$عفرين تحت الاحتلال (213): قرية “شوربة”، مقتل مدني، اعتقالات تعسفية وغرامات باهظة، قرية استيطانية جديدة، إبادة البيئة$
بعد أن نشر ناشطٌ إعلامي في 31 آب الماضي مقطع فيديو عن القطع الواسع للغابات الحراجية في محيط بحيرة ميدانكي، تداعى بعض وسائل إعلام المعارضة وحتى الجزيرة – سوريا إلى إعداد تقارير ونشر صور عن الموقع وكأن الحدث لأمرٌ جديد! إذ كشفت إحداها أنّ “قادة الفصائل” يمارسون عمليات قطع الأشجار بشكلٍ منظم، بحيث يُكلّف قسم من العناصر بعمليات القطع وفق مهمات رسمية صادرة عنهم، لتنقل الأشجار المقطوعة بعدها إلى مستودعات خاصة، ويتم بيعها لاحقاً وفق مناقصات سرية، ليجنوا أرباح مالية طائلة.
ولكن بالرجوع إلى الصور الفضائية لمنطقة عفرين قبل آذار 2018م وبعد أربعة أعوام ونصف من الاحتلال، يتبين هول الجريمة المرتكبة بحق الغابات والغطاء النباتي، والتي ترتقي إلى مستوى إبادة البيئة، وقد تورط فيها جميع ميليشيات ما يسمى ب”الجيش الوطني السوري” ومتزعميها، تحت أعين الاستخبارات التركية وخططها؛ لاسما وأننا نشرنا عنها في العشرات من التقارير بالصور والوقائع، إذ وصلت نسبة التدهور في الغابات لأكثر من 50%، والتي تُقدر مساحاتها الإجمالية ب(الطبيعية /18500/ هكتار+ الاصطناعية /21000/ هكتار= 39500 هكتار).
قبل الغزو كانت السلطات التركية قد جرفت مساحات زراعية وحراجية واسعة، بعمق /200-500/ متر وبمحاذاة الشريط الحدودي بطول /150/ كم، لدى بنائها لجدار اسمنتي عازل، كما قامت آلياتها العسكرية أثناء العدوان على المنطقة بقلع آلاف الأشجار الحراجية والزيتون في العديد من المواقع، مثل “جبل بلال وجرقا، قرية درويش، قرية جيا”– ناحية راجو وقرى “حمام، مروانية فوقاني وتحتاني، آنقلة، أشكان غربي، خالتا”- ناحية جنديرس وقرى “قرمتلق، جقلا”- ناحية شيه/شيخ الحديد، وبين قريتي كفرجنة ومتينا-ناحية شرّان، وفي جبل شيروا، بقصد إقامة قواعد عسكرية؛ وطالت الحرائق والقطع الجائر الواسع- لم تشهد المنطقة مثيلاً له من قبل- عموم الغابات الحراجية الطبيعية والاصطناعية وأشجار نادرة ومعمّرة، وكذلك تُقطع مئات آلاف الأشجار المثمرة (الزيتون وغيره) بشكلٍ جائر وآلاف منها بشكلٍ كلي، من قبل الميليشيات والمستقدمين، بغية التحطيب وصناعة الفحم والتجارة، رغم صدور تعاميم شكلية سابقة بمنع ذلك من المجالس المحلية.
وكذلك الرعي الجائر لقطعان المواشي بين حقول الزيتون والأراضي الزراعية، لتتضرر بشكلٍ كبير، دون أن يجرؤ ويتمكن أصحابها على منعه.
فإحدى ركائز السياسة العدائية التي يتبعها الاحتلال التركي ومرتزقته هي ضرب علاقة الإنسان الكردي في عفرين ببيئته الطبيعية وممتلكاته وبالتالي زعزعة جذور المجتمع وإضعافها.
فيما يلي انتهاكات وجرائم مختلفة:
= قرية “شوربة- Şorbe“:
تتبع ناحية مابتا/معبطلي وتبعد عن مركزها ب/17/كم، مؤلفة من حوالي /66/ منزلاً، وكان فيها حوالي /500/ نسمة سكّان كُرد أصليين، بقي منهم حوالي /50 عائلة = 175 نسمة/ والبقية هُجِّروا قسراً، وتم توطين حوالي /16 عائلة = 100 نسمة/ من المستقدمين فيها.
