بمناسبة يوم الشهيد الفيلي: الشهيد في القرآن الكريم والروايات (ح 4)
الدكتور فاضل حسن شريف
جاء في شبكة المعارف الاسلامية الثقافية عن الشهيد في الإسلام: سادساً: مسؤولية الشهيد في القرآن والروايات: العمليّة التي تؤدّي إلى الشهادة أي إلى الموت الواعي على طريق الهدف المقدس، قد اتّخذت في الإطار الإسلامي شكل مبدأ هو الجهاد. ولو أردنا أن نوضح هذا المبدأ، فثمة أسئلة متعددة تطرح نفسها على بساط البحث منها: هل أنّ ماهية هذا المبدأ دفاعيّة أو هجوميّة؟ وإنْ كانت دفاعيّة، فهل ينحصر في إطار الدّفاع عن الحقوق الشّخصية والقوميّة، أم يتَّسِعُ نطاقه ليشمل الحقوق الإنسانيَّة، كالحرية والعدالة؟ وهل التوحيد جزء من الحقوق البشرية والإنسانية أم لا؟ وهل مبدأ الجهاد يتنافى أساساً مع حقّ الحرية أم لا؟ الإجابةُ عن هذه الأسئلة تتطلَّبُ الخوض في بحوثٍ وتفصيلاتٍ شيِّقَةٍ مفيدةٍ لا مجال لها في حديثنا هذا.. فنكتفي بالقول: إنّ الإسلام ليس بالدين الذي يدعو الفرد إلى إدارة خدّه الأيسر إنْ صُفع على خده الأيمن، وليس بالدين الذي يقول: ما لله لله، وما لقيصر لقيصر. وليس الإسلام بدين يفتقد الهدف ويعدم خط الدفاع والدعوة. آيات عديدة في القرآن الكريم تذكر ثلاثة مصطلحات مقرونة مع بعضها بعضاً الإيمان والهجرة والشهادة. إنسان القرآن موجود مرتبط بالإيمان ومتحرّر من كلّ شيء آخر، وهو الموجود الذي يهاجر لينقذ إيمانه، ويجاهد لإنقاذ إيمان المجتمع، أو بعبارة أخرى، لإنقاذ المجتمع من براثن الكفر والشرك. يطول بنا الحديث لو استعرضنا الآيات والروايات الواردة في هذه الحقل. لذلك نكتفي بإلقاء الضوء على جمل معدودات من إحدى خطب أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُوَ لِبَاسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْداد وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ وَسِيمَ الْخَسْفَ وَمُنِعَ النَّصَفَ). فالجهاد، باب من أبواب الجنّة، فتحه الله لخاصّة أوليائه. نعم لخاصّة أوليائه، وهي كلمة لها مدلولها العميق. بابُ الجهاد غير مفتوح بوجه الجميع، لأنّ وسام المجاهد لا يتقلّده إلّا من كان لائقاً لذلك، وأولياء الله غير لائقين بأجمعهم لتقلّد هذا الوسام، بل خاصّة أولياء الله. ورد في القرآن الكريم: إنّ للجنّة ثمانية أبواب. فلم هذه الأبواب الثمانية؟ أللتخفيف من شدّة الازدحام؟ غير معقول لأنّ العالم الآخر ليس بعالم تزاحم. والله قادر على أن يدخل جميع عباده الجنة دونما تأخير أو انتظار كقدرته على محاسبتهم السريعة “وَاللّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ” (البقرة 202). هل الهدف من تعدّد الأبواب تقسيم الناس إلى طبقات بحسب مكانتهم أو مشاغلهم الدنيوية؟ كلا هذا غير ممكن أيضاً، فليس ثمة معيار سوى التقوى. تعدّد الأبواب ليس له مفهوم سوى تعدّد الدرجات، لا الطبقات. للإيمان والعمل والتقوى مراتب ودرجات، ولكلّ درجته ومنزلته في مدارج الإيمان والعمل والتقوى، بمقدار ما طوى من المراحل التكاملية لهذه المدارج في الحياة الدنيا. ولكلّ فئة طوت مرحلةً معينةً من مراحل تكاملها بابٌ تدخلُ منه الجنَّةُ في الحياة الأخرى حسب درجتها ومنزلتها، أي حسب ما طوته من أشواطٍ على طريق إيمانها وعملها وتقواها في هذه الحياة، فذاك العالم تجسُّدٌ ملكوتيٌّ لهذا العالم. الباب الذي يدخل منه المجاهدون إذن هو الباب المفتوح لخاصّة أولياء الله، يلجون منه لينالوا فوز القرب الإلهي. والإمام يصفُ الجهادَ بعد ذلك بأنّه لباس التقوى. والتقوى تعني الطهر الحقيقي، الطهر الحقيقي من كلّ الآثام. من المعلوم أنّ جذور الآثام الروحية والخلقية هي الكبر والغرور والأنانية. ومن هنا فإنّ المجاهد الواقعي أتقى الأتقياء. فربّ متّق طهر من الحسد، وآخر من الكبر، وآخر من الحرص، وآخر من البخل. لكنّ المجاهد أطهر الطاهرين، لأنّه ضحى بكلّ وجوده، ولذلك اختص بباب من أبواب الجنّة لا يناله سائر الطاهرين.
