ترسيخ إحتلال كوردستان من قِبل الأحزاب الكوردية المحلية
د. مهدي كاكه يي
إن رفع شعار اللامركزية أو الحكم الذاتي أو الفيدرالية أو الإدارة الذاتية هو قبول صريح وواضح بإحتلال كوردستان وتجزئته وهذا القبول هو خيانة عظمى بِحق شعب كوردستان. هنا لا يتم الإنطلاق من فكر شمولي إرهابي للمطالبة بإنزال العِقاب بِحق القيادات التي ترتكب الخيانة العظمى بِحق شعب كوردستان من خلال إعترافها بأن كوردستان هي أجزاء من الدول المُغتصِبة لها و جعل المسألة الكوردستانية عبارة عن مسألة داخلية للدول المُغتصِبة لكوردستان، بل أنه من المفروض أن تهتم التنظيمات السياسية التي لا ترفع شعار إستقلال كوردستان، بالمسائل السورية و الإيرانية و التركية و العراقية، بحيث يشمل نطاق عملها كل مكونات الدولة المُغتصِبة لكوردستان، التي تعمل فيها تلك التنظيمات كتنظيمات محلية في تلك الكيانات السياسية التي تغتصب كوردستان وأن تشمل برامج هذه الأحزاب أهدافاً تعني بشئون الدولة التي تعمل فيها، مع التركيز على الحقوق الكوردية والعمل على تحقيقها مثل الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية و غيرهما.
نقطة مهمة أخرى تجدر الإشارة اليها وهي بما أن الأحزاب الكوردية التي لا ترفع شعار إستقلال كوردستان هي أحزاب محلية في الدول المُغتصِبة لكوردستان، تابعة لهذه الدول، فأنّ هذه الأحزاب ضمنياً تعتبر (الكورد) قومية وليسوا شعباً، لأن الشعب له وطن يعيش فيه و له الحق أن يؤسس دولة مستقلة خاصة به، بينما هذه الأحزاب، من خلال عدم نضالها في سبيل تحقيق إستقلال كوردستان، فأنها تعتبر كوردستان أجزاءً من الدول المُغتصِبة لكوردستان وتعمل ضمنياً على ترسيخ إحتلال كوردستان وتجزئتها. هذا يعني أيضاً بأن هذه الأحزاب هي أحزاب كوردية و ليست كوردستانية، حيث أنها تُمثّل (القومية الكوردية) والقوميات الأخرى المكوّنة للشعوب المُغتصِبة لكوردستان و لا تُمثّل (شعب كوردستان)، بمختلف مكوناتها، الذي يعيش على أرض كوردستان. هذه الأحزاب تحمل الفكر القومي و نشاطاتها تُجرى ضمن حدود الدول المُغتصِبة لِكوردستان.
بما أن هذه الأحزاب الكوردية يقتصر عملها ضمن الدول المُغتصِبة لكوردستان، فأنها تُشتّت النضال الكوردستاني، حيث تفصل الأقاليم الكوردستانية عن بعضها وتقزم القضية الكوردستانية وتجعلها قضايا داخلية للدول المُغتصِبة لكوردستان و تجعل نضال كل إقليم بِمعزل عن نضال الأقاليم الأخرى. بِكلام آخر أن هذه الأحزاب تُشتّت النضال الكوردستاني وتمنعه أن يكون نضالاً كوردستانياً شاملاً، يشمل كافة الأقاليم الكوردستانية، بحيث يكون النضال الكوردستاني موحّداً، ذو إستراتيجية موحدة و يهدف الى تحرير شعب كوردستان و إستقلال كوردستان.
قد يقول قائل، بأن هناك شعوباً تعيش ضمن كيانٍ سياسي واحد فلماذا يتم إستثناء شعب كوردستان من العيش مع شعوب أخرى ضمن كياناتٍ سياسية؟ للإجابة على هذا السؤال نقول: 1. الشعوب العائشة ضمن كيان سياسي واحد قد تشترك في العيش معاً بمحض إرادتها أو بالقوة، بينما كوردستان مُغتصَبة من قِبل عدة دول و يعاني شعب كوردستان من التعريب و التفريس و التتريك و العبودية و يتم إبادته و نهب ثروات بلاده. 2. لا تنحصر المسألة الكوردستانية في كيان سياسي واحد، حيث أن كوردستان مُغتصَبة من قِبل عدة دول، لذلك لا يمكن جمع شعب كوردستان ضمن إحدى الكيانات التي تغتصب كوردستان. 3. كلما تطول تجزأة كوردستان و عزلة الأقاليم الكوردستانية عن بعضها، كلما تزداد خطورة التباعد الثقافي واللهجوي بين الكوردستانيين. 4. لا يمكن نجاح العيش المشترك بين شعوب متخلفة ضمن كيان سياسي واحد، حيث أنه من الصعوبة للشعوب المتحضرة أن تعيش ضمن كيانات سياسية موحدة، كما في حالة شعوب بلجيكا و كندا و إسبانيا والمملكة المتحدة و غيرها، فكيف يكون الأمر بالنسبة لشعوب متأخرة كالشعب الكوردستاني و التركي و العربي؟ ه. بعد إستقلال كوردستان و تقدم وتحضّر شعوب منطقة الشرق الأوسط، قد تتطلب المصالح الإقتصادية و الأمنية لهذه الدول تأسيس كيان كونفيدرالي بينها.
مما تقدم، فأن التنظيمات الكوردستانية التي تعتبر شعب كوردستان شعباً واحداً و مُستعمَراً و أن كوردستان هي بلاد مُغتصَبة يجب تحريرها، هي المؤهلة للنضال و قيادة شعب كوردستان نحو الحرية و الإستقلال، حيث أنها تنظيمات وطنية كوردستانية، تؤمن بالنضال الكوردستاني الموحّد في كافة أرجاء كوردستان. هذه الأحزاب الوطنية الكوردستانية العصرية المؤمنة بِوحدة الهدف و النضال والمصير الكوردستاني والحاملة للفكر الديمقراطي، هي التي ستحرر شعب كوردستان و وطنه من براثن الإحتلال والإستيطان، بينما الأحزاب الكوردية المحلية التي هي أحزاب سورية و تركية و إيرانية و عراقية، فأنها تعيش خارج العصر و ستنهار و تختفي لأنها قاصرة عن تحقيق أهداف شعب كوردستان في الحرية و الإستقلال والديمقراطية و التقدم و الرفاهية.
عليه، يجب تعرية الأحزاب الكوردية المحلية الكلاسيكية العجوز و التي تجعل القضية الكوردستانية قضية داخلية للدول المُغتصِبة لكوردستان و تعمل على تشتيت النضال الكوردستاني و تجعله نضال قوميةٍ، تعيش على أرضٍ سورية و تركية و إيرانية و عراقية، بدلاً من نضال شعب مُستعمَر، وطنه مُغتصَب، الذي يكافح في سبيل تحرير نفسه و وطنه. بالإضافة الى محليّة هذه الأحزاب الكوردية، فأن هذه الأحزاب هي أحزاب متخلفة تعيش خارج الزمن، ترتكز على الفردية و العشائرية و المناطقية و يسودها الفساد والمحسوبية، و تستخدم وسائل نضالٍ بالية، عفا عنها الزمن.[1]