مظفر مزوري
في وقت كانت الجبال فقط أصدقاء الكورد، كان هناك القليل ممن تحدثوا عن القضية الكوردية، ودافعوا عن حقوقها وعبروا عن آرائهم تجاه الكورد، أرادوا إيصال صوت الكورد الى المجتمع الدولي من خلال آرائهم وكتاباتهم، أحد هؤلاء هو #إدموند غريب# ، الكاتب والمفكر العربي الامريكي، تابع القضية الكوردية منذ أوائل السبعينيات، وخصّ القضية الكوردية بعدة دراسات اكاديمية من دراساته التي أجراها، والتقى بالزعيم الراحل الملا مصطفى بارزاني ووصفه بالاب الروحي للحركة التحررية القومية الكوردية.
شارك الدكتور إدموند غريب في حلقة برنامج ما فوق الخلافات، لهسهرووی ناكۆكییهكانهوه الذي يبث على قناة كوردستان24، والذي يقدمه الكاتب والصحفي ومدير عام مؤسسة كوردستان24 الاعلامية أحمد الزاويتي، وخصصت الحلقة بتأثر الباحثين والصحفيين الاجانب بقضية الشعب الكوردي.
وفي بداية اللقاء في البرنامج قال الدكتور إدموند غريب الملا مصطفى بارزاني شخصية تأريخية وأسطورية، وأعتقد انه كان الاب الروحي للحركة التحررية القومية الكوردية، لكن الشيخ عبيدالله النهري هو جد الحركة التحررية الكوردية، لكونه أول من تحدث عن الاختلافات العرقية بين الكورد والترك والفرس.
وفي جزء آخر من اللقاء تحدث الدكتور إدموند غريب عن لقائه بالزعيم الراحل الملا مصطفى بارزاني، وكان يكتب رسالته في الماجستير عن العراق، وكتب أطروحته في درجة الدكتوراه عن نفس الموضوع، مشيراً الى أن درجتي الماجستير والدكتوراه كانتا تسلطان الضوء على الشأن الكوردي وموضوعات عديدة أخرى.
وأشار الدكتور إدموند غريب في دراساته الى المراحل التي مرت فيها القيادة الثورية الكوردية وحزب البعث في العراق، خلال فترات الصراع بين الطرفين وحتى اتفاقية 11 مارس 1970، وبحسب قوله فقد أراد أن يعرف ماهية الاتفاقية ونتائجها.
وقال إدموند أنه وبعد قمع الثورة الكوردية في العراق، علم أن ملا مصطفى بارزاني قد زار الولايات المتحدة، فاتصل بدينا أرمش لهذا الغرض، والذي كان قد ألف كتاباً شهيراً بعنوان رحلة الى أرض الابطال في كوردستان، وكان مراسلاً لصحيفة نيويورك تايمز وتربطه علاقة جيدة مع بارزاني، أتصل به لترتيب لقاء له مع بارزاني، لكن المحاولة لم تنجح، واتيحت له لاحقاً فرصة لقاء ملا مصطفى بارزاني.
وأوضح الدكتور إدموند خلال حديثه في البداية رفض بارزاني المقابلة، وكان يتعرض لضغوط سياسية كبيرة، حيث أن شاه ايران والقيادة الامريكية وهنري كيسنجر والرئيس نيكسون لم يسمحوا للملا مصطفى بارزاني بالتحدث للاعلام والرأي العام، موضحاً أنهم وبعد فترة منحوا بارزاني فرصة للسفر الى بعض المناطق للتعرف على تلك الاماكن.
وفي جزء آخر من حديثه، قال الدكتور إدموند غريب، انه وأخيراً اتيحت له الفرصة للقاء بارزاني، وأراد أن يسأله عن دوره في جمهورية كوردستان في مهاباد ورحتله الى الاتحاد السوفييتي، كما أكد أن بارزاني لعب دوراً بارزاً في قيام جمهورية كوردستان، ولكن فيما بعد، وبسبب دعم الولايات المتحدة وبريطانيا للسلطات الايرانية آنذاك، سقطت جمهورية كوردستان، ورفض السوفييت الدفاع عن الجمهورية ومواجهة الفرس والامريكيين والبريطانيين.
وأضاف الدكتور إدموند غريب أن بارزاني أخبره أنه في طريقهم الى الاتحاد السوفييتي، في إحدى المناطق كانوا قريبين جداً من الجيش الايراني في مكان لا يوجد فيه سوى الثلوج بينهم، لكنهم عبروه على ظهور الخيول، ووصلوا الى مياه نهر آراس.