جاء في موقع رابطة ادباء الشام عن الكورد الفيليين جرح غائر لابد إن يندمل للسيد فوزي الأتروشي: للكورد الفيليين معاناة متعددة الأوجه وجرح غائر لايكاد يندمل إلا لكي يشعل الذاكرة إتقاداً مرة تلو الأخرى. هم كانوا ومازالوا فئة منجزة ومتحملة وفاعلة في كل ميادين العمل والإبداع في العراق. وفي نفس الوقت فئة منسية ومهملة ومنتزعة عن أرضها ومن حقوقها الإنسانية عنوة و بقرار صادر من النظام البائد مع سبق الإصرار والترصد. فلأنهم كورد استهدفهم النظام واقتلعهم الدكتاتور بسادية منقطعة النظير دون إن يترك لهم الحق في حمل أي جزء من مالهم وحلالهم ومنع عنهم الجنسية العراقية ليلغي انتمائهم إلى أرض تشبعت بعرق جبينهم وبطبع أصابعهم ووقع أرجلهم و بعواطفهم الحارة حرارة بغداد والمدن الجنوبية العراقية. لذلك واجه الكوردي الفيلي جريمة مركبة مؤلفة من الترحيل والتسفير البشع إلى الحدود الإيرانية وفي المسافة إلى الحدود كان القتل والتعذيب والاهانة نصيب غالبيتهم العظمى. وفي عام 1981 أعلنت جريدة الثورة على لسان الدكتاتور إن الكورد الفيليين (اجتثوا من ارض العراق ,لكي لايدنسوا تربة العراق وهواء العراق ودم العراق). وهذه طريقة في الكلام لاتليق الابحزب البعث الذي تحول منذ بداياته إلى حزب بلا ضمير وبلا مبادئ وبلا أخلاقيات إنسانية . انه حزب لم يخرج أصلا من رحم ارض العراق ولم يستطع غير ابتكار جرائم جديدة وطرق تعذيب تنسجم مع ساديته والأدبيات والوثائق العراقية لعام 1963 وبعد عام 1968 ولغاية سقوطه تثبت أنه منسلخ عن تراث البشرية المتحضرة. طبعا كلام الدكتاتور ذهب مع الريح وسقط صنمه في ساحة الفردوس وكل الذين رقصوا للدكتاتور وغنوا وصفقوا وكتبوا له وحاولوا اختزال العراق كله في شخصه سقطوا معه في هاوية النسيان ومستنقع التاريخ. إما الإنسان العراقي الأصيل ومنهم الأكراد الفيليون والحركة الوطنية العراقية والنضال التحرري في كردستان العراق فلهم الحق في تسجيل انتصارهم التاريخي مثلما لهم الحق في إن يمنعوا حزب البعث الصدامي العنصري البغيض من تسلق سدة الحكم مرة أخرى. عاد الكردي الفيلي إلى وطنه متمسكا” بانتمائه وعاد يصب عرق الجبين من اجل عيش رغيد وحياة كريمة واسترجع أوراق جنسيته التي يعتز بها وفرحت شوارع وإحياء بغداد والمدن الأخرى إذ لامست أجسادهم التي تكد ولا تتعب وتعطي ولا تبخل وتبدع دون انقطاع. إما الدكتاتور وحزبه ومن معه الذين دنسوا ارض العراق وهوائه وتربته فقد لفظتهم حتى الذاكرة التي تأبى أن تكون مشحونة بمرارتهم وبشاعتهم وجرائمهم ,لان الإنسان العراقي غير متفرغ لتذكار من لايستحق إن يركن في الذاكرة فأذ أزف موعد رحيلهم فان موعد عودتهم محال. يوم 01-10-2011 فاضت كلمات الحب والمودة لشريحة عراقية استعادت وهجها وعلامات الصحة والعافية في العراق الجديد رغم كل الأهوال التي لحقت بها. ولكن الكل اجمع على إن الكورد الفيلين بحاجة إلى وحدة صوت ووحدة كلمة لردم أثار الماضي وجراحاته والانطلاق إلى أفاق خضراء ضمن الحركة الكردية والحركة الوطنية العراقية . إن المؤتمر العام للكرد الفيليين والمؤسسات والأحزاب مثل مؤسسة شفق الثقافية وغيرها من الفعاليات المعنية بالكورد الفيليين مطالبة بان تجسد حضورها القوي. إن قرار المحكمة الجنائية باعتبار جريمة ترحيل الكورد الفيلية جينوسايد وإبادة جماعية لابد إن يستثمر وطنيا لجهة إبداء المزيد من الرعاية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للكورد الفيليين ودوليا، لجهة مضاعفة الأدلة الدامغة على إن النظام البائد كان ينفذ مشروعه الاستراتيجي البغيض لإنهاء وجود الشعب الكردي بكل فئاته وحيثما تواجد. بقلب عامر بالحب تجاه هذه الشريحة الكردية العراقية أقول إن عذاباتكم كانت طويلة و جراحاتكم كانت عميقة ومعاناتكم كانت منقطعة النظير .فليكن عملكم ونشاطكم وتطلعاتكم ووحدتكم مضاعفة وكفيله بردم الماضي وتحسين الحاضر.
[1]