=KTML_Bold=محمود عباس: مصداقية الباحث العربي محمد جمال باروت مثالاً الجزء “الثامن والثلاثون”..=KTML_End=
قراءة في كتابه: التكوّن التاريخي الحديث للجزيرة السورية.
التكرار والتناقضات:
28- في الصفحة (699) يكرر إثارة الأحقاد بين العائلات الكوردية تحت غطاء عرض التاريخ ذاكرا أن الحادثة مؤرشفة في سجلات الحكومة السورية، في الوقت الذي يغطي فيه على حملات السلطة والبرلمانيين العروبيين على الشعب الكوردي، مركزا على الخلاف بين عضوين كورديين في البرلمان على خلفية حملة دفاع البرلماني الكوردي عن عشائر الملية (محمود إبراهيم باشا الملي) عن المكتومين الكورد ومطالبة الحكومة بتسجيلهم، والتي اعترض عليها النائب الكوردي المستعرب من حزب الشعب، (علي بوظو) ووصفهم بالمتسللين.
ولا نستبعد أن تكون غاية الكاتب من عرض هذا الخلاف، الطعن في الانتماء الكوردي لقضية شعبه، بعرض موقف السيد بوظو والتغاضي عن الموقف الوطني للسيد محمود باشا الملي، وهذا هو النهج الحديث ووجهة نظر، أو بالأحرى أسلوب بعض الكتاب والمثقفين العروبيين، المطعونين في مصداقيتهم، وتحليلات إن وجدت، وهي غائبة في هذه الحادثة، بعيدة عن المنطق، ونقد الكاتب لمجريات الخلاف غير موضوعي، أو في الوجه الأوسع محاولة للطعن في الهوية الكوردية والتاريخ الكوردستاني للجزيرة، على أنه صادر من المثقف الكوردي ذاته، وهي جدلية مرفوضة حكما، لأن السيد بوظو كان نزيها لمبادئ حزبه العروبي، أبتعد على خلفيتها ولأسباب ذاتية عن قوميته الكوردية، وهي من الأسباب التب تخلت عنه أغلبية كورد حارة الأكراد حينها وبينهم البعض من عائلة بوظو الغنية عن التعريف ذاتها، الذين كانوا ولا زالوا يفتخرون بكورديتهم، وعلى الأغلب يكون قد حرض من قبل الحزب ليغطي بموقفه ذاك على أفعال الشريحة الواسعة من العنصريين العروبيين الذين كانوا وراء إقصاء الكورد من التسجيل في السجلات المدنية، وتحريض المربعات الأمنية، وحتى لو افترضنا جدلا أن البرلماني الكوردي أنطلق من البعد الوطني السوري والصراع على الحدود ما بين تركيا وسوريا والذي كان وبشكل ما لا يزال جاريا حينها، لكن هذا لا يعني أن بوظو، رغم استعرابه، كان ينفي الوجود الكوردي وتاريخهم العريق في الجزيرة.
وفي بعد أخر غاية محمد جمال باروت من التشهير بهذا الخلاف دون غيرها من الحوارات الجارية في البرلمان عن القضية إلا التي أشترك فيها الأعضاء البرلمانيون من الكورد، إثارة الفتن بين أبناء العائلات الكوردية، علما أن أعضاء من حزب البعث والشعب كانوا في حراك دائم ضد الكورد ولا يأتي على ذكرهم. والغاية هي ذاتها التي من أجلها بحث في تاريخ هفيركا ودكشوري، وطعن في وطنية بعض العشائر ومجد في الأخرين، وركز على عائلة كوردية دون أخرى في الجزيرة وعتم على شريحة المثقفين وعلى دور الشعب، مستخدما أسلوب السلطة والمربعات الأمنية في خلق الخلافات بين الأحزاب الكوردية في جنوب غربي كوردستان، ولم يتوقف الكاتب في كتابه وفي هذا المجال على قضية هفيركان ودكشوري، بل استمر إلى حد الطعن في المثقفين أو السياسيين الكورد في جميع المراحل، منذ تكوين سوريا وحتى الأن، وقضية البرلمانيين واحدة من عدة أمثلة نقب فيهم وعرضهم من الوجه الملائم لهدفه، وفي جميع الحالات لم يتطرق إلى العوامل الموضوعية المحاطة، ولم يكلف ذاته في تبيان دور السلطات العروبية السورية في هذه القضايا، علما أنه المثقف والمقدم ذاته كباحث الذي ولا شك لا تمر عليه جدلية قدرات الأنظمة في العالم، من تحريف للتاريخ، وفبركة الحوادث، وخلق الخلافات بين القوى الوطنية، ورفع مكانة الانتهازي أو المنافق وإذلال الوطني والنزيه، حسب ما تتطلبه مصالحها دون أي رادع أخلاقي، والسلطات السورية والدولة الراعية له الأن قطر وتركيا خير مثال.
