=KTML_Bold=محمود عباس: مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً الجزء “الرابع والعشرون”..=KTML_End=
قراءة في كتابه: التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية.
حول خطط وعمليات تعريب الجزيرة الكوردستانية
3- محتويات الكتاب من الصفحة (600 وحتى 633) موضوع لا علاقة له بالعنوان، وهي تتضمن قضية تحدثنا عنها سابقاً، حول المخططات التمويهية لتوطين اليهود أو الفلسطينيين في الجزيرة، ومعظم هذه الصفحات تبحث عن إسرائيل والقضية الفلسطينية، وكان بإمكان الكاتب جعله كراس خاص بالقضية الفلسطينية، وعن الانقلابات السورية، وعلاقات الإنقلابيين بإسرائيل وأمريكا. لكنه بهذا الأسلوب الملتوي يحاول ربط هذه القضية بسوريا، ومن ثم الجزيرة الكوردستانية بجغرافية سوريا الوليدة، وبالتالي يضع جدليته المنخورة، أقصاء الجزيرة عن كوردستانيتها. ولا يكتفي بذلك بل يعود ثانية، بدءاً من الصفحة(645) بعد محاولته وضع استنتاج في نهاية الصفحات السابقة، والذي خرج ضحلاً، إلى محاولة ربط الموضوع بقضية ديمغرافية الجزيرة، مع ذلك يدخل إلى نفس العزلة عن الموضوع الذي عنون عليه كتابه، وينحرف نحو سرد مواضيع سياسية لا علاقة لها بالجزيرة ولا للجزيرة الكوردستانية بها، وهي صفحات تبحث في قضية الأردن وإسرائيل، وعلاقاتهما، ومشروع (جونستون) الأمني والاقتصادي لإسرائيل، مع ذلك يركز على هذه القضية السياسية الاقتصادية، ليبين لنا بأنه كان هناك اعتراف دولي بالتقسيمات السياسية للمنطقة، وبجغرافية سوريا الكلية وعلى أساسها يجعلها جزء من وطنه العربي، وإلا فهذا الجزء طارئ على الكتاب. وفي الجزء الثاني ينتقل إلى الحديث عن أزمة بنكه-شاريت ومشاريع تحويل مجرى نهر الأردن ويستمر حتى الصفحة(652)، وجل غايته، كما ذكرنا، إعطاء الصفة الرسمية الدولية والقانونية، لسوريا والأردن، وترسيخهم كدول عربية بغطاء تاريخي مفبرك، مستندا على العلاقات الدولية وصراع الشركات الرأسمالية على موارد المنطقة، وهنا بالضبط تتوضح شكوكه الداخلية عن ضحالة فبركاته التاريخية عن التكوينات السياسية التي مدتها الدول الاستعمارية بالصفات العربية، من أجل مصالحهم.
4- في الصفحة(739) يعرض النقاط التي عرضها محمد طلب هلال حول طريقة تعريب الجزيرة والقضاء على القضية الكوردية فيها، والتي يذكر بأن مؤتمر البعث حينها رفض البحث فيها، وذلك كمقدمة للتمجيد بخط حافظ الأسد في حزب البعث، ولربما هذا المفهوم ينم عن ضغينة مباشرة للكورد الذين ينتقدون البعث ومسيرة حافظ الأسد، واستبداده، وجرائمه بحق الكورد. ومن جهة أخرى تبين حنينه لماضيه البعثي والتي لا يزال فيه حافظ الأسد النصف الإله الذي لا يخطأ. ولا نستبعد بأن يكون هذا المقطع منسوخا في المراحل الأولى من تجميع مواد كتابه، عندما كان لا يزال في سوريا ويكتب بأوامر من المربعات الأمنية التابعة للبعث وسلطة الأسد، وكان عضوا نشيطا ومهما فيه، ولم يتم تنقيحه بعد أن تبناه دولة قطر ووظف في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات. ويكمل في الصفحة(746) مدافعاً وبشكل دقيق عن سياسة البعث حيال تسكين الغمريين في المنطقة الكوردية، ويجد لهم تبريرات، والغريب أنه يود عزل المخطط عن جانبه السياسي التعريبي، ويضفي الجانب الإنساني على عملية التوطين في المناطق الكوردية فيذكر بأن عملية الغمر كانت مأساة بشرية، وذلك للتغطية على نوايا سلطة البعث العروبية، وعمليات التعريب، وهنا يهاجم الحكومات السابقة للبعث وشوفينيتها ليعطي تبريرا لعنصرية البعث، مدافعا عنه بأن التوطين تم تحت عملية تطبيق النهج الاشتراكي الوطني الذي تبناه مجموعة من البعث وخاصة الجناح الاشتراكي، ليمجد في حافظ الأسد كممثل لهذا الجناح ضمن الحزب، وهذه القضية العنصرية، من التعريب إلى القوانين الاستثنائية، وغيرها من المخططات المرسومة لتهجير وتعريب الكورد، والقضاء على كوردستانية الجزيرة، تم الرد عليه من قبل العديد من الإخوة الكورد، لذلك لا نود في هذا المقال التوسع فيه، ولكن مهما حاول الكاتب تلطيف وجه البعث والأسد والعروبيين فلن يستطيع، لأن ما دمروه تتجاوز كل محاولات التغطية السياسية والثقافية والإعلامية، فما قامت به السلطات العروبية السورية المتتالية من جرائم بحق الكورد في جنوب غربي كوردستان ستظل في ذاكرة التاريخ وعلى مدى قرون قادمة.
