مشاهير الكرد في التاريخ الإسلامي ( الحلقة الرابعة والثلاثون ) الفيلسوف الطبيب المنجّم محمد بن الجَهْم البرمكي (كان حياً قبل سنة 218 ﮪ)
د. أحمد الخليل
ثمن العبقرية
يبدو أن للعبقرية ثمناً.
وأحياناً يكون الثمن باهظاً.
والعبقري يدفع ثمن عبقريته مرتين.
مرة حينما ينفق العمر، بكل ما يعنيه العمر من معنى، لتجسيد عبقريته.
ومرة عندما يصبح هدفاً يرميه الخصوم بسهامهم القاتلة من هنا وهناك.
وكم هو مؤلم أن يكون الخصم ممن وظّف له العبقري عمره وعبقريته!
وهذا ما جرى للبرامكة، تلك الأسرة الكردية العبقرية المنكوبة.
إذ يجمع كل من قرأ تاريخهم، وتفحّص إنجازاتهم، على أن الجماعة كانوا عباقرة بحق، عباقرة في إدارة دفة السياسة الداخلية والخارجية، وعباقرة في تحقيق الازدهار الاقتصادي، وعباقرة في تنشيط الحركة الأدبية، وعباقرة في تشجيع حركة الترجمة، ونقل العلوم الرومية واليونانية والفارسية والهندية، إلى اللغة العربية، وكان يحيى بن خالد البرمكي أول من عني بتفسير كتاب المَجِسْطي (معناه: الجليل) لإقليدس، وترجمته إلى العربية. (انظر: هولو جودت: البرامكة سلبياتهم وإيجابياتهم، ص 175).
وكان البرامكة عباقرة في استقطاب مشاهير الأطباء الهنود والسريان، وكانوا يبالغون في إكرامهم وإغداق الأموال عليهم، وهذا الطبيب السرياني جبريل بن بَخْتيشوع، كبير أطباء دار الخلافة العباسية، يقول للخليفة المأمون: : ” هذه النعمة لم أفدها منك ولا من أبيك، هذه أفدتها من يحيى بن خالد ووِلْدِه “. (انظر: هولو جودت: البرامكة سلبياتهم وإيجابياتهم، ص 181).
ماذا ينفع الندم؟!
ولأن البرامكة كانوا عباقرة كان عليهم أن يدفعوا الثمن.
وكان الثمن مخيفاً بل رهيباً بكل المعايير، وفي كل الميادين.
وكان الذي جعلهم يدفعون الثمن صديقهم – ومن بعدُ خصمهم- هارون الرشيد.
فمنهم من قطع مسرور السيّاف رأسه؛ وهو جعفر بن يحيى، ومنهم من وافته المنية وهو في السجن؛ وهما يحيى بن خالد وابنه الفضل، ومنهم من جُرّد من جميع أملاكه المنقولة وغير المنقولة، وأصبح شريداً طريداً بلا مأوى، بعد أن كانت القصور مأواه، وكان يقود الجيوش، ويدير شؤون إمبراطورية بكاملها؛ وهو محمد بن يحيى.
وقد اكتشف الرشيد بعد حين فداحة الخطأ الذي أقدم عليه، ومغبّة الظلم الذي ارتكبه، وذكر ابن خلكان وهو يورد ترجمة يحيى البرمكي في كتابه (وفيات الأعيان، 6/219 – 29) أن الجَهْشَياري قال: ” ندم الرشيد على ما كان منه في أمر البرامكة، وتحسّر على ما فرط منه في أمرهم “، وكان يقارن بين إنجازات البرامكة في الإدارة والسياسة وإخفاقات الذين نافسوهم، وألّبوه عليهم، فيتألم وينشد قول الحُطَيْئة:
أقِلّوا علينا، لا أبا لأبيكمُ
مِن اللوم، أو سُدُّوا المكان الذي سَدّوا
ولا شك أنه كان يعلم البيت التالي، وهو:
أولئك قومٌ إن بَنَوا أحسنوا البنا
وإن عاﮪدوا أَوْفَوا، أو عَقَدوا شَدّوا
ولكن ماذا ينفع الندم؟!
