جيار حكيم
الحيوانات التي تقبع على قمة هرم السلسلة الغذائية لها دور مهم في تحديد أعداد الأحياء الأخرى في منطقتها، فمثلاً تحدد النمور عدد الحيوانات التي تقتات على العشب كالغزلان والماعز الجبلي ويمنع ازديادها لتتجاوز الحد.
كما أنه ينافس آكلات اللحم الأخرى كالذئاب وبنات آوى والثعالب وغيرها ويحول دون ازدياد أعدادها بلا حدود، وهذا يهيء بيئة صحية للمنطقة.
في إقليم كوردستان، في (سَرتَكي بَمو) شاهد الأهالي النمر عدة مرات، والنمر الذي يعيش هناك هو من صنف الفهد الفارسي أو نمر زاغروس والذي يصنف عالمياً ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض.
أفراد عائلة ترعى الغنم كانت في المكان الذي يسمى (نهالازرد) وصوروا النمر ولم يقتربوا منه كثيراً، وعندما رأته الكلاب خافت وولت هاربة.
الحيوانات البرية التي يتم رصدها في المنطقة، تأتي الخنازير بالدرجة الأولى، ومن ثم بنات آوى تأتي في المرتبة الثانية، وهكذا تباعاً، بينما توجد النمور والضباع بصورة أقل.
الفهد الفارسي أو نمر زاغروس، يقبع على قمة الهرم الغذائي في (سرتكي بَمو)، وهو حاكم المنطقة، يبلغ طوله 160 سم تقريباً ووزنه 60 كغم.
هذا النمر يصنف منذ العام 2016 ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض، واصطياده هو السبب الرئيس في تناقص أعداده.
سجلت الكاميرات أكثر من سبعة نمور في (سرتكي بمو) بمحافظة السليمانية.
تعيش هذه النمور بعيداً عن البشر والعمران، وتقضي نهارها في مخابئها لتخرج منها ليلاً وتقطع عدة كيلومترات بحثاً عن فرائس تكون في الغالب من الماعز البري والغزلان والخنازير.
بهذه الطريقة تحدد النمور عدد الحيوانات التي تقتات على العشب، وانقراض النمور سيتسبب في زيادة آكلات العشب بصورة ستؤثر على نسب المساحات الخضراء في مناطقها.
لحماية التنوع وسلسلة الطعام أهميتها الخاصة عند الطيور أيضاً، فمثلاً تلتهم عائلة من الغربان نحو 40 ألف دودة في الموسم الواحد، وبذلك تعمل كمبيد طبيعي للحشرات في الأراضي الزراعية، ما يعني أن الغربان والطيور الأخرى تقضي على نسبة عالية من الديدان والحشرات وتمثل بديلاً عن المبيدات الحشرية التي تلحق ضرراً كبيراً بصحة الإنسان.
في أواسط القرن الماضي قررت جمهورية الصين تنمية اقتصادها على نطاق واسع ورفع مستوى إنتاج الحبوب إلى أعلى المستويات، وكانت لديها خطة طويلة المدى وكانت الخطة ماضية باتجاه النجاح تدريجياً، إلى أن اتخذت في العام 1959 قراراً قاتلاً، يقضي بالقضاء على كل العصافير في البلد، لأنها اعتقدت أن كل عصفور يستهلك كيلوغرامين من الحبوب سنوياً، فرأت أنها إذا قضت على العصافير سيزيد إنتاجها وستبلغ هدفها في وقت أقصر.
لكن الذي جرى أنه في العام 1960 اجتاحت البلد أعداد هائلة من الجراد، فهاجم الجراد كل الحقول الزراعية وتراجع الإنتاج الزراعي بشكل كلي، ما تسبب في وفاة ملايين من الصينيين بسبب المجاعة، فاضطرت الصين بعد ذلك إلى استيراد نحو 250 ألف عصفور من الاتحاد السوفييتي لرأب الصدع الذي حصل في السلسلة الغذائية.
في أواخر الثمانينيات، عملت أميركا والدول المهتمة بالبيئة كثيراً على التنوع الأحيائي، لاحظوا أن نوعاً من النسور يعيش على قمم الجبال تتراجع أعداده كثيراً، وبعد دراسة دقيقة تبين أن ذلك هو نتيجة حالة تلوث تجري على مسافة كيلومترات كثيرة في أحد السهول البعيدة، لقيام قسم من المزارعين باستخدام مادة DDT لمكافحة الحشرات والآفات الزراعية، وانتقلت هذه المادة مسافة كيلومترات كثيرة لتصل إلى جسم نسر فوق قمة الجبل.
بتلك الطريقة حملتها السيول إلى الأنهار ومنها إلى الأسماك، وكان النسر يقتات على هذه الأسماك فتناول أسماكاً مسمومة، فدخل السم جسده وعمل على سد القناة التي تنتج الكالسيوم لتغليف بيض النسر فكان يبيض بيوضاً بلا قشور لا تفقس لتنتج الأفراخ.
النباتات تمثل قاعدة الهرم الغذائي فهي تمتص الطاقة من الشمل ومن خلال عملية التركيب الضوئي وتقوم بإنتاج المواد العضوية التي تستفيد منها الكائنات الأخرى وتحولها إلى طاقة، لكن هذا لا يعني أن النباتات في غنى عن الكائنات الحية الأخرى، فمثلاً، سنجاب على شجرة البلوط يتناول بعض البلوط ويخزن البعض لوقت لاحق ثم ينسى أين خبأ البلوط، ثم بعد فترة ينبت هذا البلوط ليصبح شجرة بلوط جديدة يساهم في بناء بيئة جيدة وطبيعة جميلة لنا.[1]