5- ومن الوثائق التي خرجت ساذجة وضحلة، وخالية من أية مصداقية، هي التي يوردها في الصفحة(788) الهامش (142) أثناء حديثه عن علاقة جمال عبد الناصر وتأسيس البارتي، والمسنودة إلى كتاب المسألة الكوردية في سوريا للمرحوم عصمت شريف وانلي، وذلك عندما يقول إن حكومة الوحدة قامت بتوزيع الأراضي” على الفلاحين من دون تمييز قومي بين عربي وكوردي بمن في ذلك العديد من الأكراد المهاجرين” فالوثيقة غير واردة في الكتاب وهي ملفقة، كما وأن مجريات الاستيلاء، وتهجير الفلاحين الكورد، والحظر الذي تم على القرى الكوردية، والتوزيع الذي تلاه مباشرة على القبائل العربية، أو التي حصرت بيد مؤسسات الدولة تحت مفهوم الإصلاح الزراعي، وحجزت تحت صفة مزارع الدولة، وبعضها كانت تدار مباشرة من قبل رؤساء المربعات الأمنية، ولم تتم واقعة واحدة بأن فلاحي قرية كوردية حصل على أراض تم الاستيلاء عليها من الملاكين الكورد، والحوادث الأخرى لا تحتاج إلى كتب تاريخية، فهي لا تزال خالدة في ذاكرة أجيال تعيش حتى الأن، وكانوا شهود على مجريات تلك الأحداث العنصرية، مع ذلك تم ترسيخها بأرشيف ضخم، وكتبت في هذه القضية من قبل العديد من الكتاب الكورد وغير الكورد الذين عاشوا المرحلة أو بحثوا فيها. فتلفيقات ومفبركات الكاتب محمد جمال باروت في هذا المجال مثلما في كلية غاية الكتاب، يجب الانتباه إليها من قبل الكتاب الكورد قبل الوطنيين من الشعوب الأخرى، فما يوجد خلف الكلمة والأحداث التاريخية التي يسردها، أخطر من الغاية المباشرة، وللأسف فهناك بعض من الإخوة الكورد يستخدمون كتابه الملغوم هذا كمرجع أو مصدر لدراساتهم، دون الانتباه إلى الخطر الذي يقدمون عليه، وهو خطر لا يقل عن خطر الكتاب العروبيين، أمثال محمد جمال باروت!
6- غاية محمد جمال باروت من عرض كتابه هذا يظهر جلياً ضمن ملخصة في الصفحة(798) وذلك عندما ينقد مفهوم المرحوم (عثمان صبري) عن كوردستانية جنوب غربي كوردستان، ويقول ” وضع صبري لأول مرة في تاريخ الحركة الكوردية السورية الحديثة فكرة كوردستانية المناطق الكوردية في سورية” ويتمم ” وكانت هذه الفكرة أيديولوجية بحته من دون أي أساس لها في حقائق الاجتماع أو الجغرافيا أو التاريخ”. متناسياً أن هذه الأساسيات كانت مطمورة وعلى مدى القرون الماضية تحت غطاء البعد الإسلامي، والأمة الإسلامية، وفيما بعد، وعند ظهور الدولة السورية تم محاربة كوردستانية الجزيرة، وعلاقتها التاريخية والجغرافية بكوردستان الكبرى، وخططت لتعتيمها في الإعلام، وفي مجالس الهيئات الدولية، ونشر هذا المنطق وبشكل مخطط في الوطن العربي لا حقاً وساندتهم فيها الدولة التركية والفارسية في المراحل التالية. كرس العمل على هذا المخطط، وبشكل ممنهج في بدايات العقد الرابع من القرن الماضي وعند بروز الطفرات القومية العنصرية، وعى راسهم الطفرة العربية والتركية، عندما لصقت باسم سوريا ومصر وبعض الدول الأخرى في المنطقة الصفة العربية، والتي لم يكن لها ذكر إلا بعد دخول الاستعمار إلى المنطقة، والحدود الجغرافية السياسية والقومية ظهرت وحددت بعد العشرينات من القرن الماضي، فمطالب جمعية خويبون في البدايات كانت كوردستان، دون التمييز بين شمال وجنوب غربي كوردستان، لأن جغرافية كوردستان كانت كتلة واحدة، حتى نهاية الثلاثينات من القرن الماضي، تم فصلها عن الجسم وإلحاقها بسوريا المتشكلة حديثا على رغبة ومصالح فرنسا، ورسمت الحدود بينها وبين تركيا الكمالية، على انقاض الإمبراطورية العثمانية. ولا شك يجب دراسة هذا المفهوم التاريخي الجغرافي الديمغرافي من منظور ما قبل تكوين الوليد الجديد (سوريا) بموجب اتفاقية سايكس–بيكو، واتفاقيتي أنقرة 1 و2…
يتبع…
[1]