على أن الرشيد سرعان ما تُوفّي، وتولّى الخلافة ولده محمد الأمين، ثم ولده عبد الله المأمون، فرفعا الحيف عن البرامكة، وأبطلا القرارات المجحفة التي كانت قد صدرت بحقهم، وقد أنجبت الأسرة البرمكية بعد النكبة شخصيات بارزة في ميادين الثقافة، منهم الشاعر الأديب جحظة البرمكي، وقد مرّ ذكره في حلقة سابقة، ونقف في هذه الحلقة عند الفيلسوف المتكلم، الطبيب، المنجّم، محمد بن الجهم البرمكي.
فماذا عن سيرة الرجل؟
حياته ومكانته العلمية
لم نجد في المصادر التي توافرت لنا ترجمة وافية لمحمد بن الجهم، تُرى أهو حفيد الفضل بن يحيى أم حفيد جعفر بن يحيى، أم حفيد محمد بن يحيى، أم حفيد موسى بن يحيى؟ أم أنه ينتسب إلى فرع آخر من الأسرة البرمكية؟! واكتفى من ترجم له من القدماء بأن قالو (محمد بن الجَهْم البرمكي)، ليس غير.
ولم نجد أحداً أرّخ لولادته ووفاته كما هي العادة مع غيره من الأعلام، سوى أن عمر رضا كحّالة ذكر في كتابه (معجم المؤلفين، 9/162) أن ابن الجهم كان حياً قبل سنة (218 ﮪ)، وإذا أخذنا بالحسبان أن النكبة حلّت بالبرامكة سنة (187 ﮪ)، فهذا يعني أن ابن الجهم عاصر أحداث النكبة، وكان شاهداً عليها، ولعله كان شاباً حينذاك.
ويتفق من ترجم لمحمد بن الجهم على أنه موسوعي الثقافة، فكان يُعدّ من فلاسفة المتكلمين، كما كان عالماً بالمنطق، منقطعاً إلى دراسة كتب أرسطو في الكون والفساد والكيان وحدود المنطق، إلى جانب مهارته في علم الطب، وبراعته في علم التنجيم، وأنه كان يتميّز بالسعة في العلم، والدقة في الملاحظة، وكان يؤسس علمه على التجربة، وقد اتصل بالخليفة المأمون فأجلّه، قال القِفْطي في كتابه (أخبار العلماء بأخبار الحكماء، ص 186): ” قال أبو معشر [يقصد: الفلكي]: كان محمد بن الجهم أميناً جليل القدر، عالماً بالمنطق والتنجيم، ألف كتاباًً للمأمون في الاختيارات قريب المأخذ صحيح المعاني جداً “.
وقال ابن قتيبة في (عيون الأخبار، 2/61): ” أخبرني رجل حضر مجلس محمد بن الجهم البرمكي أنه دخل عليه رجل بكتب في حوائج له، فقرأها ووعد قضاءها، فنهض وهو يدعو له، وقال: أبقاك الله وحفظك وأتمّ نعمته عليك “. وهذا دليل على أن مكانة محمد بن الجهم كانت تؤهّله لأن يتوجّه إليه الناس لقضاء حوائجهم عند أصحب السلطان، وهذا أمر طبيعي ما دام الرجل كان من جلساء الخليفة المأمون، وألّف له كتاباً كما مر.
ونستدل على مكانة محمد بن الجهم العلمية المرموقة بأمور ثلاثة:
– الأمر الأول أن جلساءه كانوا من كبار أدباء العصر العباسي الذهبي ومفكريه، ومن أبرزهم: الجاحظ وهو أشهر من نار على عَلَم في مبادين الأدب والعلم، وأبو الهُذَيْل العَلاّف، هو من قمم الفكر حينذاك، وقطب من أقطاب المعتزلة. المعروفين في كتب التراث بأهل الكلام.