وأشار إدموند غريب الى أن بارزاني كان لديه مشاكل مع جعفر باقيروف زعيم الشيوعيين في الاتحاد السوفييتي، وقال أنه كان يريد أن يسأل بارزاني عن مشاكلهم، لكن بارزاني لم يشرحها لهم، وأوضح أن العلاقات غير الجيدة بين باقيروف وبارزاني كان له تأثير سلبي على العلاقات بين بارزاني والاتحاد السوفييتي، خاصة وأن باقيروف كان على علاقة وثيقة بالمخابرات السوفييتية.
وقال المفكر العربي الامريكي ان بارزاني أخبره بأنه لم يستطع تحقيق ما حاول القيام به، لكنه كانت لديه آمال كبيرة بأن الشعب الكوردي سيقوم بتحقيق الامال والاهداف التي حارب من أجلها.
وحول سياسات الحكومة العراقية قال الدكتور إدموند العراق كان يريد أن تكون الدولة مركزية وتكون كافة مدن العراق تحت سيطرتها، لكن الكورد أرادوا تمثيل أنفسهم في مناطقهم لانهم لاحظوا أن الحكومة العراقية تستخدم سياسة الاقصاء ضد الكورد، مؤكداً ان بارزاني كان قد استطاع خلق تقارب بين المثقفين الكورد والقادة الكلاسيكيين والقبليين والدينيين الذين استطاعوا تأسيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني لهذا الغرض، وكان هذا انجازا كبيرا لبارزاني.
واشار الدكتور إدموند في حديثه الى أنه وبعد اتفاق 11 اذار - مارس 1970، كان هناك نوع من عدم الثقة بين القيادة التحررية الكوردية والحكومة العراقية، حيث حاولت الحكومة العراقية اغتيال الملا مصطفى بارزاني، وأشرف رئيس المخابرات العراقية على تلك المحاولة ولكنها باءت بالفشل، وأثر ذلك بشكل كبير على وجهة نظر الكورد في معاملة الحكومة العراقية للكورد وزعيمهم.
وقال إدموند من الواضح أنه من أراد إقامة دولة كوردية في العراق، قد واجه ردود فعل قوية من الحكومة المركزية العراقية، ولولا تأثير وضغوط تركيا وايران، ربما كان للكورد في العراق الآن دولتهم
وأضاف إدموند ان الملا مصطفى بارزاني كان يعتقد أن الولايات المتحدة الامريكية والدول الغربية سيدعمونه، ولكن بعد اتفاقية الجزائر أدرك بارزاني أن الولايات المتحدة ليست مستعدة للتدخل، وأكد الدكتور إدموند أن الحركة الكوردية الان وسابقاً متأثرة بمصالح الدول القوية في المنطقة، وهو ما حدث في سنوات 1974 و 1975 في العراق.
وتابع إدموند قائلاً ان بارزاني قال لي، لولا الوعود الامريكية لنا، لما وقعنا في الفخ، موضحاً ان الولايات المتحدة وإدارة البيت الابيض كان لهما هدفان آخران، الاول كان لامريكا رؤية للقيادة العراقية رأت فيها عدواً لاسرائيل أرادت إضعافها، أما الثانية كانت الولايات المتحدة بحاجة الى إضعاف العراق لتقوية نفسها، واعتقد أن الولايات المتحدة كان تقطع وعوداً للكورد من هذين البعدين.
وفي جزء آخر من اللقاء قال الدكتور إدموند غريب ان قادة الولايات المتحدة وايران وقادة آخرون كانوا يريدون إخضاع العراق فقط، ولم يكن هدفهم انتصار الكورد، مضيفاً أنه التقى بطارق عزيز الذي أخبره ان بعض الدول العربية ساعدت الكورد ضد العراق، وأن هناك بعض القادة والشخصيات العربية دعموا القضية الكوردية مثل الرئيس الليبي معمر القذافي وكذلك جمال عبدالناصر، وكان لهم دوراً بارزاً ورئيسياً في عودة بارزاني من الاتحاد السوفييتي.
وفي نهاية هذا الجزء من اللقاء من برنامج ما فوق الخلافات، لهسهرووی ناكۆكییهكانهوه قال المفكر الامريكي العربي الدكتور إدموند غريب هذه هي زيارتي الاولى لكوردستان منذ سبعينيات القرن الماضي، وقد شهدت كوردستان تغييرات كبيرة في البناء والاعمار، وأن هناك الالاف من اللبنانيين والسوريين وأعراق أخرى يعملون في كوردستان، وهذا يعني المزيد من العمل والتعاون والتعايش بين المكونات في كوردستان.[1]