تُسيطر على القرية ميليشيات “فرقة الحمزات” التي تتخذ من منزل “عدنان عمر” مقرّاً عسكرياً؛ بُعيد اجتياحها للقرية، سرقت من المنازل المؤن والأواني النحاسية وأسطوانات الغاز وشاشات التلفاز والأدوات والتجهيزات الكهربائية وتجهيزات الطاقة الشمسية وغيرها، وكامل محتويات /16/ منزلاً مستولى عليها، ومحوّلة وكوابل شبكة الكهرباء العامة.
واستولت على أشجار الزيتون لمُهجَّرين قسراً (/400/- عدنان عمر، /500/- خيرو أحمد آغا، /300/- زهير مصطفى بيرم، /300/- أولاد مصطفى عيسى، /500/- زكي جانكين، /100/- حميد عيسى، /200/- محمد هورو، /100/- مصطفى بيرم)، وفرضت إتاوة 50% على انتاج أملاكٍ للغائبين، وإتاوة /3-4/ صفيحة زيت زيتون (16 كغ صافي) على كل عائلة متواجدة سنوياً، عدا السرقات التي تطال مختلف المواسم (الزيتون، السمّاق، التين…).
وقامت الحمزات بقطع مئات أشجار الزيتون بشكلٍ جائر ونسبةً من الغابة الحراجية في وادي “مرتيه”- شمال غربي القرية، بغية التحطيب والتجارة.
وحفرت ونبشت تل “كمروك” الواقع بين القرى الثلاث (شوربة، كمروك، سمالك) على مدار أشهر بالآليات الثقيلة، بحثاً عن الآثار والكنوز الدفينة وسرقتها؛ بالرجوع إلى صورتين التقطهما غوغل إيرث في (شباط 2018م، أيلول 2019م) يتبين بوضوح مدى الحفر والتجريف الذي طال التل والأضرار التي لحقت بحقول الزيتون المجاورة.
وفي إطار الحركة الدينية المتشددة النشطة في المنطقة تم بناء مسجد جديد في القرية.
هذا، وتعرّض المتبقون في القرية لمختلف صنوف الانتهاكات، من اختطاف واعتقال تعسفي وتعذيب وإهانات وابتزاز مادي وغيره، حيث اعتقل العشرات، بينهم نساء، وفُرضت عليهم أحكام بالسجن لمدد مختلفة – بعضها لأكثر من عام- مع غرامات مالية، بتُهم العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة.
كما استشهد القاصر “جوني عدنان منصور /17/ عاماً” من أهالي القرية، بتاريخ 20-01-2022م، نتيجة قصف مدينة عفرين بأربعة قذائف صاروخية من جهة مناطق سيطرة الجيش السوري.
= مقتل شاب مدني:
في الساعات الأخيرة من يوم الإثنين 29-08-2022م، قُتل الشاب “محمد جمال خلو /30/ عاماً /عائلة موسى عمر” من أهالي قرية “قسطل خدريا”- بلبل، مقيم في عفرين ويعمل في مجال دهان المنازل، بالرصاص الحي! أثناء رفقته للمدعو “مصعب أحمد أوسو من حيّان- ريف حلب الشمالي” أحد عناصر ميليشيات “الجبهة الشامية” الذي قُتل أيضاً في عملية استهدفت سيارته على طريق جنديرس غربي مدينة عفرين، وأصيب عنصر آخر بجروح بليغة، وذلك في ظلّ حالة الفوضى وتنازع المسلّحين والميليشيات فيما بين بعضها البعض.
= اعتقالات تعسفية:
تتابع الاستخبارات التركية بشكلٍ حثيث أوضاع كافة المواطنين الكُرد المتواجدين في المنطقة، خاصةً في مجال علاقتهم مع الإدارة الذاتية ومؤسساتها الإدارية والعسكرية السابقة في المنطقة وتلك المتواجدة حالياً في مناطق أخرى، لتتخذ بحقهم الاعتقالات التعسفية والأحكام الجائرة ترافقاً بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة اللاإنسانية، عبر أدواتها من الميليشيات والمحاكم الصورية، وإن كانت لأتفه الأسباب، حيث تُنظِّم قواعد بيانات شخصية مفصّلة عن المعتقلين وتُرسل نسخةً منها إلى أنقرة بشكلٍ مباشر، تحت اسم “قوائم الإرهاب”. كما أنها رفعت الحدّ الأدنى للغرامة المالية على المعتقل منذ بدء الاحتلال في آذار 2018م بالتدريج من /800 إلى 1000- 1500 – 2000/ ليرة تركية وحالياً تُفرض غرامة /300 دولار= 5400 ليرة تركية/. كما تعمل الاستخبارات التركية وأزلامها على بث الفتنة بين أبناء المنطقة عبر تجنيد بعضهم وإشاعة الأخبار عن الوشاة والمخبرين في التسبب بالاعتقالات والاستيلاء على الممتلكات وغيره.
