(تركيا) .... الى أين؟ (23) نضال كوردستاني طويل و تضحيات جسيمة و أهداف غير متحققة
د. مهدي كاكه يي
يخص موضوع هذه الحلقة كل الأقاليم الكوردستانية و الذي فيه أتناول الحقائق و الأمور التي ينبغي أن تكون دعائم الإستراتجية الكوردستانية الهادفة لتحرير كوردستان من الإحتلال و الإستيطان.
لو ننظر الى تأريخ الشعب الكوردستاني، لَنرى أنه ناضل و لا يزال يناضل من أجل تحقيق أهدافه في الحرية و تقرير المصير و أن الملايين من مواطنيه فقدوا أرواحهم خلال هذا النضال و تعرضت كوردستان للدمار و الخراب. بالرغم من نضاله الطويل و تضحياته الجسيمة و عراقته، لم ينجح هذا الشعب في كفاحه من أجل الوصول الى أهدافه و تأسيس دولته في وطنه و بذلك فأن الشعب الكوردستاني هو أكبر شعب في العالم الذي يفتقد الى كيان سياسي. إذن لابد أن هناك أسباب لفشله في تحقيق حريته و التي بحاجة ملحة الى البحوث و الدراسات للكشف عنها و من ثم وضع إستراتيجية جديدة تضمن نجاح نضاله بأقل الخسائر البشرية و المادية و بأقصر فترة زمنية ممكنة. إن هذا الموضوع المهم يحتاج الى بحوث و دراسات علمية شاملة و كبيرة و لا يمكن الإيفاء بحقه في مقالة واحدة، إلا أنني سأشير الى بعض هذه الأسباب و الحقائق في هذه السلسلة من المقالات بقدر تعلقها بالموضوع الذي نحن بصدده.
أحد أهم شروط النجاح في الحياة هو معرفة الإنسان لنفسه و لغيره. لذلك من الأهمية القصوى للشعب الكوردي أن يعرف نفسه (أصل الشعب الكوردي و تأريخه و لغته و ثقافته و شخصيته و تراثه و التركيبة الإجتماعية و الإقتصادية لمجتمعه و أهدافه و الظروف السياسية التي يعيش فيها). معرفة الشعب الكوردي لنفسه تساعد في معرفته للشعوب الأخرى. معرفة الشعوب الأخرى تعني تحديد هويات تلك الشعوب و تأريخها و الظروف السياسية و الفكرية و الإجتماعية و الإقتصادية التي تعيش فيها هذه الشعوب و كيفية فهمها لنفسها و للشعب الكوردي و أهداف هذه الشعوب و علاقاتها مع الشعب الكوردي. هكذا فأنه يجب القيام بإجراء دراسات و بحوث حول الظروف الذاتية للشعب الكوردي و عناصر القوة و الضعف فيه و ظروف الدول المحتلة لكوردستان و ظروف المنطقة و العالم و تقييم القوى و المصالح المؤثرة على المنطقة. على ضوء نتائج هذه الدراسات و البحوث يستطيع شعب كوردستان أن يحدد خططه الإستراتيجية و التكتيكية و يعرف الوسائل و الإمكانيات المتاحة أمامه لتحقيق حريته و إستقلال بلاده.
الشعب الكوردستاني يريد أن يعيش مثل الشعوب الأخرى في العالم، بحرية و أن يكون مستقلاً و أن لا يكون أقل من الأمم الأخرى في أي شئ. التنظيمات الكوردستانية لحد الآن لم تتفق على كيفية حل القضية الكوردية و ما هي الإمكانيات المتوفرة و ماذا يجب أن يُقام به و يُخطّط له و أي طريق يسلك. القيادات الكوردستانية ليست في مستوى الأحداث التي تمر بها كوردستان و منطقة الشرق الأوسط و العالم.
نقطة مهمة أخرى هي أن تحقيق الإنجازات يتم من خلال إمتلاك الثروة. الثروة هنا لا تقتصر على الأموال فقط، و إنما تشمل الثروة البشرية التي هي مكمّلة للثروة المادية، حيث وجود الإنسان الواعي و المثقف و الكوادر االعلمية و الفنية و القيادات السياسية المخلصة والمحنكة. لذلك ينبغي أن يقوم الشعب الكوردي من الآن ببناء أسس لثورة ثقافية و تكنولوجية مبنية على الثقافة القومية و يبني أهدافه القومية و يناضل من أجل اللحاق بركب التقدم و التطور. الثورة ليست حمل السلاح و إستخدامه و لا أقوال الكتب. الثورة هي تغيير لأسس العلاقات الإجتماعية للشعب من خلال إزالة قيم و ثقافة و مفاهيم متخلفة و وضع قيم و ثقافة و مفاهيم جديدة محلها. إذا أراد شعب كوردستان القيام بثورة حقيقية، عليه أن تكون الحرية محوراً لثورته.
