منطقة الباب.
– زنزانتنا كانت مؤلفة من عدة غرف، وعددنا كان يناهز المئة في مكانٍ واحد.
– كان بين المعتقلين نساء وقُصَّر.
– الطعام كان قليل جداً، من أصناف سيئة جداً، ولا يسد الرمق، فلا يمكن للإنسان أن يأكله إلاّ إذا كان مضطراً.
– النظافة كانت معدومة لدرجة أننا بقينا دون استحمام وتبديل الملابس من بداية الاعتقال في آذار 2018م ولغاية نهاية نفس العام، إلى أن جلبوا لنا بدلات (لباس) سجناء موحدة، حيث اهترت ملابسنا وأصبح البعض شبه عار أو عار تماماً، وقد كُشفت عورات البعض، وفاحت الروائح النتنة من أجسادنا، وظهرت عليها أمراض جلدية (الجرب، الحكة، الطفح الجلدي… الخ).
– مُورست ضدنا مختلف أنواع التعذيب النفسي المهينة لكرامة الإنسان (مسبات وألفاظ نابية، تحرش جنسي بالنساء أحياناً…)، وكافة أنواع التعذيب الجسدي، حتى بحق القُصَّر أحياناً أو بحق الأمهات أمام أولادهن أحياناً أخرى؛ بشكلٍ عام كان التعذيب بحق السجناء يبدأ بعد صلاة العشاء مساءً ولغاية الفجر صباحاً، والجلّادون كانوا يتلذذون كلما ابتكروا شكلاً جديداً من التعذيب ويتفاخرون به، مثل الضرب بالأيدي (استخدام الكف والبوكس) والركل بالأرجل على مختلف أنحاء الجسم، ورفع الفلق المتعدد الأشكال على الأقدام، والتعليق من الأيادي أو من الأرجل وإبقاء الجسد متدلياً وضربه بهذه الوضعية، اللذع والحرق بأعقاب السجائر أو أي أداة ساخنة، إلى ما هنالك من أنواع التعذيب التي يمكن أن يتبادر إلى ذهن المرء؛ أحياناً كان يتعاون أكثر من عنصر على تعذيب معتقلٍ واحد.
– نتيجة التعذيب الشديد، أصيب البعض بكسور في الأيدي والأرجل والرأس والأضلع، والجميع برضوض وإزرقاق في مواضع مختلفة من أجسادهم، وأصيب البعض أيضاً بعاهات وأمراض مزمنة.
– معتقلون استشهدوا تحت التعذيب، نُقلوا ودفنوا في أماكن سرية دون إخبار ذويهم بوفاتهم، ومنهم من فقد حياته من تبعات وآثار التعذيب.
– نتيجة تعرّض النساء إلى أنواع مختلفة من التعذيب الجسدي والنفسي والتحرشات المهينة، حاول بعضهن الانتحار بإضرام النار في أجسادهن.
أنهى الشاهد حديثه بكدر، قائلاً: “ما ذكرته غيض من فيض، هناك الكثير، بمجرد ذكره يشيب شعر المرء، فما بالك بالذي عاشه وعايشه، كذلك لا يمكن للمرء تفصيله بشكل دقيق في وقت قصير، فما حصل ويحصل في زنازين سجن الراعي يلزمه أيام ومجلدات”.
= فوضى وفلتان:
– في 13-09-2021م، أفاد “الدفاع المدني في عفرين” أن فرقه أخمدت حريقاً في غابةٍ حراجية بقرية “كورا/كوران”- جنديرس حتى فجر اليوم التالي، حيث التهمت النيران عشرات الأشجار بمساحات واسعة.
– بتاريخ 14-09-2021م، ذكر “الدفاع المدني في عفرين” أن عبوة ناسفة انفجرت بجانب سيارة مدنية في مدينة عفرين (حي الأشرفية)، دون إصابة أحد الأشخاص.
= انتهاكات متفرقة:
– في 11-09-2021م، حاولت /35/ عائلة من أهالي قرى “شيخورز” الثلاثة (500 منزل)- ناحية بلبل المنهوبة والمُهجّرة من أهاليها تماماً منذ احتلالها في آذار 2018م، للعودة إلى ديارهم، حيث /33/ منها كانت تسكن في القرى المجاورة و/2/ عادت من حلب، إلاّ أن سلطات الاحتلال عملت تهريجاً إعلامياً بإحضار مخاتير قرى (عبودان، ديرصوان، مَرسا) ونشرت بعض الصور، دون أن تسمح بالعودة إلى القرية الفوقانية التي يستحلُّها الجيش والاستخبارات التركية والقرية الوسطى التي تستحلُّها الميليشيات والمستقدمون، فقط سمحت لخمسة عوائل باستلام منازلها في القرية التحتانية. وقد اعتقلت في 14-09-2021م مواطِنَين عائِدَين مع أسرهم من حلب، أحدهما من “شيخورز” والآخر من قرية “عبودان”.
– خلال أسبوع، أقدم المدعو “عبدو عثمان” متزعم ميليشيا “القوات الخاصة- فيلق الشام” في قرية “برج عبدالو”- شيروا، بفرض وتحصيل أتاوى مالية من المواطنين “/5/ آلاف دولار- فتحي نبي عيدو، بحجة إدارته لأملاك شقيقه منان المتوفي” و “ألفي دولار- علي مستو (أبو شفان)، بحجة إدارته لأملاك أشقائه الغائبين” و “ألفي دولار- عدنان عمر كلاحو، بحجة بيعه/ضمان حقل رمّان له ب/5/ آلاف دولار”؛ يُذكر أن “عثمان” يفرض الأتاوى المالية والعينية باستمرار على أهالي القرية، وهو ينحدر من قرية “كفرحلب”- ريف حلب الغربي.
لا بديل عن عودة نازحي ومُهجّري عفرين إلى ديارهم، عاجلاً كان أم آجلاً، وهو حقٌ طبيعي ومشروع، ولكنها لا تُفرض على المدنيين في ظل عدم توفر أجواء آمنة وإجراءات كفيلة بحماية حياتهم وبتوفير مقومات الحياة لهم ولو نسبياً، وليس من حق أحدٍ منعها.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]