عنوان الكتاب: الأبعاد الجيوسياسية لاحتياطات الغاز في كردستان العراق: التحديّات والآفاق
مؤسسة النشر: لمجلس الشرق األوسط للشؤون الدولية
تأريخ الأصدار: 2023
سجّلت العلاقات الاستراتيجية بين تركيا وحكومة إقليم كردستان تطوّراً لافتاً على مرّ العقدين الماضيين، تخلّلها قرار تاريخي في العام 2013 يقضي ببناء خطّ أنابيب نفط وغاز يربط مباشرةً بينهما من دون أخذ موافقة الحكومة الفدرالية في بغداد.1 وقد مهّدت هذه العلاقة إلى إقامة شراكة ذات تبعات محليّة وجيوسياسيّة بالغة الأهمية. فعلى الصعيد المحلّي، تخوض حكومة إقليم كردستان نزاعاً قانونياً مزمناً مع الحكومة الفدرالية، ما عرقل قدرتها على تطوير قطاع الطاقة الخاص بها. أمّا على الصعيد الجيوسياسي، فقد رفع العراق قضية تحكيم ضد تركيا، وفاز بها جزئياً، على خلفيّة خطّ الأنابيب الذي يتيح تصدير النفط الكردي2 على نحو مستقلّ. على أي حال، توصّلت تركيا منذ وقت طويل إلى خلاصة مفادها بأنّها لا تستطيع الاستمرار في تجاهل امتلاك كردستان لحوالي 25 تريليون قدم مكعب من احتياطات الغاز المؤكّدة، وما يصل إلى 198 تريليون قدم مكعب من الاحتياطات المحتملة.3 وكانت تركيا أيضاً قد استفادت من علاقتها الجيّدة مع حكومة إقليم كردستان لتعزيز نفوذها في العراق واستخدمت هذه العلاقة على المستوى الجيوسياسي كحاجز ردع في وجه إيران، وكوسيلة لزيادة نفوذها في ميادين أخرى، مثل الصراع في سوريا. وبالتالي، كثيرةٌ هي العوامل التي من شأنها أن تعزّز العلاقات بين الطرفين في قطاع الطاقة أو أن تعرقلها.
أُضيف في السنوات الماضية بُعدٌ جديدٌ إلى العلاقة بين أنقرة وأربيل في مجال الطاقة، تمثّل بتعزيز حكومة إقليم كردستان انفتاحها على الدول الخليجية، طامحة لاستقطاب الدعم السياسي والتمويل الخليجيين لاحتياطات الغاز ولتوسيع دائرة نفوذها داخل العراق وفي المنطقة. وقد تماشى ذلك مع طموحات أنقرة لتصبح مركزاً حيوياً للطاقة، حيث تشكّل احتياطات الغاز الكردية ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف نظراً للكمية الهائلة من الاحتياطات التي تملكها حكومة إقليم كردستان، إلى جانب استثمار تركيا في علاقاتها مع حكومة إقليم كردستان وشركائها في العراق.4 في هذا الإطار، يمكن أن تسهم الدول الخليجية في حشد الدعم الإقليمي والدولي لأربيل في ظلّ الإقبال الغربي على موارد الغاز البديلة مع استمرار الحرب في أوكرانيا.5 مع ذلك، تبرز تحديات لا يُستهان بها، من بينها الانقسامات السياسية الداخلية الكردية، ومعارضة بغداد لتصدير موارد الطاقة الكردية والمخاوف من تصعيد إيراني ضدّ حكومة إقليم كردستان ودول مجلس التعاون الخليجي.
يتناول موجز القضيّة هذا التحدّيات القائمة ويخلص إلى دعوة حكومة إقليم كردستان لالتزام رباطة الجأش فيما تطوّر بنيتها التحتية من الغاز، وهو ما يتطلب توافقاً بين أربيل وبغداد ومعالجة الانقسامات السياسية الداخلية. إلى ذلك، لا بدّ من أن تبذل تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي وإيران والدول الغربية جهداً جماعياً من أجل تأطير الصادرات الكردية من الغاز ضمن حوار إقليمي ومحادثات التهدئة. ومن شأن ذلك التخفيف من المخاوف الإيرانية وتأمين إمدادات الغاز التي تُعدّ حاجة ماسة للاستهلاك المحلّي العراقي.[1]