طالما يبقى الشعب الكوردستاني ضمن الدول المحتلة لكوردستان، فأنه يكون غير قادر على تغيير العلاقات الإقتصادية و الإجتماعية بنفسه بشكل مستقل، حيث أنه مسلوب الإرادة في القيام بإتخاذ القرارات و الإجراءات السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و التربوية و الثقافية لوضع خطط لهذه التغييرات. إن حكومات الدول المحتلة لكوردستان هي التي تقوم بهذه المهمة و التي تشمل كوردستان و الدول المحتلة لها معاً، دون أن يتضمن برنامجاً مستقلاً لكوردستان لوحدها كما أن تلك الخطط التي يضعها محتلو كوردستان تكون لصهر الشعب الكوردي و إفقاره و تجهيله بدلاً من العمل على ترقيته و تطويره.
لاشك أنّ أهم سبب لإفتقار الكورد لكيان سياسي هو التخلف الذي يعاني منه الشعب الكوردستاني في مختلف الجوانب، من إجتماعية و ثقافية و فكرية و سياسية و إقتصادية و علمية. هذا التخلف له أسبابه الموضوعية من جيوسياسية و تضاريسية و تعرض بلادهم للإحتلال و من قِبل مجتمعات متخلفة و غيرها من العوامل. العامل الأهم لتحرير كوردستان و توحيدها هو النجاح في بناء الإنسان الكوردستاني بتطويره في مختلف نواحي الحياة. الظروف الحالية مؤاتية للشعب الكوردستاني لإختصار الزمن ليتطور و يتقدم و يتحضر، حيث تعيش البشرية الأن في عصر العولمة و ثورة المعلومات و الإتصالات.
الشعوب المحتلة لكوردستان هي عبارة عن مجتمعات متخلفة إجتماعياً و فكرياً و ثقافياً و إقتصادياً و سياسياّ و متربية على الفكر العنصري. هذه الشعوب التي عاشت منذ تكوين كياناتها السياسية، بل قبل ذلك بكثير، في ظل حكومات شمولية عنفية و طغت على حياتها الحروب و القتل و الإرهاب و الرعب و الإضطهاد و الفقر و الجهل و المرض و التناحر الطائفي و القومي لمكوناتها، لا تستطيع أن تصبح شعوباً متجانسة منسجمة مع الشعب الكوردي ومع مكوناتها الدينية و المذهبية و الإثنية. إن تحقيق مستلزمات و شروط العيش المشترك بين مكونات هذه الشعوب يحتاج الى فترة زمنية طويلة، تمتد لأجيال عديدة، لذلك فأنّ من مصلحة مكوناتها الأساسية أن تُتاح لها فرصة لتقرير مصيرها بنفسها في إستفتاءات تُشرف عليها منظمة الأمم المتحدة لتختار مصيرها بنفسها. بعد أن تتطور هذه المجتمعات و تنضج في المستقبل، فأنّ مصالحها الإقتصادية و السياسية و الأمنية قد تقتضي الإتحاد فيما بينها من جديد، بل يمكن أن يظهر حينذاك إتحاد شرق أوسطي في المنطقة على غرار الإتحاد الأوروبي، و إلا فأن الإصرار على إحتلال كوردستان، سيعمل على إستمرار نزيف الدم للشعوب المحتلة لكوردستان وللشعب الكوردستاني و إزهاق المزيد من الأرواح و إستنزاف المزيد من ثرواتها. الإلحاق القسري و فرض العيش المشترك بالقوة مصيرهما هو الفشل و لا يمكن أن يستمرا. لنأخذ الدروس و العبر من الشعوب الأخرى، مثل الشعب الهندي و الباكستاني و البنغالي و الشعبين الإسباني و البرتغالي و من تجاربنا الذاتية الملطخة بدماء ملايين الضحايا الذين فقدوا حياتهم في حروب و معارك و خلافات مذهبية و قومية. من هنا ندرك بأنّ العيش المشترك لمجاميع سكانية، تتألف من مجاميع قومية و مذهبية و ثقافية متباينة، كما هو الحال بالنسبة الى إحتلال كوردستان و إجبار شعب كوردستان بالإنتماء الى الشعوب المحتلة لكوردستان و العيش المشترك مع تلك الشعوب، يعتمد على النضج الفكري و الثقافي و الإجتماعي و السياسي لمكوناتها و إشتراكها في الأهداف و تلاقيها في المصالح.