– والأمر الثاني أن ثلاثة من أشهر الكتّاب في التراث العربي الإسلامي أكثروا من ذكر محمد بن الجهم في كتبهم، وأوردوا كثيراً من مواقفه،واستشهدوا بعدد من أقواله، وأولهم الجاحظ ( ت 255 ﮪ)، وكان معاصره وجليسه، فقد ذكره في كتاب (البيان والتبيين) وفي كتاب (الحيوان). وثانيهم ابن قُتَيْبة الدِّينَوَري (ت 276 ﮪ) في كتاب (عيون الأخبار). وثالثهم ابن عبد ربّه الأندلسي (ت 328 ﮪ) في كتاب (العِقْد الفريد)، وهذا دليل على أن شهرة ابن الجهم العلمية لم تقتصر على البيئة الثقافية المشرقية، وإنما كانت قد عبرت البحر إلى البيئة الثقافية الأندلسية أيضاً.
– والأمر الثالث هو كثرة ما تناقله المؤلفون من آراء محمد بن الجهم السديدة، ونظراته العلمية القيّمة، ولا سيما في مجالات العلوم والمجتمع، فهي – والحق يقال- تنمّ عن نظر ثاقب، وملاحظة دقيقة، وعقل راجح، وفكر متميّز، وصبر على رصد الأمور، وبراعة في مقارنتها واستخلاص النتائج منها، وتلك من سمات العالِم النابه والباحث القدير.
آراء حكيمة
لمحمد بن الجهم آراء حكيمة في المجتمع، وهي تدل على أن الرجل كان يجيد الغوص في النفس البشرية، ويُحسن تحليل طبيعة العلاقات الاجتماعية، وتكمن قيمة آرائه في أنها شديدة الواقعية، غنية بإيقاعات الحياة الحقيقية، بعيدة عن التنظير الخلاّب والتجميل الخادع، وقد أورد ابن قتيبة في (عيون الأخبار، 2/4، 34) قوله:
– ” مَنْعُ الجميع أرضى للجميع “.
– “مِن شأن مَن استغنى عنك ألاّ يُقيم عليك، ومن احتاج إليك ألاّ يذهب عنك”.
وأورد له ابن قتيبة في (عيون الأخبار، 3/171) أبياتاً يقول فيها:
لَعَمْرُكَ ما الناسُ أَثْنَوْا عليكَ
ولا عظّموك ولا عظّموا
ولا شايعوك على ما بلغ
تَ من الصالحات ولا قَدَموا
ولو وجدوا لﮪمُ مَطْعَناً
إلى أن يَعِيبوك ما جَمْجَموا
ولكن صَبَرتَ لِما ألزموك
وجُدتَ بما لم يكن يَلزمُ
وكان قِراكَ إذا ما لَقُوكَ
لساناً بما سرّهمْ يُنْعِمُ
وخَفْضَ الجناح ووَشْكَ النجاح
وتصغيرَ ما عظّم المُنعِمُ
فأنت بفضلك ألجأتهمْ
إلى أن يُجِلّوا وأن يُنْعِموا
[جمجموا: أخفوا وتردّدوا]
إخلاص للعلم
ويستفاد مما رواه الجاحظ وغيره أن محمد بن الجهم كان شغفاً بالمطالعة، منصرفاً إلى طلب المعرفة، يجد السعادة في معلومة يمتلكها، ويلقى المتعة في حكمة يفوز بها، ويصف ابن الجهم من حالات المطالعين ومشاعرهم ما لا يحيط بها إلا امرؤ عاش تلك الحالات حقاً، وخَبَرها ظهراً وبطناً، قال الجاحظ في (الحيوان، 1/53):
” قال محمد بن الجهم: إذا استحسنتُ الكتاب، واستجَدْتُه، ورجوتُ منه الفائدة، ورأيت ذلك فيه، فلو تراني وأنا ساعةً بعد ساعة أنظر كم بقي من ورقه؛ مخافةَ استنفاده وانقطاعِ المادة من قلبه، وإن كان المُصحَف [الكتاب] عظيمَ الحجم كثيرَ الورق، كثيرَ العدد، فقد تمّ عيشي وكَمُل سروري “.
