نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم (38) – أسلاف الكورد: الميديون.. ميديا بعد سقوط إمبراطوريتها (6)
د. مهدي كاكه يي
أصبحت كوردستان تؤلف جزء من الأمبراطوريات التي تعاقبت بعد إحتلال بابل من قِبل الأسكندر المكدوني. قام الملك السلوقي أنطيوخيوس السابع (حكم من 138 ق.م - 129 ق.م) بآخر حملة كبيرة له على ميديا، إلا أنه تمّ إندحار قواته وكانت بمثابة كارثة كبيرة للإغريق في الشرق وللوجود الهيليني في بلاد ما بين النهرَين1.
في سنة 36 قبل الميلاد دخلت كوردستان في حكم القائد الروماني (مارك أنتوني) الذي كان في صراع مستمر مع الأشكانيين، والذي إنتهى بإندحار الجيش الروماني وإغتنام الأشكانيين لكثير من الأموال والعتاد والذخيرة الرومانية. كانت ( ميديا الأتروپاتية) في هذا الوقت مستقلة تماماً.
بعد فترة من الزمن هاجم الملك الأشكاني بِجيش كبير على ( ميديا الآتروپاتية) فقضى عليها بعد معارك دامية وتمّ أسر ملكها وإستولى أيضاً على أرمينيا، حيث أنه نصّب أحد أقاربه ملكاً عليها2. في سنة 1 قبل الميلاد عقدت الحكومة الأشكانية معاهدة مع حكومة روما تنازلت بموجبها عن مقاطعتَي أرمينيا و كوردستان لِحكومة روما.
في بداية القرن الأول الميلادي، نتيجة خلافات داخلية، تم قتل عدد من ملوك الأشكانيين. لهذا السبب طلب الأشكانيون من الروم أن يُعيّنوا أحد إخوة الملِك السابق ملِكاً للدولة الأشكانية، إلا أنه بعد تعيين هذا الملِك بفترة، تندّم الأشكانيون على إختيار ذلك الملك الرومي، حيث كان هذا الملِك يجهل تماماً العادات والتقاليد التي كانت سائدة في بلادهم وكان هذا الملِك غير مؤهّل لِحُكم الأشكانيين، حيث كان متغطرساً ويتعامل مع الناس بإستعلاء. لذلك في سنة 16 الميلادية، قدِم الملِك الميدي (آرتابانوس Artabanus) مع جيش ميدي الى العاصمة الأشكانية، ففرّ الملِك الأشكاني (ڤونونيس Vonones) وطلب الأشكانيون من (آرتابانوس) أن يصبح ملِكاً عليهم.
السُلالة الميدية الحاكمة (سُلالة آترپات) حكمت مملكة ميديا لقرون عديدة كمملكة مستقلة أو تابعة للسلوقيين ومن ثم للأرخميديين الذين إرتبطوا معهم بصلة القرابة عن طريق الزواجa. السلالة الميدية أصبحت العائلة الأرخميدية الحاكمة الجديدة من خلال زواج وريثة العائلة الأرخميدية من وريث العائلة الآتروپاتية. اليونانيون أطلقوا إسم (آتروپاتيني الميدية) أو (آتروپاتيني)، على الجزء الذي كان يحكمه (آترپات) من ميديا، بينما أطلق الأرخميديون عليه إسم (آتيورپاتاكان) وأطلق الساسانيون الذين حكموا بعد الأرخميديين نفس الإسم على ميديا آتروپات. هذا الإسم أصبح فيما بعد (أذربايجان).
آخر ذكر للحُكم الميدي في المصادر التاريخية، تمّ في نهاية القرن الثالث الميلادي، حيث أنه مذكور في سجل أعمال الملك (أردشير پاپەگان) المكتوب باللغة الپهلوية في القرن السادس الميلادي. في السجل يتم الحديث عن أول حرب قام بها (أردشير پاپەگان) في القرن الثالث الميلادي التي حصلت ضد ملِك ميدي، حيث يقول: بعد أن قام الملك الساساني (أردشير) بقتل الملك الأشكاني (أردوان الخامس)، قام بِجمع جيش كبير في منطقة (زابول) وذهب لمقاتلة الملك الميدي الكوردي3. في البداية هُزم جيش الملك أردشير أمام جيش ملِك ميديا، إلا أنه بعد هذه الهزيمة، قام أردشير بتنظيم جيش أكبر وأقوى والذي به هاجم الميديين وإستطاع أسر الملك الميدي وأفراد عائلتهb.
على الأرجح أن إسم مدينة (المدائن) متأتي من الإسم ماديان و الذي يعني باللغة الكوردية ماديون أو ميديون الذين هم أسلاف الكورد، حيث تم تحويره من قِبل العرب الى المدائن و أطلق الفرس عليها إسم تيسفون.
المصادر
1. (زينفون (1978). ساثيو بيدي لاسبيلاس. باريس، فرنسا، صفحة 241.
2. دياكونوف (1998). ميديا. ترجمة وهيبة شوكت، دمشق، الناشر محمود أيوب، صفحة 173.
3. توفيق وهبي بك (2006). الآثار الكاملة. إعداد: رفيق صالح، سليمانية، كوردستان، صفحة 17.
المراجع
a. Schippmann, K. (1989), Azerbaijan III: Pre-Islamic History, Encyclopaedia Iranica 3.1, London: Routledge & Kegan Paul.
b. Farrokh, Kaveh (2007). Shadows in the Desert: Ancient Persiaat War. Osprey Publishing, USA.
[1]