إذا فكرنا بالتخلف الثقافي و الفكري و الإقتصادي و الإجتماعي و الحضاري للشعوب المحتلة لكوردستان، نستدرك إستحالة العيش المشترك بين مكونات هذه الشعوب في إطار نظام سياسي واحد أو نظام سياسي مركزي، حيث لا يمكن العيش المشترك بين مجتمعات متخلفة مثل مجتمعات الدول المحتلة لكوردستان التي لا يزال النظام القبلي و الإقطاعي أو شبه الإقطاعي سائداً فيها و يحكمها ولا يزال الدين و المذهب يلعبان الدور الرئيس في حياة هذه الشعوب، بما فيها الحياة السياسية و سن التشريعات و القوانين. نحن نعيش في القرن الحادي و العشرين، قرن ثورة المعلومات و الإتصالات، بينما الأعراف و التقاليد العشائرية لا تزال سائدة في هذه المجتمعات بشكل عام بالإضافة الى التعصب القومي و الديني و المذهبي الذي يتحكم بالعلاقات بين مختلف المكونات العرقية و الدينية و المذهبية لهذه المجتمعات. لذلك يجب أن نفهم بأنه لا يمكن أن يسود التآلف و التعاون بين مكونات مجتمعات متخلفة التي لها هويات و أهداف و مصالح و ثقافات مختلفة و التي أُكرهت على العيش المشترك ضمن حدود كيانات سياسية مصطنعة.
لنترك المجتمعات المتخلفة و ننظر الى المجتمعات المتحضرة الهجينة عرقياً أو مذهبياً، لنرى المشاكل المستمرة التي تعاني منها هذه المجتمعات نتيجة التعدد القومي أو المذهبي فيها. نرى دولاً متقدمة و متحضرة تعاني من المشكلة القومية، على سبيل المثال، يطالب كل من الشعب الباسكي و الكتلاني بالإستقلال عن إسبانيا. في بلجيكا، الخلاف مستمر بشكل متواصل بين سكان القوميتين الرئيسيتين الناطقتين بالهولندية و الفرنسية اللتين تعيشان في إقليمَي فلاندرز و والونيا. إفتقار القوميتين للإنسجام و التفاهم على العيش المشترك، يجعل الظروف السياسية في بلجيكا أن تكون غير مستقرة بإستمرار. حزب التحالف الفلمنكي الجديد (N-VA) للسكان الناطقين بالهولندية، الذي هدفه إستقلال فلاندر عن بلجيكا، حصل في الإنتخابات البرلمانية التي أُجريت مؤخراُ في بلجيكا على حوالي 20 بالمائة من أصوات المقترعين (30 مقعد من مجموع 150 مقعد في مجلس العموم البلجيكي) و بذلك يصبح أكبر حزب في البلاد و سيتم تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، مما ستجعل البلد أن تتجه نحو التقسيم. يتكهن بعض المؤرخين و المحللين السياسيين بأن بلجيكا ستنشأ منها دولتان مستقلتان خلال 10 الى 15 سنة القادمة. في بريطانيا، هناك أحزاب أسكتلندية و إيرلندية شمالية و ويلزية تناضل من أجل إستقلال كل من أسكتلندة و إيرلنده الشمالية و ويلز على التوالي. في الوقت الحاضر يقود الحزب القومي الأسكتلندي، الذي يرفع شعار إستقلال أسكتلنده، الحكومة الأسكتلندية. في كندا، هناك حركة مستمرة في إقليم كيوبك، الذي سكانه من الناطقين باللغة الفرنسية، تطالب بالإستقلال. في هذه البلدان الديمقراطية المتحضرة توجد أحزاب و حركات تعمل من أجل إستقلال أقاليمهم عن تلك الدول بسبب الإختلاف القومي، بالرغم من الحقوق التي تتمتع بها تلك الشعوب الطامحة في الإستقلال، فكيف يكون الأمر بالنسبة للشعب الكوردي في الدول المحتلة لبلاده الذي تعرض و يتعرض للإبادة الجماعية و الإلغاء و التعريب و التتريك و التفريس. لذلك يجب أن يستوعب شعب كوردستان و خاصة أحزابه و قياداته بأن القبول بإحتلال كوردستان و الإعتقاد بإمكانية العيش المشترك لشعب كوردستان مع الشعوب المحتلة لكوردستان ضمن الكيانات السياسية القومية لتلك الشعوب المحتلة، هو إعتقاد خاطئ مبني على الوهم و الهذيان و بعيد جداً عن الواقع و أنهم في حالة إصرارهم في المضي في هذه السياسة، فأنهم يقومون بالعمل على إستمرارية العبودية التي يعيشها شعب كوردستان و سيلعنهم التأريخ و يطيح بهم الشعب الكوردستاني و يستلم زمام قراره بنفسه.