– بتاريخ 20-08-2022م، اُعتقل المواطن “علي مصطفى عريطان /54/ عاماً” من أهالي قرية “كُوركان تحتاني”- مابتا/معبطلي، من قبل ميليشيات “فرقة السلطان محمد الفاتح”، ليلة واحدة.
– بتاريخ 24-08-2022م، اُعتقل المواطنين “مصطفى حسين شعبان /77/ عاماً، محمد خليل جرجي /35/ عاماً” من أهالي بلدة “بعدينا”، من قبل ميليشيات شرطة راجو، وأُطلق سراحهما في نفس اليوم بعد فرض غرامة /300/ دولار على كلَ واحدٍ منهما، وذلك بتهم المشاركة في الحراسة الليلية أثناء الإدارة الذاتية السابقة؛ حيث هناك قائمة بأسماء آخرين مطلوبين.
– بتاريخ 30-08-2022م، اُعتقل الشاب القاصر “مسعود محمد عمر هيرو /17/ عاماً” من أهالي قرية “قره بابا”- راجو، من قبل ميليشيات “فيلق الشام”، بتهمةٍ ملفّقة، ولا يزال قيد الاحتجاز التعسفي.
= قرية استيطانية نموذجية:
أعلنت “مؤسسة وفاء المحسنين الخيرية” افتتاح “قرية الزعيم” في ناحية جنديرس، التي تضم /34/ وحدة ب/136/ شقة سكنية لإيواء نازحين/مستقدمين إلى المنطقة، حيث وصلت بتاريخ 28-08-2022م، “لجنة مسجد الشيخ عنبر” إلى جنديرس قادمةً من قرية الزعيم- مدينة القدس الفلسطينية لتسليم الشقق، كمرحلة أولى بتمويل من أهاليها؛ وهي تقوم ببناء المرحلة الثانية من المشروع، التي تشمل /80/ وحدة سكنية.
تقع القرية جنوب غرب جنديرس بحوالي /4/ كم، قرب قرية “ديربلوط”، وهي قرية استيطانية نموذجية لأجل تمليك المستقدمين للعقارات وتوطينهم فيها، في إطار خطة تركية لترسيخ التغيير الديموغرافي الممنهج ضد الكُرد في المنطقة.
يُذكر أن تلك المؤسسة تأسست في تركيا عام 2018م، لها مكاتب وفروع في العديد من الدول (تركيا، فلسطين، سوريا، لبنان، اليمن، بورما، بوركينا فاسو)، وهناك جمعية فلسطينية أخرى (جمعية العيش بكرامة- فلسطين 48) تعمل أيضاً في بناء قرى استيطانية بمنطقة عفرين؛ وذلك تحت إشراف الاستخبارات التركية.
= فوضى وفلتان:
– بعد اعتداء مستقدمين من عشيرة الموالي على دورية ل”الشرطة العسكرية في عفرين” في قرية “كوكان تحتاني”- مابتا/معبطلي، التي حضرت لإلقاء القبض على أحدهم بتاريخ 27/8/2022م؛ تحرك رتل من قوات الشرطة وميليشيات من “الجيش الوطني” في اليوم التالي باتجاه القرية التي عزز فيها الموالي من قواتهم، فوقعت اشتباكات بين الطرفين وتم قطع طريق عفرين- راجو، وسط الرعب الذي ساد القرية وما حولها، وظلّ الوضع متوتراً بين الطرفين على مدار ثلاثة أيام، إلى أن تمّ تسوية الأمر بشكلٍ ما، في ظل حالة الفلتان السائدة واستقواء المسلّحين والعصابات بقوى ميليشياوية.
– بتاريخ 02-09-2022م، تعرّض المدعو “أبو عزو الحموي” أحد متزعمي ميليشيات “لواء صقور الشمال” إلى عملية استهداف مباشرة بالرصاص الحي، أدت إلى إصابته بجروح دون وفاته، وذلك قرب مفرق قرية “نازا/المحببة”- شرّا/شرّان، فاستنفر اللواء قواته وشدد على الطرقات في قطاعه.