وإن امرأ يمتاز بكل هذا العشق للكتاب، وبكل هذه الرغبة العارمة في الاطلاع على المعارف، من الطبيعي أن يتعجّب ممن يتعامل مع الكتاب على نحو تجاري صِرف، بل إنه لا يستطيع أن يخفي ازدراءه له، قال الجاحظ في (الحيوان، 1/54):
” وقال العُتْبي ذات يوم لابن الجهم: ألا تتعجّب من فلان؟! نظر في كتب الإقليدس مع جارية سِلْمَوَيه في يوم واحد، وساعة واحدة، فقد فرغت الجارية من الكتاب وهو بعدُ لم يُحكِم مقالة واحدة، على أنه حرٌّ مخيَّر، وتلك أَمَة مقصورة. … قال محمد بن الجهم: قد كنت أظن أنه لم يفهم منه شكلاً واحداً، وأُراك تزعم أنه قد فرغ من مقالة! قال العُتْبي: وكيف ظننتَ به هذا الظن، وهو رجل ذو لسان وأدب؟! قال: لأني سمعته يقول لابنه: كم أنفقت على كتاب كذا؟ قال: أنفقت عليه كذا. قال: إنما رغّبني في العلم أني ظننت أني أنفق عليه قليلاً وأكتسب كثيراً، فأما إذ صرتُ أنفق الكثيرَ، وليس في يديّ إلا المواعيد، فإني لا أريد العلم بشيء “.
نظرات علمية
على أن مكانة محمد ابن الجهم العلمية تظهر بشكل أبهى في طريقة تحليله للأمور، وفي نظراته إليها نظرة العالم المراقب، والملاحظ الدقيق، وقد نقل عنه ابن قتيبة في (عيون الأخبار، 2/104) قوله:
” لا تتهاونوا بكثير مما تَرَون من علاج العجائز، فإن كثيراً منه وقع إليهن من قدماء الأطباء، كالذِّبّان يلقى في الإثمد [الكحل] فيُسحق معه، فيزيد ذلك في نور البصر ونفاذ النظر وتشديد مراكز الشعر في حافات الجفون. قال: وفي أمة من الأمم قوم يأكلون الذبّان فلا يرمَدون “.
وقال الجاحظ في (الحيوان، 3/320 – 322):
” وذكر محمد بن الجهم- فيما خبّرني بعض الثِّقات- أنه قال ذات يوم: هل تعرفون الحكمة التي استفدناها في الذباب؟ قالوا: لا. قال: بلى، إنها تأكل البعوض، وتَصيده وتَلقطه وتُفنيه “.
ثم يورد ابن الجهم كيف أنه اكتشف هذه الحقيقة بعد طول ملاحظة ومراقبة، وذلك حينما كان يأوي إلى غرفته لينام وقت القيلولة، فقد كان أمر الخدم بطرد الذباب من الغرفة قبل وقت قيلولته، وإغلاق بابها، وعنّفهم ذات مرة لأنهم نسوا طرد الذباب وإغلاق الباب، لكنه لاحظ أن وطأة البعوض أصبحت تلك المرة أخفّ كثيراً، ولاحظ أن البعوض ينشط كثيراً حينما تكون الغرفة خالية من الذباب.
ويفهم من خبر آخر رواه الجاحظ أن ابن الجهم كان رجل علم بحق، فهو إضافة إلى كونه رجل فلسفة ومنطق رجل خبير بالطب وصناعة العقاقير، يستقبل في بيته المهتمين بهذه الشؤون من مختلف البلدان، والعاملين في ميادينها، ويستفيد من ملاحظاتهم وتجاربهم وخبراتهم؛ قال الجاحظ (الحيوان، 4/116):
” وزعم محمد بن الجهم أن العيون التي تضيء بالليل كأنها مصابيح، هي عيون الأُسْد والنمور والسنانير والأفاعي، فبينا نحن عنده إذ دخل عليه بعض من يجلب الأفاعي من سِجِسْتان [شرقي بلاد فارس]، ويعمل التِّرياقات [الأدوية]، ويبيعها أحياء ومقتولة، فقال له: حدّثهم بالذي حدّثتني به من عين الأفعى “.
فأورد الرجل السجستاني أنه كان يصطاد الأفاعي لصناعة العقاقير، كان يقطع رؤوسها ونسي ذا يوم رأس أفعى تحت سريره، فاستيقظ ليلاً فإذا به يرى ضوءاً صادراً من أسفل السرير، فتعجّب من ذلك، وظن أن ذلك من شأن عفريت، فأشعل شمعة، ونظر فإذا به لا شيء سوى رأس الأفعى، وأطفأ الشمعة، وعاد إلى النوم، فلاحظ أن الضوء عاد إلى الظهور، فرمى رأس الأفعى بعيداً، فلم يعد الضوء يظهر في الظلام، فاستيقن أن الضوء صادر من عين الأفعى رغم أنها قد ماتت.