رغم أن اللغة و الشعور القومي و التأريخ و المصالح و المصير و الجغرافية تجمع الكورد، فأنهم عاجزون عن توحيد صفوفهم و كلمتهم و القيام بنضال مشترك لتحرير أنفسهم من العبودية و التبعية و تحرير بلادهم من الإحتلال و الإستعمار و الإستيطان، حيث يناضل سكان كل إقليم بمعزل عن الأقاليم الأخرى، بل في بعض الأحيان يقاتلون بعضهم البعض و يكونون أداة لخدمة محتلي كوردستان، بالإضافة الى الإقتتال الداخلي بين الكورد أنفسهم ضمن نفس الإقليم لأسباب شخصية و حزبية. من جانب آخر نرى أن محتلي كوردستان لا يرون أن كوردستان هي وطن الكورد، و إنما يعتبرونها جزءً من بلدانهم و لهذا السبب يعتبرون الحركات التحررية الكوردستانية عبارة عن حركات إنفصالية، بينما في الواقع هي حركات تهدف الى تحرير كوردستان من الإحتلال. كما أنّ محتلي كوردستان، رغم تناقضاتهم و منافساتهم على النفوذ و الثروة في المنطقة و رغم إختلافهم العرقي و المذهبي و العداء التأريخي الذي بينهم، فأنهم يتحالفون فيما بينهم ضد الشعب الكوردستاني.
الأحزاب الكوردستانية ليست أحزاباً كوردستانية حقيقية و في نفس الوقت أنها ليست أحزاباً لشعوب الدول المحتلة لكوردستان. في الحالة الأولى تجد تلك الأحزاب بأن كوردستان محتلة و يجب العمل من أجل تحريرها من الإحتلال. أما في الحالة الثانية، ينتمي الى تلك الأحزاب أشخاص كوردستانيون و كذلك مواطنو الشعب الذي يحتل ذلك الجزء من كوردستان، إلا أننا نرى بأن هذه الأحزاب تقتصر تنظيماتها على المواطنين الكورد في كوردستان و كذلك الكورد الذين يعيشون في الدول المحتلة لكوردستان، دون العمل على كسب هذه الأحزاب لأعضاء من القوميات المحتلة لكوردستان رغم إعتبارها لشعب كوردستان جزءً من الشعوب المحتلة لكوردستان. في حالة تأسيس أحزاب كوردستانية، ينبغي أن تشمل جميع الأقاليم الكوردستانية المحتلة. قد ينبري مَن يعترض على هذه الفكرة بدعوى صعوبة العمل الجيوسياسي للمنطقة الذي لا يسمح بذلك. صحيح أن العامل الجيوسياسي يلعب دوراً مهماً في ذلك، إلا أن الظروف تحدد هذا العامل و أن الإنسان هو الذي يخلق الظروف و بذلك فهو قادر على تغيير هذه الظروع. على سبيل المثال، العوامل الجيوسياسية لمنطقة الشرق الأوسط و العالم لم تكن مع تكوين دولة تركية بعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية، إلا أن ظهور كمال أتاتورك و حركته المسلحة أجبر الغرب على القبول بتأسيس الدولة التركية الحالية المصطنعة.