وفي مثالنا هذا، فمثلما ركز الكاتب في عدة قضايا تاريخية على مصادر السرد الشفهي ومن ألسنة البسطاء من الكورد، أو من مصادر غير مسنودة بحد ذاتها، أو مطعونة في مصداقيتها، كعرضه لتاريخ العشائر الكردية، كذلك هنا وفي هذه الحادثة يستند على إعلام السلطات العروبية حتى تلك المختفية تحت عباءة الوطنية، وجرائدهم، ومنشوراتهم الرسمية والتي كانت معظمها أن لم تكن جميعها تمر من تحت أيدي مربعاتهم الأمنية. وجل هدفه هنا وهناك، كما ذكرناها سابقا، هي إيقاظ الخلافات السياسية أو الاجتماعية الماضية بين العشائر والعائلات الكوردية، وجر أحفادهم إلى التشهير ببعضهم أو ربما إلى صراعات عائلية أو على الأقل محاولة الطعن في ماضي الأجداد، وتبرئة السلطات العروبية ودور مربعاتهم الأمنية والحركة الثقافية العروبية والتي كانت ولا تزال ليست بأكثر من خدم للبلاط، في اتهام الكورد بما كان يحدث بينهم من الاقتتال الداخلي.
علما يفهم من طلب النائب علي بوظو، الذي شذ عن عائلته الكوردية المعروفة، واستعرب ربما لغاية ذاتية، بعكس البقية من آل بوظو، وتحوله من حزب الشعب إلى الناصرية خير مثال، وكان وراء تغيير أسم حارة الأكراد إلى ركن الدين، عندما كان وزيرا للداخلية، كان انتقادا لدوائر السجل المدني، على خلفية الوضع المزري لمكاتبها وسجلاتها قبل أن تكون لعمليات تسجيل الكورد والتي على أثرها كانت المشادة بينه كعضو من حزب عروبي وبين النائب محمود باشا الملي، والتي تحدث فيها الوزير (محمد كرد علي) حينها بعد زيارة تفتيشية إلى منطقة الجزيرة، الذين وصفهم النائب بالمتسللين لأنهم كانوا في خطر على الجانب الأخر من الحدود المتشكل حديثا والمرفوض كورديا، أو كما يقول الكاتب على لسانه “” من غير المرغوب فيهم” في تركيا”” وهي حقيقية، لأن الكورد كانوا يعاونون المر على طرفي الحدود المصطنعة، ويوردهم كمثال لأنهم كانوا يشكلون الديمغرافية شبه المطلقة في المنطقة حتى تلك الفترة الزمنية أي بداية الخمسينيات، والتي كان من الواجب أن تقوم الدوائر بخدمتهم.
وفي الواقع أعضاء حزب الشعب والبعث هم الذين أثاروا هذه القضية وهم كانوا وراء التعامل السافر من قبل دوائر السجلات المدنية، والمراقبة من قبل المربعات الأمنية لعمليات الإحصاء وتجريد الكورد من الجنسية، ولا يستبعد أن يكون أعضاء حزب الشعب هم الذين حرضوا السيد بوظو المنسلخ عن قوميته كحالة شاذة بين آل بوظو، للقيام بهذه المهمة والطعن في مراكز السجلات أو مواجهة السيد محمود باشا الملي، ليكون الخلاف بين الكرد، وهي نفس الخباثة المستخدمة الأن من قبل السلطات العنصرية الحالية، التي تجند العديد من الكتاب والمثقفين العروبيين لهذه المهمة، بينهم البعض من أبناء منطقة الجزيرة. كم نتمنى لهؤلاء بالتحديد أن يستيقظوا على ما تم تكليفهم به، من خلق الخلافات بين العائلات الكوردية- الكردية، والكردية -العربية، وإثارة النعرات العنصرية في جنوب غربي كوردستان تحت غطاء الوطنية السورية.
هذا الكاتب إلى جانب شريحة من المثقفين العرب، ومن بينهم ثلة من أبناء منطقة الجزيرة العارضين ذاتهم ككتاب أو باحثين، المتنقلين خلال العقد الأخير من حضن الأحزاب العروبية العنصرية كالبعث والناصرية وغيرهما إلى أحضان المنظمات التكفيرية الإسلامية العروبية كداعش والنصرة وجيش الإسلام تحت ادعاء المعارضة أو الثورة، أو إحياء العروبة، وعلى الأغلب اقتربت مرحلة عودتهم إلى أحضان سلطة الأسد أو البعث ثانية، هم في الواقع يطعنون في القومية العربية بقدر ما ينتهكون حرمة الإسلام كدين، معظمهم يحملون ثقافة موبوءة مغلفة بعباءة الوطنية، مخلفات السلطات الاستبدادية الملغية للأخر، حيث النهج الانتهازي لمراكز القوى، والنفاق على مصير شعوبهم لمصالحهم الذاتية، باعوا ويبيعون الوطن السوري والعروبة للسلطات الإقليمية أو لأردوغان لمصلحة ذاتية أو كرها بالكورد، وهي نفس المسيرة التي تم فيها تقديم اسكندرونه لأتاتورك سابقا وتخلوا عنها لأردوغان في السنوات الماضية، وسوريا والعراق ولبنان حاليا لأئمة ولاية الفقيه.
هذه الشريحة أصبحت أكثر من معروفة على الساحتين الثقافية والسياسية، وفي الإعلام، وهي تستخدم كل المصطلحات الوطنية والقومية العربية، ومتأخرا الإسلام العروبي، وتدمجهما عندما تدعي الضرورة، للتغطية على: أحقادها نحو الشعوب الأخرى وجلها ضد الكورد، وتسخر كل طاقاتها للسلطات الإقليمية تحت حجة الحلف السني أو الشيعي.
يتبع…
المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب وليس له علاقة بوجهة نظر الموقع
[1]