معايب ومطاعن!
ولم يعدَم محمد بن الجهم َن يرميه ببعض المعايب والمطاعن، فقد روى ابن قتيبة في (عيون الأخبار، 3/138) أنه كان حذراً في التعامل مع الآخرين، غير عابئ بإسداء المعروف إليهم، بل كان يذيق من يستعين به مرارة الحرمان، ونقل ابن قتيبة هذه المعايب والمطاعن على لسان ثُمامة بن أشرس، فقال:
” ذكر ثُمامة محمد بن الجهم فقال: لم يُطمِع أحداً قطّ في ماله إلا لِيَشغَله بالطمع فيه عن غيره، ولا شفعَ لصديق، ولا تكلّم في حاجة متحرِّم به، إلا ليُلقِّن المسؤول حجّة مَنْع، وليفتح على السائل بابَ حِرْمان “.
ويبدو أن ثُمامة بن أشرس – وأحسب أنه من المعتزلة- كان من الناقمين على ابن الجهم، فرماه بهذه المطاعن، وقد مر قبل قليل أن أصحاب الحاجات كانوا يقصدون ابن الجهم ليقضيها لهم عند أصحاب الجاه والسلطان، وهل كان الناس يفعلون ذلك لولا اشتهاره بأنه ممن يهتمّ بمشكلات الآخرين، ويسعى لقضاء حاجاتهم؟!
وأورد ابن عبد ربّه في كتابه (العقد الفريد، 6/177) أن محمد بن الجهم كان من مشاهير البخلاء، فقال:
” ومن رؤساء أهل البخل: محمد بن الجهم، وهو الذي قال: وَدِدتُ أن عشَرة من الفقهاء، وعشَرة من الشعراء، وعشَرة من الخطباء، وعشَرة من الأدباء، تواطؤوا [اتفقوا] على ذمّي، واستهلّوا بشتمي، حتى يُنشَر ذلك عنهم في الآفاق، حتى لا يمتد إليّ أملُ آملٍ، ولا ينبسط نحوي رجاءُ راجٍ “.
وأحسب أن محمد بن الجهم كان صاحب رؤية اقتصادية علمية، شأنه في ذلك شأن كثير من العلماء، ففسّر الناقمون عليه وجهة نظره بالبخل، وأحسب أيضاً أنه كان لا يترك للطامعين فرصة الانقضاض على أمواله، ونهشها وأخذها بغير حق، ولا أستبعد أنه ابتُلي ببعض هؤلاء الذي يركنون إلى الكسل، ويجدون أن خير وسيلة للغنى هي التحايل على الآخرين، والمكر بهم، وسرقة جهودهم، فقال ما قال من باب المفاكهة والترويح عن النفس.
المراجع
الجاحظ: الحيوان، تحقيق وشرح عبد السلام هارون، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الثانية، 1965 م.
الجهشياري: كتاب الوزراء والكتّاب، تحقيق مصطفى السقّا وإبراهيم الإبياري وعبد الحفيظ شلبي، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، الطبعة الثانية، 1980 م.
ابن خلكان: وفيات الأعيان، تحقيق الدكتور إبراهيم عباس، دار صادر، بيروت.
ابن عبد ربه الأندلسي: كتاب العقد الفريد، شرح وضبط وتصحيح أحمد أمين، أحمد الزين، إبراهيم الإبياري، منشورات دار الكتاب العربي، بيروت، 1982 م.
عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين، مكتبة المثنى، بيروت، ودار إحياء التراث العربي، بيروت، 1957 م.
ابن قتيبة الدينوري: عيون الأخبار، المؤسسة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1973 م.
القفطي: أخبار العلماء بأخبار الحكماء، دار الآثار، بيروت، 1980 م.
هولو جودت فرج: البرامكة سلبياتهم وإيجابياتهم، دار الفكر اللبناني، بيروت، 1990 م.
وإلى اللقاء في الحلقة الخامسة والثلاثين.
د. أحمد الخليل في 18-02-2007
[1]