غالبية الأحزاب الكوردستانية الموجودة حالياً في الساحة الكوردستانية تعتبر نفسها ممثّلة لجزء من المواطنين في الدولة المحتلة لكوردستان، لذلك تضطر هذه الأحزاب الى إعتبار القضية الكوردية جزءً من الشئون الداخلية لتلك الدولة التي تحتل ذلك الجزء من كوردستان. هذا يعني بأن حل القضية الكوردية هو بيد هذه الدولة المحتلة. إنّ رفع شعارات تتغير بتغيير الظروف تُربك النضال الكوردستاني و تجعل من الكفاح الكوردستاني شأناً داخلياً للدول المحتلة لكوردستان، حيث أن رفع شعار الحكم الذاتي أو الفيدرالية لا يُغيّر من مواقف الدول المحتلة لكوردستان من القضية الكوردية و أن محتلي كوردستان يحاربون هذه المطالب بنفس القوة التي يحاربون بها مطلب إستقلال كوردستان لأن الحكم الذاتي أو الفيدرالية هي خطوة نحو الإستقلال إن عاجلاً أو آجلاً. لذلك يجب على الكوردستانيين رفع شعار الإستقلال و التحرر و جعله هدفاً لنضالهم لإخراج القضية الكوردستانية من قضايا داخلية للدول المحتلة لكوردستان الى قضية شعب، وطنه محتل و مجزّء، يناضل من أجل تحرير وطنه من الإحتلال و بذلك تصبح قضية دولية يجب أن يتم حلها من قِبل الأمم المتحدة.
تأثر المثقفين و المتعلمين الكورد و تربيتهم على الفكر الشمولي و العسكري و الدكتاتوري لمحتلي كوردستان و على الإيديولوجية غير الإنسانية و خاصة في القرن العشرين, خلقت لهم صفات شخصية سلبية، مثل عدم الثقة بالنفس و الإعتماد على الأجانب و خاصةً محتلي كوردستان و إشعال الحروب بين الكورد أنفسهم من أجل السلطة و الثروة و الإصابة بجنون الأسلوب الإستاليني في الحزب القائد و الحزب الأوحد و القائد الأوحد و عدم التفريق بين الأكاذيب و خداع النفس و بين الدبلوماسية و الشعور بالنقص أمام الأجانب و الغطرسة أمام شعبهم و عدم الإعتراف بالخطأ و إلقاء مسئوليات الفشل و الهزائم على الجهات الأجنبية و رفع شعار الإخوة الكاذبة بين الكورد من جهة و العرب و الأتراك و الفرس من جهة أخرى. لذلك فأن القيادات الكوردية تفتقد الى الإستراتيجية و التكتيك، حيث أنها لا تعرف ماذا تريد و لا تعرف أهدافها القريبة و البعيدة.
إن إحتلال كوردستان و حُكم الكورد من قِبل الحكومات المحتلة لوطنهم لفترة طويلة، جعلا شخصية الكثير من السياسيين و المثقفين الكورد تتصف بالشعور بالنقص أمام الشعوب المحتلة لكوردستان و التبعية لهذه الشعوب و الإفتقار الى الثقة بالنفس . من الأمثلة على نتائج تأثير هذه الشخصية المهزوزة و المخنوعة، على تحقيق حرية شعب كوردستان، هي السعي الحثيث لحكومة إقليم جنوب كوردستان للتخلي عن مقومات إستقلالية الكوردستانيين في هذا الإقليم و جعل مصير الشعب الكوردستاني تحت رحمة الحكومة في بغداد، حيث تسعى حكومة الإقليم بوضع قوات البيشمركة تحت أمرة وزارة الدفاع العراقية و دفع هذه الوزارة رواتب البيشمَركة و إشراف البنك المركزي العراقي على البنوك في كوردستان و الإعتماد على صدقات حكومة بغداد في إدارة الإقليم و غيرها من الأمور التي تُفقد إستقلالية القرار الكوردستاني و عندما تقف حكومة بغداد على قدمَيها في المدى المنظور، سيتم إلغاء النظام الفيدرالي في العراق و ستخضع كوردستان للحكم العراقي المباشر كما كان الحال في السابق.
هنا أشير أيضاً الى مسألة إختيار الكفاح المسلح على الساحة الكوردستانية الذي يكاد يكون الأسلوب الوحيد الذي إتبعته و لا زالت تتبعه الحركات و الثورات الكوردستانية خلال نضالها الدامي الطويل. الإنتكاسات و الهزائم التي مُنيت بها هذه الحركات و التي نتجت عنها المجازر و المآسي التي تعرض لها الشعب الكوردستاني هي خير دليل على فشل الكفاح المسلح الكوردستاني في تحقيق أهداف شعب كوردستان في الحرية. لا أطيل الحديث عن هذا الموضوع، حيث سأخصص مقالة كاملة في هذه السلسلة من المقالات له.
mahdi_kakei@hotmail.com
[1]