= حرائق الغابات:
أكّد “الدفاع المدني في عفرين” على أنّ فرقه، يومي 01/02-09-2022م، قد أخمدت حرائق أضرمت في غاباتٍ حراجية بريف ناحية جنديرس، التي استمرّت لأكثر من /11/ ساعة.
= انتهاكات متفرقة:
– منذ خمسة عشر يوماً، أجبرت ميليشيات “جيش الشرقية” المواطن “نبيل عثمان /34/ عاماً” على إخلاء منزلٍ عائد ل”فرح الدين كولين بن حميد” في مدينة جنديرس، كان قد استأجره لإيواء أسرته، وذلك بعد اعتقاله لأيام وتوجيه إهانات وتهديدات ضده منذ ثلاثة أشهر، واستولت على المنزل لصالح أحد متزعميه، فاضطّر “نبيل” وأسرته للهجرة من المنطقة قسراً.
– منذ أسبوعين، أقدم مسلّح من ميليشيات “فرقة السلطان سليمان شاه” على إهانة الشاب “هوشنك عمر بن صالح” في قرية “قرمتلق”- شيه/شيخ الحديد وإطلاق الرصاص من حوله وتخويفه بشدة، لأنه رفض بيعه مواد من بقاليته بالدين.
– منذ أسبوعين، قامت ميليشيات “فرقة الحمزات” بالتجريف والحفر بين أراضٍ زراعية وحقولٍ للزيتون- موقع “رَزيه رستيه”- عائدة لأولاد المرحومين “محمد حاج مراد قادر، حاج سيدو قادر، بطال قره، حاج إسماعيل سيدو، حنان قره، شيخ جميل سيدو” من أهالي قرية “داركير”- مابتا/معبطلي، رغم تواجدهم في القرية، بحثاً عن الآثار والكنوز الدفينة وسرقتها، فتضررت تلك الممتلكات والمئات من أشجار الزيتون. كما حفرت في موقع “حيريه كُوبيه” الواقع بين قريتي “داركير” و “حسيه/ميركان” المجاورة لها غرباً.
– بعد اعتقالها للمسن “محمد علي يوسف بن حنان /69/ عاماً” من أهالي قرية “معرسكه”- شرّا/شرّان بتاريخ 22-08-2022م، بتهمةٍ ملفّقة، ميليشيات “الجبهة الشامية” تُهدد وتُنذر شقيقته المسنة “جنان يوسف بنت حنان /70/ عاماً- غير متزوجة” على إخلاء منزلهما، لأجل الاستيلاء عليه.
– في مدينة جنديرس وما حولها، تقوم الميليشيات بحصر ممتلكات أي مواطن من أهاليها يتوفى، وتُسلّم الورثة المتواجدين حصصهم – وفق منطقهم الشرعي! – وتستولي على حصص الورثة غير المتواجدين؛ وذلك في إطار حملة عامة لحصر الممتلكات تشهدها الناحية من قبل المجلس المحلي والميليشيات.
– مؤخراً، بعد قيام عدد من المستقدمين المقرّبين من الميليشيات بسرقة ثمار التين من أشجار أولاد “مصطفى حسين مجيد”، قرب جنديرس، حاولوا منعهم فوقع شجار بين الطرفين وأدى إلى كسر يد أحد المستقدمين، ففرضت الميليشيات ألف دولار غرامة على أولاد “مصطفى” لقاء “الصلحة”!
– بسبب سرقة التين وتعرض ابنه للضرب إثر محاولته منع اللصوص، قام أحد مواطني قرية “كعني كورك”- جنديرس بقطع الشجرة، إلاّ أنّ المسلّحين اتخذوا ذلك حجةً لضربه ضرباً مبرحاً.
– بعد تكرار السرقات- من قبل المسلّحين والمستقدمين المقرّبين منهم- التي طالت كرم عنب عائد لأحد مواطني مدينة جنديرس في موقع شرقيها – طريق حجيلر، اضطّر لقلع حوالي /150/ شجيرة – كامل الكرم.
إنّ الحدّ من الاعتداء الواسع والمتسارع على البيئة والغابات يتطلب بالدرجة الأولى الضغط على الحكومة التركية للقيام بواجباتها كدولة احتلال مسيطرة فعلياً على المنطقة وتُديرها في كافة المجالات، وتحميلها كامل المسؤولية عما وقع ويجري؛ ليس بالإشادة ببيان تضليلي من إحدى الميليشيات المتورطة أصلاً في ارتكاب تلك الجريمة.
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)
[1]